الأمم المتحدة سمحت للسعودية بقيادة لجنة حقوق المرأة، وهي الدولة التي لا تسمح للمرأة بقيادة السيارة

الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان

اختيرت السعودية كعضو بلجنة حقوق المرأة – المعنية بتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين – بالأمم المتحدة فى الفترة ما بين عامي 2018/2022، بتأييد من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مما أثار عددًا من التساؤلات حول هذا الاختيار أبرزها: «كيف يمكن لدولة تنتهك حقوق النساء أن تنتخب في هيئة أممية تدافع عن هذه الحقوق؟».

حيث ا حتلت السعودية عام 2016 المركز 141 من أصل 145 في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين، حيث يعتمد المؤشر على مجموعة من المعايير لبحث المساواة بين الجنسين فى كل من دول العالم من حيث المشاركة الكاملة فى الاقتصاد والسياسة والصحة والتعليم، وتراجعت السعودية عن عام 2015 الذي حصدت فيه المرتبة 134 وهو ما يعبر عن تراجع السعودية في المساواة بين الرجل والمرأة بالمجتمع، فهل ننتظر من السعودية الدفاع عن حقوق المرأة بعد أن أصبحت عضوا بلجنة المرأة؟


المعنفات في المجتمع: معركة لا تنتهي

دائما ما تتحدث المملكة العربية السعودية عن حفاظها على قيم ا الأخلاق، بمنع الاختلاط وعدم السماح للمرأة بقيادة السيارات على سبيل المثال، أو السفر والخروج من غير ولي، إلا أن كل هذه القيود جعلت من المرأة عرضة للعديد من الانتهاكات الأسرية، أو ما يعرف بالتعنيف، لتنتشر عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الروايات عن العنف الأسري، وما تتعرض لها النساء السعوديات.

مركز رؤية للدراسات الاجتماعية، أعلن فى دراسة ميدانية نشرها عبر المواقع الاخبارية فى أغسطس/آب من العام الماضىن أن 83% من الزوجات السعوديات المعنفات تعرضن للعنف الجسدي، وذلك بالمقارنة مع أشكال التعنيف الأخرى.

وأن عدد القضايا المقدمة لجمعية حقوق الإنسان من سيدات تعرضن للعنف بلغت 111 قضية فى نفس العام، وجاءت مدينة الرياض في المقدمة بـ37 قضية، تلتها مكة المكرمة وجدة بـ18 قضية، ثم المدينة المنورة بـ23 قضية، فجازان بـ17 قضية، والدمام بـ10 قضايا، وعسير بـ6 قضايا، في حين سجلت المحاكم الجزائية في 13 منطقة بالمملكة 317 قضية عنف ضد المرأة .

وفي أغسطس/ آب من العام 2013 أثارت قضية حنان الشهري، التي انتحرت نتيجة التعنيف من قبل شقيقها، والتي توجهت للمحكمة، لفسخ الوصاية عن أخيها، ووفقا لما قالته شقيقتها، فإن القاضي قال لها: «ما لك إلا علي وصي عليك»، ليعتدي عليها شقيقها بالضرب تحت مبرر تأديبها، فقررت الفتاة البالغة من العمر 25 عاما، الانتحار للتخلص من حياتها.

وفى الفترة الاخيرة لم يكد يمر يوم إلا وتعج مواقع التواصل الاجتماعي، بقصص المعنفات السعوديات، منهن سيدة أطلقت هاشتاج «أنصفوا سعودية شوهها زوجها»، مطالبة بمساندتها بعد محاولة زوجها وصديقه العام الماضى قتلها بالتعدي عليها بالضرب والصعق وإحراقها بسكب الغاز عليها، مما تسبب فى تشويهها، ولم تطلق منه حتى الآن.

وانتشرت عشرات التغريدات، بموقع التغريدات القصيرة تويتر حول العنف الأسري الذى تعانيه عشرات النساء السعوديات، منها حالات انتهت بالقتل كما حدث لقتاة فى محافظة الطائف قتلت بطعنات على يد زوجها، وقيل إنه يعاني من مرض نفسي.


نظام الولاية: المرأة غير مؤهلة للسفر

لو كانت دينا بنتاً لي فإنني سوف أحبسها ولن أجعلها ترا النور إلى الأبد هذا إن لم أفصل راسها عن جسدها

كان هذا تعليق أحد السعوديين عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، على واقعة الفتاة السعودية دينا على التي حاولت السفر إلى أستراليا للهجرة، قبل أن توقفها السلطات الفلبينية، لتعود دينا إلى المملكة العربية السعودية مرة أخرى بعد تسلمها من ذويها لتنفجر مواقع التواصل الاجتماعي بالتضامن معها.

السلطة السعودية التي طالبت عن طريق وزارة خارجيتها باحتجاز تلك الفتاة، وانتظار تسلمها من ذويها ثم عودتها للمملكة، هي ذاتها السلطة التي حصلت على تأييد المجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة، لتصبح السعودية عضو بلجنة حقوق المرأة المعنية بتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين فى الفترة مابين عامي 2018/2022 .

فتاة فى الــــ24 من عمرها أثارت ضجة بعد انتشار هاشتاج على موقع التواصل الاجتماعي يطالب بإنقاذ دينا علي، الفتاة السعودية التي قررت الهجرة إلى أستراليا، للهروب من سلطة أهلها، إلا أنها تم توقيفها فى الفلبين.

