خطيب الثورة

تقاسم هذا اللقب اثنان من «الشيوخ»، الأول هو «مظهر شاهين» الذي صادف كونه إماما لمسجد «عمر مكرم» في وقت الثورة، فكان يتم استدعاؤه وتحفيظه مضامين الخطب التي كانت تقال في ميدان التحرير، وعرف عنه ذلك حتى أطلق عليه البعض لقب «خطيب الثورة».

بعد الثورة تحول شاهين إلى نجم تلفزيوني على عدة قنوات، أشهرها «سي بي سي» و«التحرير» و«أون تي في». ودافع عن حكم الإخوان في عهد مرسي، وأكد أن «أخونة الدولة» أفضل من «عكشنتها».

لكنه لسبب ما تحول فجأة إلى الهجوم الشديد على مرسي والإخوان، ودعا إلى الثورة عليهم، وأيد الانقلاب ومجازره، ولم تخل حلقة من برنامجه من السباب تجاه الإخوان والإسلاميين والثوار وكل من لا يعجبه، حتى خالد أبو النجا لم يسلم من شتائمه وتلميحاته السيئة.

أما الإخوان، فبحسب تعليقات مظهر شاهين المختلفة طوال الأعوام الماضية، فهم: فئران- حيوانات- نسوان- لا علاقة لهم بالإسلام- أصلهم يهود- قتلة الثوار والطرف الثالث-وراء ظاهرة التحرش الجنسي- تجار دعارة ومخدرات- شواذ.

وفي فيديو آخر يدعو الإخوان إلى شرب الفوسفات ليموتوا ويرتاح منهم، كما دعا إلى عدم الصلاة على الإخوان وعدم دفنهم في مقابر المسلمين. وقال إن من ينتخب مرشحيهم خائن لله ورسوله. كل هذا لا يساوي نقطة في بحر تصريحات شاهين. والمثير للسخرية أن أحمد موسى ما زال يعرف مظهر شاهين ب”خطيب الثورة” أثناء مداخلاته التي يقوم بها في برنامج الأول.

حتى في برنامجه الذي كان يذاع في شهر رمضان، والمفترض أن يحتوي على معان إيمانية وأخلاقية، تحول إلى مصدر دائم للتطاول والشتائم تجاه أي معارض للنظام، كل ذلك وراء خلفية موسيقية هادئة تناسب برنامج ديني هادف، والفيديو التالي مثال لذلك.


الشيخ «ميزو»

في أحد الأفلام الوثائقية التي تم إنتاجها أوائل عام 2011، يظهر «محمد عبد الله» باعتباره رئيسا للجنة الشعبية البيئية بمنطقة شبرا الخيمة، للحديث عن مشكلة التلوث. وفي يناير 2012، يظهر شيخ معمم يهتف ضد الإخوان في ميدان التحرير، أثناء فعاليات الذكرى الأولى لثورة يناير، رافعا حذاءه في مواجهتهم، نكتشف أنه نفس الشخص.

اتهمه البعض بأنه مدسوس على المتظاهرين ليوقع بينهم، ليظهر في فيديو ليوضح شخصيته، ويقول إنه «الشيخ» محمد عبد الله نصر، ينتمي إلى حزب التجمع. ويعرف نفسه بأنه «خطيب التحرير» لينافس المدعو «مظهر شاهين» على لقب «خطيب الثورة».

وأطلقت عليه بعض وسائل الإعلام «الأزهري الثائر» أو «الشيخ الثائر» وكأنه الشيخ عماد عفت مثلا. وأصبح يلقي خطبة الجمعة في ميدان التحرير بلسان الثوار. وبعد ذلك أطلق على نفسه تعريفا جديدا، وهو «مؤسس جبهة أزهريون مع الدولة المدنية”.

لكن وعلى عكس شاهين، لم يستغرق نصر إلا شهورا قليلة حتى أطلق عليه البعض «الشيخ ميزو» للسخرية منه ومن آراءه الغريبة وأحيانا الشاذة في السياسة. ليتجه بعدها إلى مجال الدين ليطلق آراء لا تقل غرابة عن مساهماته السياسية.

على قناته الرسمية على موقع «يوتيوب» يجد المتابع أرشيفا كاملا لإسهامات الرجل، منها حمله لافتة مكتوبا عليها «مصر مقبرة الإخوان»، وتصريحات تقول بأن قتلى الإخوان ليسوا شهداء، وأن الولايات المتحدة تدعم الإخوان بمليار ونصف المليار دولار لأنهم جماعة صهيونية. بالإضافة إلى العديد من الآراء الفاشية والعنصرية التي من المستغرب أن تخرج من رجل يرتدي عباءة الدين.

