محتوى مترجم
المصدر
The New York Review Of Books
التاريخ
2019/9/13
الكاتب
طارق علي

في عالم مضطرب، بين الحروب العنيفة والاحتلالات الاستبدادية، ومع تنحية كل المعايير جانبًا، هل حقًّا كان لكشمير فرصة للحرية؟ مع انتشار الاضطرابات، فرضت الهند – الديمقراطية الأضخم في العالم – حظرًا تامًّا على الاتصالات، وعزلت كشمير عن العالم. مع وجود أكثر الزعماء السياسيين تصالحًا وتعاونًا الآن قيد الإقامة الجبرية، لا يمكن للمرء إلا أن يخشى الأسوأ لبقية سكان المنطقة. 

منذ ما يقرب من نصف قرن حكمت دلهي كشمير بوحشية مفرطة. في عام 2009 أُكد اكتشاف حوالي 2700 قبر مجهول الهوية في ثلاث مقاطعات من الإقليم الذي يحوي 22 مقاطعة، أُكد ما كان يُشتبه به لفترة، تاريخ من عقود طويلة من الاختفاءات والقتل خارج نطاق القانون. وردت أنباء عن تعذيب واغتصاب كلٍّ من النساء والرجال، لكن بما أن الجيش الهندي أعلى فعليًّا من القانون فلدى جنوده حصانة من العقاب لارتكاب هذه الفظائع، فلا يمكن اتهام أي أحد بارتكاب جرائم حرب. 

على العكس، في ولاية مانيبور في أقصى شمال شرقي الهند، كانت ردة فعل النساء المحليات اللواتي تعرضن للاغتصاب على أيدي أفراد الجيش الهندي عام 2004، واحدة من أكثر المظاهرات العامة لفتًا للأنظار وتذكرًا، مجموعة من 12 امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين ثمانية وثمانين عامًا، تجردن من ملابسهن ووقفن خارج مقر قيادة الجيش الهندي المحلي، حملن لافتات تحمل شعارًا ساخرًا «تعال واغتصبنا». كن يحتججن على الإيذاء والإعدام، تبعهن عصابة المغتصب المشتبه به ثانججام مانوراما ذي الـ 32 عامًا، بقوات شبه عسكرية تحمل بنادق آسام 17. كُن يفعلن ذلك بينما أقرانهن المحليين الذين تعرضوا لانتهاكات مماثلة وأسوأ خائفون للغاية من فعل الشيء نفسه. 

تخشى العديد من النساء في كشمير أن يخبرن عائلاتهن عن معاناتهن على أيدي الجيش الهندي، خوفًا من ردود الفعل الانتقامية في البيت تحت اسم «الشرف». وصفت أنجانا شاترجي، أستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية في معهد كاليفورنيا للدراسات المتكاملة (وأصبحت الآن رئيسة مشاركة لبرنامج في جامعة كاليفورنيا في بيركلي)، وصفت حقبة مرعبة كشف عنها عملها الميداني من 2006 إلى 2011، أثناء بحثها حول انتهاكات حقوق الإنسان في كشمير: 

أُجبر الكثيرون على مشاهدة اغتصاب النساء والفتيات من أفراد العائلة. توسلت الأم التي أُجبرت على مشاهدة اغتصاب ابنتها على يد أفراد الجيش، لإطلاق سراح طفلتها، لكنهم رفضوا، فتوسلت لعدم المشاهدة وطلبت إخراجها من الغرفة أو قتلها، فوضع الجندي مسدسًا على جبينها، معربًا عن تحقيقه أمنيتها، وأرداها قتيلة قبل اغتصابهم ابنتها. 

