إن الأصولية تخلق لنا موقفا متناقضا كغربيين. الفردية، والرقابة الأخلاقية الذاتية، هي المفاهيم الراسخة التي تمكننا من التغلب على المرارة الأصولية للمعارك الدينية، كما يبدو أنها تقينا من مواجهة الصحوة الحالية للأصولية.

بمعنى آخر، عندما نشعر بالحاجة إلى الدفاع عن قناعاتنا الأخلاقية في معركة المعتقدات العالمية، تبدو الفرضية الليبرالية الجوهرية القائلة بأن الصراع الأخلاقي لا يمكن حسمه (فرديًا) إذا قُرن بالإيمان بوجوب حرية الأفراد في الاختيار والتصرف وفقا لقواعدهم الشخصية (الرقابة الأخلاقية الذاتية)، تبدو تلك الفرضية قادرة على الحيلولة دون انخراطنا في صراع أخلاقي مباشرة.

مفارقة كهذه نحتاج إلى الاعتراف بها وحلها قبل أن يمكننا اتخاذ موقف قاطع من الأصولية. اسمحوا لي بالتوضيح.


معضلة الصراع الأخلاقي

إن تاريخ الليبرالية الغربية هو حكاية الخصخصة التدريجية للأخلاق، والانسحاب المطرد من الصراع الأخلاقي.

كمواطنين في مجتمعات علمانية ليبرالية، ليس من قبيل المصادفة الشعور بالانزعاج عند وقوعنا في حلبة صراع أخلاقي. إن تاريخ الليبرالية الغربية الذي ترتكز عليه بنيتنا السياسية العلمانية الحالية هو حكاية الخصخصة التدريجية للأخلاق والانسحاب المطَرد من الصراع الأخلاقي.

لا توجد لدينا إمكانية للدفاع عن مكنوناتنا الأخلاقية بصورة واضحة،حيث أننا نعيش في مجتمعات كان فيها ولا يزال الصراع الأخلاقي مؤطراً عن عمد. لذلك لا يبدو مفاجئا عدم قدرتنا على الرد على الأصولية العالمية، بقدرتها الدافعة باتجاه الضبط الأخلاقي المتعجرف للمناخ العام.

إن الأسباب الفلسفية وراء تجنبنا للصراع الأخلاقي تم تفصيلها بوضوح في الكتاب الكلاسيكي «ما بعد الفضيلة» لـ«ألسدير ماكنتاير» عام 1981، حيث يقول باختصار أنه بمجرد التخلص من النهج الأرسطي لتفسير الأشياء وفقًا لغاياتها، لصالح الخوض في تقديم التبرير العقلاني للأخلاقية الهادفة وفقا للمشروع التنويري للقرن الثامن عشر، وقتها نجد أنفسنا واقعين في منحدر زلق يقودنا في النهاية إلى الحاجة للتخلي عن تقديم أي تبرير لأخلاقية غائية، ومن ثم إلي ما يصفه ماكنتاير بـ«المجتمع الانفعالي Emotivism» والذي يتبنى الصراع الأخلاقي كحتمية.

يبدو تفسير ماكنتاير بسيطا نوعا ما، لكنه قوي حيث يقول: في تحليلنا لماهية العالم فشلنا في أن نجترح ما ينبغي أن يكون عليه، استغرقنا في تلك المحاولة منذ ديكارت على الأقل حتى الآن دون أن نصل لتعريف لطبيعةٍ بشرية تكشف جوهرنا كما فعل أرسطو على سبيل المثال، ببساطة يبدو أننا عاجزون عن أن نكشف ما يجب علينا فعله.

وفقا للنظرية الأخلاقية لأرسطو هنالك بشرية واقعية من ناحية، وأخرى ستكون عليها إن تمكنت من إدراك طبيعتها الجوهرية؛ والأخلاق هي المبادرة إلى جسر تلك الفجوة. لكن إذا ُأهملت فرضية أرسطو لجوهر الطبيعة البشرية وغايتها، فسنترك أنفسنا في محاولة لاكتشاف قوانين الفضيلة بالنظر إلى ماهيتها فحسب، و دون فرضية أرسطية مسبقة سيبدو ذلك كبناء جسر إلى العدم.

