لعلَّ محاولةَ الجمع بَيْنَ فيلسوفَيْنِ يَبْدُوَانِ من بعيدٍ مُخْتَلِفَيْنِ تمامًا كَابن عربي ونيتشه يُعْتَبَرُ نوعًا من المُجَازَفَةِ أو الحُمْقِ، لكني مؤمن تمامًا أنَّ الأفكار الفلسفيَّة تَتَخَلَّق في الواقع ومنه، وهي في تخلُّقها تتشابك إنسانيًّا وإن كانَ وجودها في سياقاتٍ يستقلُّ بعضها عن بعض؛ مُحَاوِلَةً الاستجابةَ لمُشكلاتٍ إنسانيَّةٍ حقيقية ظهرتْ في سياقاتٍ تاريخيَّةٍ ومكانية مُحَدَّدَة.

ولا يخلو هذا الجمع من طرافة وجِدَّة وإغراء؛ إذ نُقَابِلُ بَيْنَ الفيلسوفين هنا في محاولاتِ بحثهما عن معنى الإنسانية الحقيقي والأَتَمِّ عن طريق نظرية الإنسان الكامل عند ابن عربي، أو الأعلى لدى نيتشه، حيث يصطنع كلٌّ منهما نمطًا فلسفيًّا وأسلوبًا وفكرًا يختلف تمامَ الاختلاف عن الآخر من أجلِ تدعيم نَظَرِيَّتَيْهِما، ومن ثَمَّ يلتقيانِ نهايةً في مضمونٍ باطنيٍّ ما يشتمل النظريتين معًا.

وليست محاولتُنا هنا إلا نوعًا من المقاربة بين القولَيْنِ لا قولًا بالمطابقة بينهما. ولنبدأ بابن عربي؛ نشرح نظريته في الإنسان الكامل، ثم نُثَنِّي بنيتشه وإنسانه الأعلى، كل هذا في إيجاز لا يُخِلُّ، وعلى قدر الطاقة والإمكان.

لما شاءَ الحقُّ، سبحانه، من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاءُ، أن يرى أعيانَها، وإن شئتَ قلتَ: أن يرى عينَه، في كونٍ جامعٍ يحصر الأمر كلَّه؛ لكونه مُتَّصِفًا بالوجود، ويُظْهِرَ به سِرَّهُ إليه؛ فإنَّ رؤيةَ الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته في أمر آخر يكون له كالمرآة[1].
ابن عربي

ينقسم الإنسان عند ابن عربي إلى قِسْمَيْنِ؛ الأول: الإنسان الواقعي، والثاني: الإنسان الكامل. أما الإنسان الواقعي فهو الإنسان كما هو دون أي محاولة منه تحقيقَ إمكاناتِه الوجوديَّة الكامنة فيه، أما الإنسانُ الكامل؛ فهو الذي استطاع تحقيق كمالِه الذاتيَّ؛ مما يعني «أنَّ كلَّ إنسانٍ كامل بالقوة، وإنْ لم يبلغ هذه المرتبة»[2].

ولقد كان الحلاج «أول من تنبَّهَ إلى المغزى الفلسفي الذي تضمَّنَه الأثرُ اليهودي المشهور القائل بأنَّ اللهَ تعالى خلق آدمَ على صورتِه؛ أي على الصورةِ الإلهيَّة»[3]، ومن هنا جاءتْ فكرةُ القول بلاهوتيَّة الإنسانِ واعتباره نوعًا خاصًّا من الخَلْقِ في السياق الإسلامي الصوفي عمومًا وعند ابن عربي خصوصًا؛ اعتمادًا على هذا الأثر وغيره من النصوص كقوله: «وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا».

«وعندما يقول القرآنُ إنَّ اللهَ علَّمَ آدمَ الأسماء كلَّها؛ فهذا يعني أنه عُلِّمَ كلَّ أسماء الله وخلقه، والأسماء تشير إلى الله الواحد الكثير»[4]. ومعنى إيجاد آدم على صورة منه أنَّه قد أُوْجِدَ على صورة اسم «الله» الجامع الذي «ينطوي على جميع الأسماء الإلهية الأخرى، وآدم، كذلك يضمها كلها بلا استثناءٍ؛ فالعالَم ليس سوى آثارِ هذه الأسماء، وآدم، لذلك بالذَّاتِ، هو مُخْتَصَرُ العالَم الكبير»[5].

يأتي إلينا ابنُ عربي محاولًا تفسيرَ الوجودَ كلَّه بشكل تَرَاتُبِي يضعُ فيه الإنسانَ في آخر مرتبة من جهة التكوين مع القولِ بأوليَّتِه من جهة القصد الإلهي، وكونه «أرقى الموجوداتِ وأعلاها من حيث إنه مَجْلَى كل حقائق الوجودِ ومراتبه من جهة، وهو مَجْلَى الحقيقة الإلهية من جهة أخرى»[6]. وبذلك يتضمن الإنسان الواقعي جانبينِ اثنين: جانب ظاهر، وجانب باطن؛ فالظاهر «هو الذي يجمع كل مراتب الوجود من أرقاها إلى أدناها، والباطن هو حقيقته الروحية المُسْتَمَدَّة من عالَم الألوهة»[7].

