كان سيد قطب يخاطب كلًّا من طه حسين وأحمد أمين بلقب الأستاذية، أما الشيخ أمين الخولي فقد ظلت علاقته به غامضة. وعلى الرغم من ذلك الغموض أزعم، بناء على مقارنات عدة، أن سيد قطب كان عارفًا وبشكل مباشر بمنهج أمين الخولي في «الدراسة الأدبية للقرآن»، بل ربما كان أول من حاول في نهاية الثلاثينيات تحقيق دعوة أمين الخولي وتطبيق منهجه في «التفسير الأدبي للقرآن».

وكان أمين الخولي يدرّس أفكاره عن «التفسير الأدبي للقرآن» في الجامعة المصرية منذ عام 1928، أي قبل عقد كامل من نشر سيد قطب دراسته الأولى والفارقة بعنوان «التصوير الفني في القرآن»، وذلك في «مجلة المقتطف»، في عددي فبراير/شباط ومارس/آذار سنة 1939. وهي الدراسة التي طورها سيد قطب وراجعها هو وآخرون[1] ثم نشرها بعد سبع سنوات (أبريل/نيسان 1945) في كتابه المعروف بالعنوان نفسه.


التصوير الفني

وعلى الرغم من أن سيد قطب نشر كتابه «التصوير الفني» سنة 1945، فإن مقالته القديمة في «المقتطف» (سنة 1939) ما زالت تحتفظ بأهميتها، خاصة في مجال تناول سيد قطب للقرآن تناولًا أدبيًّا بحتًا، كما قال. والطريف أن سيد قطب يشير في هامش مقالته تلك إلى أن محرر المقتطف، أي يعقوب صروف، قد وجه نظره إلى أن التوراة والإنجيل طبعا في أمريكا ليدرسا دراسة أدبية بحتة، وأن «القرآن بأسلوبه العربي أولى بهذا»[2].

وقد أشار سيد قطب في بداية دراسته تلك إلى أن القرآن دُرس دراسة لا بأس بها من نواحي التشريع واللغة والتاريخ، ولكنه لم يدرس من الناحية الفنية دراسة حقيقية. نعم تناوله بعض الباحثين في البلاغة، وفي مقدمتهم بالطبع عبد القاهر الجرجاني والزمخشري، «ولكن الدراسة الفنية الكاملة، التي تتناول هذا الكتاب الكريم كسجل لأبلغ أسلوب عربي، وتكشف عما حواه من الجمال التصويري، وتشرح خصائصه الفنية، ولوازم أسلوبه، وحيوية تعبيره، وروحانية اتجاهه، هذه الدراسة الواجبة لم توجد حتى اليوم، ومن الواجب أن توجد في القريب، ولعلنا اليوم قد صرنا إلى المرحلة التي نتناول فيها القرآن الكريم ككتاب أدبي، وننظر فيه من الوجهة الفنية الحرة، ونتأمل ما فيه من جمال روحي غير مقيد بقيود الضرورة، نحلل ما حواه من مذاهب فنية»[3].

ورأى سيد قطب أن لهذا الكتاب الكريم خصائص مشتركة، وطريقة موحدة ومفضلة في التعبير عن جميع أغراضه، وهي الطريقة التي كتب من أجلها دراسته تلك، ثم يشرح فكرته فيقول:


القصص القرآني

يقسم سيد قطب التصوير الفني في القرآن أربعة أقسام، هي: «صور فنية مجردة، وقصص فني تتابع فيه الصور وتتلاحق، ونوع بينهما هو الحوار يميل إلى القصة تارةً، وإلى الصورة المجردة تارةً، وتعبيرات فنية عن حالات نفسية أو مناظر طبيعية». ويأخذ سيد قطب في تفصيل كل قسم وتقديم عدة نماذج له. وأشار إلى أن قصص القرآن على ثلاثة ألوان:

1. قصص تاريخي ومنه قصص الأنبياء.

2. وقصص تمثيلي يوضحه سيد قطب نفسه بأنه «لتمثيل حالة ولو لم تقع»[6]. ومنه تبعًا لقطب قصة أصحاب الجنتين. وفي كتاب «التصوير الفني» بدأ سيد قطب رحلة تخليه عن هذا الرأي الخطير فلم يكرره بذلك الوضوح، وإنما قال: «أمثال قصصية تضرب في القرآن»[7]. وهذا الرأي بالمناسبة هو الجزئية التي حوكم بها فيما بعد محمد أحمد خلف الله بسبب تبنيها في رسالته «الفن القصصي في القرآن»، والتي بسببها منع أستاذه أمين الخولي من الإشراف على الرسائل الجامعية، وسنتحدث عن هذه الجزئية في مقال آخر.

