محتوى مترجم
المصدر
Middle East Institute
التاريخ
2015/02/03
الكاتب
هاني بشر

على مدى السنوات العشر الماضية، اعتاد حلف شمال الأطلسي (المعروف بإسم حلف الناتو) دعوة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان للانضمام إلى مبادرة اسطنبول للتعاون (المعروفة بإسم ICI) والتي تم أطلاقها في عام 2004 كإطار للتعاون بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي. وحتى الآن فإن مبادرة اسطنبول للتعاون لا تضم في عضويتها إلا 4 شركاء خليجيين فقط هم (البحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة)، فيما لم تقبل كل من الرياض أو مسقط الدعوة للانضمام. وعلى الرغم من ذلك فقد أرسلت الدولتان وفوداً للمشاركة في ندوة حول حلف الناتو والتي عقدت في الدوحة في 11 ديسمبر عام 2014 إحياءً للذكرى السنوية العاشرة لانطلاق مباردة اسطنبول. وعلاوة على ذلك فقد نقل موقع العربية نت عن محمد عبد الله الرميحي مساعد وزير الخارجية القطري، قوله أن مجلس التعاون الخليجي قد اقترح توسيع شراكته مع حلف الناتو لتشمل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

إمكانية انضمام الدولتان واللتان تمثلان معاً نحو 70% من إجمالي النفقات الدفاعية الخليجية إلى مبادرة اسطنبول ليس التغيير البارز الوحيد في الترتيبات الدفاعية لمجلس التعاون الخليجي التي يجري النقاش حولها حالياً. ففي الواقع فهناك تغييرات أكبر في الطريق ليتم إقرارها، وفقاً للبيان الختامي للقمة 35 لدول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الدوحة قبل أيام قليلة من محاضرة حلف شمال الاطلسي. فقد ذكر البيان أن المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي قد أشاد بكل من الخطوات التي اتخذت بالفعل نحو إنشاء قيادة عسكرية موحدة واقترح البيان تسريع التكامل الدفاعي لدول مجلس التعاون الخليجي. ولم يتم إعطاء أي تفاصيل حول هذه القيادة الجديدة حتى الآن. ولم يتم الإعلان رسمياً عن أي شيء مثل ميزانيتها أو أين سيكون مقرها أو ما هو نوع العلاقة التي ستجمعها مع درع الجزيرة وهي القوة العسكرية المشتركة الحالية لمجلس التعاون الخليجي الحالي.

ومع ذلك، فقد تم نشر تسريبات صحفية حول القيادة الجديدة في صحف عربية ذات تمويل سعودي مثل الحياة والشرق الأوسط. فقد صرح أحد كبار المسؤولين الخليجيين والذي طلب عدم الكشف عن هويته لهذه الصحف أن القيادة الجديدة سوف تنسق بين دول مجلس التعاون الخليجي والتحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، مضيفاً أن التعاون العسكري بين الدول الأعضاء هو تطور إيجابي. فيما توقع بعض المعلقين أن مجلس التعاون الخليجي سيشكل «حلف الناتو العربي» لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة في المنطقة.

تشير زيادة مشاركة الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في محاضرة مباردة أسطنبول التابعة لحلف الناتو في الدوحة إلى وجود تحرك منسق نحو توسيع العلاقة مع حلف الناتو كجزء من تغيير على نطاق أوسع في الترتيبات الدفاعية. ومع ذلك فإن مثل هذا التحول المنسق قد تم التلميح إليه ولم يذكر صراحة في البيان الختامي للقمة الخليجية الـ 35.

الحاجه لتعريف واضح للإرهاب شئ مهم من أجل التعاون الناجح بين حلف الناتو ودول الخليج. من هو العدو؟ وما هي استراتيجية العدو؟

بصفة عامة فإن إنجازات مبادرة اسطنبول خلال العقد الماضي لم تكن واعدة جداً. وربما يرجع هذا إلى بنيتها الهيكلية والتي تقوم على أساس الاتفاقات الثنائية بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل منفرد بدلاً من الاتفاقات المتعددة الأطراف، وهو ما منع مجلس التعاون الخليجي من وضع رؤية موحدة تجاه شراكة استراتيجية مع حلف الناتو. وفي ضوء التطورات الاخيرة حول إمكانية انضمام الرياض ومسقط لمبادرة اسطنبول والاقتراحات حول وضع استراتيجية دفاعية مشتركة لمجلس التعاون الخليجي استراتيجية دفاع مشترك فإنه ربما تؤدي نسخة جديدة من مبادرة اسطنبول إلى نتائج مختلفة في العقد المقبل.

ومع ذلك فقد يكون هناك بعض العقبات مثل عدم وجود توافق بين الدول الأعضاء حول القضايا الاستراتيجية الرئيسية. على سبيل المثال فإن دعم قطر لجماعات المعارضة السورية المختلفة يجعل نهجها في التعامل مع الصراع السوري مختلف عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي. فالدوحة هي العاصمة الوحيد من دول مجلس التعاون الخليجي التي تستضيف سفارة لتمثيل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية ، في حين سفارات نظام الأسد لا تزال تعمل في الكويت، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة. كذلك فإن تغير طبيعة التهديد الإرهابي والخلافات المستمرة حول تعريف الإرهاب تعيق أيضاً التعاون بين الشركاء في دول مجلس التعاون الخليجي.