يرى ابنُ عربي أن الوجود الحق لا يكون إلا لله، فكلُّ وجود سواه ليس إلا وجودًا زائفًا، وجودًا ظِلِّيًّا له؛ «فالله وحده يتمتع بالوجود الحقيقيِّ في تعالِيهِ الذي لا تنالُه العبارة… وهو إنما يخلقُ الخلقَ من أجل أن يكون له كالمرآةِ يعرف بها ذاتَه»[8].

فما في الوجود المُحَقَّق إلا الله، وأما ما سواه فهو الوجودُ الخياليُّ[9].
ابن عربي

ولأنَّ العالم والإنسان مخلوقان على صورة الله عنده، كان من الطبيعي «أن يتماثلَ العالمُ والإنسان من حيث حقائقهما الكلية، وإن اختلفَا من حيث إن هذه الحقائق مجتمعة في الإنسان، متفرقة في العالَم»[10]، وبهذا يصح القولُ إن الإنسانَ هو العالَمُ الصغيرُ بما حواه من متفرقات العالَم، وأنَّ العالَم هو الإنسان الكبير لاحتوائه على ما يجمعه الإنسانُ. ويكون العالَم كله؛ صغيره وكبيره ليس إلا «شكلًا مُعَيَّنًا لوجود الله»[11]، وتكون الصلة بينه وبين الله «لا تزيد عن كونها صلة ذاته بأسمائه»[12]، ويكون الإنسانُ الصغير «أصل وجود العالم، ومبدأ صلة العالَم بالله»[13].

النسبة الإلهيَّة للإنسان

والإنسان ذو نِسبتَينِ كاملَتين؛ نسبة يدخل بها إلى الحضرة الإلهيَّة، ونسبة يدخل بها إلى الحضرة الكيانيَّة[14].
ابن عربي

كان «ابن عربي هو أول من استعمل تعبير الإنسان الكامل في الفكر الصوفي والفلسفي الإسلامي، هذا من ناحية اللفظ، أما المضمون فقد استقاه من ينابيع متعددة»[15]، وتُعَدُّ فكرة الإنسان الكامل «حجرَ الزاوية والمعنى الباطني الجوهري في مذهب ابن عربي كلِّه»[16].

عرفنا فيما سبق أنَّ الإنسان عند ابن عربي ينقسم إلى قسمين: العيني، والكامل، ولعل هذا معنى قوله في الاقتباس السابق بأنه، ذو نسبتين: الأولى إلهية، والأخري كيانية نسبة إلى الكون. ويكون الإنسانُ العينيُّ هو الوجود بالقوة الذي يحوي إمكاناته الذاتية التي إن تحقَّقَت بالقوة كان إنسانًا كاملًا؛ «فالإنسانُ من حيث هو ذروة الخلق، يمثل صورة الألوهية الأكثر جلاءً في مرآة الخَلْقِ»[17].

إن الإنسان الكامل «يُمَثِّلُ النموذجَ الكاملَ الأمثلَ للإمكان الإنسانيِّ»[18]؛ لذا فإنه «ينطبق -انطباقًا تامًّا- على الإنسان الذي يكون بالفعل -وليس بالقوة- في كل ما خُلِقَ له؛ أي الإنسان الذي يحقق -بالفعل- صورتَه الإلهيَّة الأصيلة»[19].

وأصل تلك النظرية تقول بأنَّ «النوع الإنسانيَّ متفاوت في مراتب الكمال، وأن رتب هذا التفاوت ترقى حتى تبلغ منزلة قريبة من منزلة الألوهة، والإنسان الكامل هو من يصل إلى هذه المنزلة»[20]، وحتى نقاربَ هذه النظرية ونفهمها جيدًا علينا أن ننظر إليها من جهاتٍ ثلاث؛ أولا: من جهة الكيان الوجودي، وثانيًا: من جهةِ النبوة، أو الاتصال بين الله والعالَم عبر النبي، وثالثًا: من جهةِ التسليك الروحيِّ، أو المعرفة[21].

أما الكيان الوجودي؛ فيعني ذلك «الجانب الإلهيَّ الصرف في الإنسان»[22]؛ «فهو المثال الأول للخلق الذي ينطوي على كل مقامات الوجود الكلي»[23]؛ فالإنسان من حيث تكوينه الوجودي «يُمَثِّلُ التَّحَقُّقَ الفِعْلِيَّ للصفات الإلهية، ولا يمكن لأي مخلوق آخر أن يحقق هذا التجلي الشامل للصفات. ولذا فحين نقول إن الإنسانَ هو مظهر اسم الله؛ فذلك يعني أن كل الصفات والأسماء الإلهية تتحقق في العالم الخارجي من خلال الإنسان وحده»[24].

