المكان: أمام العناية المركزة بإحدى المستشفيات الحكومية المكتظة في إحدى أشباه الدول النامية ..

خرج الطبيب من باب العناية وعليه أمارات الإرهاق وقلة النوم، ليُفاجَأ بما يشبه المظاهرة أمام العناية .. لثوانٍ أنساه الذهول ما كان يبحث عنه خارج العناية!

«أريد أحد أقارب المريض أ.أ» .. قالها بصوت مجهد يحاول عبثاً خرق جدار الصوت والضوضاء المحيط به.

فجأة … التفت المظاهرة بكاملها حوله ! … لم يكن ينقص المشهد إلا أن يحملوه على كتفهم، فيبدأ بالهتاف حتى ينطلقوا جميعاً للاعتصام في أحد الميادين …

«هو عامل ايه يا دكتور» …… «عايش ولا ميت بالله عليك طموح طمئننا» … ….«الله يكرمك ما تخبيش علينا حاجة» …. «احنا ناس مؤمنين بالله قول ما تخافشي » ….. «أكيد مات .. وشك بيقول كده ( لطمات هيسترية على الوجه ) أخوووووياااااااا اهئ اهئ عاااااااا» ……«طلعوها بره يا جماعة ! .. كل الستات يطلعوا بره خلونا نركز مع الدكتور» ….. «يا حول الله يا رب .. ده كان داخل المستشفى بيتكلم .. منكم لله !» …. «اصبر انت يا حسين …. هااا يا دكتور قولنا عامل ايه» …

لدقيقة كاملة حاول الطبيب أن يستوعب الأجواء الهستيرية المحيطة به. رغم تكرار مثل هذه المشاهد يومياً على مدار سنين عمله، إلا أن الجرعة مكثفة هذه المرة .

حاول أن يستجمع أقصى ما يملك من هدوءٍ وصبر، وتجاهل الرد على الثلاثين شخصاً الذين يحاولون مخاطبته في نفس اللحظة! وقال في صوت يجمع بين الحزم والبرود «أريد أحد أقارب الدرجة الأولى للمريض .. أبوه .. أخوه .. زوجته …» .. استمر الجمع في نفس الضوضاء ومحاولة طرح عدد لا نهائي من الأسئلة. أعاد السؤال عليهم ولكن بحزم أشد وانفعال جارف و طبقة صوت مختلفة تماماً… هنا فقط خرج اثنين من وسط المظاهرة وحاولا في دقيقة تهدئة الباقين، وتوجها إلى الطبيب، وقدَّما نفسيهما إلى الطبيب أنهما ابن المريض وأبوه.

أخذهما الطبيب إلى داخل العناية وأغلق الباب سريعاً، بينما تطاردهم نظرات الحشد بإصرار واستهجان وكأنهم دخلوا للتوّ من باب الجنة وتركوا الباقين تدمى أرجلهم على ظهر الصراط!


فوضى وانهيار من الساس إلى الراس

http://gty.im/97768522

تحدث ويتحدث وسيتحدث الكثيرون عن مشاكل المنظومة الصحية الهَرِمة في بلادنا، وعن عشرات أو مئات الأرواح التي تُزهق يومياً نتيجة نقص الموارد المتاحة، وسوء استغلال القليل المتوفر منها، وغياب النظام، ونقص التدريب، وندرة الوعي الصحي…. الخ. إلا أن المشكلة في رأيي أعمق من هذا كثيراً وأكثر جذرية.

كارثة القطاع الصحي في بلادنا تبدأ من الصفر. أساس أية منظومة صحية في بلاد العالم هو توضيح المعالم الرئيسية لحقوق المريض وواجباته، وحقوق الطاقم الطبي وواجباته، وحدود العلاقة الحساسة بين المريض والطاقم الطبي. هذا الأساس يجتمع في تأسيسه الجانب الأخلاقي والسياسي والقانوني والطبي الفني معاً. وفي بلاد العالم المتقدمة لا يؤهلون أياً كان لدخول ساحة العمل الطبي مهما صغر أو كبر دوره في المنظومة الطبية العملاقة ، إلا وهو على استيعاب كامل لما له وما عليه سواءً. ولذا فمادة الأخلاق الطبية والقوانين الطبية في التعليم الطبي لا تقل أهمية – إن لم تكن أهم – عن تعلم التشريح والباطنة والأدوية والجراحة و مواد الطب…الخ .