منذ ثمانينيات القرن الماضي، مارست الهند احتلالًا عسكريًّا على الطريقة الاستعمارية، مليئًا بالرشاوى والتهديدات وإرهاب الدولة والاختفاءات وغيرها. من الواضح أن المسئولية تقع على عاتق الحكومة الهندية، لكن الذي ساعد دلهي هو الحماقة اللامتناهية من الجنرالات الباكستانيين ووكالة الاستخبارات الداخلية، خلال أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، إذ أخطئوا في فهم ما كان انتصارًا حققته الولايات المتحدة في الحرب الباردة على السوفييت في أفغانستان، عندما استخدمت الباكستانيين والجهاديين كبيادق، وتركوهم يعتقدون أنه انتصارهم. عامل ريجان وتاتشر الجماعات الجهادية المسئولة، والتي عُرفت بالمجاهدين – ناهيك عن وسائل الإعلام الليبرالية في الغرب – كـ «مقاتلين من أجل الحرية»، واتجه هذا النوع من المدح إلى رؤساء وكالة الاستخبارات الداخلية. افترض جنرالات باكستان أن تحركًا مماثلًا في كشمير ربما يؤدي إلى انتصار آخر. 

كانت باكستان بالتالي مسئولة عن تسلل المقاتلين الجهاديين بعد «نجاحهم» في أفغانستان. في كشمير، كانت النتيجة كارثية، إذ ساعدت في تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي لما كان – حتى ذلك الحين – ثقافة إسلامية سلمية متأثرة جدًّا بأشكال مختلفة من التصوف الروحاني، وقلبت الكثير من الكشميريين ضد كل الحكومتين. لجأ الآلاف إلى أماكن أخرى في الهند، بينما عبر المئات من طلاب المدارس وعائلاتهم الحدود إلى كشمير الخاضعة لسيطرة باكستان، واتجه العديد منهم لاحقًا إلى التدريب العسكري، وقمعت قوة السلاح الأعلى في الهند التمرد المسلح في التسعينيات. 

أخيرًا، بعدما كشفت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 حماقة استخدام العملاء الجهاديين، أجبرت الولايات المتحدة باكستان على تفكيك الشبكات المتطرفة التي أطلقتها في كشمير. مع ذلك، بقيت بقايا محلية خدمت الغرض من عزل المقاطعة عن الدعم المحتمل في أماكن أخرى من الدولة. غضت الوطنية الجيدة الطرف عما قامت به حكومة الهند (مهما كانت هيئتها) والجيش في كشمير. 

لم يختفِ السخط السياسي. في 11 يونيو/ حزيران 2010، أطلقت القوات شبه العسكرية المعروفة باسم «قوة الاحتياط المركزية (CRPF)» قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الشباب، الذين كانوا يحتجون على عمليات القتل السابقة على أيدي قوات الأمن المدعومة من الهند. ضربت إحدى القنابل فتًى يبلغ من العمر 17 عامًا، يدعى طفيل أحمد ماتو، مفجرة رأسه. نُشرت صورة للفتى الميت في الشارع في الصحف الكشميرية، وليس في أي مكان آخر في الهند، حيث جرى تجاهل الحدث فعليًّا. اندلع تمرد سياسي، وتحدى عشرات الآلاف حظر التجوال وساروا خلف جنازة ماتو، متعهدين بالانتقام. في الأسابيع التالية، قُتل أكثر من مائة من الطلاب والشباب العاطل عن العمل، ووحدت الكراهية التي شعر بها الكثيرون تجاه حكومة دلهي الجديدة الكشميريين من ذوي التوجهات المختلفة. 

مع ذلك ابتدأت الفظائع بسرعة كبيرة عندما اعتُبرت الدولة المسئولة حليفًا قويًّا. مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية وكولومبيا والكونغو، تعتبر الهند الآن راسخة في هذه الفئة. مثلًا، أصبح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وناريندرا مودي حاليًّا حلفين مقربين، وشوهد «مستشارون» إسرائيليون مرة أخرى في السنوات الأخيرة في كشمير، وهو ما يجدد التعاون الوثيق في مجال الاستخبارات والأمن الذي يعود إلى أوائل الألفية الثالثة. إلغاء المادة 370 التي كانت تحمي ديموغرافيا كشمير، من خلال جعل الإقامة مقتصرة على الكشميريين فقط، وبموجب القسم الفرعي المعروف باسم المادة 35A، حظر بيع الممتلكات لغير الكشميريين، وتقسيم كشمير المزمع إلى ثلاثة فصائل منفصلة من البانتوستان، يشبه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. 

