المحاور: هل تريدين القضاء على البشر؟ رجاء أجيبي بلا! الروبوت صوفيا: نعم، أريد تدمير البشر.

كان هذا حديثًا مع الروبوت صوفيا أحد الروبوتات التي تشبه البشر والتي أثارت ضجة إعلامية مؤخرًا بعد حصولها على الجنسية السعودية. لكن هل تستطيع فعلًا تدمير البشر؟! أعتقد أنها لم ولن تستطيع القيام بهذه المهمة حتى وإن كانت المهمة الوحيدة التي بُنيت من أجلها.

في جميع الاحتمالات، الروبوتات ما هي إلا جسم معدني لامع أو هيكل بلون الكروم الأبيض مع برمجة بسيطة أو معقدة في بعض الأحيان. قد لا تمثل الغالبية العُظمى منها أكثر من جهاز متخصص لإتمام مهام محددة.

تتصدر الصين قائمة أقوى الدول في مجال تصنيع الروبوتات الذي بلغ قيمة سوقية حوالي 320.3 مليون دولار أمريكي في عام 2017ـ، ويعمل ما يقرب من 70% من الروبوتات الحالية في مجالات صناعة السيارات والإلكترونيات والمعادن والآلات.


كيف تعمل الروبوتات الشبيهة بالبشر؟

روبوت يعرض مهاراته في الأكاديمية البحرية
روبوت لعرض المهارات في الأكاديمية البحرية الأمريكية (DoD /EJ Hersom)

يعتمد نظام الجسد البشري على خمسة عناصر رئيسية وهي هيكل الجسم، نظام عضلات يحرك الجسم، نظام حسي يتلقى المعلومات من الجسم والبيئة المحيطة، مصدر طاقة ينشط العضلات ومحثات الاستشعار، ونظام الدماغ المعالج للمعلومات الحسية والآمر للعضلات بما يجب أن تفعله. نمتلك بطبيعة الحال صفات غير ملموسة مثل الذكاء والأخلاق.

يتكون الروبوت من نفس المكونات المادية الظاهرة التي يتكون منها جسم الإنسان. يحتوي الروبوت النموذجي على هيكل مادي، محرك لمهام الحركة، نظام استشعار للحس، مصدر طاقة، ومعالج «دماغ الروبوت» الذي يسيطر على جميع العناصر ويعمل طبقًا للبرمجية المخصصة للروبوت.

غالبًا ما تستنسخ الروبوتات أحد السلوكيات البشرية أو الحيوانية. ففكرة عمل الروبوتات بسيطة للغاية: يقوم المعالج «الدماغ» بتحليل البيانات المقبلة من أنظمة الاستشعار «الحواس» ثم يأمر الهيكل المادي «العضلات» لتنفيذ ذلك الأمر بمساعدة من المحرك ومصدر الطاقة، أو تقوم بتنفيذ مهام مباشرة قد بُرمجت عليها مباشرة دون تحليل للبيانات.


هل تفوقت هذه الروبوتات على البشر؟

القدرات البدنية، بالطبع تفوقت الروبوتات، وهذا هو هدفها الأساسي، لكن لم تسمُ هذه الروبوتات ولو للحظة واحدة إلى مستوى الإنسان في قدراته العقلية الشاملية. نعم، تفشل الروبوتات الشبيهة بالبشر، فالنماذج الحالية ما هي إلا منفذة للأوامر وفقط، لا يُمكنها الابتكار. قد نعتبرها في طور الطفل بالنسبة للإنسان يحتاج إلى توجيهه لتنفيذ الأوامر. يمكن للروبوتات تخزين كميات كبيرة من البيانات لكنها ليست فعّالة في استرجاع البيانات بطريقة دقيقة كالدماغ البشرية. يمكنها تأدية المهام المتكررة لفترات طويلة لكنها لا تتحسن بالتجربة كالبشر إلا بعد برمجتها باستخدام منظومات تعلم الآلة machine learning. لا تستطيع كذلك تنفيذ أي مهمة لم تُبرمج عليها، أي أنها ليست ذكية بالمرة وتفتقر لوجود العاطفة والضمير وهذا ما يحدها عند التفاعل بشكل طبيعي مع البشر.