والمسألة أضخم بكثير من مجرد تحسين شكلي بإضافة ملزمة دراسية عن أخلاقيات الطبيب والقوانين المنظمة لعمله، يتم حفظها وتلقينها وإخراجها في ورقة إجابة امتحانية، فهي تتصل بشكل وثيق بالثقافة العامة للمجتمع، والأفكار والمبادئ السائدة فيه خاصة ما يتصل بالدين ومقدار المساحة التي يشكلها من الذهنية العامة، والحقوق العامة للأفراد والجماعات، وطرائق التنظيم القانوني والسياسي، والمناهج الأولية في السنين الأولى وما تزرعه في وعي ولا وعي الناس.

ومما سبق، فلا عجب أن يكون للفوضى والانهيار والتفسخ واضطراب المعاني والهويات المنتشرين في كل ما حولنا، ظهور خاص ومتميز في قطاع حيوي كقطاع الصحة، وفي القلب منه في الأخلاقيات الطبية.


مبدأ رقم 1: المريض أولاً

لاشك عندي في أن كل من له اتصال أو احتكاك بالعمل الطبي لدينا – سواءً كان ممارساً أو متلقِّياً للخدمة – سيفهم جيداً نبرة المرارة التي أتكلم بها، بل قد ينتقدني البعض على السكينة المبالغ فيها في تناول هذا الأمر الجلل !. وليس من رأى كمن سمع. وعلى قصر تجربتي العملية نسبياً حتى الآن، فما رأيت وأرى يومياً يكفي ويفيض ألماً ..

الحفاظ على خصوصية المرضى خطّ أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي اعتبار إلا في مواضع محددة نصاًّ بالقانون، وبشكل باتِّ لا يترك مجالاً واسعاً للاجتهادات الفردية

سندخل الآن في صلب موضوع الأخلاقيات الطبية Medical Ethics، ونبدأ بأساس الأسس والذي انبنت عليه الممارسة الطبية كلها … إنه المريض.

ولي كامل العذر أن أرتكز على ما وصل إليه الغرب في هذا الباب، فالسنوات الضوئية التي تفصلنا عنهم فيه تُلزمني بذلك.

شخصياً أحب دائما ما قلَّ ودلّ .. لكن أهمية الموضوع وكثرة تفاصيله تجبرني أن أركز على كل جزء على انفراد وذلك لينال جزءاً من حقه من الاهتمام. ولذا سأركز في هذا المقال على الجزء الأول من قاعدة أولوية المريض، وهو قدسية خصوصية المريض Patient privacy and credentiality.

في الغرب الليبرالي في معظمه، والذي تمثل فيه حرية الأفراد المقدس الأول، لم يكن مستغرباً أن ينعكس هذا على ثقافة المجتمع وقوانينه المنظمة للممارسة الطبية، فيصبح الحفاظ على خصوصية المرضى خطّاً أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي اعتبار إلا في مواضع محددة نصاًّ بالقانون، وبشكل باتٍّ لا يترك مجالاً واسعاً للاجتهادات الفردية.

ومن أشنع ما يمكن أن يتهم به طبيبٌ في الجانب الآخر من الدنيا، خرق خصوصية مريضه. ولا اعتبار لأية مبررات أخلاقية أو طبية قد يسوقها إلا ما اتفق مع ما هو كائن في القانون والقواعد الطبية الصارمة الواضحة.

وخصوصية المريض تعني أنه لا يمكن للطبيب أن يفشيَ بمثقال ذرة من كل ما يتعلق بمريضه إلى كائنٍ من كان إلا بإذن واضح ومحدد من المريض. إلا في حالات نادرة، منها على سبيل المثال أن يكون المريض غائباً عن الوعي وهناك حاجة ماسة لأخذ قرار طبي حاسم، مما يستدعي إفشاء حالة المريض إلى الأقرب فالأقرب ممن يحق لهم اتخاذ القرارات نيابة عنه، بناء على ترتيب معين يحدده وصية مكتوبة من المريض نفسه، أو القانون في حالة غياب الوصية.

