هذه مقالة للكاتب المصري الشهير سلامة موسى بعنوان: «تاريخ الوطنية المصرية: نشوؤها وتطورها»، نشرتها مجلة «الهلال» بعددها الثالث، بتاريخ 1 يناير 1928.

تعود أهمية تلك المقالة إلى أنها تعبر عن تيار وطني مصري يعتبر سلامة موسى أحد روّاده، هو التيار الذي يدعو إلى قصر الانتماء السياسي للمصريين على الوطنية المصرية دون القومية العربية أو الأمة الإسلامية. وكما نلاحظ في هذا المقال، فإن هذا التيار امتاز بنزعته الغربية التقدمية في مسائل الحريات.

كما تظهر في المقالة في فقراتها الأخيرة ملامح فكر اشتراكي كان سلامة موسى من روّاده في الشرق. وهو فكر اشتراكي كان يرى في الاشتراكية أداة لتحقيق النهضة العلمية والصناعية، لذا يعتبر سلامة موسى أيضا من رواد النزعة العلموية في الشرق. ويعد هذا التيار سلفا فكريا للتيار الليبرالي المعاصر في العالم العربي.

وقد تعرّض سلامة موسى نتيجة دفاعه عن تلك الأفكار إلى هجوم شديد من قبل المثقفين المحافظين في مصر، فوصفه الرافعي بأنه معادٍ للإسلام، كما هاجمه العقاد بشدة مقلّلا من شأنه وواصفا إياه بأنه أثبت أنه غير عربي.


قبل محمد علي

لما وقف الصليبيون يحاربون المسلمين في سورية وفلسطين ومصر لم يكن للقومية أوالوطنية سوى معنى ضئيل جدًا بجانب الرابطة الدينية، فكان الإنجليزي والفرنسي والإيطالي يقفون جنبًا إلى جنب بصفة كونهم مسيحيين كما يقف المصري والسوري والعراقي لمقاتليهم بصفة كونهم مسلمين.

وبقيت الحال فى أوروبا كذلك إلى أن ظهرت البروتستانتية التي كان من أكبر دواعي نجاحها الشعور الجديد بالقوميات، فإننا إذا تعامينا عن الجانب الديني في النزاع بين الكنيسة البروتستانتية والكنيسة الكاثوليكية، رأينا نزاعًا آخر بين الوطنيات أوالقوميات الجديدة وبين سلطة البابا؛ فالبابا يمثل أوروبا المسيحية كأنها أمة واحدة، والبروتستانتية الجديدة كانت تمثل القوميات الجديدة كل أمة على حدة، ولكن بقيت مع ذلك فكرة القوميات ضعيفة إلى القرن التاسع عشر.

ولم تكن مصر تختلف عن أوروبا من هذه الوجهة، فإنها إلى عهد قدوم محمد علي إليها لم تكن تعتبر نفسها إلا جزءًا من العالم الإسلامي، وبقيت تنظر إلى نفسها هذه النظرة إلى نحو أربعين سنة مضت.

ومن المؤرّخين من يعيب علينا بقاء مصر أكثر من ألفي سنة تحت نير الأجانب، ولكنّ الواقع أن الولاء للدين كان أكبر من الولاء للوطن، فلم يكن المصري يعدّ نفسه مصريًا بل كان يعد نفسه أيام الرومان مسيحيًا، ثم أيام العرب مسلمًا، ولا يبالي بعد ذلك من يحكم ما دام دينه يتفق مع دينه. ويجب أن نذكر أن اليونان مثل مصر حكمها الأجانب أكثر من ألفي سنة، ولم يكن لهم فى الخمسمائة سنة الماضية عذر المصريين في الولاء للدين.

ولكن في القرن التاسع عشر، انتصر الولاء للوطن على الولاء للدين، وشاع مبدأ القوميات، وكان على أقواه في أوروبا ثم أخذ يتسرّب إلى الشرق العربي، وكانت مصر أسبق الأمم في هذا الشرق إلى الشعور به.