الحاجه لتعريف واضح للإرهاب شئ مهم من أجل التعاون الناجح بين حلف الناتو ودول الخليج. من هو العدو؟ وما هي استراتيجية العدو؟ في السنوات التالية لأحداث سبتمبر 2011 كان هناك افتراض داخل حلف الناتو أن الدول لم تعد الأعداء الأساسيين للحلف، ولكن جهات فاعلة غير تقليدية وغير حكومية مثل تنظيم القاعدة.

الآن وبعد الربيع العربي فلا يمكن اعتبار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام جهة فاعلة غير حكومية وفي الوقت لا يمكن اعتباره دولة. وهو ما يمثل تحدياً جديداً لحلف الناتو وشركاؤه وهو ما يتطلب منهم أن يحددوا بدقة هدفهم. وعلاوة على ذلك، فقد أعلنتا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وكان ذلك الإعلان أحد الأسباب الرئيسية وراء الخلافات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن القمة 35 لمجلس التعاون الخليجي لم تذكر جماعة الإخوان المسلمين بالإسم في بيانها، ولكن البيان ذكر الإرهاب، وليس من المعروف كيف سيتم اعداد الأجندة الأمنية لمجلس التعاون الخليجي، نظراً لعدم وجود إجماع عربي ودولي على تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية أم لا.

وبنظرة أشمل للشرق الأوسط، فإن التدخل العسكري الدولي في المنطقة على مدى السنوات القليلة الماضية يشير إلى أن الولايات المتحدة تفضل العمل تحت مظلة دولية واسعة مثل التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية أو التحالف الذي شارك مع حلف الناتو في الحملة العسكرية على ليبيا عام 2011. وقد قالها صراحة الأمين العام لحلف الناتو جينس شتولتنبرج خلال افتتاح مبادرة اسطنبول في الدوحة حيث قال أن التعاون بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي في ليبيا كان مثمراً. وأضاف أن الحملة على ليبيا كانت مثالاً للعمل على نحو فعال جنباً إلى بين حلف الناتو والشركاء الخليجين.

يمكن تعزيز دور حلف الناتو في الخليج بعاملين اثنين بعد الأخذ في الاعتبار تلك المسائل. أولاً لقد قل اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة بسبب تحول التركيز نحو المحيط الهادئ ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الحد من التدخلات العسكرية الأميركية في الخارج. ثانياً يمكن تسهيل مشاركة حلف الناتو في المنطقة بعد تعزيز الوجود العسكري الأوروبي في الخليج الذي تم مؤخراً. هناك قاعدة عسكرية بريطانية أنشئت حديثا في البحرين في حين أنه تم افتتاح قاعدة فرنسية في الإمارات العربية المتحدة في عام 2009.

من غير المرجح أن ينشئ حلف الناتو قاعدة عسكرية دائمة في دول الخليج حيث أن هناك قواعد عسكرية لدول أعضاء في حلف الناتو موجودة بالفعل

هناك ثلاثة متغيرات أخرى من شأنها أن تعزز دور حلف الناتو في الخليج بطرق غير معروفة حتى الآن. أولاً المحادثات النووية الإيرانية فضلاً عما ستتمخض عنه في نهاية المطاف، سوف يؤثر على الإستراتيجية الغربية تجاه دول الخليج وإيران. ثانياً فإن نتائج الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وخاصة المعارك البرية، سوف يؤثر على نهج حلف الناتو في المنطقة.

وأخيراً فإن تحولات انتقال السلطة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان قد يؤثر على الوضع الأمن في دول الخليج. السلطان قابوس سلطان عمان لا يزال في حالة صحية سيئة، والحديث عن خلافته قد بدأ بالفعل، في حين أن وفاة الملك عبد الله ملك المملكة العربية السعودية والتي حدثت مؤخراً قد شجعت على حدوث تحولات في السياسة والسلطة داخل المملكة. فبعد ساعات فقط من وفاة شقيقه قام الملك المتوج حديثاً سلمان بإجراء تعيينات جديدة في منصب وزير الدفاع، ونائب لولي العهد، ورئيس الديوان الملكي. هذه العوامل الثلاثة قد تؤدي إلى حدوث اضطرابات في بعض دول الخليج. وبموجب هذا السيناريو، فإن حلف الناتو والقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون الخليجي يمكنهما لعب أدوار في ذلك، وستتحدد طبيعة أدوارهم إلى حد كبير على طبيعة العلاقة بينهما.

حالياً فمن غير المرجح أن ينشئ حلف الناتو قاعدة عسكرية دائمة في دول الخليج حيث أن هناك قواعد عسكرية لدول أعضاء في حلف الناتو موجودة بالفعل. ومبادرة اسطنبول في مرحلتها الجديدة يمكن أن تعزز دور حلف الناتو باعتباره يقدم ما يطلق عليه «الأمن الناعم»، حيث يزودهم بأشياء ثمنية مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وفرص للتدريب، والاستشارات الإستراتيجية للدول أعضاء مبادرة اسطنبول. ويمكن اعتبار العرض الكويتي لاستضافة مركزاً إقليمياً لمبادرة اسطنبول وهو الأول من نوعه في منطقة الخليج مثالاً جيداً لهذا النوع من التعاون. وتم تقديم العرض للمرة الرابعة في عام 2011 ولكن لم يتحقق أي تقدم منذ ذلك الحين. ولكن تطورات الأسابيع الأخيرة قد يعطي زخماً إضافيا لمثل هذه المشاريع.