سجلت حضارة بلاد الرافدين أو العراق القديم[1]، تصورها عن الكون والآلهة عن طريق الأساطير، فشرع السومريون في تسجيل مجمع الآلهة على الجدران وكيف خلقوا الكون والإنسان بأسلوب حكائي أسطوري، وأشهر الأساطير هي أسطورة الطوفان، وتكررت الأسطورة حول العالم بأكثر من طريقة وشكل، ولكن ظل المغزى واحدًا، وبعد ذلك طور ونقح الآشوريون ومن بعدهم البابليون، تلك الأساطير والآلهة على سبيل المثال: الإله إينانا أصبحت عشتار ثم عشتروت.

وبالطبع لم يكن كُتاب التوراة في منأى عن تلك الأساطير، فعديد من الأساطير نُقلت إلى التوراة وعُدلت بما يُناسب فكر أصحابها.

أسطورة خلق الإنسان من تراب

تعود حكاية خلق الإنسان من طين أو تراب، إلى الأسطورة السومرية الرافدية، فيقول إله أنكي إلى أمه «نمو»: «امزجي لب الطين بمياه الأعماق وسيقوم الصُناع الإلهيون المهرة، بتكثيف الطين وعجنه، وقومي أنتِ يا أماه، ببناء الأعضاء والجوارح، وستعمل معكِ ننماخ -الإله الأم- يدًا بيد وستقف جنبك لمساعدتك أثناء التكوين، كل ربات الولادة ولسوف تختارين للمولود الجديد يا أماه، مصيره وستعلق «ننماخ» عليه شكل وصورة الآلهة. إنه إنسان»[2].

تسمى هذه الأسطورة «ألواح القدر»، ثم نلاحظ التغيير في اسم الإله الخالق في الأسطورة البابلية فكان «مردوخ» هو الخالق، ثم في المصرية القديمة كان «خنو»، وعند الإغريق «برومثيوس»، وفي التوراة كان الإله «يهوه»، فنقرأ في سفر التكوين، «وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً» (2: 7).

وجدير بالإشارة هنا إلى أن الآلهة خلقت الإنسان على هيئتها أي كإله، إلا إنه خُلقَ ضعيفاً؛ يمرض ويشيخ ويموت، وكان الهدف من خلقه هو خدمتها، ونجد تلك الفكرة في التوراة، فقد خلق يهوه الإنسان على صورته، فنقرأ: «فَخَلَقَ يهوه الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ»، سفر التكوين (1: 27).

أسطورة جلجامش ورحلة البحث عن الخلود

يسرد لنا «طه باقر» وهو عالم آثار عراقي في ترجمته لملحمة جلجامش[3] التي حملت الاسم ذاته، ملحمة جلجامش، فتقول الأسطورة، إن الآلهة خلقت «جلجامش» كاملاً لا يشوبه شائبة، ومع ذلك انتشرت مظالمهُ في الأرض، وبدأ البشر الآخرون يدعون للآلهة؛ لكي يكف أذاه عنهم، واستجابت الآلهة لهم، فذهب الإله «أوروك» وقال لبقية الآلهة:

ألم تخلق هذا الوحش الجبار
لم يترك ابنًا لأبيه، ولا عذراء لحبييها ……
فلما استمع لهم «آنو» الجليل، قالوا له أخلق له غريمًا يضاهيه في البأس، ودعو «أرورو» العظيمة.

وبالفعل خلقت الآلهة إنسانًا آخر اسمه «إنكيدو»، وبعد عديد من الصراعات بين «جلجامش» و«إنكيدو»، أصبحوا صديقين حميمين، وخاضوا معًا عديدًا من المغامرات، ولكن مرض «إنكيدو» ومات، ومن هنا بدأ «جلجامش» في البحث عن الخلود، والهروب من الموت، الذي بات يؤرق مضجعه، وذهب «جلجامش» في رحلة عبر بحر الموت، وهناك قابل بطل أسطورة الطوفان البابلية «أوتو – نبشتم» الخالد، وبدأ يسرد له حكايته مع الطوفان، وما حدث معه، ثم وصف له مكان نبتة، قادرة على منحه الشباب عندما يصل إلى مرحلة الشيخوخة، فنجد في نص الأسطورة المترجم من السومرية إلى العربية:

أجل سأبوح لك بسر من أسرار الآلهة
يوجد نبات مثل: الشوك ينبت في المياه
إنه كالورد شوكة يخز يديك كما يفعل الورد
فإذا حصلت يداك على هذا النبات وجدت الحياة الجديدة
وبعد ثلاثين ساعة توقف وأبصر جلجامش بركة ماء ماؤها بارد
فنزل فيها ليغتسل في مائها
فشمت حية (صل) النبات
وخرجت (من الماء) واختطفت النبات
وفي عودتها نزعت عنها جلدها
فجلس جلجامش عند ذاك وأخذ يبكي[4].