أما من جهةِ النبوة وكون الإنسان الكامل نوعًا من الاتصال بين الله والعالَم عبر النبي؛ فيعني تكشُّف الحقيقة المُحَمَّدِيَّة عبر الأنبياء في التاريخ حتى تمامها مُشَخَّصَة في النبي محمد؛ فهو الإنسان الكامل بهذا المعنى. يعتمد ابن عربي على الحديث القائل بأنَّ محمدًا كان نبيًّا وآدم بين الماء والطين للقول بأنَّ الحقيقة المحمديَّة كانت موجودة منذ الأزل، وأنها ما زالتْ تظهر وتتكشف عبر التاريخ النبوي حتى اكتمالها في شخص النبي محمد نهايةً.[25]

«الكمال المقصود في الإنسان الكامل لا ينبغي أن يُؤْخَذَ بالمعنى الخُلُقِي، أي بالمعنى المُتَّصِل بالفضائل البطوليَّة، وإنما بمعنى التمام، وهذا الكمال لم يكن إلا لمحمد؛ فهو خاصٌّ به، وهو المظهر الأتم الجامع للحقيقة المحمدية»[26].
علي شودكيفيتش

إننا إذا اعتبرنا الحقيقة المحمديَّة نقطة وأصلًا لدائرة الولاية يمكن حينئذٍ القول بأنَّ الوليَّ لا يُحَقِّقُ ولايتَه إلا إذا دار في فلكها؛ «فولاية الولي لا تعني شيئًا أكثر من مجرد الاشتراك أو الوراثة في ولاية النبي»[27]، وتلك هي الجهة الثالثة؛ جهة التسليك الروحي أو المعرفة. والإنسان الكامل بهذا المعنى «هو مثال الحياة الروحية الذي حقق كل قدراته ونفذ في كل أحوال الوجود، وتحقق بالمعرفة بكمالها»[28]. إن الإنسان إذا أدركَ أنه جامع للصفات الإلهية من جهة، والصفات الكلية للعالم من جهة، وكونه مركز العالم وأصل الوجود، وعليه المَدَار؛ فإنه عندئذ يكون قد حقق كمالَه الخاص، وبهذه الطريقة يوجه حديث «مَنْ عرف نفسه فقد عرف ربه»، وبهذا المعنى يكون كلُّ إنسانٍ مؤهَّلًا للوصول إلى مرتبة الإنسان الكامل بالولاية عن طريق المجاهدات الروحية[29].

نيتشه: هل مات الإله؟

أين الإله؟ أنا سأقول لكم! لقد قتلناه، أنتم وأنا، نحن كلنا قَتَلَتُه[30].
نيتشه

إننا مع نيتشه نقف أمام مدخل آخر يغاير ما سبق تمامًا في تعبيره عن إنسانه الأعلى؛ مدخل لا يقيم للوجود الإلهي اعتبارًا، بل ينقده بعنف، ويُعْلِنُ موتَه أو مَوَاتَه!

جاء هذا النقد «تسوده دوافع أخلاقية»[31]؛ فكان الأثر الأكبر الذي خَلَّفَهُ نيتشه في ميدان الأخلاق، وكانتْ فيه أكثرُ آرائِهِ جراءةً وأصالَةً[32]. لم يُعْنَ نيتشه بنقد الدين أو فكرة الألوهية نقدًا داخليًّا أو منطقيًّا؛ فلم “يكن مَعْنِيًّا بالحقيقة الميتافيزيقية للمسيحية أو أي دين آخر؛ لكونه مُعْتَقِدًا بأنه لا دينَ صادقٌ في الواقع، وهو يحكم على جميع الأديانِ بآثارها الاجتماعية”[33].

لا ينبغي أنْ نُزَيِّنَ وَجْهَ المسيحية، ونُلَمِّعَ سِحْنتَها؛ لقد كانتْ حَرْبًا بلا هوادة ضِدَّ ذلك النوع الرَّاقِي مِنَ الإنسَانِ[34].
نيتشه

حوى القولُ بموت الإله إذن معنًى أخلاقيًّا واجتماعيًّا أبعد وأعمق من مجرد نفي الوجود الإلهي؛ فما كان يرومه هو تحطيم القِيَم الأخلاقيَّة للضُّعَفَاءِ والعبيد التي انْبَنَتْ على الدين، واقتلاعها تمامًا من أصولها ومنابتها، ومن ثَمَّ محاولة قلبها أو عكسها بإحلالِ الإرادة الإنسانية مكانها.

لقد مات الإله إذن، أو كان ينبغي أن يموت، وكان على الإرادة الإنسانية أن تلعب دورها في التاريخ، وتتجاهل الوجود الإلهيَّ؛ فَلَمْ يَعُدْ إِثْمُ إنكارِ الإله واقعًا على عاتِق أحد؛ لأنه -بكل بساطة-لم يَعُدْ موجودًا بعد الآن، ولم نعد بحاجةٍ إليه، يقول «لقد مَضَى زَمَنٌ كان فيه الإثمُ تجاه الله أكبر الآثام، لكنَّ اللهَ مات، وبهذا مات أيضًا كلُّ هؤلاء الآثمين»[35].

