لهذا الشهر في هذه العاصمة مظهر غريب؛ لا نعرف له نظيرًا في غيرها من بلاد الإسلام؛ وهو يُرى على أكمله وأتمه في قسم إستانبول منها…

كانت تلك كلمات الشيخ العلامة محمد رشيد رضا في إحدى رحلاته لعاصمة الدولة العثمانية (إستانبول/ الأستانة/ دار السعادة) في مطلع القرن العشرين، يروي لنا بعين الفاحص الناقد مشاهد متعددة من زوايا مختلفة للحياة الرمضانية في حاضرة الخلافة الإسلامية التي تقبع على ضفاف البوسفور كواسطة العقد بين المشرق الإسلامي الآسيوي وأوروبا والغرب.

تمتد الذاكرة الرمضانية عبر الزمان في نحو أربعة عشر قرنًا ونصف القرن، وتنداح دائرتها على رقعة جغرافية مترامية الأطراف بين قارات العالم القديم والعالم الجديد، فتزداد تلك الذاكرة عمقًا وثراء بثراء العادات والتقاليد التي صبغها الشهر الكريم أو اصطبغ بها في تلك الشعوب، لتتراوح هذه المراسم الرمضانية ما بين وصفها طقوسًا شعبية تلفق ما بين الشعائر الدينية والعادات والتقاليد، أو توازنًا بين هذه العبادات وتلك العادات في غير ابتداع.

ونرى في النهاية إبداعات – لا ابتداعات – تراعي للشهر المعظم مكانته وتدرك سره المكنون، ولا تكبح صور المحبة في الضمير الجمعي للأمم المختلفة، فينتج لنا هذا الكم الفني من طقوس تنم ببساطة عن مقدار تعظيم وحب رمضان في نفوس مستقبليه، على امتداد الخريطة الثقافية.

ويواصل الشيخ وصفه:

أما في النهار فترى أكثر المطاعم والمشارب والملاهي والمجامع العامة مقفلة لا يختلف إليها أحد، وترى أمارات الصيام ظاهرة على أكثر الناس، وترى المساجد الشهيرة عامرة بالمصلين والواعظين والمستمعين والمتفرجين الطوافين، ولهذا كله نظير في البلاد الإسلامية الأخرى.

بالفعل، لهذا كله نظير في معظم البلاد الإسلامية، فما المزية المتفردة في عاصمة بني عثمان؟!

يرد الشيخ:

…وإنما رَوْنقه ها هنا بجمال المساجد وزينتها واختلاف الناس من جميع الطبقات إلى المشهور منها ولا سيما جامع أيا صوفيا العظيم، ويبتدئ هذا من وقت صلاة العصر إلى قرب المغرب، فمن الناس من يسمع الوعاظ، ومنهم من يسمع الحفاظ وفي الآستانة كثير من حفاظ القرآن
بعضهم من حملة العمائم وبعضهم من حملة الطرابيش، ومنهم المرتلون المجيدون الذين يخشع المستمع لتلاوتهم ما لا يخشع لتلاوة الحفاظ أمثالهم في مصر؛ لخشوع جوارحهم واجتنابهم التطريب والتكلف والحركات التي اعتادها أكثر قراء المصريين؛ نعم، إن أئمة المساجد هنا يقرءون القرآن في الصلاة ولاسيما صلاة الجمعة، كما يلقون خطبتها بالنغم الموسيقي الذي يشبه نغم القسيسين في الكنائس ومنهم المسرفون في ذلك والمقتصدون.

تلك هي الحالة العامة، لكن ثمة مراسم وطقوسًا خاصة تميزت بها إستانبول، يصفها لنا رأي العين من عاشها وأدرك قيمتها فازداد وعيه بها قبل أن تفتنه مشاعره فيقع أسير فخامتها.


ليلة القدر

هذه الليلة إحدى الليالي الخمس التي يسمونها «ليالي القنديل»؛ لأنهم يسرجون فيها القناديل على منارات الجوامع في أرجاء الآستانة، وهي: ليلة القدر، وليلة مولد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وليلة الجمعة الأولى من رجب واسمها (ليلة الرغائب) وهي الليلة التي حملت فيها أم النبي به، وليلة المعراج، وليلة النصف من شهر شعبان، واسمها عندهم (ليلة برات) أي ليلة العتق، ويحييها جلالة السلطان في الجامع الحميدي، وفي صباحها يفد كبراء الدولة على (المابين) لتهنئة الحضرة السلطانية بها.