ومن هنا نبدأ ملاحظة دخول «الحية» في هذا المشهد، الذي يُشبه المشهد المصور في سفر التكوين وما حدث لآدم في الجنة «جنة عدن» مسكن الرب في التوراة، فدونت التوراة شخوص الحكاية وأضافت دور حواء في المشهد:

وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا، فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا»، بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ….. فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْ، فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ. فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ. فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ. وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُود..[5].

فكانت الحية السبب في نزول آدم إلى الأرض ومنعه من أن يكون خالدًا مثل الآلهة، كما كانت هي السبب في عدم حصول «جلجامش» على الخلود، ومعنى الحكايتين هو استحالة حصول البشر على الحياة الخالدة.

الطوفان: أسطورة الدمار المقبل من العالم الأعلى

يذكر لنا «صموئيل نوح كريمر» أستاذ علم الآشوريات في جامعة بنسلفانيا، في كتابه ألواح سومر، أن حكاية الطوفان المدونة في التوراة، نُقلت عن السومريين، واتضح ذلك منذ أن اكتشف «جورج سميث»، الذي كان يعمل في المتحف البريطاني، اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش وفك رموزه، ونشر بعد ذلك «آرنو بوبل» عالم الآثار في عام 1914 م، قطعة هي الثلث الأسفل من لوح سومري ذي ستة حقول وجدوه من بين ألواح «نفر» (خرائب مدينة نفر) المحفوظة في متحف الجامعة البريطانية، وظلت تلك القطعة التي نشرها «بوبل» هي الوحيدة التي تسرد حكاية الطوفان.

وتعد حكاية الطوفان من أكثر الحكايات الأسطورية أهمية، إذ يندر أن تكون هناك أمة لا يوجد في تاريخها الروحي الطوفان الشامل. والجدير بالذكر أن حكاية الطوفان هي جزء من ملحلمة جلجامش البابلية، فعندما ذهب جلجامش في رحلته للبحث عن الخلود، قابل بطل «أوتونبشتم» البابلي، وسرد له ما حدث معه في الطوفان.

فبعد خلق الإنسان وحُكم الآلهة للمدن وتأسيس البشر لتلك المدن، جاء قرار الطوفان الذي أجمع عليه مجمع الآلهة سرًا، ولكن أفشى الإله «إنكي» بهذا القرار لبطل الحكاية «زيوسدرا» وأمره بصنع فُلك لتحميه هو ومن معه من العواصف والأمطار الشديدة التي ستحدث، وبكى كل من الإلهة «ننتو» و«إنانا» على مصير البشر، ودار الحوار بين الإله «إنكي» والملك «زيوسدرا» على النحو التالي:

فسمع زيوسدرا وهو يقف بجانبه
كان يقف وإلى مساره الجدار
يا جدار أريد أم أكلمك فاستمع إلى كلماتي
وأصغ إلى وصاياي
سوف تكتسح الأعاصير كل المستوطنات في العواصم
إن هلاك ذرية الإنسان
إن القرار الأخير، لكلمة المجلس
الكلمة التي تنطق بها آنو وانليل وننخرساك
إن إسقاط الملوكية… قريب … [6].. (1975: 121)[7]

بعد ذلك أمر الإله إنكي «زيوسدرا[8]» أن يصنع فُلكاً ليحتمي بها من الطوفان الآتي عليهم، وقال له:

«احمل في الفُلك بذرة كل ذي حياة» ونجد ذات الفقرة مدونة في الحكاية الطوفان في التوراة، «وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ» التكوين (6: 19).