إنَّ إرجاع القِيَم إلى الإنسان يُعَبِّرُ في واقع الأمر عن دعوةٍ صريحة للإنسان كي يمارسَ فاعليَّتَهُ على أوسع نطاق ممكن[36]، أن يخلق قِيَمَه بنفسه دون الاعتماد على قوىً عُلْيا تُفَارِقُه. أما عن تلك «القوة التي تدفع الإنسان إلى إضفاء قِيَمٍ مُعَيَّنَةٍ على الأشياء فهي الحياة»[37]؛ وكل ما ينبغي على الإنسان فعله هو أن يمتلئَ بالحياةِ التي تَعْنِي وجودَه، «وليستِ الحياةُ إلا إرادةً، وليستْ هذه الإرادةُ إلا إرادةَ القوة»[38].

عندما لم يَعُدْ وجودُ الإلهِ مُسَلَّمًا به؛ فإنَّ قوةَ الإنسان، وحريتَه العقليةَ، واستقلالَه، والاهتمام بمستقبله يقتضي الإلحاد. إن الإيمان علامة من علامات الضعف، والجبن، والموقف الرافض للحياة[39].
فريدريك كوبلستون

بين السادة والعبيد

أثناء تجوالي بين أنماط الأخلاق العديدة، الرهيفة منها والغليظة، التي سادت حتى الآن على الأرض أو ما تزال، عثرتُ على سماتٍ مُعَيَّنَةٍ اقترن بعضُها ببعضٍ وتردَّدَتْ بصورةٍ منتظمة، حتى انكشف لي، في النهاية، نمطانِ أصليَّانِ انبرى بينهما فارق أساسي؛ هناك أخلاق للسادة وأخلاق للعبيد [40].
نيتشه

يَتَأَلَّفُ مذهبُ نيتشه الفلسفي من جانِبَيْنِ: سلبي، وإيجابي، ويأتي القسمُ السلبيُّ منه نفيًا للإله مصحوبًا بنقد عنيفٍ للقِيَمِ الأخلاقيَّة، ولثقافة القرن العشرين التي اصطنعتْ حضارةً تعودُ بأصلها إلى ما أسماه بأخلاق العبيد، ويأتي القسم الثاني منه مُبَيِّنًا ثقافة الأقوياء والسادة التي يدعو إليها، وهي مجموعة الاعتقادات والأخلاق التي يَسْمُو بها الإنسان القوي[41].

انتبهَ نيتشه إلى أنَّ الأخلاق مهما تعدَّدَتْ أنماطهُا إلا أنه يُمْكِنُ فيها الحَصْرُ، إِذْ «رأى أنَّ هناك أنواعًا عِدَّةً من الأخلاق، وأنَّ لكلِّ نوعٍ أو صنف منها طابعَه الذي يُمَيِّزُه»[42]، ومن ثَمَّ انتهى إلى التفرقة «بين نَوْعَيْنِ من الأخلاق: أخلاق السادة، وأخلاق العبيد؛ أي الأخلاق التي كان مصدرُهَا المُمْتَازِينَ من الإنسانية، والأخلاق التي كان مصدرها رعاعُها والطبقاتِ المنحطَّة فيها»[43]، ومن ثم قال بأن «تاريخ الأخلاق جميعَها على مَرِّ العصور الإنسانية ليس إلا صراعًا بين قِيَمِ السَّادةِ وقِيَمِ العبيد في الأخلاق، ومحاولة كُلٍّ السيادة»[44].

سَادَتْ أخلاقُ العبيد؛ فهي أخلاق السواد الأعظم، وأخذ أصحابُها يَصِفُونَ أخلاقَ العجز والانحطاط بالخيْرِيَّة؛ فالضعيف فيهم مثلًا يُسَمِّي «حاجتَه إلى الآخرين، وعجزه عن الاعتمادِ على نفسِه رحمةً، ويسَمِّي عجزَه عن إدراك المطامِعِ السامية، والبحث عن المطالب العالية تواضعًا»[45]، وهَلُمَّ جَرًّا.

ولقد كان «مصدر كلِّ هذه القِيَمِ الجديدة التي يضعها العبيد والمَسُودُونَ هو الشعور بالعجز، ثم الحقد العنيف الدفين على الأقوياء»، ومِنْ ثَمَّ انقلبَ هذا إلى أشياء في قدرتها أن تخلقَ قيمًا أخلاقية تُشَكِّل ما أسماه بأخلاق العبيد، وهي أخلاق منبوذة في رأيه؛ تُضْعِفُ إمكانات الإنسان، وتهوي به حيث الضعف، و«لا تصلُح في مبادئها العامة، أو تفصيلاتها الخاصة لتوجيه الإنسان نحو المُثُل العُلْيَا السليمة»[46].

