طاقة شبابية جبارة، طرقت عالم الموسيقى التصويرية من باب المهارة والتميز، لا من أي باب آخر، فكان أول أعماله التي تركت صداها مع الجمهور وهو صاحب الـ22 عامًا، ليعبر عن قدومه من ثقافة ودراسة موسيقيتين كبيرتين تمهدان له طريق الشهرة والعمل.

إنه الموسيقار خالد الكمار، الحاصل، مؤخرًا، على جائزة الدولة التشجيعية عن مجمل أعماله خلال الثلاث سنوات الماضية، وصاحب الموسيقى التصويرية الرنانة التي أمتعنا من خلالها والتي ظهرت في أعمال مثل مسلسل «ليه لأ» و«أنصاف مجانين» و «ما وراء الطبيعة» و«الاختيار2»، و «خلي بالك من زيزي»، و«قابيل»، وغيرها، كما أن علاماته في السينما لا يمكن تجاهلها فهو صاحب موسيقى «صاحب المقام»، و«لص بغداد» و«الأصليين»، والمنتظر له عرض فيلم «موسى» خلال الأيام المقبلة، وينتظره مستقبل مبهر نوه عنه من خلال أعماله لا من خلال أي شيء آخر.

أجرينا في «إضاءات» هذا الحوار الخاص مع الموسيقار خالد الكمار للاقتراب منه ومن تفاصيل أعماله الموسيقية ومعرفة معلومات أكثر عن كيف أمكنه الوصول إلى الجمهور بهذه السرعة.

ما تعليقك على فوزك بجائزة الدولة التشجيعية؟

كان الأمر في البداية لي بمثابة الصدمة، فلم تكن هذه هي المرة الأولى التي أحصل بها على جائزة، فمنذ عام 2013، ويتم تكريمي في مهرجانات سينمائية وما إلى ذلك، ولكن أن أحصل على جائزة الدولة التشجيعية لم يكن متوقعًا على الإطلاق بالنسبة لي، وهو وسام على صدري أن يأتي من الدولة ومن وزارة الثقافة والدكتورة إيناس عبد الدايم فهو شرف ما بعده شرف.

شاركت في أكثر من عمل في رمضان الماضي، كيف جاء اختيارك لهذه الأعمال سواء «الاختيار» أو «خلي بالك من زيزي» أو «ضد الكسر»؟

كانت البداية مع مسلسل «الاختيار»، فقد كنت أقوم بالمشاركة مع دكتور بيتر ميمي في فيلم سينمائي وحدث توافق بيننا، وقام بترشيحي لمسلسل «الاختيار»، كنت مصدومًا في البداية لأن المشروع كبير،وذو طابع سياسي ولم أقدم عملًا سياسيًا من قبل، ولكني كنت متحمسًا جدًا جدًا للمشروع، أما مسلسل «خلي بالك من زيزي»، فكان مختلفًا نوعًا ما لأنه مع المخرج كريم الشناوي، وقمنا بالعمل عدة مرات معًا، في أعمال منها «قابيل»، وقد لاقت موسيقاه إعجاب الجمهور، وكذلك الحال في «ضد الكسر»، وهو من إخراج أحمد خالد، صديقي منذ سنوات، وعملنا معًا أيضًا في العديد من الأفلام الوثائقية وغيرها، ورشحني للعمل.

كان للموسيقى التصويرية صدى كبير من خلال تلك الأعمال في شهر رمضان، كيف ترى تأثيرها على نجاح تلك الأعمال؟

دائمًا ما أرى أن الموسيقى يجب أن تخدم العمل، ولكن لا تطغى عليه، كما حدث في كثير من الأعمال خلال شهر رمضان الماضي، ولكن الأفضل من وجهة نظري أن تكون الموسيقى متداخلة مع أحداث العمل وليست طاغية عليها.

أما عن مدى تأثيرها، فهي تساعد على خلق الحالة الشعورية للمشاهدة فمثلًا في مسلسل «الاختيار» الموسيقى التشويقية التي تسبق العمليات كان تضع المشاهد في الحالة الشعورية الفعلية للمشهد، وعلى سبيل المثال أيضًا موسيقى تتر النهاية في مسلسل «الاختيار» كانت مزيجًا من الإحساس بالانتصار إلى جانب الشجن الذي يوحي أن هذا الانتصار أتى غاليًا مع تقديم أرواح وشهداء.