وهناك حالات خطيرة أخرى تسمح أغلب قوانين الأخلاقيات الطبية فيها للطبيب بكسر خصوصية مريضه، منها للمثال لا الحصر أن يستشف من مريضه عزماً واضحاً على الانتحار أو ارتكاب جريمة، أو الاشتباه الشديد في حالة اعتداء على طفل child abuse. أو يكون أحد الزوجين مصاباً بمرض خطير ينقل جنسياً ولا يريد اطلاع شريكه على هذا، وفي هذا خطورة شديدة على صحة الشريك.

و حتى كسر الخصوصية له قواعد قانونية وأخلاقية صارمة لتنظيمه وبيان خطواته، وهناك جهات محددة يتم إبلاغها في كل حالة.

أما على جانبنا من الدنيا .. فاللاشيء يحكم ! … والإنسان في ذيل قائمة الاهتمام.


المكان: داخل العناية المركزة بنفس المشفى الكائن بنفس شبه الدولة

«كما أوضحت لك … والدك يحتاج إلى جراحة عاجلة لاستكشاف البطن لمعرفة مصدر النزيف الداخلي الذي نعتقد بوجوده بسبب الحادثة، نظرا لانهيار العلامات الحيوية، ومن واقع وجود كمية ليست قليلة من السوائل الحرة بالبطن كما أظهر السونار. بالكاد استطعنا بالمحاليل المكثفة وكيس الدم الذي أعطيناه أن نصل بضغط الدم إلى الحد الأدنى 90 على 60. لكن لا مفر من الجراحة وإلا نكون كمن يحاول أن يملأ قربة ماء مثقوبة» هكذا لخَص الطبيب المشهد في محاولة صعبة للتوازن بين توضيح التفاصيل، وتحقيق الإنجاز، وعدم استنزاف الفائض النفسي المتداعي عنده.

«يعني حضرتك عايز منا ايه يا دكتور ؟» رد ابن المريض والحيرة بادية على كل ذرة في وجهه وكلامه.

كظم الطبيب غيظه وقال في نفاد صبر «لا يمكن إجراء جراحة خطيرة في هذه الحالة إلا بموافقة كتابية منك أو من أي قريب من الدرجة الأولى، وكذلك لا يمكن عدم إجرائها إلا بإقرار شخصي منك أنك تتحمل المسئولية الكاملة عن المضاعفات التي قد تنجم عن هذا والتي قد تصل للوفاة».

أوشك الابن على الانهيار .. «طب أطلع أسأل الناس بره ؟!» .. رد الطبيب في ضيق «لا وقت لديّ ولا لدى والدك للنقاش مع كل هؤلاء» …. تدخل الأب «طب ثواني نكلم ابن عمه الدكتور شكري اللي في اسكندرية ناخد رأيه معلش يا دكتور» … وافق الطبيب على مضض قائلاً «أمامكم دقيقتان للرد حتى أستطيع إبلاغ أطباء الجراحة والتخدير قبل أن ينشغلوا بجراحة عاجلة أخرى فنتأخر أكثر».

وبعد ربع ساعة !

«هو أنا كنت بتكلم هندي معاكم ؟! … الراجل ممكن يقع منا في أي لحظة وأنا سامعكم بترغوا في التليفون وبتحكوا القصة للبلد كلها !» قالها الطبيب في أسلوب هجومي مباغت.

رد أبو المريض «خلاص يا دكتور .. اعمل الصالح اللي يرضي ضميرك. وهات أمضيلك ع اللي انت عايزه»

كتب الطبيب صيغة الإقرار في دقيقة … «بطاقتك الشخصية لو سمحت»

ثم ظهرت على وجه الطبيب دهشة واستنكار لا حدود لهما….


إعادة اختراع العجلة

للأسف تجبرنا الفوضى السائدة فيما حولنا أن نعيد تعريف المسلمات ومحاولة الاتفاق عليها.