ويصف لنا المويلحي، وهو الصحفي الأديب المصري، المشهد قائلًا:

ويهنئ الناس بعضهم بعضًا بتلك الليالي المباركة، فيصعد الكبراء والأمراء والعظماء إلى الجامع الحميدي بعد العشاء في الليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وهي ليلة القدرفيقفون في انتظار بزوغ النور الإمامي [يعني نور إمام المسلمين وهو السلطان] من مطلع يلديز [قصر السلطان] حتى يخرج جلالته على هذه الجموع بين أنوار الشموع، ونور الإمامة غالب على كل نور، فإذا جلس جلالته في مكانه الخاص به؛ قُرِئ المولد النبوي، وأقيمت الأذكار، ورتل القرآن، ورفعت الأصوات بالدعوات، ثم يرجع جلالته في هذه الأبهة وهذا الجلال
إلى مقر عرشه الحميدي.

دروس الحضرة السلطانية

وهي دروس يقدمها علماء العصر المعروفون، وتبدأ في اليوم الأول من رمضان، وتقام في القصر في حضرة السلطان، ويديرها «مقرر الدرس»، وتعود جذور هذه الدروس إلى عهد عثمان الغازي، وكانت تدور بالكامل حول التفسير، ولقد استمرت حتى نهاية الدولة، تقدم هذه الدروس في إحدى صالات القصر بين الظهر والعصر، وتتألف من ثمانية دروس وتنتهي في العشر الأوائل من رمضان، يقدم الدرس المقرر ومعه خمسة عشر مشاركًا، ويستمر الدرس قرابة ساعتين، يرتدي المقرر جبة سوداء ويرتدي المشاركون جببًا زرقاء، وبعد أن ينتهي المقرر من إلقاء درسه يبدأ الأعلى رتبة من المشاركين بتوجيه الأسئلة إليه في الموضوع المقدم وليس من خارج الدرس، ثم ينتهي الدرس بدعاء المقرر.

تقدم لكل مقرر أعطية وصرة (كيس فيه نقود)، ولا تتمايز الصرر بحسب رتب المقررين بل تكون متساوية، ولا يُعطى المشاركون سوى عطايا.


جره جيتمك

صورة حضارية عملية من التواصل بين المجتمع العثماني وأهل العلم، فقد كان طلاب المدارس يتوزعون في الأشهر الثلاثة (رجب، شعبان، رمضان) على القرى والمدن العثمانية، ينقلون ما تعلموه إلى الشعب، ويعد هذا تدريبًا عمليًا للطلاب، ومن ناحية أخرى يعد إضافة تعليمية وثقافية للشعب، وكان الطلاب يقومون بهذا العمل نظير ما يعرف بـ(جره جيتمك Cerre Gitmek) أو السعي للتكسب، مما ساعد على زيادة التكافل الاجتماعي بين أفراد الشعب والطلاب.

وكان الطلاب يأخذون النقود والطعام والكساء من أهل القرى والمدن التي يزورونها مقابل الخدمات التي يقدمونها للأهالي، وبعد عيد الفطر كان الطلاب يعودون إلى مدارسهم، ويتعيشون من تلك الأشياء التي جمعوها حتى السنة التالية.


ديش كراسي (أجرة الأسنان)

أجرة الأسنان (ديش كراسي) هذه عادة قديمة من عوائد بيت السلطنة في شهر رمضان، وهي أن يُعطى لمن يفطر فيه بعد الإفطار – من الصدر الأعظم وشيخ الإسلام، إلى من يسعده الحظ بالإفطار فيه من آحاد الناس – صرة من النقود تناسب قدر المفطر، فيعطي من ألف ليرة إلى ربع ليرة. ويقدر ما يصرف لهذه العادة في الشهر المبارك من ستين ألف ليرة إلى سبعين ألف ليرة، كان السلطان عبدالحميد الثاني يخرجها من خاصة ماله.

وفي أواخر الشهر يفطر الضباط والعساكر في السراي، فيُعطَى للضابط أجرة أسنانه قيمة مرتبه الشهري، ويُعطَى للعسكري كذلك.


آلاي بقلاوة

من معاني كلمة آلاي في اللغة العثمانية (التركية القديمة المكتوبة بالحروف العربية) الاحتفال أو المراسم أو الموكب، وكان ضمن هذه الاحتفالات في الدولة العثمانية (آلاي البقلاوة Alay Baklava)، وكان يقام في منتصف شهر رمضان، مواكبًا لزيارة السلطان إلى (غرفة الأمانات المقدسة)، حيث تقوم مطابخ السراي – كما يقوم أفراد الشعب أيضًا – بعمل حلوى البقلاوة، ثم توزع على أفراد الانكشارية، ويقوم كل اثنين من الجنود بحمل صينية بقلاوة والذهاب بها إلى ثكنات أو حجرات الجنود لتوزيعها على زملائهم، كما يحتشد أغوات الانكشارية (رؤساء الفرق) أمام الباب الأوسط للقصر السلطاني في انتظار انتهاء السلطان من زيارة الغرفة التي تضم الآثار النبوية، ليبدأ في توزيع الأعطيات عليهم، لكن حلوى البقلاوة هي أساس ذلك الاحتفال، إذ تمثل الحلوى قاسمًا مشتركًا في معظم الاحتفالات الشعبية والدينية في الدولة العثمانية، وحتى في تركيا المعاصرة.


