شاعت مؤخرًا طريقة لـ «لفة حجاب» قد تبدو مختلفة ومميزة عن غيرها من الإطلالات التي اعتادت الكثيرات من الفتيات على تطبيقها في حياتهن اليومية، وهي لفة «الطرحة المفتوحة» أو كما تطلق عليها الفتيات «اللوس»، حيث أصبحت هذه الطريقة في ارتداء غطاء الرأس الأشهر على الإطلاق، وبالأخص مع حلول فصل الصيف لمواجهة الطقس الحار، على الرغم من عدم ملاءمتها للشروط الدينية التي يُفترض أن تتواجد في الحجاب التقليدي؛ لأنها في أحيانٍ كثيرة تُظهر الشعر وأجزاءً من الرقبة.

لفة «اللوس»/ الحجاب الشبابي هي ارتداء الحجاب المصنوع من خامة «الشيفون» أو القطن دون «دبوس»، وبالتالي يفتقد غطاء الرأس الإحكام أثناء ارتدائه، وفي هذا التوقيت تعتمد الفتاة اعتمادًا كليًّا على «البندانة القطنية» التي تُلبس تحته، كغطاء للشعر في حالة سقوط الحجاب وعدم ثباته طوال اليوم لأيِّ سببٍ كان.

يزيدني إعجابًا بنفسي

«من ساعة ما اتعودت على اللفة دي وأنا مش عارفة أرجع للحجاب العادي»، أوضحت «ن.ع»، 20 عامًا، طالبة في كلية التربية، لـ «إضاءات» سبب ارتدائها لهذا الحجاب، حيث إنها ضمن الفتيات اللائي يعتمدن على لفة «اللوس» بشكل أساسي أثناء خروجها من المنزل طوال الوقت، وذلك لأنها تمثل بالنسبة لها أكثر أنواع الحجاب راحةً كما وجدته.

تقول «ن» إنها ترتدي الحجاب بهذه الطريقة في الصيف والشتاء على حد سواء، وذلك لأنه يجعل أيضًا شكل وجهها مميزًا، فضلًا عن اعتقادها أن ارتداء الحجاب بهذه الطريقة يزيد جاذبيتها، ووفقًا لها فإنها تشعر أن هذه الأنواع من “الطُرَح” تعطيها حالة من الإعجاب بنفسها لأنها تُساعدها على إظهار ملامح وجهها بشكل أوضح .

وحكت الفتاة العشرينية أثناء حديثها عن المواقف الطريفة التي تعرضت لها أثناء ارتداء هذا الحجاب، قائلة:«مرة كان فيه هوا جامد، لاقيت نفسي ماشية بالبندانة بس والطرحة وقعت، وده علشان مفيش دبوس يمسك الطرحة».

ونالت «ن» الكثير من سخرية أصدقائها في الكلية بسبب ارتدائها الأقراط التي تخرجها من الحجاب كي تبرز جمالها من خلال الحلي والأكسسوارات المختلفة التي تظهرها من «الحجاب السايب».

وتعتبر «ن» أن اللفة التقليدية للحجاب كانت تتسبب في خروج شعرها من خلف الرقبة كثيرًا، لأنه يعتمد على لفِّ الحجاب أكثر على طبقتين، وهو ما جعلها تعتبر أن طريقة «اللوس» كانت الأفضل بالنسبة لها، حيث كانت سببًا في زيادة طول الحجاب من ناحية الخلف وعدم خروج شعرها.

«الدبابيس بتخنقني»

اعتمدت «ن.م»، 26 عامًا، مصورة فوتوغرافية، «لفة اللوس» هذا الصيف، وذلك بسبب طبيعة عملها التي تحتاج إلى الكثير من الحركة، حيث وجدت أنها أفضل طريقة تُناسبها لغطاء الرأس، خاصةً بعد توافر الكثير من أشكال وخامات هذا النوع من الحجاب، طولها مناسب وتُساعدها على إحكام الطرحة فوق رأسها إلى حدٍّ كبير، وبالرغم من أنها غالية الثمن فإنها ساعدتها كثيرًا.

نفرت «ن» من ارتداء الحجاب النمطي والتقليدي الذي يعتمد على وضع «الدبابيس»، وذلك بسبب العديد من الحوادث في رقبتها من استعمال «الدبابيس»، فضلًا عن ذلك شعورها الدائم بالاختناق نتيجة لربط الحجاب بطريقة خانقة.

واستعانت «ن» ببعض الملابس التي سمتها «مكملات الحجاب»، والتي يكون من بينها:«البادي القطن، والقميص الرقبة»، معتبرة أن هذه الملابس يكون لها دور مساهم في عدم ظهور الرقبة، وبالإضافة إلى ذلك فهي تستعين بـ «البندانة القطنية»، التي تجعلها تتفادى ظهور خصلات من شعرها أسفل الطرحة الشفافة.

