صلاح يمتلك صفات رائعة لكن لا يسجل عندما يصل للمرمى.
«سباليتي» منتقدًا «صلاح» بعد مباراة روما – إنتر

قبل المباراة

الفريقان حالتهما متشابهة إلى حد كبير، روما يدخل القمة برصيد 10 نقاط بينما يمتلك الإنتر 11 نقطة من 6 مباريات، التشابه ليس في قُرب عدد النقاط بل في مدى التخبط الذي يعيشه كلٌ من «سباليتي» و «دي بوير».

الفوضى الحاصلة في كلا الفريقين لا يجب تحميلها لـ«سباليتي» أو «دي بوير» فقط؛ هي فوضى ناتجة عن سوء تخطيط من الإدارات على مدار سنوات يصعب حصرها الآن، ولكن يمكن اختصارها في تكوين فريقين بهما لاعبين متقاربين ومتذبذبين في المستوى مما أدى بالمدربين لصعوبة تثبيت التشكيل ولكن هذا لا يعفيهم من المسئولية أيضًا، تلك الفوضى التي تجعل إنتر يفوز على يوفينتوس ولا يستطيع الفوز على بولونيا والتي تجعل روما لا يستطيع تحقيق فوزين متتاليين؛ هذه الفوضى كانت العامل الأبرز في سير المباراة.


كيف يلعب روما، متلازمة «لكن»

هذا السؤال أعتقد أنه يؤرِّق «سباليتي؛ يحتار «لوتشيانو» ما بين اللعب على سرعة «صلاح» و«بيروتي» على الأطراف أو اللعب على الصناعة من «توتي» بالعمق، ما بين ثلاثي خط وسط أو ثنائي، «دجيكو» أم مهاجم وهمي؟

المشكلة تتمثل في التصريح المذكور سلفًا من «سباليتي» عن وصفه لـ«صلاح» بالممتاز لكنه يضيع أمام المرمى، «سباليتي» لا يقصد صلاح فقط ولكنه يقصد الفريق عمومًا، يقصد أن يقول «دي روسي» جيد لكنه متقدم في العمر، أو «دجيكو» جيد ولكنه ثقيل الحركة، بالأحرى هو كان يجب أن يقول روما جيد ولكن …

هذه الـ«لكن» هي التي جعلت «سباليتي» يبدأ مباراة تورينو بـ«فلورينزي» ظهيرًا أيمن و«بيريز» ظهيرًا أيسر و«ناينجولان» في وسط الملعب، ثم في مباراة الإنتر يبدأ بـ«بيريز» ظهيرًا أيمن و«خوان» ظهيرًا أيسر و«فلورينزي» في وسط الملعب.

على اليمين تشكيلة روما أمام تورينو وعلى اليسار تشكيلته أمام الإنتر. (المصدر whoscred.com)
على اليمين تشكيلة روما أمام تورينو وعلى اليسار تشكيلته أمام الإنتر. (المصدر whoscred.com)

دي بوير وصراع الأفكار

يأتي «دي بوير» من مدرسة كروية تتبنى فكرة الكرة الشاملة والبناء من الخلف فهو تلميذ أياكس أكبر روَّاد تلك الفلسفة كما أنه تدرَّب على يد «لويس فان جال» أحد رجال تلك المدرسة.

أتى «دي بوير» مدربًا للإنتر بداية الموسم حاملًا تلك الأفكار، لكنه اصطدم بفريق عناصره ممتازة كأفراد ولكنه بالتأكيد يحتاج لعمل كبير وانتدابات خاصة لتلك الطريقة، أمَّا من يتواجدون في الإنتر فلا يناسبون بشكل تام تلك الطريقة لذلك نجده أحيانًا يبدأ بـ«إيدير» بدلًا من «كاندريفا» رغم أن «إيدير» ليس جناحًا بالأصل ولكنه يضطر في النهاية لإشراك «كاندريفا» لأنه الأصلح للفريق، أراد وضع «بانيجا» في البداية كـ«deep lying midfielder» كي يستطيع البناء من الخلف ولكنه لم يتأقلم فعاد بوضع «ميديل».

هذا الصراع في رأس «دي بوير» ينتج فريقًا غير متجانس يعتمد بشكل واضح على إمكانات اللاعبين.


داخل المباراة

المباراة كانت غريبة في كثير من تفاصيلها بدايةً من بدء «سباليتي» بـ«فلورينزي» في وسط الملعب بدلًا من الدينامو «ناينجولان» كذلك كان غريبًا من «دي بوير» إشراك القادم الجديد «جواو ماريو» البرتغالي الذي لا يبدو مُحدد الأدوار رغم ركضه كثيرًا في الملعب.

بدا من البداية اعتماد «سباليتي» على السرعة الجنونية من «صلاح» و«برونو بيريز» من الناحية اليمنى في تشكيل جبهة ضغط على «سانتون»، وبالفعل من انطلاقة لـ«صلاح» وتحرك رائع من «بيريز» وإنهاء دقيق من «دجيكو» نتج الهدف الأول المبكر جدًا . الهدف المبكر أعطى فريق روما الثقة والقدرة على استغلال أكبر نقطة قوة وهي السرعة في المرتدات، فبعد التقدم انفرد «صلاح» بـ«هاندانوفيتش» مرتين من انطلاقات واضحة من مرتدات سريعة جدًا.

كان قرار ًامُوَّفقًا من «سباليتي» وضع «بيريز» في الجهة اليمنى لسببين: تشكيل جبهة سريعة مع «صلاح» و من ناحية أخرى وضع ظهير بصبغة دفاعية أكثر مثل «خوان» أمام «كاندريفا» في الناحية اليسرى، والتي كان سيشعلها «بيريز» هجوميًا لو لعب هناك ولكنه كان سيترك «كاندريفا» يشعلها في الاتجاه المضاد.