تلك أخلاق السادة؛ أخلاق تهتم بالفرد ليس على أنه مُنْطَمِس في المجموع كما هو في أخلاق العبيد حيثُ تُقَاسُ قيمتُه من جهةِ كونِه تُرْسًا في الجماعة، ولكنها تنادي بالفردية التي تعني خروجًا على شريعة المجتمع وثورةً عليها في محاولاتِ السيطرة والإخضاع، والسعي إلى تقوية الذات التي لا يمكن تقويتُها إلا على حساب الضعفاء من الناس[47].

يجب أن نقول إنَّ الحياةَ تتوق دائمًا إلى الازدهار والانتشار ولو بالطغيانِ على الغير وبَسْطِ سلطانِها عليه؛ فإرادة القوة هي الاسم الحقيقي لإرادة الحياة، وكل إرادة قوة فهي تذهب إلى حدها الأقصى؛ لأن الحياة لا تزدهر إلا بإخضاع ما حولها[48].
يوسف كرم

إنقاذ الإنسان الأعلى

الكل يعرف ما الذي أطلبه من الفيلسوف: أن يضع نفسه ما وراء الخير والشر، وأن يجعل من وهم الحكم الأخلاقي شيئًا تحت منزلته[49].
نيتشه

يرى نيتشه أن اللينَ الذي طرأَ على آدابنا السلوكيَّة ليس إلا نتيجةً للانحطاط الإنسانيِّ، «وأنَّ هذه الإنسانيَّةَ الليِّنة التي نُجَسِّدُها، وهذا الإجماع المُحَصَّلَ على المُرَاعَاة وعلى الاستعداد للتعاون في ظلِّ ثِقَةٍ مُتَبَادَلة، تجعلنا قد تجاوزنا بكثيرٍ إنسانَ عصر النهضة»[50]. أدَّتْ تلك الأخلاق القائمة على المراعاة والمداراة إلى ضعف الإنسان وعجزِه العجزَ الذي «لا يدل على أيِّ تَقَدُّمٍ، بل على بنية مغايرة فحسب؛ بنية أضعف، وأَلْيَن، وأكثر هشاشَة»[51].

إنَّ ما ندعوه بإصلاح البشرية وتهذيب أخلاقها ليس إلا نوعًا من أنواع إضعاف الجنس البشري. يُسَمِّي نيتشه ما يحدثُ للإنسان -أثناء عملية تربيته- بعملية تَدْجِينٍ. إنَّ الأمر بالنسبة إليه يشبه تمامًا تدجين الحيوانات وإخضاعها تحت أَيْدِي مُدَرِّبِي السيرك؛ فالحيوان هنالك يُجَرى تَوْهِينُه، ومن ثمَّ يصبح خاضعًا تمامًا لتلك العُرُوضِ التي يُطْلَبُ منه تقديمها.

وإنَّ من يعرف ما يجري داخل عروض السيركِ، لا يسعه إلا أن يشكَّ كلَّ الشكِّ في أنَّ الوحوش يتم إصلاحها هناك؛ هناك يتم إضعافها، وتُجْعَل أقل قدرة على الضرر، وتُحَوَّل… إلى بهائم مريضة[52].
نيتشه

لعل هذا يحدث للإنسان المُدَجَّن تمامًا إذ يتم إضعافه تحت ادِّعَاءَاتِ الإصلاح، وحقيقة الأمر أنهم يجعلونه أكثرَ وضاعةً، وبتعبيره يصبح إنسانًا «يربض مريضًا، مهمومًا، ناقمًا على نفسه، مُمْتَلِئًا حِقْدًا على غرائزِ الحياة، ممتلئًا ريبةً تُجَاه كلِّ ما ظَلَّ قويًّا وسعيدًا»[53].

يعلنُ نيتشه لذلك وجوبَ قَلْبِ كل القِيَم التي اعتدنا على أنها قيم فاضلة إلى نقائضِها، إنه يخبرنا بكل وضوح أنَّ «كل ما ظل يُعَدُّ مَفْخَرَةَ العصر الحديث سيبدو هنا… سلوكيَّات فَجَّة وقبيحة تقريبًا كالموضوعيَّةِ الشهيرة على سبيل المثال، والشَّفَقَة على كلِّ مُتَأَلِّم»[54]. إنه «يدعو إلى خوضِ حرب ضد الميتافيزيقَا الغربية من خلالِ فضح سائر القِيَمِ الآن؛ ليتمكَّنَ الإنسانُ الأعلى من تعمير الكون كَكُلٍّ طبقًا للقِيَمِ الجديدة التي سيشرِّعُها بإرادته»[55].

