في ميدان الحرب لم يكن الطريق لعبور القناة سهلًا واحتاج العديد من الهزائم والانتصارات حتى يتحرر الوطن، وفي غرفة التخطيط لم يكن الطريق سهلًا أيضًا للوصول إلى رؤية ترضي الجميع، وكان الخلاف والشقاق هو السمة التي غلبت على اجتماعات القادة يوميًّا في أيام الحرب، وربما يكون اختلاف وجهات النظر من الأشياء الصحية الهامة لأي قيادة في أي مجال، وبطريقة أو أخرى أصبح ذلك الاختلاف في وجهات النظر مؤثرًا على مصير المعارك ونتائجها، التي يتفاوت في تقييمها الكثيرون دون اختلاف على نبل الأهداف التي وُضعت، وطهارة الدماء التي سالت.

ولكن لم يكن الخلاف بين المشير أحمد إسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلي، وليد اللحظات العصيبة لحرب العاشر من رمضان 6 أكتوبر، وإنما كان له جذور ضاربة بشدة في تكوين مسيرة الرجلين العسكرية، والبداية كانت في أدغال أفريقيا.

ما في القلب، في القلب

في الكونغو، عام 1960م، أرسلت مصر بعثة عربية تنضوي تحت لواء قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في البلاد، وكانت تلك البعثة برئاسة العقيد آنذاك سعد الدين الشاذلي تهدف لدعم نظام باتريس لومومبا الذي كان يترنح بفعل الاضطرابات السياسية وانقسامات الجيش الكونغولي. وعقب تلك البعثة أرسل الرئيس عبد الناصر بعثة عسكرية مصرية أخرى بقيادة العميد أحمد إسماعيل للنظر في الآمال التي يرجوها لومومبا في إصلاح جيشه، ولكن لم تمضِ أيام على العميد أحمد إسماعيل في الكونغو حتى كان نظام لومومبا ساقطًا، واعتلى الكولونيل موبوتو عرش السلطة في البلاد.

بسقوط لومومبا انتفى الغرض الذي أُرسل أحمد إسماعيل من أجله إلى الكونغو، ولم يكن حتى الآن قد حصل على تعليمات بالعودة مجددًا إلى مصر وإنهاء البعثة، فبدأ بممارسة سيادته العسكرية على القوات العربية التي كانت في الكونغو مسبقًا، وهو ما رآه الشاذلي كما يروي في مذكراته أنه كان تدخلًا في عمله خُيل إلى أحمد إسماعيل أن بإمكانه فعله لأنه عميد ورئيس البعثة العربية عقيد، وذلك الضجيج الذي وصفه الشاذلي في مذكراته أنه قد أوشك إلى حد الاشتباك بالأيدي بين الرجلين، أحدث دويه في القاهرة، ما دعا قيادة الجيش برئاسة المشير عبد الحكيم عامر إلى إرسال شمس بدران لحل الإشكال، وهو ما انتهى بإعادة أحمد إسماعيل وبعثته إلى مصر، وبقاء البعثة العربية بقيادة الشاذلي، ولكن لم يكن كل شيء لينتهي بتلك الطريقة، وبتلك السرعة.

القائد الأوحد

في أعقاب النكسة، وما كشفته من أزمة قيادية داخل الجيش المصري، بدا للرئيس عبد الناصر أن الجيش بقيادة المشير عامر أصبح قوة عظمى داخل الدولة، وبدأ في مرحلة إعادة البناء التي كان أهم مرتكز فيها هو القضاء على «مراكز القوى» – المصطلح الذي استخدمه السادات فيما بعد – داخل الجيش خصوصًا بعدما أشيع عن محاولات عامر للانقلاب على الرئيس، فكانت إجراءات الرئيس عبد الناصر تستهدف إبدال الوجوه القديمة المتمثلة في رجال المشير عامر الذين كانوا أهل ثقة، بوجوه جديدة أهم ما يميزهم عنصر الكفاءة، وتحييدهم عن الصراع السياسي على السلطة في مصر.

وبوفاة الرئيس عبد الناصر استكمل السادات خطوات التحييد تلك وأحدث انقلابًا آخر على مراكز السلطة داخل الجيش خاصةً بعدما قرر طرد الخبراء السوفييت في يوليو 1972م وما أعقبه من إقالة وزير الحربية محمد صادق في أكتوبر 1972م، القراران اللذان ميزا مرحلة بناء السادات للقوات المسلحة، وكانا يحملان أبعادًا أخرى.