زيارة البردة النبوية الشريفة

ويواصل المويلحي وصفه لبعض الاحتفالات الرمضانية التي عاشها في إستانبول إبان حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وهو (يوم الخرقة/ خرقه شريف زيارتي) قائلًا:

وفي اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك من كل سنة، تهبط العظمة الإمامية [السلطان] من سماء يلديز [قصر الحكم] إلى السراي القديمة [طوب قابي سراي] التي كانت مشرفة بسكن السلاطين من آل عثمان في قديم الزمان .. وهي تحتوي على المخلفات النبوية مستودعات السلطنة والخلافة التي حفظها السلاطين حفظ الروح، ووضعوها بجانبهم والقرب منهم؛ مبالغة في حفظها وتكريمها وتبركًا بها.. فإذا كان الضحى من يوم تلك الليلة، اصطفت العساكر العثمانية كالبنيان المرصوص – من يلديز إلى السراي القديمة
صفين على جانبي الطريق القديمة، والمسافة بين يلديز وبينها تزيد على مسير ساعة، وخرج أهل الآستانة من الرجال والنساء والأولاد للتبرك برؤية الغمام حافظ أمانات الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولا يزال جميع الواقفين في انتظار الموكب السلطاني حتى يمر بهم، وفي وسطه المركبة الذهبية التي تحمل جلالة السلطان، وقد أحاط بها وازدحم حولها الياوران.. فإذا وصلت المركبة السلطانية إلى سلم السراي، صعد جلالة السلطان، والصدر الأعظم [رئيس الوزراء] وشيخ الإسلام والوكلاء والوزراء والمشيرون وصدور العلماء واقفون بالملابس الرسمية والنياشين، فيدخل جلالة السلطان قاعة الاستراحة فيستريح هنيهة، ثم يدخلون إلى المكان الذي يفخر على كل مكان لاحتوائه على المخلفات النبوية، فيفتح الحفظة أمام جلالته صندوقًا من الفضة ويخرجون منه تلك المخلفات، فيقبِّلها جلالته، ثم يضعونها على مائدة، وهي: البردة التي أعطاها النبي (صلى الله عليه وسلم) لكعب زهير، سن من أسنان المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وشعرات من شعره الشريف، ونعاله الشريفة، وبقية من البيرق الشريف، وإناءان من الحديد لسيدنا إبراهيم الخليل كان يشرب بهما من ماء زمزم، وجبة الإمام أبي حنيفة… ويقف جلالة السلطان أمام تلك المخلفات، ويقف الغازي مختار باشا بجانبها، ولديه مناديل بيض مكتوب عليها بالحرير الملون بعض الجمل المباركة، ثم يدخل الزائرون فيعطى مختار باشا لكل واحد منديلًا بعد أن يمسح به المخلفات، فيقبِّله آخذه وينصرف، ويأتي غيره حتى تنتهي الزيارة. فإذا انتهت زيارة الرجال، دخلت النساء على حسب رتبتهن، فإذا انتهت زيارتهن، أعادوا المخلفات إلى صندوقها وأغلقوه أمام جلالة السلطان.. ثم يعود جلالته.

ويلفت المويلحي نظرنا إلى وقائع طريفة في مثل ذلك اليوم حيث «قد وجد بعض الدهاة من أصحاب الحاجات طريقًا قريبًا لقضاء أشغالهم، فأخذوا يبعثون قبل يوم الخرقة –بيوم أو يومين- تلغرافات إلى جلالة السلطان، بعبارات تشف عن اليأس والضجر، فلا يلبثون أن يُدعو إلى السراي للإفطار والإكرام وقضاء حوائجهم، ببركة ذلك اليوم العظيم».

ويعود بنا الشيخ رشيد رضا إلى العبادات والسنن الرمضانية، ليصف لنا صلاة التراويح وتزين المساجد استقبالًا لها:

ومن زينة الآستانة في ليالي رمضان قناديل منارات المساجد، ولكل مسجد من المساجد الكبيرة هنا منارتان على الأقل ولبعضها أربع منارات، ولجامع السلطان أحمد ست منارات، فهم يمدون حبالاً بين المنارات، ويكتبون بالقناديل فيها كلمات: (بسم الله، الله محمد، حسن حسين، نور على نور، يا حنان، يا رمضان، خوش كلدي). وقد ظهر لي أن لصلاة الجماعة وصلاة التراويح من الإقبال والعناية في الآستانة فوق ما لهما في مصر، فالمصَلّون فيما أظن أكثر، ومُكْثهم في الصلاة يكون أطول، ولكنك ترى أكثر المصلين في بعض المساجد من العسكر، وتجد عددًا كثيرًا من الصبيان، ولا يخفى أن العسكر كله كان يكون من خارج الآستانة، وبعد الدستور صار يؤخذ منها أيضًا.