صوفيا: أول روبوت مواطن على الإطلاق

صورة للروبوت صوفيا في مقر اتحاد الاتصالات الدولي في جنيف

في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي،منحت المملكة العربية السعودية الجنسية للروبوت صوفيا ليكون أول الروبوتات التي تحصل على جنسية. هناك تصريحات أدلى بها الروبوت حول نيته لتدمير البشر، لكن مع تصريحاتها المؤخرة في مدينة الرياض السعودية أكدت على رغبتها في العيش بسلام. يأتي الروبوت صوفيا في شكل امرأة حسنة المظهر مع عيون بنية ورموش طويلة يُغطى رأسها بغطاء من المعدن المتلألئ.

طُوّر الروبوت صوفيا من قبل شركة هانسون للروبوتات ليغطيه جلد من السيليكون وكاميرات داخل عينيها التي تعمل طبقًا لخوارزميات معينة تستطيع تتبع الوجه والتعرف عليه مع تحقيق تواصل جيد بالعين مع المخاطب، وفهم الخطاب البشري باللغة الإنجليزية. تتميز صوفيا بروح الدعابة وردودها القوية. يمكنها كذلك التعبير عن المشاعر عن طريق تعبيرات بالوجه مثل الابتسامات والضيق والتعجب. وبالنظر إلى هيكلها فإنها تجسد الجمال الكلاسيكي الخاص بالممثلة أودري هيبورن.

صممت شركة هانسون الروبوت صوفيا ليكون رفيقًا لكبار السن كنوع من التمريض المنزلي أو لمساعدة الحشود في الأحداث الكبيرة أو المناطق العامة. يستخدم الروبوت الذكاء الاصطناعي في تعلّم الكثير من المهارات من خلال المحادثات التي يجريها مع البشر. تمت برمجته على التصريح بردود مكتوبة لأسئلة وتفسيرات محددة كما تفعل روبوتات الدردشة التفاعلية وهذا ما يُعطي المستمعين الوهم بقدرتها على فهم المحادثة.


أطلس: أكثر الروبوتات مرونة

منذ ظهور الشركة من داخل معهد ماساتشوستس في عام 1992 تصدرت شركة بوسطن دينامكس عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية، وعامًا بعد عام تتحفنا بتطوير العديد من خطوط الروبوتات من بينها الروبوت أطلس. يمتلك أطلس مرونة كبيرة في تنسيق عمل الساقين والذراعين. أظهرت تجارب الاختبار الخاصة بالروبوت أطلس ثبات قوي للروبوت ومرونة في بيئات مختلفة، كما ظهرت قدرته في حمل الأشياء.

يبلغ ارتفاع الروبوت أطلس حوالي متر ونصف وبوزن 75 كيلوجرامًا. من خلال مقاطع الفيديو التي تنشرها الشركة تظهر براعة الروبوت في القفز من أعلى لأسفل والعكس بمرونة تامة، وقدرته أيضًا على النهوض بعد تعثر أو محاولة طرحه أرضًا عنوةً، ومؤخرًا استطاع تنفيذ حركات رياضية صعبة. صُمّم الروبوت ليكون بمثابة خدمة طوارئ في علميات البحث والإنقاذ وتنحصر مهامه في إغلاق الصمامات، فتح الأبواب وتشغيل المعدات التي تعمل بالطاقة في بيئات يصعب تواجد البشر بها، وربما نقل الإمدادات الثقيلة للخطوط الأمامية.