كان الرئيس السادات يهدف في إعادة بنائه للجيش إلى أن يحيط نفسه بمجموعة من الرجال الذين يمكن له أن يعمل معهم دون أن يرتاب في ولائهم لشخصه، وأن يضع شخصه في موضع مستقل فوق ميولهم وتوجهاتهم. وهو ما كان يتساوق مع ما أسماه ثورة التصحيح التي انقلب فيها على رجال العهد الناصري، وحينما أعلن نفسه قائدًا عامًّا للقوات المسلحة في نوفمبر 1971 وطلب تخصيص مكتب له في مقر القيادة العسكرية، ما جعل من ذلك المنصب بعدما كان شرفيًّا توجيهيًّا للسياسة العليا بمثابة منصب مسئول مسئولية فعلية عن القيادة العسكرية.

كانت إجراءات السادات في الجيش والحكومة تهدف للحئول دون تعزيز نفوذ أي ضابط من الضباط الذين أعدوا للحرب أو ساهموا فيها قبل أن تقوى شوكته هو كرئيس. لذلك قبل بقيادة صادق للجيش خلفًا للفريق فوزي على مضض.

لم يكن صادق هو الخيار الأول للرئيس السادات كوزير دفاع في أعقاب استقالة الفريق أول محمد فوزي، بل كان أحمد إسماعيل، ولكن ما دعا السادات لاختيار صادق مؤقتًا كان بمثابة محاولة لتنظيم الأوراق قبل الانقضاض، فقد وقف صادق إلى جانب السادات في أزمة مراكز القوى، ولم تمر سوى أسابيع حتى أحس السادات أن صادق ليس الرجل المناسب، لا في المكان المناسب، ولا في الوقت المناسب.

كانت أسباب التنافر بين الرجلين واضحة، فصادق لم يكن ليقتنع بنظرية الحرب المحدودة، ولا من الأساس بصلاحية السادات كرئيس للجمهورية ولا كونه قائدًا أعلى للقوات المسلحة، وكان صادق أيضًا كثير الانتقاد للسلاح السوفييتي والاتحاد السوفييتي، وكان يعبر عن ضيقه من وجود الخبراء السوفييت في مصر علنًا، وكان هذا شعورًا عامًّا لدى الضباط في الجيش، لذلك يرى البعض أن قرار السادات بطرد الخبراء السوفييت من مصر راجع في جزء منه إلى المنافسة بين الرئيس ووزير دفاعه على كسب مشاعر الضباط داخل الجيش.

ووقعت الطامة في السادس والعشرين من أكتوبر 1972م حين قرر السادات إقالة وزير حربيته صادق ومساعده وقائد القوات البحرية وقائد المنطقة العسكرية المركزية ومدير المخابرات وعزلهم جميعًا من مناصبهم، فقد كان الخلاف قد تفجر بينه وهؤلاء القادة قبل يومين في اجتماع مجلس الأمن القومي عقب عرض السادات لفكرة الحرب المحدودة التي تجعل مصر تكسب مجرد عشرة سنتيمترات على الضفة الشرقية لقناة السويس، ثم تبدأ بعدها التفاوض السياسي، وعندما رفض القادة الفكرة، واحتدت المناقشة أنهى السادات الاجتماع غاضبًا وأقالهم بعدها بيومين، ليضع مجموعة جديدة من الرجال، سيشكلون مرحلة أكتوبر وما فيها وما بعدها.

رجال الرئيس الجديد

عقب ثورة التصحيح، اختار السادات الشاذلي رئيسًا للأركان رغم وجود من هم أقدم منه في الخدمة من أمثال المشير الجمسي، بل كان الشاذلي أيضًا لم يكن قد مر بتسلسلات كبرى في القيادة تميز مسيرته كالتي تميز مسيرة الجمسي آنذاك، فقد كانت مسيرة الشاذلي تتلخص في توليه قيادة وحدات المظلات عقب هزيمة 1967م ثم أصبح رئيسًا للمنطقة العسكرية في البحر الأحمر مع بعض الوظائف الهامشية التي تولاها في مسيرته، فكانت المفاجأة الحادثة هي في أن قفز اللواء الشاذلي مرة واحدة إلى أن يكون رئيسًا للأركان وليسبق بهذا عددًا من القادة الذين كانوا يتولون مواقع قيادية، مما يشير إلى ثقة من نوع ما كان يضعها الرئيس السادات فيه تناقض ذاك الخلاف الذي وقع بينهما فيما بعد.