تريند.. وخليجي

من جانبها، أكدت «ت.م»، 23 عامًا، اختصاصية تسويق بإحدى الشركات، إعجابها بغطاء الرأس «اللوس»، لأنها تُفضِّل الاستعانة بكل ما هو جديد في عالم الأزياء والموضة وبالأخص ما يناسبها منه، لذا قررت أن تختار هذه الطريقة في ارتداء الحجاب كي تتماشى مع الإطلالات الحديثة الخاصة بالمحجبات، قائلة:«مش بتاخد وقت طويل في اللف، وكمان شكلها بيكون حلو وتريندي جدًّا».

أما  «أ.م»، 20 عامًا، فقد بدأت حديثها مع «إضاءات» حول أسباب اعتمادها على لفة «اللوس» بأن الحجاب التقليدي كان سببًا أساسيًّا في عدم وضوح وجهها الذي يتسم بالنحافة قليلًا.

لذا قررت «أ» أن تتبع الموضة وتواكبها لتوضيح «ملامحها المختفية»، علاوة على توافر سبب أكثر غرابة، وهو التشبه بالخليجيات!

اعتبرت الفتاة العشرينية أن هذه الطريقة تُماثل إلى حدٍّ كبيرة طريقة ارتداء الخليجيات للحجاب، وهو ما دفعها لتقليدهن، موضحة: «بحس بشياكة كده، وأنا لبساها».

«بيصغَّرني في السن»

«كنت بحس أنها بتكبر شكلي وخصوصًا مع النضارة».. كلمات بدأت بها «أ.ن»، البالغة من العمر 20 عامًا، طالبة في كلية التربية، حديثها لـ «إضاءات»، أكدت أنها نفرت من شكل الحجاب التقليدي لاعتقادها أنه سبب في كبر ملامحها، خاصة إذا تزامن مع ارتداء نظارة ضعف النظر، وهو ما كان يُظهرها أكبر من سنها الحقيقي.

ووفقًا لها، كان ذلك سببًا في زيادة رغبتها في محاولة التجديد وخلق «لفَّات طُرح» أخرى تُساهم في جعل ملامحها أصغر مع النظارة التي لا تستطيع خلعها. تحكي، أنها عندما وجدت عددًا من زميلاتها في الكلية يرتدين الحجاب بهذه الطريقة الحديثة، قررت أن تفعل مثلهن.

نرجسية وخلل نفسي

كشفت دكتور دعاء جمال، استشارية نفسية، عن سبب توجه الفتيات لارتداء الحجاب بهذه الطريقة، حيث إنها جزء من الموضة، ومن ثم فإن الفتيات، وبالأخص اللاتي في عمرٍ صغير، يرغبن في تطبيق أي طريقة جديدة لارتداء غطاء الرأس، حتى لو لم تكن مناسبة لهن، وذلك لمجرد تقليد ما يحدث داخل المجتمع دون تفكير.

وفي حديثها لـ «إضاءات» لفتت نظرنا إلى أن هذه الظواهر تحدث لتشعر الفتاة أنها تواكب الموضة، وهو ما قد ينتج أحيانًا عن عدم ثقة الفتاة في نفسها، لذا فإنها تكون في حاجة لأخذ ثقتها في نفسها من الناس، فتقوم بفعل الأمور التي يتفاعل مَن حولها معها ويبدون إعجابهم عليها.

وتابعت الاستشارية النفسية بأنه في بعض الحالات يكون ناتجًا عن بعض الأمراض النفسية، كالشخصيات التي يكون لديها ثقة في النفس زائدة أو الوصول لمرحلة الغرور المرضي أو النرجسية، مضيفة أن مثل هذه الشخصيات ترى نفسها أنها أفضل شخص من خلال اتباع كل ما يطرأ في عالم الموضة والأزياء حتى إن كان غير مناسب.

وأشارت «جمال» خلال حديثها مع «إضاءات» إلى أن مثل هذه الشخصيات يكون لديها اليقين التام أن من حولها سيلفت انتباهه المظهر الجديد الذي طرأ في طريقة الملابس.

وأوضحت أن اختيار «لفات الطُّرح» أو طرق ارتداء الحجاب بأشكال غير مألوفة قد يُعبِّر عن الإصابة بهوس مرضي باقتناء وارتداء كل ما هو جديد حتى لو لم يكن ملائمًا لمظهر وشكل الشخص، مشيرة إلى أن اختيار الطريقة المناسبة لارتداء الحجاب يكون ناتجًا عن روح الشخص ورغبته في إبراز شخصيته لمن حوله وفقًا لما يرتديه من ملابس، البعض منَّا ينجح في إبراز الشخصية بالشكل السليم، والبعض الآخر يحرص على إظهار عكس طبيعته من أجل كشف جوانب غير حقيقية في الشخصية.