ومثلًا أيضًا في مسلسل «خلي بالك من زيزي»، كانت الموسيقى محسوبة جدًا بين الدراما والكوميديا وكان العمل ككل أيضًا قائمًا على هذا، حتى لا يتحول المسلسل إلى كوميدي بحت أو درامي فقط.

وهل استفدت من مشاركتك في تلك الأعمال؟

بالطبع استفدت من مشاركتي في تلك الأعمال، فأن أشارك في مسلسل بحجم «الاختيار»، هو شيء مشرف وسأعتز به حتى نهاية حياتي، أما مسلسل «خلي بالك من زيزي»، حين رأيت ما حققه من صدى وتفاعل الجمهور مع الموسيقى الخاصة به ورسائل التشجيع التي تلقيتها عقب عرض العمل، فكانت فرحتي كبيرة، واستفدت أني عملت مع نوعية من الأعمال لم أقم بها من قبل.

هل ترى أن الموسيقى التصويرية والقائمين عليها مهدورة حقوقهم في التقدير؟

بكل تأكيد حقوقهم مهدورة، ولكن أيضًا أشعر أننا في تطور مستمر فمثلًا في الخمسينيات العمالقة هما فؤاد الزهري، وعلي إسماعيل ولم يكونا مشهورين سوى للمتخصصين، أما في الثمانينيات فذاع سيط عمر خيرت وعمار الشريعي، ولا يوجد من لا يعلمهما، وفي الجيل الحالي هناك مشاهير للجمهور مثل هشام نزيه وغيره، وبالتالي الجمهور أصبح مهتمًا بشكل أكبر.

مسلسل «أنصاف مجانين»، من الأعمال التي كان لموسيقاها أثر كبير على العمل والجمهور، كيف وصلت إلى ذلك؟

هذا المشروع أنا أحبه وأعتز به جدًا لأنه على قدر بساطته فهو معقد، والموسيقى كانت يجب أن تعكس تلك الحالة.

وكيف تتعامل مع تلك الأعمال النفسية من خلال الموسيقى؟

أحاول أن أدرس الشخصية الرئيسية وأدرس كيف يمكن أن أعبر عنها بعدد قليل من النغمات، لكي يصل الجمهور إلى أن هذه النغمة هي من تصل إلى اضطرابات الشخصية وما إلى ذلك.

ما أصعب أنواع الأعمال التي قمت بتقديمها؟

أصعب الأنواع هي ما بها سياسة مثل «الاختيار»، فالموضوع جاد جدًا ولا يحتمل أن تكون الموسيقى تعبر بشكل أكبر من المطلوب.

ما أقرب الأعمال إلى قلبك مما قمت بتقديمه؟

صعب أن أحدد عملًا معينًا، ولكن ما أحبه أكثر بشكل شخصي هو مسلسل «ليه لأ» بجزأيه، أشعر أنه قريب إلى قلبي.

ولكن على صعيد آخر هناك مسلسل«قابيل»، فموسيقاه كانت (وش السعد) عليّ وحصل على عدد من الجوائز، وبالطبع «ما وراء الطبيعة» وغيرهما.

وما الذي تود قوله عن فيلم «صاحب المقام» بشكل خاص، بعد حصولك على جائزة الدولة بعده؟ وكيف جمعت بين موسيقاه الصوفية والدرامية بهذا الشكل؟

هو من المشاريع العزيزة جدًا على قلبي، شجعني كثيرًا على التجربة حين قال لي المخرج ماندو العدل، إن الفيلم تشارك به الفنانة يسرا دون أن أعلم أي تفاصيل.

ولكنه كان من الأعمال التي عملت على موسيقاها براحة بال وهدوء وكان العمل ممتعًا جدًا، وأظن ذلك ظهر في المنتج النهائي للموسيقى، وهذا انعكس في جائزة الدولة التشجيعية التي كانت عن مجمل أعمالي خلال آخر 3 سنوات، تم تصدير «صاحب المقام» عنهم، وحصل على جائزة المركز الكاثوليكي.