أما عن آراءه و«فتاويه» في الدين فحدث ولا حرج، منها وصفه لصحيح البخاري ب«المسخرة» وادعاءه أن البخاري تحدث عن إقامة حد الزنا على القرود.

كل هذه الآراء جلبت عليه المتاعب ودخل في مشادات حتى مع شيوخ الأزهر أنفسهم، ودارت عليه الدائرة حتى قال الشيخ «أحمد كريمة» إنه من الخلايا النائمة للإخوان! كما تبرأت منه جامعة الأزهر وأكدت أنه لم يدرس بها من الأصل، ودعت وزارة الأوقاف للقنوات الفضائية إلى عدم استضافته.


أهالي الشهداء

ضحى الشهداء بأرواحهم من أجل الحرية، وتركوا لنا ذكراهم الطيبة تلهمنا وتجعلنا نتذكرهم دائما. لكن أهالي بعض هؤلاء الشهداء أصروا على لعب أدوار سياسية ربما أساءت لذكرى أبناءهم أكثر مما أفادتهم.

يحكي الأستاذ «نواف القديمي» في كتابه «يوميات الثورة» عندما زار مدينة «سيدي بوزيد» المكان الذي بدأت منه الثورة التونسية وامتدت إلى باقي دول الربيع العربي، كيف أن أسرة «محمد البوعزيزي» -الشاب الذي أحرق نفسه بعد مصادر عربة الخضار الخاصة به وأدى موته لاندلاع المظاهرات- لم تتعامل مع ذكرى ابنها بالاحترام الكافي، بل قامت بما يشبه المتاجرة بها، فمن ناحية كانت الأسرة تطالب بمبالغ مالية كبيرة من أي جهة إعلامية تريد لقاء العائلة وتصويرها.

ومن ناحية أخرى بدأت العائلة تتعامل بتعال واضح مع أهالي «سيدي بوزيد». بل قامت عبر علاقاتها الناشئة مع بعض المسئولين عقب الثورة بالتعدي على بعض السكان، حتى إن بعضهم كان يردد إن والدة البوعزيزي صارت تمثل «طرابلسية» سيدي بوزيد، في إشارة إلى «ليلى الطرابلسي» زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، التي كانت معروفة بنفوذها الكبير على أجهزة الدولة.

حكاية أخرى مع أهالي الشهداء، هذه المرة مع شهيد في مصر يماثل البوعزيزي، وهو خالد سعيد.

اتخذت والدة «خالد سعيد» العديد من المواقف السياسية الملتبسة بعد وفاة ابنها، فبدلا من الاكتفاء بإحياء ذكراه والتوعية بقضيته، صارت طرفا مباشرا في مواقف سياسية عديدة، وصارت تدلي بتصريحات بصفتها «والدة الشهيد خالد سعيد» وكأن ذلك كافيا ليجعلنا نهتم بما تقول أو نقتنع به، بينما هي في الحقيقة سيدة عادية جدا.

تصف السيدة «ليلى مرزوق» السيسي بأن «قلبه حتة ألماظ، وأنه أنقذ مصر من الضياع»، في مداخلة تليفونية في برنامج «مصر الجديدة» على فضائية «الحياة » في 2 يناير 2014. وبعد أن كانت تتحرق شوقا للقصاص من قتلة ابنها، نجدها تطالب الثوار بالصبر على تحقيق مطالبهم وأهالي الشهداء بعدم الاستعجال على تحقيق القصاص، ولم تنس أن تقول «بحبك يا سيسي».

لتقييم حديث السيدة «ليلى» يمكن أن نعكسه عليها، فما شعورها يا ترى لو قال أحد الأشخاص أمامها إنه يحب مبارك وأخذ يكيل المديح له؟ كيف سيكون شعورها؟ هذا هو ما فعلته والدة خالد سعيد بالضبط تجاه مشاعر الآلاف ممن قتلوا بعد الانقلاب.

لم يقابل السيسي السيدة ليلي، لكنها أيدته بشدة، مقابل مرسي الذي التقى بها، لكنها تقول إنها «شعرت» إنه قابلها ليغيظ «حمدين صباحي».

واعتبرت والدة خالد سعيد في تصريحات أخرى، أن وزارة الداخلية نجحت بنسبة كبيرة ما في تطوير نفسها وإعادة هيكلتها بعد ثورة 25 يناير، مشددة على أن دم شهداء 25 يناير و30 يونيو «مش هيروح هدر».

الحشد في ذكرى أحداث محمد محمود كان واجب ثوري في عهد مرسي، أما في عهد السيسي، فقد أصبح لا لزوم له، وفقا لوالدة الشهيد «جيكا» الذي توفي خلال أحداث الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود عام 2012.