إلى عهد توفيق

لما استقل محمد علي بمصر وخصوصًا عندما قاتل الدولة العثمانية ونزع عن نفسه وعن مصر الولاء لها، كان في عمله هذا ما يبعث الشعور بالوطنية، ولكن محمد علي لم يكن مصريًا، وكان سيئ الظن بكفاية المصري، ولذلك كان يستخدم كثيرين من غير المصريين، فلم يقوَ الشعور بالوطنية في زمنه. ثم جاء عباس الأول فأعاد التصاق مصر بالدولة العثمانية، وزال في عهده الشعور باستقلال مصر أو الولاء لمصر، وعادت مصر شائعة في العالم الإسلامي أو العثماني.

ولكن جاء سعيد باشا، فكان يخالف جده محمد علي من حيث أنه لم يكن يحب مصر فقط دون المصريين، بل كان يحب المصريين أيضًا ولا يميل إلى الأتراك، وقد حكى عنه عرابي أنه أدّب مأدبة بقصر النيل للعلماء والأعيان وكبار الموظفين وخطبهم قائلًا:

أيها الإخوان، إني نظرت في أحوال هذا الشعب المصري من حيث التاريخ فوجدته مظلومًا مُستعبدًا لغيره من أمم الأرض، فقد توالت عليه دول كثيرة كالرعاة والآشوريين والفرس حتى أهل لوييا والسودان واليونان والرومان هذا قبل الإسلام، وبعده تَغَلّب على هذه البلاد كثير من الدول الفاتحة كالأُمويين والعباسيين والفاطميين من العرب، ومن الترك والأكراد والشركس. وقد أغارت فرنسا عليها واحتلتها فى أوائل هذا القرن في زمن بونابرت، وبما إني أعتبر نفسي مصريًا، رأيت أن أربّي أبناء هذا الشعب وأهذّبه حتى أجعله صالحًا لأن يخدم بلاده خدمة صحيحة نافعة ويستغني بنفسه عن الأجانب وقد وطدت نفسي على إبراز هذا الرأي من الفكر إلى العمل.

قال عرابي أنه لما انتهى من هذه الخطبة، خرج الأمراء والعظماء (وكانوا من الشركس والأتراك) وهم حانقون، وخرج المصريون ووجوههم تتهلل. وجاء بعد ذلك إسماعيل، فزاد هذه النزعة الوطنية قوةً بما استحدثه من الطرق الأوروبية في إدارة مصر وإجبار الموظفين على اتخاذ الملابس الأوروبية وإيجاد الصحف الوطنية.

وأوجد إسماعيل مجلس النُظّار، فصار للأمة شخصية لم يكن لها وجود قبلًا. وإذا كان عرابي قد خرج بعد ذلك على توفيق، وطالب بحقوق الأمة وتأسيس مجلس نيابي، فالذي أوحى الثورة إليه هو سعيد وإسماعيل. الأول بما بثه فيه وفي أمثاله من الوطنية، والثاني بما أوجده في مصر من الأساليب الأوروبية التي تبعث في الذهن هذا المعنى، لأن الوطنية كانت إلى ذلك الوقت فكرة أوروبية لا يستسيغها المسلم مصريًا كان أم غير مصري.


التصادم بين الأمة والخديوي

لما جاء توفيق كان العنصر الوطني قد قوي بعض القوة وصار في البلاد رأي عام ينتقد ويميّز نفسه من بقايا الشركس والأتراك وينشد الاستيلاء على مصالح الحكومة والجيش، وكان هذا العنصر مكبوتًا أيام محمد علي وعباس الأول، ولكنّ سعيدًا وإسماعيل عملا على إنهاضه وتقويته.

واستطاع الوطنيون أن ينالوا من توفيق مجلسًا نيابيًا، ولكنّه بعد أن سلّم به عاد فأراد أن يجعل هذا المجلس جمعية للخطابة فقط، إذ حرمه من النظر للميزانية مع أنها أهم ما تشتغل به المجالس النيابية، واستطاع أن يضم إليه في مناوأة الوطنيين دولتي فرنسا وانجلترا.

