كمستخدم إنترنت عادي؛ أصبح في متناولك الحصول على الكثير من الخدمات المدفوعة منها والمجانية. ولكن أصبح في الإمكان الحصول على الخدمات والمحتوى المدفوع بدون عملية الدفع وذلك عن طريق كثير من مواقع المُحتوى المُقرصن (المسروق) كمواقع مشاركة الملفات P2P «التورنت – torrent» ومواقع الاستضافة وغيرها من المواقع التي يتم من خلالها تجميع وتحميل الملفات. لذلك أصبح أمامك الكثير من الأفلام والأغاني والألعاب والكتب الإلكترونية تحت مسمى -مجانا- لكن تم انتهاك حقوق ملكيتها بواسطة مواقع القرصنة.


لماذا تدفع إذا كان المُحتوى معروضًا بشكلٍ مجاني أمام المستخدم؟

نجد مميزات القرصنة الإلكترونية في الحصول على الملف، وليكن مثلا أحد الأفلام، في وقت عرضه في السينمات مجانًا وفي منزلك. لكنه قانونيا تمت سرقته. لكن بالنظر لمساوئ القرصنة فهي عديدة. فبالنسبة لشركات الإنتاج فذلك يعرضهم لخسائر مادية.

الموسيقى

على مستوى صُنّاع الموسيقى تصل خسائرهم لما يُقارب الـ2 مليار دولار سنويا في مصر. مما يُضيع حوالي 400 مليون دولار على الدولة في صورة ضرائب حسب تقرير IFPI السنوي. وبحسب نفس التقرير فإنه عالميا يقوم 20% من مستخدمي الإنترنت بالاستماع للموسيقى عن طريق المواقع غير المرخصة.

الأفلام

وبالنسبة لصناعة الأفلام في مصر فالخسائر مُشابهة. فبعد خصم نسبة دور العرض والضرائب من الأرباح، يحصل المنتجون على ربح ضئيل غير مُشجع على إنتاج أفلام ذات جودة عالية في ظل القرصنة. فاتجه أغلبهم إلى الأفلام التي يراها النُّقاد رديئة -حسب وصفهم- لتلبية متطلبات الجمهور. ويتم تعويض الخسائر عن طريق الإعلانات والتسويق التلفزيوني.

وبحسب تقرير مؤسسة IPSOS فإن 30% من البريطانيين يُشاهدون الأفلام بشكل غير قانوني على الإنترنت وذلك يتسبب في خسائر تصل لـ 500 مليون جنيه استرليني سنويا. ولو قمنا بتقرير مماثل في مصر أعتقد أن النسبة ستتجاوز الـ 90% حسب اعتقادي.

والمتضررون من عملية القرصنة ليسو فقط المنتجين الذين يُعلنون إفلاسهم. بل أيضا خبراء المكياج ومصممو الملابس والممثلون ذوي الأجور المُنخفضة وأصحاب دور العرض والكثير من العاملين تحت خطر خسارة وظائفهم في حال عدم تحقيق الأفلام العائدات المطلوبة.

وفوق هذه الأضرار، فإن المستخدم يحصل على الخدمة بشكل رديء، حيث تملأ الشاشة شعارات المواقع التي سرقت الفيلم بالإضافة إلى جودة الصورة والصوت المنخفضتين، أو يقوم أحد المشاهدين في السينما بالوقوف فيظهر ظله أمامك، أو تسمع أصوات ضحكات الجمهور الذي يُغطي صوت الممثلين. وبالتالي تحصل على مشاهدة غير مُرضية في كثير من الأحيان.

بل وصلت القرصنة لمرحلة فجّة بوجود قنوات فضائية تقوم بتحميل الأفلام من على الإنترنت وعرضها بأخطاء الترجمة ووجود الشعارات والعلامات المائية للمواقع عليها، مُتسببة بخسائر مُضاعفة للمنتجين وللقنوات الأخرى التي تشتري نفس الأفلام بشكل قانوني.

البرامج والألعاب

وإذا نظرنا للبرامج والألعاب على الإنترنت، فإن الحصول عليها بشكل غير قانوني يسبب خسائر بالمليارات من الدولارات سنويا، حيث أن تكلفة إنتاجها مرتفعة بالأساس. ويُعرَّض المستخدم للبرامج المُرفقة غير المرغوب فيها، وتُسبب أغلبها الضرر للأجهزة الإلكترونية عن طريق وضع الكثير من الإعلانات والبرمجيات الخبيثة -malware- والكثير من الروابط المزعجة.

الكتب الإلكترونية

يواجه الكُتّاب ودور النشر مشكلتين أساسيتين:

1. وجود نُسخ مطبوعة مُزورة تملأ الأسواق بجودة مُشابهة للكتاب الأصلي وسعر أقل.

2. نشر الكتب على هيئة كتب إلكترونية e-book دون إذن المؤلف ودار النشر.

وبالتالي تقل العائدات أو تنعدم ويعزف الكُتّاب عن أي إصدارات جديدة لأن هذا العمل لم يعد يمكنهم من الحياة الكريمة.

هل يستفيد المُقرصِن؟

بالطبع يستفيد المُقرصن وتستفيد المواقع التي تُتيح المُحتوى بشكل مجاني لزيادة الطلب عليه مقارنة بالمواقع التي تتطلب الدفع (منطقيا)؛ وذلك عن طريق الإعلانات التي تملأ هذه المواقع ويتغاضى المُستخدم عن إزعاجها في سبيل الحصول على الملفات.

لماذا نتجه إلى المحتوى المسروق برغم معرفتنا بعدم أخلاقية هذا الفعل؟

ببساطة لأننا عندما نجد نفس المُحتوى مجانا مرة ومرة أُخرى بمُقابل نختار المجاني لأنه من السذاجة دفع المال في شيء يراه الكُل مجانا.

الحل؟

حل هذه المشكلة ليس في يد المستخدم بتاتا، حتى لو نشرنا الوعي في مسألة عدم أخلاقية تنزيل المُحتوى المُقرصن والتسبب في خسارة شركات الإنتاج وخلافه. ولكن في رأيي أن السبيل للقضاء على هذه الظاهرة الضارة اقتصاديا ينقسم إلى شقين:

الشق الأول: القوانين التي تتمثل في إصدار وتفعيل قوانين تقتضي بإغلاق هذه المواقع وتوقيع الغرامات على كُل مُقرصن. فعلى سبيل المثال:

ينص البند رقم 117 في قانون حقوق الملكية في الولايات المتحدة الأمريكية على أنه (يُعاقب كل من ينتهك حقوق الملكية – التي تتمثل في بيع أي نسخ غير قانونية من المحتوى الإلكتروني بدون إذن المالك – بغرامة مالية تُقدر بين 30 ألف دولار حتى 150 ألف دولار لقاء الأضرار التي تسبب بها جرّاء هذا الانتهاك) وقد يتعرض أيضا لعقوبة السجن.

الشق الثاني: المواقع البديلة ذات الحماية العالية التي تضمن دفع المستخدم المال في مقابل الخدمة ويستحيل اختراقها، مثل: iTunes, Spotify, Deezer, Amazon Prime, Netflix.

ملحوظة: كاتب هذا المقال يستخدم نسخة ويندوز Windows مُقرصنة، وبرنامج Microsoft Word مُقرصن لكتابة هذا المقال، ويحتوي كل من هاتفه المحمول وجهاز «اللابتوب – Laptop» الخاص به على العديد من البرامج والألعاب المُقرصنة مثل العديد من القُرّاء؛ في انتظار حل هذه الأزمة والعيش في عالم يحترم حقوق الملكية الفكرية.