دعت والدة جيكا الثوار إلى عدم النزول مرة أخرى إلى الميدان في الذكرى الثانية للأحداث نوفمبر 2013، لكيلا تقع دماء جديدة. يبدو الحديث إذن عن دماء فض الاعتصامات وكأننا نتحدث عن «أغيار» أو مواطنين غير مصريين أو أنهم ليسوا بشرا.

أيضا لم توضح والدة جيكا من المسئول في حال وفاة أشخاص خلال إحياء الذكرى؟ لماذا لم تتهم السلطة مباشرة بالمسئولية مثلما قام بذلك العام الماضي، واكتفت بتحذير الشباب من النزول كأنهم سيصبحوا المسئولين عن موت أنفسهم؟ أسئلة كثيرة تطرحها هذه الدعوة، خاصة مع مقتل اثنين من المتظاهرين أثناء إحياء ذكرى وفاة ابنها في نوفمبر 2014.


تيار الاستقلال

عرفت النقابات المهنية سيطرة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين أثناء عهد مبارك وبعد الثورة. ومنذ الانقلاب العسكري، بدأت خطة منهجية لإقصاء الإخوان من مجالس النقابات، مثل نقابة المهندسين والأطباء والبيطريين والمحامين وغيرها، عن طريق دعم تيارات منافسة تطلق على نفسها «تيار الاستقلال».

هاجمت هذه التيارات جماعة الإخوان، واتهمتها بتسييس العمل النقابي لخدمة الجماعة، لكن بعد إقصاء الإخوان من هذه النقابات، بدا أن العمل السياسي لم يبتعد كثيرا عنها، بل ربما اقترب أكثر. و أبرز مثال لذلك ما حدث في نقابة المهندسين، التي سيطر عليها «تيار الاستقلال» بقيادة النقيب «طارق النبراوي» ذو الميول الناصرية.

بدأ النقيب الجديد عهده باتهام المجلس السابق بصرف أموال شهرية لعائلات مهندسي الإخوان القتلى والمصابين في أحداث رابعة، لكن المحكمة برأت المجلس السابق، وأكدت أن المجلس قام بصرف هذه الإعانات لكافة المهندسين منذ ثورة يناير.بعد ذلك أعلن مجلس النقابة شراء شهادات استثمار في مشروع قناة السويس الجديدة بـ 50 مليون جنيه من أموال النقابة.كان «طارق النبراوي» قد وقف مع مهندسي «تيار الاستقلال» للاحتجاج على قيام المجلس السابق بتكريم الرئيس المعزول محمد مرسي، لكنه قام بعد توليه منصب النقيب بزيارة وزير العدل الجديد المثير للجدل «أحمد الزند» وقام بإهدائه درع النقابة.أما في نقابة الأطباء، فقط سيطر عليها «تيار الاستقلال» أيضا، وكانت النقابة تشهد منذ فترة طويلة اتهامات لمجلس النقابة «الإخواني» بإعاقة مشروع كادر الأطباء، ودعت الدكتورة «منى مينا» إلى إضراب عام 2012 للمطالبة بتحقيق الكادر، واتهمت الإخوان باتخاذ قرار بإنهاء الإضراب دون تحقيق مطالب الأطباء.وبعد نجاحها في انتخابات النقابة، لم تستطع منى مينا تحقيق كادر الأطباء، واكتفت بتعديلات على القانون رقم 14 لسنة 2014، والخاصة برفع بدل المهن الطبية من 150 إلى 450 جنيهًا بأثر رجعي. ورغم ذلك لم يتم صرف هذه المستحقات حتى الآن.


أحمد حرارة

اعتبر إحدى الأيقونات المتفردة لثورة يناير، بعد أن فقد البصر في إحدى عينيه يوم الثامن والعشرين من يناير، وفقد الثانية في أحداث محمد محمود نوفمبر 2011.لكن رغم ذلك، دعا أحمد حرارة إلى عدم النزول لإحياء ذكرى أحداث محمد محمود عام 2013، وقال إنها «مصيدة».ورغم أن الكثيرين يعتبرون أن النظام الحالي لا يقارن من حيث جرائمه عن الأخطاء التي ارتكبها الإخوان، إلا أن حرارة يرى فقط أنه «لا يختلف كثيرا عن الإخوان».ظهر أحمد حرارة في برنامج «آخر النهار» مع محمود سعد، ليؤكد مشاركته في فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، كما اعترف بقيامه بتسليم عدد من أنصار مرسي إلى قوات الشرطة (التي تسببت في فقدانه لبصره قبل ذلك). كما أكد أن «الشعب» هو من واجه الإخوان في ذلك اليوم.