ساهمت الوضعية المنطقية (حركة فلسفية نشأن في فيينا في عشرينيات القرن العشرين وانتقلت إلى العالم الإنكليزي عن طريق ألفريد جولز أير) في زوال الاعتقاد بالضرورة الأخلاقية.

وفقا لكتاب أير، «اللغة والحقيقة والمنطق» (1936)، فإن المسألة الأخلاقية بلا معني حيث لا يمكن التحقق منها تجريبيا، حيث لا تقترن الفضيلة بشيء في العالم المنظور؛ لذا لا يمكن التحقق منها وبالتالي فإنها فارغة وبلا معنى.

أعتقد ما تريد عن تطرف حجة الوضعية المنطقية، لكن الأخلاقية الغائية لم تتعاف أبدا من ذلك الهجوم، كما لم تفعل مع العديد من الهجمات الأخرى في القرن العشرين. ما يزال الجدل الفلسفي حول الموقف من الأخلاق مستمرا، لكن عمليا فقد تخلت المجتمعات العلمانية الغربية عن المطلقات الأخلاقية منذ وقت طويل؛ وإذا تم مواجهتنا بالصراع الأخلاقي نتجنبه كما لو كان شيئا عبثيا وصراع رأي لا يمكن حسمه.


الليبرالية كمنقذ

إذا لم يكن أمامنا من سبيل لمعرفة ما هو الصواب أخلاقيا، فكيف يمكننا إذن أن نتابع حياتنا باطمئنان؟

يمكن تفهم التطور الحالي لليبرالية السياسية كمحاولة للتعامل مع الاستسلام للصراع الأخلاقي تحديدا. يمكننى حتى أن أزعم أن الليبرالية فوق جميع الحلول السياسية العبقرية لما كان يمثل بصورة أساسية مسألة معرفية: مشكلة حول ما يمكننا أن نعرفه؛ إذ لم يكن أمامنا من سبيل لنعرف ما هو الصواب أخلاقيا، ومن ثم نختار بين قيم متنافسة ومتناقضة، فكيف يمكننا إذن أن نتابع حياتنا باطمئنان؟ الإجابة عن تلك المسألة هي المهمة الأساسية لليبرالية.

من أول يوم كان هدف الليبرالية المجيد هو صوغ نظام يمكن للأحرار فيه بغض النظر عن معتقداتهم أن يتفقوا على قواعد سياسية تحترم حريتهم كما تضمن مجتمعا عادلا ومستقرا. بعبارة أخرى لا تريد الليبرالية حلا لدراما الصراع الأخلاقي فحسب، ولكنها تريد حلاً من شأنه حماية الحرية الفردية.

المرتكز الأساسي لليبرالية هو كما يقترح المصطلح «على حريتي»، ووفقا للتراث الليبرالي فأن تكون حرا يعني أن تكون مستقلا، وذلك حتى يتمكن الانسان من مباشرة حياته وفقا لمعتقداته.

وفاء لجذورها المسيحية، لم تتلبس الليبرالية بعد بالانحراف العلماني، ظل جوهر الليبرالية يكمن في الفكرة الراسخة بأن البشر يجب أن يكونوا أحرارا وعلى قدم المساواة في عيش حياتهم وفقا لمعتقداتهم الخاصة.

لقد كانت عبقرية الليبرالية في التعرف على الشيء الوحيد الذي يمكننا جميعا الاتفاق حوله بغض النظر عن المعتقدات المختلف عليها، والبناء على ذلك. هذا الشيء الوحيد الذي يمكننا الاتفاق حوله هو أننا جميعا أحرار؛ بمعنى أنه لا يجب أن نكون موضوعا طبيعيا للسلطة السياسية والأخلاقية للآخرين.

