محتوى مترجم
المصدر
Open Democracy
التاريخ
2019/02/07
الكاتب
نانديني آرتشر
النساء المسلمات عالقات بين الإسلاموفوبيين من جهة والأصوليين الإسلاميين من جهة أخرى.

هذا ما أخبرت به الناشطة الحقوقية الماليزية «سوري كيمبي» حشدًا من الحضور في مجلس أوروبا، أواخر العام الماضي 2018.

ثم استدركت قائلة: «منذ زمن طويل، تعرضت المسلمات المطالبات بإصلاح القوانين والممارسات التمييزية للاتهام من جانب مجتمعاتهن بأنهن نخبويات غربيات الثقافة، ومعاديات للإسلام وشريعته، بل فاسقات ومنحرفات».

في الوقت ذاته «نشهد في أوروبا صعود يمين شعبوي وتعصبًا قوميًا معاديًا للأجانب». ونبهت كيمبي أيضًا إلى ادعاء الإسلاموفوبيين القلق بشأن حقوق «المسلمات مهيضات الجناح»، وهستيريتهم بشأن «تطبيق الشريعة».

ووسط كل هذا الضجيج «فالنساء والفئات الأكثر تهميشًا هن من يُحاصَرن في فضاءات أضيق فأضيق»، كما حذرت كيمبي أمام المنتدى العالمي السنوي للديمقراطية، الذي عقده مجلس أوروبا في مدينة ستراسبورج الفرنسية، والذي ركز على المساواة بين الجنسين تحت عنوان «هل تستطيع النساء اكتساب سلطة أكبر في المجتمعات الدينية؟»

وأوصت كيمبي باشتباك دعاة حقوق النساء مع مجتمعات دينية وأفراد يعملون في أطر هذه المجتمعات «كوسيلة للخروج من هذه المعضلة»، التي تسحق النساء المسلمات بين الإسلاموفوبيا والأصولية.

لكن كيمبي قالت أيضًا إن واحدًا من التحديات التي تواجه تلك الوسيلة هو أن نشطاء حقوق الإنسان والنسويين الغربيين يرون الدين باعتباره بناءً بطريركيًا بطبيعته.

وأضافت كيمبي أن هناك «مخاوف مشروعة» بشأن السلطة التي تمارسها المؤسسات الدينية، لكن المفارقة أن رفض العمل مع النسويين المسلمين «يترك المجال مفتوحًا للفئات الأكثر تشددًا في المجتمع الإسلامي لتفسير الإسلام ووضع معايير للمرأة المسلمة الصالحة والزوجة المسلمة الصالحة وما إلى ذلك».

وتقول كيمبي إن للدين «تأثيرًا نافذًا على السياسة العامة وقوانين الأحوال الشخصية»، بما يؤثر على حياة النساء، «واستمرار تجاهل هذا الأمر بشكل متعمد هو ضرب من انعدام المسئولية وسيأتي بنتائج عكسية».


معرفة نسوية في إطار الإسلام

تعمل كيمبي في منظمة «مساواة»، وهي منظمة عالمية تدافع عن حقوق النساء والمساواة بين الجنسين في إطار قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، والمنظمة جزء من مشروع «مرصد عموم الحريات» (OURs)، الذي يراقب الانتهاكات الدولية للحقوق الجنسية والإنجابية.

وقد أخبرتني عن الجهود المبذولة لتكوين «معرفة نسوية في إطار الإسلام»، ضاربة المثل باللاهوتيين النسويين الذين يتحدون مفاهيم «القوامة/الولاية الذكورية» في الأعراف القانونية الإسلامية.

واعتمدت مجموعة «باهارتيا مسلم ماهيلا أندولان» (حركة النساء المسلمات الهندية) على مواد أنتجتها منظمة «مساواة» لرفع دعوى ناجحة أمام محكمة هندية عليا، قضت بمنع الطلاق ثلاثًا في الهند.

وفي المنتدى العالمي للديمقراطية أيضًا، التقيت «هبة لطرش»، الناشطة في «منتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية» (FEMYSO)، التي أحالتني إلى بحث نشره «التجمع ضد الإسلاموفوبيا» في فرنسا عام 2016، خلص إلى أن النساء يشكلن 82% من ضحايا حوادث الإسلاموفوبيا، من خطاب الكراهية إلى العنف الجسدي.

وتحدثت لطرش عما وصفته بـ «هستيريا» حول الحجاب في فرنسا؛ فقد حدث في مايو/آيار 2018 مثلًا أن ارتدت الطالبة مريم بوجيتو حجابًا خلال حوار تلفزيوني، واتهمتها وزيرة المساواة الفرنسية «مارلين شيابا» بـ «الترويج للإسلام السياسي».

وقالت لطرش إن حالة بوجيتو كشفت «أن لدينا نظرة أحادية لما يجب أن تكون عليه المرأة وكيف يجب أن تتحرر»، فإن ارتدت الحجاب «لا تعود امرأة بعد، ولا تعود لها نفس الحقوق».


التمييز ضد النساء في فرنسا

وخلال إحدى جلسات المنتدى، تحدت لطرش وزملاؤها السياسية الفرنسية «كلود شيراك»، بعدما تحدثت عن خطوات إيجابية قطعتها فرنسا نحو المساواة بين الجنسين خلال السنوات العشر الماضية.

وكانت شيراك قد استشهدت بالزيادة في عدد النساء اللائي وصلن إلى مناصب قيادية، لكن نشطاء منتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية نبهوا إلى أن تصريحاتها ركزت على النجاحات التي حققتها «النساء البيض»، أما التمييز على أساس النوع ضد النساء المسلمات فقد صار أكثر انتشارًا من ذي قبل.

وأخبرتني لطرش أن شيراك رفضت التعاطي بأمانة مع مخاوفهم، و«راحت تراوغ وتلف وتدور حول الموضوع، ومضت في الحديث حول استيعاب النساء». وأضافت لطرش «حتى عندما حاولنا التعاطي مع هذه المشكلة في فعالية حول المساواة بين الجنسين، لم يرغب أحد في معالجتها».

وقالت كيمبي إن المنتدى شهد «بعض المشاحنات المثيرة للاهتمام»، مثل «كيف يمكن أن تكون النسوية غير متوافقة بالضرورة مع الدين. ومع ذلك، أنا سعيدة حقًا بأن هذه الأسئلة تُطرح، لأنها تمنحني الأمل الذي نتطلع إليه، وهو تفكيك القضايا على مستوى أعمق».

لقد أشاد المشاركون في المنتدى بأهمية هذا النشاط، القائم على تحدي الإسلاموفوبيا والأصولية الإسلامية في آن، وأُدرجت منظمة «مساواة» مع منظمتين أخريين في القائمة النهائية لجائزة الإبداع الديمقراطي 2018، التي يمنحها مجلس أوروبا بناءً على تصويت المشاركين.

وفي الجلسة الخاصة بسلطة النساء في المجتمعات الدينية، جادلت كيمبي بأن الإسلاموفوبيا في أوروبا «ليست مرتبطة بالدين، وإنما بالسياسة والتفوق والسلطة»، وهو ما انتزع تصفيقًا حارًا من الحضور.

وقالت كيمبي:

إننا نرفض التعرض للتهميش… نرفض وضعنا في موقف الاختيار بين الإسلام وحقوق الإنسان، أو الاختيار بين أن نكون مسلمات أو نسويات… هذه الخيارات زائفة وهدفها تقسيمنا لأغراض سياسية وأيديولوجية… إننا نمثل ما يعنيه أن تكون مسلمًا في القرن الحادي والعشرين.