ثم يكمل «زيوسدرا» حديثه:

وجاءت كل الأعاصير والعواصف المدمرة
واكتسحت الأعاصير العواصم
وبعد أن اكتسحت الأعاصير المدن سبعة أيام وسبع ليال
وجعلت الأعاصير المدمرة السفينة تتأرجح يمين وشمال
واستقر الفلك على جبل «النصير»
وعندما انتهى الطوفان فتح زيوسدرا كوة السفينة فدخلت أشعة الشمس
فركع زيوسدرا للإله الشمس
ونحر الملك، أعدادًا كبيرة من الثيران والأغنام…

وبعد فجوة كبيرة في النص، تنتهي الأسطورة بتقديم الصلوات للإلهين «إنو» و«إنليل» ويركع زيوسدرا أمامهم:

وركع زيوسدرا أمام آنو وانليل ……. الذي أنقذ بذرة الإنسان من الدمار، في بلد على البحر في الشرق دلمون…

وهذا ما حدث مع «نوح» بطل الطوفان التوراتي، بعد أن انتشر الشر في الأرض أراد الرب أن ينهي البشرية، ولكن وجد «نوح» العبد البار، فأراد أن يحميه من هذا العقاب:

«ادْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى الْفُلْكِ، لأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارًّا لَدَيَّ فِي هذَا الْجِيلِ»، وتكمل الحكاية التوراتية أن في الشهر السابع عشر في اليوم السابع عشر من الشهر، استقرت السفينة على جبل «أراراط» وكانت المياه تنقص، وبعد أربعين يومًا أخرىأخرى، فتح «نوح» كوه السفينة وأرسل غراب ليرى هل جفت الأمطار، ثم من بعده أرسل حمامة فلم تجد الحمامة موضعًا لقدميها أي ما زالت المياه تغمر الأرض، ثم ظل نوح في السفينة سبعة أيام أخرى، ثم أرسل حمامة مجددًا فعادت إليه ومعها غصن زيتون، فعلم «نوح» أن الأرض جفت… ثم ظل سبعة أيام أخرى في السفينة، وأرسل بعد ذلك حمامة فلم تعد إليه، فعلم أن الأرض جفت، وتكلم مع الرب: بأن يخرج من السفينة… ثم بنى نوح مذبحًا للرب، وذبح من البهائم والطيور للرب، ورضا الرب عنه، ووعده بأنه لن يلعن الأرض، فنقرأ الحديث في سفر التكوين: « فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ، لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ». (8: 21).

ولكن ماذا عن الجبل الذي استقرت عليه الفُلك؟

في الرواية التوراتية استقرت الفلك على جبل «أراراط» وهي كلمة أرمينية وورد ذكره في الكتابات المسمارية القديمة باسم «أوراطو»، ورواية الأسطورة السومرية والبابلية استقرت الفُلك على جبل «النصير»، ومعنى جبل «النصير» في البابلية هو جبل الخلاص، وورد اسم الجبل في أخبار الملك الآشوري «أشورناصربال الثاني» (883 – 859 ق.م)، الذي يقع بحسب هذه الأخبار إلى جنوبي وادي الزاب الصغير وقد ذكر مصحوبًا باسم الكوتين وقد عينه بعضهم بجبل «بيرة مكون» الجبل الشهير القريب من «السلمانية: الذي يرتفع نحو 9 آلاف قدم ويبعد عن «شروباك» وهى مدينة سومرية قديمة وهى موطن بطل أسطورة الطوفان، بنحو 450 كم إلى الشمال الشرقي، وكان يعرف إلى عهد قريب باسم «بير عمر كوردون» وجاء اسم الجبل بحسب رواية «بيروسوس» (برعوشا الكاتب البابلي في القرن الثالث ق.م)، باسم جبل الكورديين، أي جبل الأكراد حاليًا، وفي الرواية القرآنية سمي الجبل بجبل «الجودي»، ويقع في ذات الموضع.

البحث عن موسى وأسطورة سرجون الأكدي

يذكر لنا البروسفور «أندرو جورج» أستاذ الآشوريات في جامعة لندن، في بحثه «Babylonian and Assyrian: A history of Akkadian» أن شخصية سرجون الأكدي، هو «شاروكين» ومعناه «الملك الشرعي أو «الذي ثبته الإله»، فهو ملك استطاع تأسيس المملكة الأكادية بعد أن هزم المدن السومرية ووحدها تحت حكمه، فأقام إمبراطورية ضخمة، عرفت بمملكة «أكاد» واستمرت هذه المملكة من 2350 ق.م إلى 2150 ق.م.