من الجدير بالملاحظة أنه ليس من قبيل الصدفة كون المجتمع الغربي قادرا على الاتفاق حول تلك النقطة؛ أضحى هذا ممكنا بسبب المعتقد المسيحي السائد الذي يبشر بقيمة الفردية والخلاص الفردي. مع ذلك فبالتأكيد على مفهوم الاستقلال الذاتي تجنبت الليبرالية الوقوع في شرك محاولة تبرير التسويات السياسية من خلال أي من وجهات النظر العالمية المتنازع عليها والتي تميز المجتمع التعددي، بعدها ذابت معضلة الصراع الأخلاقي عندما امتلكنا أخيراً نظاماً لقواعد مشتركة تعبر فوق خلافاتنا الجوهرية.

أول خطوة بمجرد إطلاق تلك المغامرة الجريئة كانت التركيز على الأشياء التي يتشاركها الجميع: فكرة الحرية الفردية أو الاستقلالية. بعدها أصبح الهدف الأساسي للنشاط السياسي هو ضمان الحرية الفردية؛ الأمر الذي يعني حاجة الخطاب السياسي للامتناع عن تفضيل أي وجهة نظر أخلاقية أو دينية. وبالتالي فإن الحاجة الأساسية هي حياد الدولة فيما يخص المناقشات الأخلاقية؛ ما يعني خصخصة المعتقدات الأخلاقية المتنازع عليها.

من منظور ليبرالي فإن إكراه الجميع على أفق أخلاقي موحد يعد أمرا مستحيلا، بما أن المنطلق هو فرضية استقلالنا الذاتي -حقنا الراسخ في اختيار رؤيتنا للعالم- كانت خفقة الليبرالية العبقرية هي إدراك الاختلاف الديني والأخلاقي كناتج طبيعي لترك الأفراد يمارسون هذه الاستقلالية تحديداً.

على حين غرة فإن الحقيقة التي كانت مثار خلاف حول معتقداتنا الأساسية -حقيقة التعدد- توقفت عن أن يتم قراءتها كتهديد مزعج للنظام الاجتماعي، وبدلا من ذلك أصبحت إشارة للحرية، التعبير عن حرية التصرف؛ فجأة أضحى الاستسلام الفلسفي للصراع الأخلاقي فضيلة وليس مشكلة. بعبارة أخرى، بالنسبة لنا كغربيين أن تكون عقلانيا يعني أن تتفهم وتتقبل التعددية تحديدا (حقيقة الصراع الأخلاقي المتناقض).

من منظور ليبرالي الآن، فإن الامتناع عن الاحتفاء بأخلاقيتنا أمام الآخرين هو الدلالة القصوى على اللاعقلانية.


الليبرالية وصحوة الأصولية

كليبراليين صالحين فإننا نتخذ الرقابة الأخلاقية الذاتية والتعددية كمعطيات، فهل يوجد هنالك ما يمكن فعله إزاء هؤلاء الذين يرفعون استقلاليتهم لإقناع الأجندة الأصولية بإنكار استقلالية الآخرين؟ في مجتمع أتم نموه ليعانق التعددية ويسوى الصراع الأخلاقي مع خلافات لاعقلانية، ما الذي يمكننا أن نفعله لنوقف الأصولية؟

ما المشكلة؟ إدراك كون الآخرين أحرارا، وأخلاقيين، ومتساوين أمام القانون يتطلب منا أن نحترم حدودهم وأن نمتنع عن ترويج أنهم يؤيدون معتقدات بدون أسباب تدعوهم لتأييدها، حتى لو كانت معتقداتهم تهاجمنا نحن باللا موضوعية، والبغض. إن الاستقلالية التامة في اختيار القيم هي جزء معنى أن تكون حرا.