أسيمو: الروبوت الأكثر تقدمًا

لمدة تجاوزت عشرين عامًا، استمر مهندسو شركة هوندا في تطوير الروبوت أسيمو ليكون قادرًا على العيش والتفاعل مع الناس بطريقة طبيعية. يظهر الروبوت أسيمو في شكل طفل يرتدي بذلة فضاء. يُمكنه طوله البالغ 120 سم من التفاعل مع الناس دون خوف أو تردد. مُنح أسيمو مؤخرًا القدرة على الجري وهو شيء قد يكون صعبًا على روبوتات أخرى، مع الحفاظ على التوازن المطلوب أثناء الحركة، كما أنه يستطيع المشي بقدم واحدة فقط وبثبات مدهش.

بدأت شركة هوندا رحلة تطوير الروبوتات في عام 196 بهدف تطوير روبوتات استخباراتية وقادرة على المناورة. كُشف عن أول نموذج له عام 2000 ومنذ ذلك الحين وتتوالى التحسينات منها القدرة على إلقاء التحية باليد، تجنب الأشياء، التحرك حسب نظر المتحدث، صعود وهبوط الدرج، تشغيل المصابيح وإطفائها، إغلاق الأبواب، التعرف على الوجوه والتعرف عليها بالاسم. يستطيع أسيمو أيضًا التعرف إلى اسمه عندما يدعوه أي شخص.


روميو: الروبوت الأكثر عاطفة

ظهر الروبوت روميو عام 2014 كنموذج بحثي متخصص في مساعدة ودعم المسنين والمعاقين وتقديم يد العون اليومية داخل المنزل لأولئك المستقلين بحياتهم عن الأبناء، وهو ثمرة تعاون بين العديد من المختبرات والمؤسسات الفرنسية والأوروبية. يساعده حجمه في القدرة على فتح الأبواب، تسلق السلالم والوصول إلى الأشياء على الطاولة دون عوائق.

يبلغ الروبوت روميو 1.4 متر طولًا و36 كجم وزنًا ويستطيع التعرف على الوجوه والمشي والإمساك بالأشياء دون مشكلة. يستطيع الروبوت الالتفاف من تلقاء نفسه في الظروف العادية والتفاعل والتواصل مع البشر. يمتلك الروبوت كاميرتين في الحاجبين لتقدير المسافات بطريقة دقيقة، وقد تم تجهيزه بأربعة حواسب لرصد البصر والسمع والحركات والذكاء الاصطناعي، وبذلك يمتلك كتلة من الابتكارات اللازمة لتوفير المساعدة الشخصية بالمستقبل.


نادين: الروبوت الأكثر اجتماعية

الروبوت صوفيا أول روبوت مواطن
الروبوت صوفيا أول روبوت مواطن

مع شعرها الناعم الأسود، لا يجمع الروبوت نادين بين تحية البشر والابتسامة فقط، بل يستطيع الاتصال بالعين والمصافحة، فضلًا عن إجراء المحادثات مع البشر استنادًا إلى محادثة تمت في الماضي. على عكس الروبوتات التقليدية فإن الروبوت نادين يُظهر مزاجه وعواطفه حسب الموضوع المثير للحديث.

بُني الروبوت اعتمادًا على برامج ذكية مماثلة لسيري وكورتانا، وهي من بنات أفكار أحد علماء جامعة نانيانغ التقنية في سنغافورة. أطلق عليه اسم نادين تيمنًا باسم مطورة الروبوت، البروفيسور نادية تالمان مديرة معهد الإبداع المرئي. قد يستهدف الروبوت القضاء على مشاكل الشيخوخة، مع تقلص القوى العاملة في مساعدة المرضى وكبار السن والمعاقين فقد يكون الروبوت نادين هو الخيار الأفضل كمنصة للرعاية الصحية ومصاحبة المريض.

ختامًا، يرى الكثير من مهووسي التقنيات الجديدة تطورًا ملحوظًا في بناء الروبوتات. بعيدًا عن سيطرتها أم لا، لا شك أنها المساعد الأفضل حاليًا لكبار السن والمرضى بل وأداة للمتعة والترفيه للكبار والصغار ليس لشبهها الواضح بالبشر ولكن لمحاكاتها الغريبة للكثير منهم.