أريد أن أعلم البشر معنى وجودهم، ألا وهو الإنسان الأعلى[56].
نيتشه

يبشر نيتشه إذن بذلك التركيب المثالي ويسميه بالأعل، ويقول بوجوده التاريخي مراتٍ لا حصر لها، وأنَّ ميلادَه أمر لا بدَّ منه عن طريق نظريَّتِه في العود الأبدي؛ فالزمان عنده «ليس صورة ذاتيَّةً، هو حركة حقيقية، لا نهائيَّة، لا يمكن تصوُّرُها إلا في شكل دورات»[57]، ولأنَّ الزمان دائري بهذا الشكل؛ فإن ميلادَ مثل هذا الإنسان ضرورة زمانية لا بد أن تتحقَّق كما حدث من قبل.

يُفَرِّق نيتشه بين القِيَمِ الكيفيَّة والكمية؛ فالقِيَمِ الكيفية تنادي بالتفرقة، وتنكر المساواة، وتؤمن بالفرد ولو على حساب المجموع، أما القِيَم الكمية فهي التي لا تقيم وزنًا إلا للمجموع ولو على حساب الأفراد. وكان ينادي بتلك القِيَمِ الكيفية؛ أخلاق الطبقة الأرستقراطيَّة «التي تُمَثِّلُ حركةَ الحياة الصاعدة»[58]، بل كان يحاول تجاوُزَها داعيًا «الإنسانيَّة إلى العلاء بنفسها شيئًا فشيئًا»[59].

إنه يُشِيد إذن بالفردية كلَّ إشادةٍ، ويرى أن الفردَ من حقِّه أن يعلوَ على غيره ما دام مُتَمَيِّزًا وليس فائضًا عن المجموع، أو منطمسًا فيه؛ فكانتِ الفرديةُ تمهيدًا ضرروريًّا للإنسان الأعلى لديه. لكل إنسان الحق في الحكم على كل مسألة، والفصل في كل مشكلة، وله الحق الكامل في خَلْقِ قِيَمِه الجديدة حتى وإن كانت تنكر الآخرَ وتنفيه وتُخْضِعُه.

لا يرفض نيتشه أخلاق العبيد ما دامت منحصرةً فيهم، وهو لا يرتضيها بلا شك أخلاقًا يؤمن بها الإنسان المُتَمَيِّز القادر على تجاوزها. نعم، للقطيع أن يؤمن بها، وألا يتجاوزها، لكن على الإنسان الأعلى أن «يتجاوز ذاتَه في اتِّجاهِ إنسانٍ أعلى، أي مستوى أعلى من الوجود الإنساني»[60] إلى ما وراء الخير والشر، خالقًا قِيَمَه بنفسه لنفسه.

على الإنسان أن يغدوَ أفضلَ، وأكثرَ شَرًّا[61].
نيتشه

«يجب على القيم التي نضعها أن تعمل على السموِّ بمستوى الإنسانية، والارتقاء بهم في سُلَّمِ العلاء على الحياة، حتى نصل إلى خلق نوع جديد، لا أقول من الإنسانية، وإنما ممن هم فوق الإنسانية؛ فالإنسان الحالي، أو الإنسان عامةً، لا قيمة له في ذاته، وإنما قيمته في أنه وسيلة إلى خَلْقِ هذا النوع الممتاز»[62].

ما هو عظيم في الإنسان إنما كونه جسرًا لا هدفًا، ما يمكن أن يكون جديرًا بالحب في الإنسان هو كونه مَعْبَرًا وصيرورةَ اندثار[63].
نيتشه

مُقَارَبة بين الإنسانَيْنِ

يحملُ الإنسانُ داخله -من وجهةِ نظر ابن عربي- إمكاناتٍ إلهيَّةً كامنة، وفي قدرةِ كل إنسانٍ أن يفجِّرَها، وأن يتحقَّق بها؛ فيصيرَ إنسانًا كاملًا. كل إنسانٍ إذن هو كامل بالقوة الكامنة فيه، ويمكنه أن يكون كاملًا بالفعل عبر المجاهدات وسلوكه الطريق الروحي، مرتقيًا سُلَّمَ الولاية. لقد احتوت تلك الفكرةُ نوعًا من «تأليهِ الإنسان، وتأنيس الألوهية، من أجل عبورِ هُوَّةِ اللانهاية بين المخلوق والخالق»[64].

ينفي نيتشه ضوررة الوجودِ الإلهيِّ نفيًا أخلاقيًّا قاسيًا، ولكنه في الوقتِ نفسه ينادى بإنسانٍ يستطيع تجاوزَ إنسانيَّته إلى ما فوقها؛ وهو ما أسماه بالإنسان الأعلى القادر على أن «يحل محلَّ الإله من حيث إنه مُشَرِّع، وخالق للقيم»[65]. لقد كان يحاول تحقيق قوًى للإنسانِ حيويَّة ودائمةً عن طريق نظريَّتِه في الإنسان الأعلى، مُنْسَاقًا «في نُظُمٍ مثل التطرف الارستقراطي بدلًا من البحث عن قاعدة روحية تكتمل بها الناحية الإلهية التي في النفس»[66].