نتشدق كثيراً في الشرق بتمكن الدين ومبادئه من أخلاقنا، وأننا بلاد المشاعر والروابط الإنسانية في مقابل الغرب المادي بارد القلب ومتجلد المشاعر

تعريف المريض هو شخص المريض نفسه + أية وصية رسمية مكتوبة منه تتضمن رغباته فيما يتعلق بصحته في حالة غيابه عن الوعي. ولا يشمل تعريف المريض -وبالتالي تعيين مساحة خصوصيته- جميع أقاربه حتى الدرجة التاسعة، وزملاءه في العمل، ومتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، وجيران الجيران، والقرى المجاورة، وأصدقاء الطفولة !

نتشدق كثيراً في الشرق بتمكن الدين ومبادئه من أخلاقنا وتصرفاتنا، وأننا بلاد الحياء والمشاعر والروابط الإنسانية في مقابل الغرب المادي بارد القلب ومتجلد المشاعر والمنحل أخلاقيا. لكن بالنزول إلى أرض الواقع، وفي سياق الحديث عن خصوصية المريض كأهم مبادئ الأخلاقيات الطبية، يتبين الخلل الجلَلَ. ويتبين أن العكس يكاد يكون هو الأصوب للأسف الشديد.

باسم العواطف الجياشة تجاه المريض والحرص على الاطمئنان عليه، وباسم الحفاظ على حياته، يتم انتهاك خصوصيته حتى النخاع وبلا سقف. وتلوك الألسنة تفاصيل تفاصيل حالته الصحية حتى بعض الجوانب الحساسة منها !

بينما على الصفة الأخرى من الإنسانية، بلغ تقديس خصوصية المرضى هناك أنه في بلادٍ كثيرة لا يسمح حتى لزوجة المريض وأبنائه ووالديه وأخواته على الاطلاع على أي شيءٍ


كلنا مذنبون …. لا أستثني أحدا !

شخصيا أضع المسئولية المباشرة عن كارثة امتهان خصوصية المرضى علينا كأطباء -وأنا منهم قطعاً- بصفتنا الحلقة الأهم، والتي من المفترض أنها الأرقى تعليماً وثقافةً ووعياُ واحتكاكاً بالخارج ومنجزاته في هذا الإطار. لكن من الظلم أن نتحملها وحدنا. فالثقافة السائدة في مجتمعاتنا والتي تحتل فيها كرامة الإنسان وحريته ومساحته الشخصية التي لا يجوز المساس بها مرتبة متأخرة للغاية تفرض علينا الكثير مما لا نريد. كما أن الفوضى القانونية، وعدم وجود قواعد محددة لأي شيءٍ تقريباً، يجعلان الممارسة الصحية تتم في تخبط شديد وغياب للرؤية وعشوائية شديدة وتذبذب حاد بين المأمول وما ينفذ فعلاً في أرض الواقع.

ولا نكون مبالغين إذا أرجعنا جزءاً هاماً من الكارثة إلى الإجرام السياسي في بلادنا والذي يرقى في بعض الأوقات والأماكن إلى درجة الجرائم ضد الإنسانية. إذ -للأسف الشديد- يصبح من الخيال العلمي أن نتحدث عن الحفاظ على خصوصية مريض في بلاد لا تحترم حرية أبنائها ولا قراراتهم ولا قدسية دمائهم وأعراضهم، ولا يأمن بعضهم أن تقتحم بيوتهم في أية ساعة من ليل أو نهار بتهم ملفقة تحت مظلة قوانين تفصل على مقاس الظلم.

وإن كان هناك بعض البلدان -كبلاد الخليج- تتسم بالتخلف السياسي، لكنها أجادت نقل الكثير من القواعد والممارسات الطبية الحديثة، فأصبح عندها قدر لا بأس به من التطور في المجال الطبي كقواعد أخلاقية وتنظيمية، وكذلك إمكانات علمية وتقنية وكوادر مؤهلة.


سددوا وقاربوا

شخصيا أقتنع تماماً أن ديننا الذي أوضح قطعيا أن الله كرَّم بني آدم، وشدد على عصمة دمائهم وأعراضهم، والذي من شعب الإيمان به الحياء وحفظ الأمانات بمفهومها الواسع، ومن ممارساته الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، هو في صف احترام خصوصية المريض قطعيا. وأنه لابد من تغييرات جذرية عامةً وخاصة في كثير من قواعد وتفصيلات ممارساتنا الطبية على هذا الأساس.