لم يكن الشاذلي محسوبًا على أي تيار سياسي أو يُعرف له توجه، فقد حصل تجاربه ومعارفه العسكرية من القطبين المتصارعين في الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، كم أنه كان رغم حبه واحترامه لجمال عبد الناصر إلا أنه لم يكن متشيعًا له، ولم يكن ضد السادات، ببساطة، لم يكن يعنيه الأمور في القصر، بقدر ما تعنيه الأمور في الجبهة.

في الفترة التي عمل فيها الشاذلي تحت قيادة الفريق محمد صادق شهدت جدلًا واسعًا بين الرجلين وخلافًا حول الخطة التي كانا يرومان وضعها لتحرير سيناء واستردادها، وكان الخلاف الحقيقي سببه في تقدير حجم القوة والقدرة الحقيقية للقوات المسلحة المصرية في تلك المرحلة، حيث كان الفريق صادق حريصًا جدًّا من دخول حرب تنتهي إلى ما أفضت إليه نتائج حرب 1967م بينما كان الشاذلي يؤمن أن بوسع الجيش المصري أن يدخل حربًا تكسبه كيلومترات وليس مجرد حرب محدودة تحرك الأمور قليلًا، وهو الخلاف الذي انتهى، مؤقتًا، بعزل الفريق صادق، حيث ظهر في الصورة أحمد إسماعيل مرة أخرى.

عين السادات أحمد إسماعيل خلفًا لصادق في وزارة الحربية خصوصًا أن إسماعيل لم يكن يحظى بشهرة كبيرة داخل الجيش. كان السادات يحب أحمد إسماعيل، وعلى معرفة قديمة به تعود إلى زمالتهما في مدرسة رقي المعارف بشبرا، ثم دراستهما معًا في الكلية الحربية حيث كان السادات شاويشًا على أحمد إسماعيل، قبل أن تجمعهما غرفة واحدة في ثكنات الكتيبة الرابعة مشاة في منقباد حيث خدم الرجلان معًا قبل أن تجمعهما الخدمة مرة أخرى في السودان والصحراء الغربية وسيناء قبيل سنوات الثورة.

في الواقع، قبل أن يكون أحمد إسماعيل مديرًا للمخابرات التي أصبح بعدها وزيرًا للدفاع في عهد الرئيس السادات، لم يكن في الخدمة من الأساس، فقد كان معفيًا من منصبه بسبب الإهمال الذي حدث في قراره بسحب قوات من فوق ضفاف البحر الأحمر للتدريب، ما ترك المساحة شاغرة لقوات إسرائيل الذين استطاعوا العبور إلى الضفة الغربية عام 1969م، فقرر وزير الحربية آنذاك محمد فوزي إعفاءه من رئاسة الأركان وتعيين الفريق محمد صادق بدلًا منه.

تجلت ثقة الرئيس السادات في الشاذلي حين كان الأول الذي يعلم بنوايا الرئيس في عزل الفريق صادق وتعيين إسماعيل خلفًا له، وقد وعد السادات الشاذلي بأن يكون تعاونه مع أحمد إسماعيل أفضل بكثير من صادق، ويبدو من مذكرات سعد الدين الشاذلي بالفعل أن خلافه مع الفريق صادق آنذاك كان أحدَّ من خلافه مع أحمد إسماعيل.

فقد تجلى ذلك في قبول الشاذلي لخطوة الرئيس لتعيين أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية، رغم أنه قد قدم استقالته من قبل عام 1969م حين علم بتعيين أحمد إسماعيل رئيسًا لهيئة أركان القوات المسلحة، لولا تدخل الرئيس عبد الناصر عن طريق مبعوثه أشرف مروان لحل الخلاف بين الرجلين، ووعد الشاذلي بأن إسماعيل لن يتعدى على سيادته، ولكن يبدو أن الخلاف بين الشاذلي وصادق كان كبيرًا بشكل جعل خلاف الشاذلي مع إسماعيل أمرًا يمكن تجاوزه.

 وربما قد نسيا ما دار بينهما في الكونغو، لكن تصاعد الأمور كان كفيلًا بكشط قلوبهما، وإظهار ما في أعماقها.