وهنا تبرز المفارقة الليبرالية؛ ألن يكون هذا الأمر بمثابة إكراه لفرض قيمنا الليبرالية على الأصوليين؟ على الرغم من كل شيء، إذا كان لدى الأصوليين أسبابهم الخاصة لدعم معتقداتهم، ألن يكون ذلك اعتداءاً على استقلاليتهم لإجبارهم على التصرف بطريقة مغايرة لمعتقداتهم؟

يبدو أن هنالك ما يستدعي القلق أكثر من ذلك، أليس هذا اعتداء على حيادية الدولة بتحويل هذه النقاشات الأخلاقية لقضية عامة، مع انحياز الدولة لموقف معين؟ حتى لو وضعنا تلك الاعتبارات الأخلاقية جانباً في النهاية وانخرطنا في صراع أخلاقي، ألن يكون هذا عبثياً على أي حال، بما أننا اعتبرنا أن الصراع الأخلاقي متعذر الحل بادئ ذي بدء؟

قد يشير البعض بحق هنا إلى أن حياد الدولة وتعزيزها للاستقلالية لا يعني الاطمئنان التام فيما يتعلق بمعتقدات الآخرين، في كتابه «عن الحرية» (1859) تلك المجادلة الشهير لـجون ستيوارت ميل القائلة بأننا يجب أن نكون أحرارا في السعي لصالحنا الخاص بطريقتنا الخاصة، طالما أننا لا نحاول حرمان الآخرين من حريتهم في فعل المثل.

إذا تحقق ذلك، فعندما يتعدى الأصوليين على حدود الاستقلالية الأخلاقية للآخرين -كما يفعلون دائما- فلكل من المجتمع المدني الليبرالي والدولة الليبرالية الحق التام والمبرر في الرد، إما من خلال النقد العلني أو القوة القسرية بناء على مدى خطورة الأمر.

لكن يبدو أن السؤال الأعمق هو: هل نحن في حاجة لانتظار تشجيع الأصوليين على العنف قبل أن نكون مطالبين بخوض صراع أخلاقي؟ الأمر الخطير هو القناعة الليبرالية حسنة النية بأن الاستقلالية الأخلاقية للآخرين يجب أن يتم احترامها، بجانب موقفها بشأن الصراع الأخلاقي بأنه غير قابل للتسوية، الذي يقود إلى بغض الخوض في جدل أخلاقي يعطي الأصوليين مجالا واسعا لتقوية موقفهم وقتها، كما يقول مايكل ج. ساندل: «يندفع الأصوليون عندما يخشى الليبراليون أن يتقدموا» (الليبرالية وحدود العدالة، 1982).

إن المفارقة الليبرالية واضحة تماما الآن: الحرية التامة تم تعزيزها، وكلمة التعددية تم اختلاقها، كلا الأمرين يعطي الأصوليين المجال والسبب الواضح ليثبوا علينا فارضين حريتهم.


الإفلات من المفارقة

إننا يجب أن نكون أحرارا في السعي لصالحنا الخاص بطريقتنا الخاصة، طالما أننا لا نحاول حرمان الآخرين من حريتهم في فعل المثل.
إن استيعاب المحتوى الأخلاقي للتراث الليبرالي لن يكون كافيا إذا لم ننخرط في جدال أخلاقي مع الأصوليين على كافة الأصعدة.

للرد على التهديد المتنامي للأصولية فنحن في حاجة للإفلات من هذه المفارقة، وأن نكتشف طريقة للدفاع عن قيمنا الليبرالية الغربية، دون الاعتداء على استقلالية الآخرين؛ دعوني أطرح ثلاثة مقترحات.

أولا وقبل كل شيء، نحن في حاجة إلى العودة للمنبع الأخلاقي لليبرالية، فلا يمكننا الدفاع عن نهجنا في الحياة بنجاح دون الوعي بجذور سلطته الأخلاقية.

في سبيل صوغ مناخ خاص لإنعاش الاستقلالية الأخلاقية، لدرجة ما نصبح ضحايا لنجاحاتنا الخاصة، غالباً ما نخلط بين حريتنا لننتخب بذاتنا نظرتنا العالمية بفردية شديدة، ونفشل في الاعتراف بالبعد الأخلاقي للمفهوم الليبرالي للحرية الفردية والمساواة الأخلاقية.

يقدم «لاري سييدين توب» في كتابه التنويري «ابتكار الفردية» (2014) العديد من الأدوات لإصلاح هذا التجاهل، حيث يظهر لنا كيف لعبت القناعات المسيحية فيما يخص قيمة الأفراد والمعتقدات الفردية، دورا خطيرا في تشكيل خطاب من شأنه استنهاض الليبرالية والعلمانية الحديثة، كما يساعدنا على تذكر أن الإجراءات التأسيسية للعلمانية المتحررة لم تحدث هكذا ببساطة: كان لديهم تاريخ ثري يؤيد سلطتهم الأخلاقية.