وعندئذ اصطدمت الأمة بالعرش، وكان زعيم الأمة في ذلك الوقت رجلًا فلاحًا هو أحمد عرابي، وربما لم يقم للزعامة الوطنية قبله فلاح منذ ألفي سنة، وكان عرابي قد انضمت إليه طبقة من الأعيان قد شعروا بمركزهم أمام الموظفين من الأتراك والشركس. ورأى الخديوي أنه يمكنه أن يستعيد سلطته الاستبدادية بالالتجاء إلى فرنسا وانجلترا، ووعده الإنجليز بحمايته. ويقول المستر بلنت أن الخديوي توفيق دبر مع محافظ الاسكندرية مذبحة الأجانب لكي تزول ثقتهم بعرابي، ولكي يتعلل بها الإنجليز للدخول إلى القطر المصري. وتم كل ذلك كما أراد الخديوي، وأُلغي المجلس النيابي، ونُفي عرابي.


أحمد عرابي

الآن، وبعد مُضي 45 سنة من ثورة عرابي، يمكن للقارئ المصري أن يعرف أغراض الثورة وأسباب الهزيمة ويقدّر كفاية عرابي ونزاهته .

أما أغراض الثورة كما فهمها الأعيان، فهي تقييد سلطة الخديوي، وكانوا كلهم ينظرون من ذلك إلى منعه من أن يسير سيرة إسماعيل ويرهق أصحاب الأراضي بالضرائب ويبعثر أموال الدولة في مصالحه الخاصة، وكانت أغراض الضباط في الجيش والموظفين في الحكومة أن يستولوا على المراكز العالية التي كان يستولي عليها الأتراك والشركس، وكان بين الزعماء جميعهم روح عامة ترغب في التعليم المجاني العام وفي تحسين حال الفلاح ونحو ذلك من ضروب الإصلاح.

وكانت كل هذه الآمال تتجسم في ذهن عرابي الذي ثبتت نزاهته عند المحاكمة أمام المجلس العسكري؛ إذ تبيّن أن كل ثروته التىيجمعها طول حياته، ومنها مدة توليه الوزارة، لا تبلغ ثروة مأمور مركز الآن، وهذا غريب في رجل يُتّهم بالمطامع والخيانة إذا قُوبل بمئات الألوف التي تركها نوبار باشا أو رياض باشا.

ولكنّ عرابي كان مع نزاهته وإخلاصه للبلاد ضعيفَ الرأى فى الحرب، قليلَ الاستنارة عن علاقات الدول الكبرى، ولذلك لم يستطع أن يدرك القوة الإنجليزية، ولم يفهم أن حياد قناة السويس لا قيمة له في الحرب، ولذلك فإن الإنجليز الذين اتّحدوا مع الخديوي تمكنوا من استغواء طائفة من الضباط في جيش عرابي أرشدوا الجيش الإنجليزي إلى كبس الجيش المصري في الليل.

وبلغ من عناية الضابط علي يوسف خنفس أن وضع لهم المصابيح حتى لا يضلّوا الطريق في الهجوم، وكُوفئ خنفس هذا على خيانته من جنس عمله، فإن الخديوي والإنجليز رشوْه بمقدار من المال، ولما جاء إلى القاهرة بعد الهزيمة وأراد صرف النقود وجدها كلها زائفة. وكان عرابي مع ضعف رأيه في الحرب، سليم النية يقضي معظم وقته في الذكر على الطريقة المألوفة بين الفلاحين، وبسلامة نيته انهزم أمام الخديوي والإنجليز وانهزمت الأمه معه في أمانيها.


عهد الردة

لما انهزم عرابي، ظهرت الطائفة التي كان عرابي يحاربها، وهي طائفة الأتراك، ممثلة في شخص رياض باشا الذي كان أكثر الوزراء حماسة وإلحاحًا في طلب شنق عرابي. ولكن الإنجليز كانوا أرحم لعرابي من رياض، وقنعوا بنفيه إلى سيلان، وخصوصًا عندما دخلهم الشك بأن الخديوي هو الذي دبر مذبحة الاسكندرية وأن عرابي بريء منها.