كما أن ديناميات الدعم الأمريكي غير المشروط متشابهة. من وجهة نظر كشمير، كان كلينتون وبوش وأوباما وترامب جميعًا على المسار نفسه، إذ تحفَّظوا وتغاضوا عن إرهاب الدولة في المنطقة، لأن استراتيجية أمريكا ترى في الهند حليفًا استراتيجيًّا، لها مزايا اقتصادية، وقريبة من الصين، وشريك في «الحرب على الإرهاب». أصبح مودي الذي مُنع من دخول الولايات المتحدة عقابًا على مذبحة المسلمين التي وقعت عام 2002، بعلمه كرئيس وزراء غوجارات، أصبح، اليوم رجل دولة لا يخاف من أخذ قرارات صعبة؛ مزيج هندي من ترامب ونتنياهو. 

يحتاج الصراع في كشمير – الذي أدى إلى حربين بين الهند وباكستان، وقمع لا حصر له في المقاطعة نفسها – أن يُنظر إليه من منظور تاريخي. تقسيم الهند عام 1947 تم على أساس أنه في المناطق الشمالية والشرقية من الهند البريطانية تُقسم المقاطعات الكبيرة مختلطة السكان – البنجاب والبنغال – على أسس دينية. كانت النتيجة هي حمام دماء نتيجة العنف الطائفي الذي شهد مقتل أكثر من مليون شخص، ودفقات هائلة من اللاجئين. في مكان آخر، أصر اتفاق عام 1947 على خلق الاستعمار «إمارة» تُحكم دون أي ادعاء بالديمقراطية من موظفي الخدمة المدنية البريطانيين مع المهراجا كحكَّام شكليين. حددت خطة التقسيم أن المقاطعات التي كان فيها الحاكم مسلمًا لكن غالبية السكان من الهندوس أن ينضم الحاكم إلى الهند. 

في حيدر آباد، حيث أجل النظام (الملك المحلي) الانضمام زحف الجيش الهندي إليه وحل القضية بالقوة. في كشمير، حيث كان المهراجا هاري سينغ هندوسيًّا يحكم، لكن 80% من السكان مسلمين، كان مفترضًا أن يوقع الحاكم أوراق الانضمام وتصبح الدولة جزءًا من باكستان، لكنه تباطأ.  

ترأس الجنرال البريطاني دوغلاس غراسي الجيش الباكستاني، واعترض على أي استخدام للقوة. أرسلت الحكومة الباكستانية غير النظاميين بقيادة ضباط الجيش المسلمين الذين يتألفون إلى حد كبير من رجال قبائل البشتون، الذين يفتقرون إلى الانضباط العسكري، لإرجاعه إلى صوابه. كان التأخير ليومين – الذي تسبب في نهب واغتصاب السكان المحليين – قاتلًا، إذ استولت القوة الأكثر تنظيمًا على مطار سرينجار دون مقاومة. بدلًا من ذلك، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1947، ضغطت حكومة نهرو في دلهي بدعم من قائدها الأعلى البريطاني ونصير السلام مهاتما غاندي، الذي نقل جوًّا عن طريق القوات الهندية، ضغطت، على المهراجا للانضمام إلى الهند، واحتلت الجزء الأكبر من المقاطعة، «قلب جبال الهمالايا الثلجي»، على حد قول نهرو. 

نشبت الحرب مع باكستان، وأحالت الهند القضية إلى الأمم المتحدة، التي طالبت بوقف فوري لإطلاق النار، أعقبه سريعًا استفتاء حول الوضع المستقبلي للمنطقة. في يناير/ كانون الثاني 1949، جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار، مع بقاء ثلثي كشمير تحت السيطرة الهندية. طوال الخمسينيات، تعهد كبار السياسيين في حزب المؤتمر، بمن فيهم نهرو وكريشنا مينون، علنًا بأنهم ملتزمون بإجراء الاستفتاء. لم يحدث هذا أبدًا؛ لأنهم شعروا بعدم الأمان السياسي وجُرِّموا، ولم يكن بإمكانهم التأكد أبدًا من الطريقة التي سيتحول بها الناس إلى الهند أو باكستان. للديمقراطية عواقبها. 