قدمت عددًا من الأعمال الخليجية، ماذا عن هذه المشاركات؟

الأعمال الخليجية مختلفة تمامًا، وكان لدي في البداية مشكلة معها، حين كنت أرسل لهم أي مزيكا يقال لي إن صوتها مصري، وقمت فجأة بسماع كل التترات الخليجية حتى وصلت إلى التيمة التي يقومون بتقديمها، فكان الأمر بالنسبة لي في البداية معضلة جدًا ولكن الآن أصبح أسهل.

ما الذي يمكن أن تخبرنا عنه من أعمالك المقبلة؟

حاليًا مسلسل «ليه لأ» ثم فيلم «موسى» مع بيتر ميمي.

من الموسيقيون الأقرب إليك في مصر ومن الذين تعلمت منهم؟

الملهم الأكبر بالنسبة لي هو الراحل محمد عبد الوهاب، وأيضًا منير مراد، وفي الموسيقى التصويرية عمار الشريعي وعمر خيرت، كانا لهما تأثير كبير على نشأتي، وأحب خالد حماد جدًا له كثير من الأعمال التي أثرت حياتنا الموسيقية بشكل استثنائي، وهشام نزيه لأنه فتح لنا أبوابًا جديدة لم نكن نعلم أنها موجودة، وأنا لي الشرف بالعمل مع خالد حماد وهشام نزيه.

متى سنرى خالد الكمار يقدم أوركسترا؟

حقيقي هذا الأمر من طموحاتي، وبدأت بالفعل المناقشة مع دار الأوبرا حول هذا الأمر، ولكن نظرًا لظروف الكورونا لم يظهر الأمر بعد، ولكن الأمر محل دراسة، وأنتظر أن يحدث قريبًا.

ومن ترى أنه ينافسك؟

أعتبر نفسي محظوظًا جدًا لأني الأصغر سنًا في المجال من بين الموجودين حاليًا، والأكثر عملًا هم: خالد حماد، وتامر كروان، وهشام نزيه، وهم في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات وأنا عمري 30 عامًا، وبالتالي لا يمكن أن أرى أني أنافسهم، لأنهم أساتذتي، ولا يكمن أن أقول إن هناك منافسة، لأني مبتدئ بالنسبة لهؤلاء.

يرى البعض أنك ذو سن صغيرة ولكنك وصلت إلى نجاحات كبيرة.. ما تعليقك على ذلك؟

أعتقد أن ما ساعدني هو أنني بدأت في سن صغيرة، وأول فيلم عملت فيه كان عمري 22 عامًا، والحمد لله، منذ حينها الموسيقى لاقت قبولًا لدى الناس، واستكملت منذ سن صغيرة.

وجزء آخر هو أنني أتيت في توقيت النقلة من السينما والتلفزيون إلى المنصات، وكانوا في حاجة إلى شخص ذي سن صغيرة، وهو توفيق من الله في النهاية.

كيف تقوم بتأليف الموسيقى كترجمة للصورة، هل تقرأ النص أم تنتظر لمرحلة ما بعد تصوير المشاهد؟ 

أفضل دائمًا أن أقوم بقراءة النص، حتى آخذ فكرة عن الموضوع، وبعد ذلك أنتظر المشاهدة التي تفرق كثيرًا في الموسيقى.

لو رشحت اسمًا واحدًا للفوز بجائزة الدولة التقديرية، من يكون؟

لو اسم واحد سيكون الموسيقار أمير هداية، والذي كان من أعماله فيلم «صنع في مصر» و«على جثتي» للفنان أحمد حلمي، وأنا أحسبه من عباقرة هذا الجيل.

ما موسيقاك التصويرية المفضلة في السينما العربية وفي السينما الأجنبية؟

في السينما العربية موسيقى الفيلم اللبناني «كراميل»، و«أحلى الأوقات» ومسلسل «جراند أوتيل» و«ضمير أبلة حكمت»، وموسيقى فيلم «الزوجة الثانية» و«الإرهابي».

أما بالنسبة للأعمال الأجنبية، City Lights، Casablanca، Vertigo, Taxi Driver، The Lion King.

هل تعتقد أن فوزك بجائزة الدولة التقديرية جاء نتيجة لعملك في مسلسل «الاختيار»؟

لا أعتقد ذلك مُطلقًا، وكان ترشيحي للجائزة قبل إذاعة مسلسل «الاختيار»، وفي النهاية الجائزة كانت عن مجمل الأعمال لـ3 سنوات ماضية وبخاصة «صاحب المقام».