وشمل البلادَ بعد ذلك نوعٌ من الجمود والتوجس من كل نهضة، وشاع على أثر الهزيمة أن عرابي اتفق مع الإنجليز، والأغلب أن توفيق وشيعته هم الذين أشاعوا ذلك إخفاءً لما دبروه من دخول الإنجليز وتشويهًا لسمعة عرابي.

وبقيت هذه الإشاعة إلى مدة قريبة بين العامة حتى بعد رجوع عرابي وهو مهدوم الصحة محروم من أمواله القليلة التي كانت الحكومة قد استصقتها. ومع أن أملاك الثائرين مثل محمود سامي البارودي قد رُدّت إليهم وعُفي عنهم؛ إلّا عرابي هذا فإن الانتقام منه سواء من توفيق أم من ابنه عباس، إلى يوم وفاته.

وظهر مصطفى كامل بعد الثورة العرابية بنحو عشر سنين، فجعل يجاهد للاستقلال من سلطة الإنجليز دون أن ينشد الاستقلال من سلطة الدولة العثمانية، على أن هناك من يلتمسون العذر له عن ذلك بأنه إنما كان يستند إلى الدولة العثمانية استنادًا وقتيًا على سبيل وضع القوة التركية في وجه القوة الإنجليزية، كما كان يستند أيضًا إلى فرنسا.

فإن ظروف السياسة الدولية كانت تحمله على ذلك. وفي رأينا أن الحزب الوطني كان يجب عليه أن يطلب رد عرابي قبل كل شيء، وبذلك يعود الصراع بين الخديوي والأمة بشأن المجلس النيابي، فيشعر الإنجليز بذلك بجنايتهم لمساعدة الخديوي على إلغاء هذا المجلس.


حزب الأمة

وجد أعيان البلاد حوالي سنة 1906 أن الحزب الوطني يساير أتوقراطية الخديوي ويرضى عنها، وأن الإنجليز يُعيّرون الوطنيين بأنهم لا يطلبون الاستقلال لأنفسهم بل لكي تكون بلادهم جزءًا من الدولة العثمانية، وكان بعض هؤلاء الأعيان لا يزالون يذكرون مجلس النواب الذي أُلغي سنة 1882، فأسسوا «الجريدة» ووضعوا على رأسها الأستاذ أحمد لطفي [السيد]، وتسمّوا باسم «حزب الأمة».

وكانت أغراض هذا الحزب تشبه كل الشبه أغراض الوطنيين أيام عرابي، وكان أهم المطالب هو الدستور، وأخذ لطفي السيد يبدي ويعيد كل يوم نحو ثمان سنوات في وجوب الحكم الدستوري وتحديد معنى الوطنية وقصرها على مصر، حتى أنه عندما نشبت الحرب بين تركيا وإيطاليا بشأن طرابلس، وأخذ بعض الناس يتبرعون بأموالهم لمساعدة الأتراك، حضهم هو على عدم التبرع ونصح لهم بقصر جهود المصري على مصر. وبهذه النزعة الجديدة، دخل عامل جديد فى الحركة الوطنية، نعني الأقباط الذين كانوا يتجنبون الحزب الوطني لممالأته للأتراك ولإكثاره من ذكر جامعة الخلافة.

وجمع لطفي السيد حوله طائفة من الأدباء والمجددين، فظهر طه حسين لأول ما ظهر على صفحات الجريدة، وبينما كان «المؤيّد» صحيفة الخديوي و«اللواء» صحيفة الحزب الوطني يجحدان أفكار قاسم أمين عن حرية المرأة، كانت «الجريدة» تدافع عنها، وعلى صفحاتها ظهرت مقالات السيدة مَلك الباسل أو باحثة البادية، فلما كانت الحرب الكبرى [الحرب العالمية الأولى] كنا قد دخلنا في طور «الوعي» الوطني.