رغم أنه شخصية تاريخية معروفة، فإنه نسج لنفسه قصة وهمية عن ولادته ليكون على نفس نسق الأساطير القديمة، طفل من أسرة بسيطة تتركه أمه للمجهول وينقذه شخص آخر يقوم بتربيته ويكبر الطفل ويقود شعبه ويحقق لهم دولة كبيرة ومجدًا عظيمًا.

نقرأ من المدونات العصر الآشوري الحديث «القرن السابع ق.م»؛ حيث وجدت الأسطورة عن أصل سرجون وطفولته جاءت على لسان هذا الملك أي بضمير المتكلم: «أنا سرجون الملك العظيم ملك الأكد، كانت أمي كاهنة عليا ولم أعرف أبي الذي كان متجولًا، وكان أعمامي يعيشون في التلال، فأصلي من مدينة «آزوفرانو» أي الزعفران على الفرات، وحملت بي أمي ووضعتني سرًا وأخفتني في سلة وغطتها ورمتها في الماء فلم يغرقني النهر بل حملني إلى «آكي» شاقي الماء، فانتشلني «آكي» بدلوه ورباني واتخذني ولدًا له، وعينني بستانيًا عنده، وبينما كنت أعمل أحبتني الآلهة «عشتار» فتوليت الملوكية مدة، وحكمتُ أصحاب الرؤوس السوداء وقهرتُ جبالًا كثيرة بفؤوس البرونز، وغزوتُ الأقاليم البحرية واستوليتُ على دلمون «البحرين حاليًا».ثم نذهب إلى حكاية «موسى» في التوراة، فحكاية موسى كاملة تقع في سفر الخروج، السفر الثاني من أسفار التوراة الخمس، فتبدأ الحكاية:

وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاَوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاَوِي، فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. وَلَمَّا رَأَتْهُ أَنَّهُ حَسَنٌ، خَبَّأَتْهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ، أَخَذَتْ لَهُ سَفَطًا مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ، وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ. وَوَقَفَتْ أُخْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَعْرِفَ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. فَنَزَلَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ إِلَى النَّهْرِ لِتَغْتَسِلَ، وَكَانَتْ جَوَارِيهَا مَاشِيَاتٍ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ. فَرَأَتِ السَّفَطَ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ، فَأَرْسَلَتْ أَمَتَهَا وَأَخَذَتْهُ. وَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتِ الْوَلَدَ، وَإِذَا هُوَ صَبِيٌّ يَبْكِي. فَرَقَّتْ لَهُ وَقَالَتْ: «هذَا مِنْ أَوْلاَدِ الْعِبْرَانِيِّينَ.» فَقَالَتْ أُخْتُهُ لابْنَةِ فِرْعَوْنَ: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ امْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ الْوَلَدَ؟» …….وَلَمَّا كَبِرَ الْوَلَدُ جَاءَتْ بِهِ إِلَى ابْنَةِ فِرْعَوْنَ فَصَارَ لَهَا ابْنًا، وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوسَى» وَقَالَتْ: «إِنِّي انْتَشَلْتُهُ مِنَ الْمَاءِ». سفر الخروج (1: 1 – 10).

 ثم يقود موسى شعبه في أكثر الرحلات إعجازًا وهي رحلة الخروج من مصر، إلى أرض كنعان فلسطين حاليًا، ليبدؤوا هناك فجرًا جديدًا في تاريخهم كما دونوه كتبة العهد القديم.

المراجع
  1. وتسمى أيضًا Mesopotamia «ميسوبتميا».
  2. أساطير التوراة وأسطورة الإنجيل، هشام حتاتة، ص 77 – 78.
  3. جلجامش: تنطق الجيم كاف باللغة الفارسية، فيكون اسمه «كلكامش»، في بعض الترجمات.
  4. طه باقر، اسطورة جلجامش، ص 104، 105.
  5. سفر التكوين، (3: 1 – 19).
  6. خزعل الماجدي، متون سومر، ص189، 190.
  7. رقم القطعة.
  8. ويوجد تسمية أخرى لبطل الطوفان وهو «ابن شروباك» الملك الذي حكم فترة 36000 ق.م.