في خطوةٍ غير معتادة، أجّل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، خطاباً، كان سيلقيه عشية رأس السنة، إلى موعدٍ لاحق بسبب تعرضه لأزمة صحية.

حزب الله برّر الغياب المفاجئ لنصر الله (62 عاماً) بـ«أسباب صحية بعد إصابته بالإنفلونزا، ما يعيقه عن الحديث بالشكل المعتاد والطبيعي، وهو يتلقى العلاج المناسب».

وسائل إعلامية عديدة لم تقتنع بهذا التبرير الرسمي، وادّعت أن غياب الأمين العام للحزب اللبناني سببه أمراض أكثر خطورة من الإنفلونزا بكثير.

سكتة دماغية، وارتباك في إيران

نقلت جريدة «الجريدة» الكويتية، عن مصدرٍ لها في مكتب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن نصر الله يُعاني من إنفلونزا حادة تتشابه في أعراضها مع المتحور الجديد لفيروس «كورونا».

بحسب مصادر للجريدة فإن «رئيسي» ألغى زيارة خارجية كان يعتزم القيام بها إلى العاصمة السورية دمشق، كان مقرراً أن يلتقي خلالها نصرالله، لكن مرض الأخير حتم تأجيل اللقاء.

فيما أكد موقع صحيفة «كيهان» الإيرانية المعارضة، أن مرض أمين حزب الله أخطر من ذلك بكثير، مدّعياً أنه يُعاني من «جلطة دماغية» استدعت أن تُرسل طهران فريقاً طبياً لعلاج نصر الله وإنقاذه من الموت.

وهو ذات ما أكده الصحفي السعودي حسن الغاوي، حين نفى أن يكون مرض نصر الله هو الإنفلونزا، وإنما هي «جلطة دماغية»، مؤكداً أنه نُقل إلى مستشفى الرسول الأعظم لعلاجه. هذا المشفى يقع في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، وبحسب أغلب التكهنات فإنه تابع إدارياً لحزب الله.

حققت هذه التغريدة تفاعلاً كبيراً عبر «تويتر»، ونشرتها عديد من المواقع العربية والإسرائيلية ضمن تقاريرها التي تطرّقت إلى مسألة صحة نصر الله.

منها موقع «جرزاليم بوست» الإسرائيلي، الذي قدّم استعراضاً سريعاً لأنباء مرض زعيم حزب الله، اعتمد فيه على تدوينة «الغاوي» كمصدر أساسي لأنباء مرض نصر الله.

بعض وسائل الإعلام السعودية لم تكتفِ بنشر هذه الأخبار، وإنما خصّصت فقرة لمناقشة آثار هذا الأمر على المنطقة، واعتبرت أن تدهور صحة نصر الله دليل على «انهيار محور إيران» في المنطقة.

من جانبها، قالت رندا سليم الباحثة السياسية في معهد الشرق الأوسط، إنه رغم المبالغات في هذه الشائعات ربما تعكس شيئاً من الحقيقة حول الحالة الصحية للزعيم الشيعي. مضيفة، أن مساجد الضاحية الجنوبية لبيروت (المعقل الرئيسي لحزب الله) طلبت من الناس الصلاة بنية تحسن صحة نصر الله.

وتابعت «سليم»: نصر الله لم يمت، لكنه مصاب بمرضٍ خطير.

ليست المرة الأولى

في أبريل من العام الماضي، كشف موقع «واللا» الإسرائيلي، أن طبيباً تابعاً لوحدة استخباراتية في الجيش الإسرائيلي يعمل على تحليل الحالة الصحية لحسن نصر الله خلال إلقاء خطاباته العلنية، ويرفع بذلك تقارير دورية إلى قادته.

خلال شهر يونيو من العام المنقضي، سعل حسن نصر الله بشدة حينما كان يُلقي أحد خطاباته، ما فتح باباً للتكهنات في بعض وسائل الإعلام العربية حول إصابته بالمرض. ادّعى موقع «العين» الإماراتي، أن اختفاء نصر الله لفترةٍ طويلة داخل مخابئ تقع على عمق 14 متراً تحت الأرض أصابه بضيق شديد في التنفس.

وأضاف «العين»، أنه لظروفٍ أمنية، تعذّر نقل نصرالله إلى خارج المخبأ، وإنما استُقدم له فريق طبي باشر عمليات علاجه.

تزامَنت هذه الإصابة مع انتشار فيديوهات لعددٍ من مناصري حزب الله، وهم يوزّعون خبزاً وماء على المارة بينما رفع أحدهم لافتة كُتب عليها «على حب السيدة الزهراء لشفاء السيد حسن»، ما عزز شائعات تفاقم حالته المرضية.

وقتها، كشف مصدر داخل حزب الله أن نصر الله يُعاني من مرض التحسّس الربيعي الذي يُصيبه ما بين وقتٍ وآخر، وأن الأطباء اعتبروا حالته عادية ولا تستدعي نقله إلى المشفى.

كذلك، في 2008 انتشرت شائعات حول تعرَّض نصر الله إلى «التسميم» نتيجة لصراعات داخلية تتعلق بزعامة حزب الله، أمرٌ حرص الزعيم الشيعي على نفيه خلال ظهوره في مقابلة تلفزيونية مع قناة المنار التابعة لحزب الله.

نفي عائلي وإيراني

فور شيوع الشائعات حول تدهور صحة ولده، قلّل جواد ابن حسن نصر الله من صحة هذه الاجتهادات، إذ أعلن أنه تحدّث إلى والده مباشرة، نافياً بذلك كل التقارير التي ادعت تدهور صحته وتعرضه لسكتة دماغية.

كما حرصت الوكالة الرسمية الإيرانية «إرنا» على نفي هذه الادعاءات كلها، مؤكدة أن أمين حزب الله «يتمتع بصحة جيدة، ويتعافى حالياً من الإصابة بالإنفلونزا».

فيما اعتبر كاظم الحيدري عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، أن إسرائيل تقف وراء هذه الشائعات، وأن تدهور الحالة الصحية لزعيم حزب الله هو «أمر وقتي».

وفي موعد خطابه التالي خلال ذكرى مصرع قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس، لم يتخلّف نصرالله هذه المرة، وفي كلمته سخر من كافة الاجتهادات التي هوّلت من متاعبه الصحية.

قال نصر الله: قالوا ذبحة دماغية، وآخرون ادعوا أنني نُقلت إلى العناية المركزة ووُضعت على أجهزة التنفس الصناعي. وأضاف «من 30 سنة عندي تحسس في القصبة الهوائية».

عقب انتهاء هذا الخطاب، علّقت القناة الـ13 الإسرائيلية على ظهوره قائلة «نضع هنا خيبة أمل أخرى على الطاولة، ها هو نصر الله يلقي خطاباً هذا المساء».