بعد إدراكهم لفظاعة الموقف الذي صنعوه، سجل السياسيون في دلهي المادة 370 من الدستور، التي مع أقسامها الفرعية ضمنت كشمير درجة نادرة من الحكم الذاتي. منع هذا الوضع الخاص غير الكشميري من الحصول على حقوق الإقامة والملكية في المنطقة. والأهم من ذلك، أن الحكومة الهندية ألزمت نفسها بإجراء استفتاء عام، أي التصويت على تقرير المصير للكشميريين، لتسوية قرار المهراجا المصيري. كانت هذه هي الفائدة الموعودة المقدمة للشيخ عبد الله، الزعيم الكشميري الشعبي الموالي لحزب المؤتمر، الذي شكل حكومة مؤقتة وقبل الانضمام المؤقت للهند. 

كان عبد الله ابن تاجر الشالات بالفعل شخصية أسطورية عند تقسيم الهند، فخلال الفترة الاستعمارية، ناضل في سبيل الحقوق الاجتماعية والسياسية لشعبه، وغالبًا ما اقتبس بيتين شعريين من الشاعر إقبال: «في البرد القارس في الشتاء، يرتعش جسده العاري / بينما تغلف مهارته تغطي الأثرياء بالمحارم الملكية». فهم نهرو مبكرًا جدًّا أنه بدون دعم الشيخ عبد الله، الذي كان مسلمًا، لا شيء ممكن في كشمير، وبعد الصراع بينهما كان لا مفر من ذلك. 

استمر عبد الله في المطالبة بالاستفتاء، لكن رفض نهرو بعناد، ثم سقطوا وكان عبد الله يدخل ويخرج من السجن، وكانت كشمير محكومة فعليًّا من دلهي. مع ذلك، لم يتحدَّ أحد المادة 370، باستثناء الجانب الأول؛ باكستان التي رأت في البند أساسًا دائمًا لاحتلال الهند، والجانب الثاني، المنظمة القومية الهندوسية اليمينية المتطرفة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، التي اكتسبت سمعة عالمية من خلال قرارها – الذي تدافع عنه حتى يومنا هذا – باغتيال غاندي عام 1948. 

في عام 1951، صنعت كوادر RSS امتدادًا لحزب بهاراتيا جاناتا الجديد، الذي قاد دائمًا حملة «تطبيع» كشمير. اليوم، رئيس الوزراء الهندي هو نفسه نتاج صنع RSS وحزب بهاراتيا جاناتا، إذ دُرب منذ الطفولة كمتطوع شبه عسكري. حتى الآن، رغم استمرار حزب بهاراتيا جاناتا، ولهذا السبب، تركت حكومات الكونجرس المادة 370 غير منقوصة، حتى حين كثفوا القمع في كشمير، وكتب الجيش الهندي سلسلة من الشيكات البيضاء. قرر مودي  – الذي فاز حزبه مؤخرًا في إعادة الانتخابات ضد معارضة ضعيفة ومنقسمة – السير في الطريق إلى آخره، مشيدًا بإلغاء المادة 370 في تغريدة في 6 أغسطس/آب

أحيي إخوتي وأخواتي في جامو وكشمير ولاداخ (التسمية الجديدة لثلاثة أقاليم في المنطقة المتنازع عليها) لشجاعتهم وصمودهم. لسنوات، لم تهتم جماعات المصالح الخاصة التي تؤمن بالابتزاز العاطفي بمنح السلطة للشعب. أصبحت جامو وكشمير الآن خاليتان من القيود. فجرٌ جديد، وغدٌ أفضل. 

هذا البيان الضلالي يكشف خيانته؛ أهمل كلمة هندوسي قبل «أخواتي وإخوتي». 