يمكننا أن نُعرف أنفسنا تحديدا كأفراد، حيث أننا متحدون في منظومة أخلاقية تعزز التنوع؛ يجب أن ندرك أن هذه المنظومة ستساعدنا على استعادة أرضية خصبة يمكننا أن نُقدم من خلالها دفاعاً عن نهجنا في الحياة ضد هؤلاء الذين يسعون لتقويضه.

لكن استيعاب المحتوى الأخلاقي العميق للتراث الليبرالي لن يكون كافيا إذا لم ننخرط مرة أخرى في جدال أخلاقي مع الأصوليين على كافة الأصعدة، على الرغم من أننا لا نستطيع أن نسقط الأخلاقية بموضوعية على الواقع، فما زال لدينا أداة قوية يمكننا أن نستخدمها لصالحنا في إعادة تشكيل ذلك الحوار الأخلاقي.

يمكننا أن نجادل بقوة فيما يخص العواقب العملية للمعتقدات؛ ويجب أن نقوم بذلك، وبالتالي يجب علينا أن نقود النقاش بعيدا عن الخصومة مع هؤلاء الذين تكون معتقداتهم الأخلاقية أكثر نقاء وعلى أسس أفضل وأكثر منطقية، بدلا من ذلك ومن أجل أن يقود هذا الصراع إلى شيء ما، يجب أن نحوله إلى حوار عن الآثار الواقعية لحياة من الحرية والمساواة الأخلاقية على رفاهيتنا، ومقارنتها بآثار حياة أصولية. هذه هي مادتنا في الحوار وهكذا نكون ذوي اليد العليا في حوار كهذا غالبا.

نحتاج إلى أن نُري خصومنا العواقب المروعة للسلوكيات الأصولية وما تدمره من حيوات لا تحصى وما تعيقه من فرص، هذا هو الطريق الوحيد لانتصارٍ أخلاقي. نجاعة تلك الطريقة سيتم توثيقها جيدا في الكفاح الأكثر تحررا للعالم الغربي، حيث هُزمت المعتقدات الجائرة مرة تلو الأخرى على يد هؤلاء الذين تجرأوا على لفت الانتباه لآثار الأصولية البشعة.

وبالمثل، يجب أن نفضح الأصوليين حتى يحترموا استقلالية الآخرين بتوضيح كيف أن الأخلاقيات العقائدية سرعان ما تسقط.

وبجانب العودة للمنابع الأخلاقية لليبرالية وتشجيع الجدال حول آثارها العملية، نحتاج إلى خطوة أخيرة لنفلت تماما من تناقضنا: نحتاج إلى تضخيم مفهوم الاستقلالية بما يسمح لنا بالخوض في الصراع الأخلاقي دون أن نناقض أنفسنا.

في هذه الحالة، يكون لدينا السعة في أن نعيش حياتنا وفقا لمعتقداتنا الأخلاقية المختارة ذاتيا، يجب أن تبدو ظاهرة على أنها الخطوة الأولى فحسب تجاه تحقيق الاستقلالية التامة. حرية تستحق هذا الاسم يجب أن يتم السعي إلى توسيع مفهومها وتوسيعها هي أيضا عن طريق نقاش مجتمعي مستمر.

قبل أن يمكننا اعتبار أنفسنا مستقلين حقا، يجب أن نُخضع قيمنا الخاصة لحوار مفتوح، فليس من الممكن محاسبة الرقابة الأخلاقية الذاتية في حوار يضعنا تحت رحمة استعبادنا الذاتي، كما أنها أيضا تفسد قدرتنا على الدفاع عن نهجنا في الحياة.

إن كان هنالك أي جانب مشرق في عصورنا المظلمة، فهو الكفاح ضد الأصوليين الذي سيقودنا في النهاية إلى تدعيم حريتنا.