محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2018/04/15
الكاتب
عقوب مغموميت

أكتوبر/ تشرين الأول 2017، رُجِمَ «عبدول ماتولا» وأُحرق في جمهورية مالاوي بعدما اتُهم بأنه «مصاص دماء». عاش ماتولا صرعًا غير متحكم به، وهي حالة قابلة للعلاج وغير معدية للغاية تتسم بنوبات متكررة.

عندما قَبَضَ عليه الغوغاء كان لا يزال يتعافى من نوبة في حديقته، وكان ضعيفًا وغير واعٍ تمامًا. يعتقد بعض الملاويين، بالإضافة لآخرين من دول أفريقية أخرى؛ أن مرضى الصرع قد يكونون سحرة أو ممسوسين بروح شريرة. متهمون بأكل لحوم البشر، ومصّ دمائهم و ارتكاب جرائم مختلفة.

الصرع هو الاضطراب العقلي المزمن الخطير الأكثر شيوعًا في العالم، حيث يتأثر به أكثر من 50 مليون فرد، يعيش خُمسهم في أفريقيا، ويبلغ عدد سكان ملاوي المصابون بالصرع حوالي 3% من أصل 18 مليون نسمة.

أثارت وفاة ماتولا ضجة شعبية، وأصدرت منظمات الوعي بالصرع المحلية التماسًا للحكومة تطالبها بالتدخل. وخلال الأسابيع والأشهر التالية قُبِضَ على العديد من الأشخاص. لكن بعيدًا عن الاعتقالات، لم تفعل الحكومة في ملاوي – مثل العديد من الدول الأفريقية الأخرى – الكثير لإرساء سياسات لزيادة الوعي وحماية مرضى الصرع.

كشفت وفاة ماتولا عن مستويات من الجهل بالصرع، والتي تشيع في العديد من المجتمعات الأفريقية. وسلطت الضوء على نقاط الضعف التي يواجهها الذين يعانون من هذه الحالة يوميًا بشكل أساسي. والأهم من ذلك أنها أظهرت وجود ثغرات في العلاج المقدم للمرضى؛ تشمل الافتقار إلى الوعي ونقص الأدوية وخدمات ومرافق الرعاية.

إن لم تقم الحكومات الأفريقية بزيادة الوعي حول مرض الصرع، وخلق سياسات تحمي الذين يعانون منه، فلن يتغير شيء يُذكر.


ليس عملًا كافيًا

خلال العشرين سنة الماضية، كانت هناك محاولتان لجعل الحكومات في جميع أنحاء العالم تعمل على زيادة الوعي حول الصرع. ففي عام 2000، تزعمت منظمة الصحة العالمية «الحملة العالمية لمكافحة الصرع»، والتي وضعت مبادئ توجيهية للعلاج في البلدان فقيرة الموارد ولتدريب العاملين في مجال الصحة على كيفية التعامل مع مرضى الصرع.

نُفّذت المشاريع في زيمبابوي والسنغال والبرازيل والصين. وأثبتت الدراسات التي أُجريت لها اختبارات إمكانية العلاج والتحكم في الصرع بنجاح في ظل الموارد الفقيرة وباستخدام إمكانيات قليلة جدًّا. لكنها أظهرت أيضًا التأثير الضئيل جدًّا للمشاريع، وأن عددًا كبيرًا من المرضى لم يحصلوا على خدمات.

ثم في 2015، اعتمدت منظمة الصحة العالمية قرارًا لمعالجة المعرفة الصحية والاجتماعية والعامة للصرع، ووافقت الحكومات على وضع الصرع على رأس جداول أعمالها، ووقّعت معظم الحكومات الأفريقية. لكن مرت ثلاث سنوات منذ اعتماد القرار، ولم تتخذ الحكومات الأفريقية سوى القليل من الإجراءات. وبصرف النظر عن ورشة عمل في غانا، حضرها 21 بلدًا عام 2015، لم يُفعل الكثير.

في الواقع، اتخذت الحكومة الخطوة البسيطة المتمثلة في إنشاء فِرَق لتنفيذ القرار وترجمة السياسة إلى برنامج عمل، لكن هذا لم يحدث. قادت المنظمات غير الحكومية معظم جهود الدعوة، لكن هذا لم يحدث إلا في عدد قليل من الدول ولا توجد له نتائج ملموسة. التحدي هو عدم وجود مكتب ينسق شئون الصرع في معظم البلدان.

تشمل التحديات الأخرى حقيقة ما يلي:

1. دعم الأمر غير الممول بشكل كافٍ.2. يندرج الصرع تحت الصحة العقلية ويفتقر لخطط قصيرة أو طويلة الأمد.

أينما توجد إرادة سياسية، يمكن التغلب على هذه التحديات عبر نهج يضم أصحاب المصلحة الرئيسيين وقادة الرأي.


بناء الوعي

توجد أربع خطوات يجب على الحكومات الأفريقية اتخاذها لزيادة الوعي حول الصرع. وستتناول أيضًا خطر التمييز أو العجز أو الوفاة المرتبطة بالصرع. يجب على كل دولة تشكيل لجنة وطنية أو فرقة عمل لتزّعم تنفيذ قرار منظمة الصحة العالمية، مما يعني إعادة تنشيط الفرق التي أُسست قبل 20 عامًا كجزء من الحملة العالمية لمكافحة الصرع.

يمكن للدول أيضًا تطوير خطة وطنية للصرع لتنفيذ القرار. وينبغي أن يشمل ذلك اتخاذ تدابير لضمان وعي مستمر بالصرع، وتدريب العاملين في مجال الصحة، والبحوث، والتمويل، والمبادئ التوجيهية للعلاج، وتوفير الموارد البشرية، وإمدادات الأدوية، وتشغيل فرقة العمل الوطنية وغيرها من القضايا. وينبغي أن يشمل الصندوق الوطني للصرع من أجل تمويل الخطة.

بالإضافة للاعتراف بحاجات مرضى الصرع وتوفير الموارد لهم، تحتاج الحكومات أيضًا إلى المساعدة في تقوية المنظمات التي تدعم مرضى الصرع. إذا اتُخِذت هذه الخطوات، فسيمكن فهم الصرع بشكل أفضل في أفريقيا، وحماية مرضاه، وتوفير فرصة لقيادة حياة منتجة.