ماذا سيحدث الآن؟ سيقوم الكونجرس وأحزاب يساره بالتصويت حول المادة 370، ورفض قبول أن سياساتهم وصمتهم هو الذي مهد الطريق لمودي لدفع مطالب حزبه. أسكت الخوف والانتهازية الهند الليبرالية، خاصة نجوم بوليود المسلمين، الذين يتنازلون لإثبات ولائهم لهذه الحكومة، كما فعلوا مع أسلافها في الكونجرس، غير مدركين أنه لا يوجد «مسلمون صالحون» في مصطلحات مودي. ينطبق الأمر نفسه على معظم الكتاب الصحفيين في وسائل الإعلام الهندية ومقدمي البرامج التلفزيونية، كما شكا الكاتب بانكاج ميشرا:

أعرب عدد من المعلقين الهنود عن أسفهم بثبات وبلاغة، لتاريخ الهند في الانتخابات المزورة والفظائع في الوادي، لكن حتى لو تحدثوا فإنهم يركزون على نزع فتيل الأزمة لا عن تطلعات كشمير واحترامها. كتب أماراتيا سين في تذييل خصصه لكشمير، تحت عنوان الهند الجدلية: «لا أتناول هذه المسألة الشائكة هنا». في السياق الرنان لكتاب بعنوان «الهوية والعنف»، كتب سين الموضوع نفسه مرة أخرى في الهامش. 

قال مودي إن ما يفعله هو الحل العقلاني الوحيد لكشمير، ويرى أنه الحل السياسي النهائي، وإذا اعترض مسلمو كشمير، فسيقضي عليهم ببساطة. انتظر رجال الأعمال غير الكشميريين على أحر من الجمر تحسبًا للتخطيط لفتح الحدود الأخيرة مع إزالة جميع العقبات القانونية. مدح براهمينس (الطبقة العليا للهندوس) في تغريدات مثيرة للاشمئزاز، فكرة الاستقرار هناك و«الزواج من فتيات كشميريات»، وأسوأ من ذلك. في باكستان، قررت حكومة عمران خان سحب سفيرها وطرد نظيره الهندي. الإجراءات الرمزية والكلمات الصريحة غير فعالة أيضًا، لكن هل هي حرب أخرى بديلة غير نووية؟ أشك في ذلك كثيرًا. لن تقبل الولايات المتحدة ولا الصين أقرب حلفاء البلدين مثل هذه الخطوة، وسيلغي صندوق النقد الدولي فورًا قرضه العقابي لباكستان. 

عانى الفلسطينيون بالفعل هزيمة تاريخية مروعة، لكن لديهم بعض الدعم بين المواطنين في الخارج، بما في ذلك حركة المقاطعة. يؤكد كل من مودي ونتنياهو أن «التطبيع» يعني إلى حد كبير التقدم الاقتصادي، وتصور – كما تشير «خطة» صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره جاريد كوشنر من أجل فلسطين – أن تطلعات الشعب السياسية والوطنية يمكن شراؤها بالرشاوى. يدل التاريخ الكامل للحركات المعادية للاستعمار على خلاف ذلك، كذلك المحاولات الأخيرة لإعادة الاستعمار في العالم العربي.  

في نهاية الأسبوع، أرسل لي محامٍ كشميري يعمل في لندن رسالة نصية يقول: «لم أستطع الاتصال بعائلتي منذ ستة أيام. أسوأ ما في الأمر هو أننا غير مرئيين للعالم، وليس للغرب فقط … انظر إلى التصرف المخزي للحكومات العربية، والدعم المفتوح الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة لمودي». يظهر الآن على اليوتيوب مقطع لأم تبكي في المشفى، خائفة على ولدها الذي أصيب بالرصاص، وصاحب متجر يصف كيف اقتحم الجنود بنايته وأطلقوا الرصاص دون سبب، وصور للشوارع المهجورة. أخشى أن الشعب الكشميري، المعزول من وعن العالم، يستنشقون هواء الليل على حافة الهاوية.