وفي نفس اللقاء، اعتبر حرارة أن المتظاهرين الذين نزلوا يوم الثلاثين من يونيو بلغت أعدادهم 30 مليونا، رغم عدم وجود أي دليل على صحة هذا الرقم.قال حرارة أيضا إنه من المستحيل بالنسبة له على المستوي الشخصي أن يجلس مع أي فرد من جماعة الإخوان المسلمين أو أن يقف بجوارهم، لأنهم حسب قوله «خونة وقاموا بخيانة الثورة من أجل تحقيق أطماعهم في السلطة بالتعاون مع المجلس العسكري، بالإضافة لكونها جماعة إرهابية».

لكن حرارة تراجع وقال في حوار مع جريدة الأهرام في الذكرى الثالثة لأحداث محمد محمود عام 2014 إنه كان لابد أن يتم التعامل مع الإخوان بطريقة أفضل خلال أحداث فض اعتصام رابعة، وأن النظام يريد من الناس أن ترى الدم وتصمت. كما وجه انتقادات للسيسي ووصفه بأنه واجهة إعلامية لنظام مبارك.


فنان الثورة

شارك عدد من الفنانين في ثورة يناير ضد مبارك، مثل خالد الصاوي وآسر ياسين وعمرو واكد وجيهان فاضل وبسمة وغيرهم، ما دعا البعض إلى إطلاق لقب «فنان الثورة» على كل منهم، لكن مواقف بعضهم منذ ذلك الوقت تطرح علامات استفهام كثيرة.

على سبيل المثال، فوجئ المتابعون بمسلسل للفنان «خالد الصاوي» في رمضان قبل الماضي بعنوان «تفاحة آدم» بدا وكأنه كتب في مقر أحد الأجهزة الأمنية، حيث يروج المسلسل لرواية دولة مبارك حول أحداث الثورة وتشويهها، ويصور ضباط شرطة باعتبارهم «ضحايا» وليسوا أحد أسباب اندلاع الثورة.

أما السقطة الكبرى فكانت في ترويج المسلسل لكذبة «جهاد النكاح» التي فبركتها وسائل الإعلام المصرية عن المعتصمين في ميدان رابعة، كما لمح المسلسل كذلك إلى وجود هذه الكذبة في سوريا أيضا في إساءة واضحة للثورة السورية والنساء السوريات. كما يهاجم تيارات ثورية ويتهمها بالتبعية للإخوان الذين وصفهم في عنصرية بغيضة بأنهم «خرفان».

رد الصاوي على الهجوم على المسلسل بوصف المنتقدين بأنهم «سماسرة الثورة ودلاديل الإخوان» وأن هجومهم «منحط» وكأن خوضه في الأعراض ليس قمة الانحطاط.

فنان «ثوري» آخر هو آسر ياسين، الذي قام ببطولة فيلم «فرش وغطا» عن ثورة يناير، قام أيضا بالمشاركة في كليب «مصر قريبة» الذي يدعو السياح إلى زيارة مصر بطريقة رأى فيها الكثيرون إهانة لمصر.

وفي حوار مع موقع «هافنجتون بوست عربي» قال ياسين إن أحوال البلاد في الوقت الراهن أفضل من حكم مبارك. وأن السيسي يعمل بجد، وأن الحكومة تبذل ما بوسعها.

أما جيهان فاضل، فتعتبر أكثر الفنانين ارتباطا بالشائعات حول مواقفها، بسبب العديد من الحسابات الزائفة المنسوبة لها على موقع «تويتر» حتى إن أحد هذه الحسابات يتابعه أكثر من نصف مليون شخص، وتظهر فيه صورة لجيهان فاضل وبجوارها علامة رابعة وكأنها مع شرعية مرسي، رغم أنها وقعت على استمارة تمرد.

وعن طريق هذا الحساب نشطت مواقع إخبارية تابعة للإخوان في نقل التصريحات عنها، مثل المطالبة بوضع حد ل«إجرام السيسي»، وفقا لما نشره موقع «الشعب».

على الجانب الآخر وقع أحمد موسى في نفس الفخ، وعرض جانبا مما تكتبه هذه الحسابات الزائفة التي تهاجم السيسي باعتباره رأي جيهان فاضل الحقيقي، وهاجمها بعنف وبأسلوبه المنحط المعتاد. وهو نفس ما فعله تامر أمين.

كما عرض موسى تغريدة منسوبة لنفس الحساب الزائف يخص جيهان فاضل تتحدث فيه عن مقتل الناشطة شيماء الصباغ، متهما إياها بالوقوف وراء الحادث! وهو ما اضطر جيهان إلى الرد ونفي علاقتها بذلك الحساب.

أما حقيقة مواقف جيهان فاضل فهي أنها أيدت عزل مرسي وما حدث بعد ذلك من إجراءات، كما أيدت السيسي في ترشحه للرئاسة، وظهرت في عدة برامج تلفزيونية لتصرح بذلك، دون أن نضطر إلى اللجوء إلى حسابات زائفة لادعاء مواقف لم تقم بها.