ولذا أوصِي نفسي وزملائي أن نجتهد لتحقيق أكبر قدر ممكن من التغيير من أعلى في مختلف درجات عملنا وذلك لفتح المجال شيئاً فشيئاً أمام تغييرات شاملة تحاول ملأ الفجوة الشاسعة بيننا وبين الدنيا في هذا المجال. ودفع النقابات الطبية للضغط على الجهات التشريعية والتنفيذية لتأطير هذا الأمر في قوانين واضحة وقواعد منظمة تطبق على الجميع .

وأن يحاول كل منا في مساحة عمله المحدودة أن يطبق ما استطاع من مبادئ خصوصية مرضاه. وأن يواجه بكل ما استطاع ثقافة المجتمع البائسة في هذا المجال.

يمكننا أن نستفيد من خبراتنا بعضنا البعض في الحالات دون ذكر أسماء وتفصيلات تكسر الخصوصية. ويمكننا تقليل دائرة المطَّلعين من أقارب المريض على تفاصيل حالته إلى الحد الأدنى. ويمكننا رد المتطفلين دون أن نفقد الكثير من أدبنا وصبرنا وخصوصية مريضنا. ومحاولة الرجوع الدائم للمريض – ما سمحت حالته العقلية والنفسية – قبل إفشاء خصوصياته حتى لأقرب الأقربين.

خلاصة أخيرة … قضية الأخلاقيات الطبية قضية كبرى، من ضرب الخيال محاولة حلها فردياً. فهي تحتاج إلى تضافر جهود مؤسسات سياسية وقانونية ومجامع شرعية وخبرات أفرادٍ ومنظمات و مجتمع مدني حر، وتحتاج إلى سنوات من التمحيص والتعديل قبل وبعد التطبيق. وبالطبع تحتاج قبل كل هذا إلى أن ندخل تحت سماء الإنسانية أولا … . لكن كفى بالفرد أن يحاول درء ما استطاع من مفاسد.


ضحكٌ كالبكا

الأخلاقيات الطبية قضية كبرى، تحتاج إلى تضافر جهود مؤسسات سياسية وقانونية ومجامع شرعية وخبرات أفرادٍ ومنظمات و مجتمع مدني حر.

«كيف تكون أبوه، واسمك في البطاقة غير اسمه تماما ؟!!» وجه الطبيب السؤال باستنكار واضح إلى من عرَّف نفسه أنه والد المريض.

«أنا ابن خالة أمه، ومتربي عندنا من وهو عنده 3 سنين، وبيعتبرني زي أبوه !»

لم يستطع الطبيب كتمان غيظه، فانفجر في الابن قائلاً «أقسم بالله لولا سن قريبك ده كنت أهنته ! .. هو أنا جاي أناسب المريض ولا أعمل فيلم وثائقي عن قصة حياته ! .. طلع أنت بطاقتك وامضي بسرعة عشان ألحق أبلَّغ الناس»

رد «الابن» في تردد «هو بصراحة بطاقتي مش معايا، استنى أناديلك حد من ولاده من بره !! .. أنا دخلت مش عشان أعطلكم والله، بس أنا بعز جوز عمتي أوي، وكنت قلقان عليه ع الآخر! .. ده هو اللي مربيني ! »

فقد الطبيب النطق لمدة دقيقة. ثم استجمع ما بقي من هدوءٍ لا يدري أين كان يختبيء بداخله قائلاً «لو سمحتم .. لو سمحتم … لو سمحتم اطلعوا بره، ودخلوا حد من أهله بجد أتفاهم معاه … وبسرعة».

خرجا مسرعين بينما يشيعهما الطبيب بنظراتٍ حانقة، ويكاد الشرر يطير من عينيه.

«الحق يا دكتور .. سرير 7 شكل قلبه توقف» هكذا انتزعه صوت الممرضة من شروده، فأسرع لتلبية ندائها.


القصة الواردة هي واقعة متكررة يوميًا
المراجع
  1. Protecting the Privacy and Security of Your Health Information
  2. Patient Privacy Information