نساء الآستانة

ثم يتحدث الشيخ رشيد رضا عن نساء الآستانة ويقارنهن بنساء مصر وسوريا وسائر البلدان العربية، فيقول:


عيد الفطر

يمتاز نساء الآستانة على نساء البلاد العربية بالصلاة في المساجد، يقل ذلك منهن في غير رمضان ويكثر فيه، حتى إن من المساجد الصغيرة ما هو خاص بهن لا يدخله من الرجال إلا الإمام الذي يصلي بهن، والواعظ الذي يعظهن بعد الظهر، وقد يكون الإمام هو الواعظ، ومنهن من يصلين في الجوامع الكبيرة، وقد اتخذ لهن في هذه السنة حظائر في مؤخر المساجد تحجبهن عن الرجال فيها، ويدخلن من باب خاص بهن، وإنك لتراهن قبل العشاء بنصف ساعة أو أكثر ذاهبات إلى المساجد أفرادًا وأسرابًا؛ الأم وبناتها والجارة وجاراتها، منهن المتلفعات بالملاءات والحبر، ومنهن لابسات الأردية والجبب، وأكثرهن سافرات، ومنهم من تصلي التراويح في بيتها، وهذا مما يَفْضُلن به نساء مصر وسورية، إني أرى أن اختلاف النساء إلى المساجد يُعْلي نفوسهن، ويرفع قيمتها في نظر صواحبها، وقد كنَّ يصلين في المسجد على عهد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

ورغم أن المويلحي خصص كتابه (ما هنالك) لتوجيه نقد شديد للسلطان عبدالحميد الثاني، إلا أنه كل حين يصف لنا بعض المشاهد الرمضانية المبهرة في إستانبول:

يخرج جلالة السلطان لصلاة العيد في موكبه المشهور بالحسن والجمال، والأبهة والجلال، فيصل من يلديز إلى جامع بشكطاش، وبعد تأدية الصلاة يركب جلالة السلطان جوادًا، ويمشي تحت ركابه [الغازي كبير مشيري الدولة]، والصدور والوكلاء والوزراء، مشاة على مقربة من الجواد، وعلى جلالة السلطان كسوة ملازم من ضباط الجيش والنشان العثماني فوقها، ولا يزال الموكب سائرًا حتى يصل إلى سراي (طولمه بغجه) وهي من أشهر الأبنية في العالم حسنًا وجمالاً .. أما بهوها فوحيد في بابه، وفي وسطه تخت السلطان (الغوري) المرصع، وعليه يجلس جلالة السلطان يوم العيد، وأول من يدخل على جلالته نقيب الأشراف، فيقف بين يديه وجلالته واقف، ثم يدعو له بطول العمر والتأبيد، وبعده يدخل الصدر الأعظم، فيقبل ذيل ثوبه، وكذلك شيخ الإسلام، ثم يدخل الوكلاء، ثم يصطفون ويجلس جلالة السلطان، فيدخل المأمورون من الرتبة الأولى من الصنف الثاني من القلمية، ورتبة ميرميران من الملكية، ورتبة مير لواء من العسكرية، ورتبة مكة بايه سي من العلمية، فما فوقها، فيقبِّلون هُدَّابًا اسمه (السنجق) يمسكه المشير عن يمين التخت. فإذا انتهت التشريفات عاد جلالة السلطان على مركبته السلطانية إلى يلديز، فيأتي تراجمة السفارات للتبريك بالعيد من طرف سفرائهم. ثم تتوارد تلغرافات التهاني من الملوك والإمبراطورات، ومن الحضرة الفخيمة الخديوية، ثم من شريف مكة؛ فيجاب عليها بإرادته السنية.
المراجع
  1. أحمد عبد الله نجم: التعليم في الدولة العثمانية، دار الهداية، القاهرة، 2009م.
  2. إبراهيم المويلحي: ما هنالك، مطبعة المقطم، مصر، 1896م.
  3. حسين مجيب المصري: معجم الدولة العثمانية، الدار الثقافية للنشر، القاهرة، 2004م.
  4. سهيل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية، مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 2000م.
  5. محمد رشيد رضا: مجلة المنار، المجلد ‌ 13، الجزء 10.