وأطلقت دينا علي رسائل استغاثة بعد احتجازها بالفلبين قبل أن يتم تسليمها لأهلها بسلطة الولاية، وهو ما حدث بالفعل، فقد تسلمها ذووها وعادت للسعودية مرة أخرى، و أعلنت الخارجية السعودية أن قصة دينا علي أمر عائلي . قصة دينا علي، أعادت تسليط الضوء على أزمة قانون الولاية، فالمملكة العربية السعودية تعمل بنظام ولاية الرجل على المرأة، أي لا يجوز للنساء استصدار جواز سفر أو استئجار شقة أو رفع دعوى قضائية دون موافقة ولي الأمر.

في يوليو / تموز من العام 2016 أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان تقريرًا بعنوان «كمن يعيش فى صندوق»، رصدت خلاله معاناة النساء السعوديات من خلال شهادات للعديد من هن حول ولاية الرجل، ووفقًا للتقرير فإن عشرات النساء قلن للمنظمة إن نظام الولاية هو أهم عقبة أمام تحقق المرأة، ويجعل النساء البالغات قاصرات من الناحية القانونية، ولا يستطعن اتخاذ أي قرار لأنفسهن.

وفي سبتبمر/ أيلول من عام 2016 أيضًا وقعت قرابة 14 ألف امرأة سعودية عريضة للحكومة تطالب بإنهاء نظام ولاية الرجل على المرأة، صاحبها هاشتاج انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «أنا ولية أمري» للتخلص من نظام الولاية.


هل تشهد أوضاع المرأة تحسنًا؟

حاولت المملكة السعودية خلال السنوات الأخيرة السماح للمرأة بمساحات لم تكن موجوده من قبل، ففي 31مايو/ أيار من عام 2015،أعلن عن مشاركة المرأة للمرة الأولى في انتخابات المجالس البلدية كناخبة ومرشحة. وهو ما تم وفقا لمرسوم ملكي صدر من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز فى سبتبمبر/ أيلول من عام 2011، بمشاركة المرأة فى مجلس الشورى والمجالس البلدية.

وتم تنفيذه في أول انتخابات أجريت في عام 2015، وأكد الملك فى ذلك الوقت أن قراره جاء لرفض تهميش المرأة في المجتمع السعودي في ظل مجال عملها وفق الضوابط الشرعية وبعد التشاور مع الكثير من العلماء في هيئة كبار العلماء ومن خارجها والذين استحسنوا هذا التوجه وأيدوه.

ويعد قرار الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بداية لبعض خطوات أخرى لكنها غير واضحة المعالم حتى الآن، حيث طرحت السعودية رؤية المملكة 2030، وجزء من تلك الرؤية هو تحسين أوضاع المرأة السعودية، حيث قال عبدالرحمن بن صالح رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية إن المرأة السعودية عنصر مهم من عناصر القوة للانطلاق نحو المستقبل وتُشكل ما يزيد على 50% من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين، إلا أن تلك التغييرات لا تنم عن تغيير جذري في المفاهيم المجتمعية وأهمية حصول المرأة على حقوقها كاملة بعيدًا عما تسمح لها السلطة بنيله من خلالها.

يعتبر وضع المرأة السعودية من أكثر الأوضاع تعقيدًا فالمملكة التي تحرم على نسائها قيادة السيارات وتحرم عليهن السفر أو الدراسة بدون ولي، فهل ستستمر السلطة في سياستها التي وضعت منذ عشرات السنين تحت زعم الحفاظ على الأخلاق والهوية، وسط محاولات على استحياء لتغيير الصورة النمطية عن المرأة السعودية، أم أن هناك تغييرًا شاملاً ينتظر المرأة في المجتمع السعودي بعد حتمية ارتداء السعودية لثوب الدفاع عن حقوق المرأة بالأمم المتحدة؟

المراجع
  1. الأمم المتحدة تختار السعودية عضوا بلجنة حقوق المرأة
  2. السعودية: 83% من الزوجات المعنفات تعرضن للأذى الجسدي
  3. شقيقة حنان الشهري لـ الشرق: لم تكن تنوي الانتحار.. وطلبت المسامحة عبر «الواتساب»
  4. محكمة بيشة تسقط الولاية عن شقيق المعنفة "حنان الشهري"
  5. أمير عسير يوجِّه بإعادة التحقيق في انتحار حنان الشهري
  6. سعوديون يملؤون «تويتر» بقصص العنف الأسري.. ومغردون يشككون
  7. قصة هروب الفتاة السعودية ” دينا علي” واحتجازها في مطار الفلبين!
  8. "#انقذو_دينا_علي" صرخة حرية كتمتها السلطات السعودية
  9. المرأة السعودية وإسقاط الولاية
  10. "أنا ولية أمري": حملة سعودية لإسقاط وصاية الرجل على المرأة في المملكة
  11. ولاية الرجل على المرأة!؟
  12. "14 الف سعودية" يتقدمن بعريضة للمطالبة بإنهاء نظام ولاية الرجل
  13. كمن يعيش في صندوق
  14. انتقادات لاختيار السعودية في لجنة المرأة في الأمم المتحدة
  15. مؤشر المساواة بين الجنسين: إسرائيل متقدمة والعرب في المؤخرة كالعادة
  16. تعرَّف على ترتيب بلدك في تصنيف المساواة بين الرجل والمرأة
  17. الملك عبدالله يقرر دخول المرأة السعودية في مجلس الشورى والمجالس البلدية
  18. بحث مستقبل المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030م بغرفة الشرقية