حين سالت الدماء، ارتفعت الأصوات

حين نتعرض للعلاقة بين رجلين، نجد أن شخصًا يتكلم هو الفريق الشاذلي وشخصًا آخر بقي صامتاً، ربما لطبيعته الهادئة كأحمد إسماعيل، أو لموته المبكر قبل أن تنشر رواية الطرف الآخر، وهو ما حدث مع أحمد إسماعيل أيضًا. لذلك تبرز شهادة المشير الجمسي مهمة جدًّا في سياق الحديث عن علاقة الرجلين بعضهما ببعض، بعيدًا عن رؤية الشاذلي الذاتية لتلك العلاقة:

برغم الخلافات التي كانت قد ترسبت في نفس كل من الفريق إسماعيل والفريق الشاذلي، إلا أني أقرر أن الاستعداد للحرب كان يستنفد جهد كل منهما، كما كان الشغل الشاغل لكل القوات المسلحة، لذلك لم تظهر أمامي خلافات هامة بينهما تؤثر على التحضير والإعداد للحرب. أما أثناء إدارة العمليات الحربية خلال الحرب، فقد اختلف رأي كل منهما عن الآخر في معالجة المواقف التي واجهتنا في المرحلة الأخيرة من الحرب، ففي هذه الفترة ظهرت شخصية كل منهما التي تختلف عن الأخرى، وظهر تفكير كل منهما الذي يختلف عن الآخر، وأصبح واضحًا تمامًا أن كلًّا منهما فقد ثقته في الآخر، الأمر الذي كان له أثر سلبي عسكريًّا في الأيام الأخيرة من الحرب

ساهم النجاح الكبير الذي حققته القوات المسلحة في الأيام الأولى لحرب العاشر من رمضان بتعميق الآمال والطموحات إلى ما هو أبعد، لذلك كان حتميًّا أن يقع الصدام بين الآمال وما يدور على أرض المعارك ورؤية تطوراتها.

بدأ الشقاق الأول يوم 11 أكتوبر، حين طلب المشير أحمد إسماعيل بناءً على أوامر الرئيس السادات بتطوير الهجوم بحجة تخفيف الضغط على الجبهة السورية، ولكن الشاذلي اعترض تمسكًا بفكرة عدم تحرك قوات برية بدون غطاء جوي قد يؤدي إلى تدمير جزء كبير من القوات البرية، وهو ما اتفق معه فيه الفريق سعد مأمون قائد الجيش الثاني بل هدد بالاستقالة، وكذلك اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني، ولكن أفضى الخلاف إلى تطوير الهجوم في يوم 14 أكتوبر، وتطوير الهجوم بحد ذاته أفضى إلى حتمية الثغرة.

كانت ثغرة الدفرسوار هي القاصمة في علاقة الرجلين بعضهما ببعض، وما حدث بعدها لم يكن سوى امتداد طبيعي لوصولهما لمرحلة التنافر التام، كان التطور الخطير الذي نجم عن قرار السادات بتحريك الفرقتين المدرعتين المكلفتين بحماية الضفة الغربية من أي اختراق يوم 16 أكتوبر عندما بدأت ثغرة الدفرسوار التي أحدثها الجنرال شارون، هي العملية التي اختلفت فيها منذ بداية الحرب أساليب تعامل القيادة السياسية والعسكرية المصرية فيها على نحو أتاح اتساع الثغرة إلى حد قلب النتائج العسكرية وسلب الانتصار العسكري العربي مؤقتًا.

كان السادات قد رفض خطة رئيس الأركان الشاذلي بإفشال الثغرة وتدميرها، وقلل من أمرها واعتبرها لا تجاوز سوى تسلل قامت به ثلاث دبابات إسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة، ووصفها بمجرد عملية انتحارية في إطار الحرب النفسية أكثر منها عسكرية، تهدف لرفع معنويات الإسرائيليين والتأثير على المعنويات العربية.

طلب الشاذلي مجددًا من السادات عودة ما تبقى من الفرق التي عبرت لمقاومة الدبابات الإسرائيلية ورد السادات عليه: «لو كررت طلبك فسأسجنك» لأن الفرقتين اللتين عبرتا الضفة الشرقية للقناة بناءً على أمر من السادات، كان الشاذلي قد أعدهما لصيد أي تسلل إسرائيلي من غرب القناة. واستمر الشاذلي في طرح الخطط العسكرية لإفشال الثغرة وتدمير القوات الإسرائيلية التي عبرت القناة وكانت تقابل بالرفض من الرئيس السادات والقائد العام أحمد إسماعيل.