سعد زغلول

واستمر ضغط الحرب مدة طويلة، وكان الفلاح، نعني العامل، لا يزال إلى ذلك الوقت خارجًا عن الحركة الوطنية مشغولًا بحقله وزرعه، ولكنّ الحرب الكبرى حزّبت الإنجليز إلى استغلاله، وكان هذا الاستغلال ينحصر تحت أسماء مختلفة في تسخيره بما يشبه المجّان، وفي سرقة أمواله ومواشيه أو اغتصابها بدفع أثمان اسمية أو بلا دفع شيء.

ثم جاء ولسون ينشر على الناس مبادئه، وهي مبادئ ستعيش وسيتذكرها الناس في المستقبل كأنها من أعلام الرقيّ الانساني. ورأى الحلفاء أن يروّجوا الدعاية لهذه المبادئ لبث العقيدة بين الناس أنهم على حق وأعداءهم على باطل، وتعلّقنا نحن فى مصر بهذه المبادئ، وكنا بتعلقنا ذلك نحلم حلمًا لذيذًا، ولكن للأحلام أثرها في إنهاض الأمم وتقدمها.

فلمّا كانت سنة 1919، ذهب ثلاثة من ساسة البلاد وأعيانها بقيادة سعد باشا زغلول يطلبون الحكومة الذاتية لمصر. وكان هذا الطلب متواضعًا بالنسبة لما فعله بث هذه المبادئ التي أذاعها ولسون على العالم، ولكن النفس الإنجليزية ضنّت علينا بهذا الطلب المتواضع، ثم عمدت بعد ذلك إلى الطريقة الألمانية التي كانت تشنّع عليها، وهي العنف، فقبضت على سعد وأصحابه وأبعدتهم عن مصر.

وهنا ظهرت فائدة الضغط الذي لحق بالفلاح مدة الحرب في نفسه وفي ماله، فصارت الأمة المصرية بأجمعها حزبًا وطنيًا لا يطلب الحكم الذاتي فقط بل الاستقلال التام. وصار الفلاح يشتغل بالسياسة كما يشتغل الطلبة بها، وما زلنا في جهاد الاستقلال التام.

والآن يجب أن نلاحظ شيئًا اشترك فيه الثائرون المصريون مع الثائرين الأتراك، ففي تركيا الآن لا يبالي الوطني التركي بأية جامعة سوى جامعة الوطن، وقصر جهوده على تركيا حتى باتت تركيا التي تولّت على سورية أكثر من 400 سنة غريبة عنها كأنها لا تعرفها، وباتت علاقتها بجزيرة العرب أو العراق علاقة الغريب بالغريب.

وعندما تتأمل أحوال الوطنيين المصريين مثل سعيد باشا وإسماعيل وعرابي ولطفي السيد نجد هذه النزعة أيضًا سائدة بين جميع الزعماء مع استثناء مصطفى كامل فقط، فهم كلهم كانوا يرغبون في ترقية مصر والعمل لاستقلالها من تركيا وقصر الجهود المصرية على مصر، وهذا هو وجه الشبه بيننا وبين تركيا.

والغريب أن بعض أقطار الشرق العربي تنظر إلينا كما كانت مصر تنظر إلى تركيا عقب ثورة عرابي، وسكان هذه الأقطار يغضبون منا إذا صرّحنا لهم بأننا نحب أن نقصر جهودنا على مصر، ومع ذلك يجب أن يعرفوا أن الحزب الوطني الآن يقر بخطئه في اعتماده على تركيا مدة طويلة.

ويرى القارئ أنى قد نظرت في هذا المقال إلى التمييز بين الولاء للدين والولاء للوطن، ولكني مع ذلك لا أقصد من هذا التمييز إلى مفاضلة بينهما وإنما إلى تقرير الواقع، وقد تكون الرابطة الدينية أرقى من الرابطة الوطنية تعمل للإخاء الانسانى أكثر منها.

ثم قد يراني نقمت من الحزب الوطني أشياء لا تتفق والوطنية والتجديد، ولكن يجب أن أقر مع ذلك أن الحزب الوطني قد أدى لمصر والمصريين خدمات لا تُنسى.