إحكام السيطرة على جناح بخطورة «كاندريفا» أدى تقريبًا لانعدام ظهور «إيكاردي» هداف الفريق والـ«كالتشيو» بالإضافة لعودة «دي روسي» للتغطية مع قلوب الدفاع، فبات معزولًا مقارنةً بنظيره «دجيكو» الذي أدى واحدة من أفضل مبارياته مع روما.

صورة توضح تحركات و عدد لمسات إيكاردي 17(يمينًا) و دجيكو 51 (يسارًا) . (المصدر whoscored.com)
صورة توضح تحركات و عدد لمسات إيكاردي 17(يمينًا) و دجيكو 51 (يسارًا) . (المصدر whoscored.com)

الشيء المثير للاهتمام في الإنتر أن «دي بوير» تخلى عن تقييد «بانيجا» مما أعطاه حرية أكبر أدت إلى تشكيل خطورة أعلى على مرمى روما، قد يفسر ذلك البدء بـ«جواو ماريو» الذي يغطي مساحات أكبر من الملعب لحماية «بانيجا» رغم ضعف قدراته في التمرير والبناء.

صورة توضح تمريرات بانيجا و تحركاته في كافة أنحاء الملعب طوال المباراة (المصدر squwaka.com)

كل ما سبق كان تحجيمًا للفوضى المذكورة سابقًا في مسيرة الفريقين وذلك بناءً على رغبة «لوتشيانو» و«فرانك»، ولكن سرعان ما تغير كل شيء.


كيف تفوز رغم أنفك؟

صورة توضح تمريرات بانيجا و تحركاته في كافة أنحاء الملعب طوال المباراة (المصدر squwaka.com)
في الشوط الثاني فعل المدربان كل شيء قد يؤدي لضياع الفوز منهم ولكن الوضع كان مختلفًا فسار على النحو التالي:

في الدقيقة 60 يقوم «دي بوير» بتبديل «ماريو» بـ«جنوكوري» الشاب الإيفواري، لاعب وسط شاب لم يتجاوز 20عامًا وأنت مهزوم ومُطالب بتسجيل التعادل على الأقل، تغيير كان ممكن أن يكون استبدال «ماريو» مباشرةً بـ«يوفيتيتش» وتحويل الطريقة إلى 4-4-2 وإبقاء «كاندريفا» للضغط طولًا وعرضًا على دفاع روما.

في الدقيقة 62 يدخل «ناجاتومو» بديلًا لـ«إنسالدي» ويتحول «سانتون» للطرف الأيمن، كل هذا لمراقبة «محمد صلاح» الذي كان واضحًا أنه أخطر لاعبي روما بالمباراة، تغيير يبدو منطقيًا من مدرب يحاول التعويض ولكن يخشى مرتدات الجناح المصري القاتلة.

في الدقيقة 70 قام كلًا من «سباليتي» و«دي بوير» بمحاولة تبادل الهدايا فبعد قيام «دي بوير» بتغيير «ناجاتومو» لمراقبة «صلاح» قام «سباليتي بإخراج «صلاح» نفسه ودخول الـ«شعراوي» وكأن «سباليتي» يحاول إراحة «دي بوير» من سرعته في الوقت القاتل!

عذرًا «سباليتي» إذا كان تبريرك هو ضعف «صلاح» أمام المرمى رغم سرعته فـ«فلورينزي» و «بيروتي» ليسوا أفضل منه أمام المرمى وليسوا بسرعته.

إحصائيات صلاح خلال 70 دقيقة لعب في المباراة (المصدر squawka.com )
إحصائيات صلاح خلال 70 دقيقة لعب في المباراة (المصدر squawka.com )

الأمر عند «دي بوير» لا يقل غرابة، الذي أخرج «كاندريفا» وأدخل «يوفيتيش» الذي بدا تائهًا عند دخوله الملعب، فهو في الأصل يلعب كمهاجم ثانٍ ولكنه تحرك كثيرًا بالقرب من «بيرزيتش» في اليسار، كان المنطقي من الأساس إدخاله بدلًا من «ماريو».

الأغرب أنه وبعد دقيقتين من تبادل الهدايا تعادل الإنتر من لعبة ثنائية بين «إيكاردي» و «بانيجا»، كل هذا يؤكد نظرية الفوضى وأن الفريقين لم يستقرا على أسلوب لعب وأن حالة اللاعبين هي التي تحدد النتيجة في الغالب.

بعد مرور 4 دقائق وفي الدقيقة 76 تقدم روما مرة أخرى برأسية من «مانولاس» التي ارتطمت برأس «إيكاردي» ويد «هاندانوفيتش» وكأن الهدف كان خير تمثيل للفوضى في كل شيء، هدف فوز في وقت أخطـأ فيه المدير الفني في تغييراته وقراءة تغييرات الخصم في حين قام الخصم بتغييرات تضيع الفرص التي أُتيحت له من المدرب الآخر، تشعر وكأن «سباليتي» ألقي النقاط الثلاث لـ«دي بوير» الذي أعادها له بدوره.

المباراة كانت متكافئة و مثيرة، مليئة بالحركة وتهديد المرمى، انتصر فيها من حالفه التوفيق وكان لاعبوه في حالة أفضل.

الفوز مهم لروما حتى لا يبتعد أكثر ولكن يجب العمل أكثر والبناء علىه، الإنتر يمتلك مجموعة رائعة من اللاعبين ولكن المشكلة هي فِكر المدرب في توظيفهم بشكل يُفيد خطته.