حتى يوم 18 أكتوبر، زار السادات مقر القيادة واستمع إلى تقرير من أحمد إسماعيل، ثم طلب من سعد الدين الشاذلي أن يتحرك إلى الجبهة ويتولى بنفسه وضع خطة على الطبيعة لمواجهة تطورات الموقف في الثغرة، وهو ما فعله الشاذلي وعاد بتقريره لأحمد إسماعيل الذي جاء فيه أن توزيع قوات الجيش المصري لا تتماشى مطلقًا مع المعركة، وأن مسئولية كل قائد أن يحشد قواته وإمكاناته في المعركة، لا أن يترك جزءًا منها يقاتل تحت ظروف سيئة، بينما تقف بقية القوات لتتفرج.

جاء في نهاية التقرير اقتراح الشاذلي بسحب أربعة ألوية مدرعة من الشرق لمقابلة التهديد الإسرائيلي في الغرب لكن لم يستطع إقناع أحمد إسماعيل واحتدمت المناقشة بينهما، والتي لم تُحل إلا باقتراح سعد الدين الماحي قائد المدفعية بدعوة رئيس الجمهورية بوصفه القائد الأعلى لحسم الخلاف واتخاذ القرار بمقتضى مسئوليته التاريخية، وحين تدخل السادات اختار وجهة نظر إسماعيل، وهو ما كان له آثاره الكارثية على سير المعارك، حين استطاعت إسرائيل تدمير أسلحة الجيش المصري في تلك المنطقة، وحصار مدينة السويس 121 يومًا.

نهايات

أعقب حرب أكتوبر وما أفضت إليه من مباحثات عملية السلام التي انتهت إلى معاهدة كامب ديفيد حالة من الجدل الواسع بين القادة العسكريين في الجيش المصري، ما دعا الكثيرين منهم إلى كتابة مذكراته وشهادته على ذلك العصر المليء بالزخم والقرارات التاريخية التي حاول كل شخص إعفاء نفسه من أخطائها، وتبنيه لكل قرار بطولي، بدءًا من مذكرات الرئيس السادات، انتهاءً إلى مذكرات حرب أكتوبر للفريق الشاذلي، وبينهما مذكرات للمشير الجمسي والفريق محمد فوزي والفريق عبد المنعم واصل وأمين هويدي وغيرهم.

واحدٌ هو الذي لم تتسنَّ له الفرصة للكتابة، أو ربما لو تسنت لم يكن ليكتب، هو المشير أحمد إسماعيل، والذي يظهر دائمًا في السرديات عن الحرب كشخص يراه الآخرون، ولم يتكلم هو بنفسه، وذلك بعد أن غيَّبه مرضه بالسرطان مبكرًا حين توفي في نهايات العام 1974م.

لذلك تبقى العلاقة بين الرجلين إذا ما حاولنا تتبعها واستقصاءها من كافة الجوانب ناقصة على الدوام، بسبب غياب نظرة المشير إسماعيل إلى ما حدث.

أما الفريق الشاذلي، فكانت نهاية الحرب بالنسبة له، بعد أن حاول الرئيس السادات إبعاده من خلال إغرائه بالعديد من المناصب الشرفية، بدايةً لحياة جديدة، ومسيرة أخرى طويلة لا يخفى على أحد أحداثها وصراعاتها ومواقفه التي تبناها.

لذلك نحن لا نعرف الكلمة الأخيرة من المشير إسماعيل في حق الفريق الشاذلي، ولكننا نعرف من خلال مذكرات الفريق الشاذلي العديد من الكلمات والسمات في حق المشير إسماعيل، أبرزها، في صدد تقييمه لشخصية المشير إسماعيل، وصفه الشاذلي بأنه كان شخصية مترددة وتخشى المسئولية التاريخية.

المراجع
  1. المشير أحمد إسماعيل من الميلاد حتى النصر: محمد الجوادي
  2. المشير أحمد إسماعيل صانع النصر: محمد الجوادي
  3. صراع الأساطير والأوهام السادات وإسرائيل: مجدي حماد
  4. ثورة مصر من جمهورية يوليو حتى ثورة 25 يناير: عزمي بشارة
  5. مذكرات حرب أكتوبر: سعد الدين الشاذلي
  6. منظمة التحرير الفلسطينية من كيانية التحرير إلى استراتيجية التسوية والاعتراف بإسرائيل: عليان عليان
  7. صناعة الطاغية: ياسر ثابت