لقد نادى نيتشه أيضًا بتأليه الإنسانية، وتأنيس الألوهية، ولكنه سلك طريقًا مختلفًا تمامًا في تثبيت ذلك؛ فالإنسان الأعلى عنده قادر على أن يحل محلَّ الإله عن طريق خَلْقِهِ قيمَه بنفسِه، ومن ثم تَسَلُّطِه بعد ذلك وتألُّهِه على غيره من السوقة والدهماء.

وعلى طريقة ابن عربي في إنشاء الدوائر فإنه يمكن القول بأن نَظَرِيَّتَي الإنسان الكامل في سياق ابن عربي، والإنسان الأعلى في سياق نيتشه يفترقان تمامًا من حيث النمط الفلسفي الذي يعالج فيه كل واحد منهما نظريَّتَه، وتشكل كلتاهما دائرتَيْنِ مفترقتينِ تمام الافتراق، ولكنهما تتداخلان وتشتركان في أمرٍ انتهى إليه كلاهما؛ أعني مسألة تأليه الإنسان وجعله ذا نسبة إلهية على الأرض، كاملًا بتعبير ابن عربي، وأعلى بتعبير نيتشه.

المراجع
  1. فصوص الحكم، محيي الدين بن عربي، أبو العلا عفيفي، دار الكتاب العربي، الجزء الأول، ص 48.
  2. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 186
  3. فصوص الحكم، محيي الدين بن عربي، أبو العلا عفيفي، دار الكتاب العربي، الجزء الأول، ص 35.
  4. ابن عربي وارث الأنبياء، ويليام تشيتيك، ترجمة: ناصر ضميرية، دار نينوى، الطبعة الأولى 2015، ص 100
  5. بحر بلا ساحل (ابن عربي، الكتاب والشريعة)، ميشيل شودكيفيش، ترجمة: أحمد الصادقي، مراجعة: سعاد الحكيم، دار المدار الإسلامي، الطبعة الأولى 2018،  ص 70.
  6. هكذا تكلم ابن عربي، نصر حامد أبو زيد، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 2014، ص 231. 
  7. المصدر السابق، ص 231.
  8. معجم الأديان، مرسيا إلياد – يوان ب. كوليانو، ترجمة وتقديم وتعليق خليل كدري، مؤمنون بلا حدود، الطبعة الأولى 2018، ص 90.
  9. الفتوحات المكية، ابن عربي، طبعة 1911، الجزء الثاني، ص 2013.
  10. فلسفة التأويل – دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي، نصر حامد أبو زيد، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 2014، ص 177.
  11. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 182.
  12. المصدر السابق، ص 182.
  13. المصدر السابق، ص 182.
  14. عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب، ويليه كتاب الحجب، ويليه إنشاء الدوائر، ويليه عقلة المستوفز، كتاب إنشاء الدوائر، اعتنى به: عاصم إبراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 2009،  ص 149.
  15. المعجم الصوفي (الحكمة في حدود الكلمة)، سعاد الحكيم، دندرة للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1981، ص 154.
  16. الإنسان الكامل في الإسلام، دراسات ونصوص غير منشورة ألف بينها وترجمها وحققها: عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الثانية 1976، ص 65.
  17. معجم الأديان، مرسيا إلياد – يوان ب. كوليانو، ترجمة وتقديم وتعليق خليل كدري، مؤمنون بلا حدود، الطبعة الأولى 2018، ص 91.
  18. [18] ابن عربي (موسوعة ستانفورد للفلسفة)، تأليف: ويليام تشيتيك، ترجمة: عبد العاطي طلبة، مجلة حكمة.
  19. الولاية والنبوة عند محيي الدين بن عربي، تأليف: علي شودكيفيتش، ترجمة: أحمد الطيب، مجلس حكماء المسلمين (متعهد بالطبع دار القدس العربي، القاهرة)، الطبعة الثانية 2019، ص 143 : 144.
  20. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية (تبلور الفلسفة – التصوف – إخوان الصفا)، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 184.
  21. ثلاثة حكماء مسلمين (السهروردي – ابن سينا – ابن عربي)، تأليف: سيد حسين نصر، ترجمة: عمر نور الدين، آفاق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2019، ص 163.
  22. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية (تبلور الفلسفة – التصوف – إخوان الصفا)، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 185.
  23. ثلاثة حكماء مسلمين (السهروردي – ابن سينا – ابن عربي)، تأليف: سيد حسين نصر، ترجمة: عمر نور الدين، آفاق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2019، ص 163.
  24. ابن عربي وارث الأنبياء، ويليام تشيتيك، ترجمة: ناصر ضميرية، دار نينوى، الطبعة الأولى 2015، ص 24.
  25. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية (تبلور الفلسفة – التصوف – إخوان الصفا)، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 185.
  26. الولاية والنبوة عند محيي الدين بن عربي بتصرف يسير بالحذف، تأليف: علي شودكيفيتش، ترجمة: أحمد الطيب، مجلس حكماء المسلمين (متعهد بالطبع دار القدس العربي، القاهرة)، الطبعة الثانية 2019، ص 145.
  27. المصدر السابق، ص 145 : 146.
  28. ثلاثة حكماء مسلمين (السهروردي – ابن سينا – ابن عربي) بتصرف يسير بالحذف، تأليف: سيد حسين نصر، ترجمة: عمر نور الدين، آفاق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2019، ص 164.
  29. النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية (تبلور الفلسفة – التصوف – إخوان الصفا)، حسين مروة، المجلد الثالث، دار الفارابي، الطبعة الثالثة 2016، ص 185 : 186.
  30. العلم المَرِح، فريدريش نيتشه، ترجمة وتقديم: حسان بورقية – محمد الناجي، أفريقيا الشرق، الطبعة الأولى، ص 132.
  31. تاريخ الفلسفة الغربية، برتراند راسل، ترجمة: محمد فتحي الشنيطي، الكتاب الثالث (الفلسفة الحديثة)، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012، ص 343.
  32. نيتشه، فؤاد زكريا، دار المعارف، الطبعة الثانية، ص 82.
  33. تاريخ الفلسفة الغربية، برتراند راسل، ترجمة: محمد فتحي الشنيطي، الكتاب الثالث (الفلسفة الحديثة)، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012، ص 346.
  34. نقيض المسيح، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2010، ص 28.
  35. هكذا تكلم زرادشت، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2007، ص 43.
  36. نيتشه، فؤاد زكريا، دار المعارف، الطبعة الثانية، ص 58.
  37. المصدر السابق، ص 58.
  38. خلاصة الفكر الأوروبي (نيتشه)، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الخامسة 1975، ص 216.
  39. تاريخ الفلسفة (المجلد السابع: من فتشه إلى نيتشه)، فريدريك كوبلستون، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام – محمود سيد أحمد، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2016، ص 501 : 502.
  40. ما وراء الخير والشر، نيتشه، فريدريش نيتشه، ترجمة: جيزيلا فالور حجار، مراجعة: موسى وهبة، دار الفارابي، الطبعة الأولى 2003، ص 260.
  41. تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم، مكتبة الأسرة 2017، ص 368 : 369.
  42. خلاصة الفكر الأوروبي (نيتشه)، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الخامسة 1975، ص 171.
  43. المصدر السابق، ص 172.
  44. المصدر السابق، ص 172.
  45. المصدر السابق، ص 171.
  46. نيتشه، فؤاد زكريا، دار المعارف، الطبعة الثانية، ص 92.
  47. المصدر السابق، ص 92.
  48. تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم، مكتبة الأسرة 2017، ص 369.
  49. غسق الأوثان، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2010، ص 75.
  50. المصدر السابق، ص 142.
  51. المصدر السابق، ص 142.
  52. المصدر السابق، ص 76 : 77.
  53. المصدر السابق، ص 77.
  54. هذا هو الإنسان، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الثانية 2006، ص 132.
  55. الفلسفة الحديثة ونصوصها، تأليف: أحمد عبد الحليم عطية – عفاف عمر حسن، مركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح 2014، ص 238.
  56. هكذا تكلم زرادشت، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2007، ص 53.
  57. تجديد التفكير الديني في الإسلام، محمد إقبال، ترجمة: عباس محمودـ، لجنة التأليف والترجمة والنشر 1955، ص 132.
  58. تاريخ الفلسفة (المجلد السابع: من فتشه إلى نيتشه)، فريدريد كوبلستون، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام – محمود سيد أحمد، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2016، ص 499.
  59. خلاصة الفكر الأوروبي (نيتشه)، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الخامسة 1975، ص 257.
  60. تاريخ الفلسفة (المجلد السابع: من فتشه إلى نيتشه)، فريدريد كوبلستون،  ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام – محمود سيد أحمد، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2016، ص 500.
  61. هكذا تكلم زرادشت، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2007، 532.
  62. خلاصة الفكر الأوروبي (نيتشه)، عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الخامسة 1975، ص 262.
  63. هكذا تكلم زرادشت، فريدريش نيتشه، ترجمة: علي مصباح، منشورات الجمل، الطبعة الأولى 2007، ص 45.
  64. الإنسان الكامل في الإسلام، دراسات ونصوص غير منشورة ألف بينها وترجمها وحققها: عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الطبعة الثانية 1976، ص 5.
  65. تاريخ الفلسفة (المجلد السابع: من فتشه إلى نيتشه)، فريدريد كوبلستون، ترجمة: إمام عبد الفتاح إمام – محمود سيد أحمد، المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى 2016، ص 502.
  66. تجديد التفكير الديني في الإسلام، محمد إقبال، ترجمة: عباس محمودـ، لجنة التأليف والترجمة والنشر 1955، ص 223.