3. وأخيرًا قصص تاريخي تمثيلي، ومن أمثلة هذا القسم قصة إبليس وقصة آدم وقصة ابني آدم. ويضيف: «أكمل ما يمثل به للقصص الفني في القرآن هو «قصة مريم»، وذلك على الرغم من أن «قصة يوسف» مثلًا أطول وأكثر مناظر. ولكن الأولى أحيا وأدخل في الحبكة الروائية، وفيها مجال أوسع لشتى الانفعالات النفسية، وهي تحتوي مشاهد مدهشة لرواية «سنيمائية» تتخللها فجوات تترك للخيال الخصب مجالًا متسعًا للتصوير ولتكملة الحلقات المحذوفة بمهارة عجيبة»[8].

وكان سيد قطب يشعر أن مقالته تلك غير كافية لدراسة الموضوع؛ لذا نجده يشير هنا إلى أن ذلك الموضوع بأنواعه يصلح لبحث مطول خاص بالقصة في القرآن. وفي نهاية الجزء الثاني من المقال قال إن «هذه عجالة في هذا البحث البكر الخصب، ولعلها تكون مقدمة لبحث شامل إن شاء الله»[9]. وعلى الرغم من أن سيد قطب كان يعد بكثير من الأبحاث ولا ينجزها فإنه حقق وعده هذا بعد سبع سنوات، عندما نشر، كما سبق، كتابه «التصوير الفني في القرآن» (أبريل/نيسان 1945).

ومن يطالع الكتاب سيقف على لمحات عدة تدل على زهو سيد قطب بما فعل، على سبيل المثال سخريته من قول الدكتور طه حسين «إن القرآن ليس شعرًا وليس نثرًا. إنما هو قرآن»؛ حيث قال بوضوح: «لسنا في حاجة إلى هذا اللعب بالعبارات، فالقرآن نثر متى احتكمنا للاصطلاحات العربية كما ينبغي. ولكنه نوع ممتاز مبدع من النثر الفني الجميل المتفرد»[10].

وهي مقالة تأسيسية يمكن أن نفهم كتابه من خلالها. وكما ترى فإنه لم يستخدم وصف (معجز) كما لم يستخدم كلمة (الإعجاز) في العنوان. وقد ذكر أنه أعطى هذا العنوان كتابه لأنه انتهى إلى أن «التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن»[11].

وهذا ما فعله أيضًا حين تحدث عن قصته مع القرآن وسحره، ومنبع هذا السحر، وذلك في فصله الجميل «لقد وجدت القرآن»، الذي يعلن فيه نهاية مرحلة الشك التي كان يعيشها وبدء عودته للقرآن والنظر فيه لأغراض فنية أدبية دون التعرض للمباحث اللغوية أو الكلامية أو الفقهية أو سواها من مباحث القرآن المطروقة[12].

وقد عرض سيد قطب لتاريخ التفسير ومراحله في فصل خاص، وكان الشيخ أمين الخولي قد نشر في العام السابق مباشرة (1944) دراسته المعروفة التفسير، معالم حياته – ومنهجه اليوم. وقد تحدث سيد قطب أيضًا – ولكن للأسف دون تحديد نظري – عن التصوير الفني، والتخييل الحسي والتجسيم، والتناسق الفني، والقصة في القرآن، والنماذج الإنسانية، والمنطق الوجداني، وأعطى أمثلة لكل ذلك، واستخلص في النهاية «طريقة القرآن» الفنية كما فهمها.

وقد صرح في أكثر من موضع في الكتاب بأن هدفه كان موجهًا للجانب الفني وليس الديني. وأشار إلى أن كلمة «الفني» كان لها مدلول واحد في نفسه، وهو جمال العرض، والتنسيق والأداء، وبراعة الإخراج، ولم يجل في خاطره قط أن «الفني» بالقياس إلى القرآن معناه الملفق، أو المخترع، أو القائم على مجرد الخيال[13].


بداية الصراع

جرّد القرآن – مؤقتًا – من قداسته الدينية، وجرّده من أنه كتاب تشريع ونظام حكم، تجد فيه بعد هذا وذاك كتابًا أدبيًّا، فيه فن، وفيه جمال، وفي كثير من أساليبه سحر خاص، وخيال خصب… وفي القرآن صور فنية كاملة تحتاج تارة إلى ريشة المصور الماهر، تبرزها في مظهر خلابٍ[4]، وتارة لقلم الروائي القدير، يخرجها في قالب كامل. وهي في كلتا الحالتين تتطلب خيالًا قويًا يتتبع صورها ويكمل أجزاءها التي حذفت بمهارة كي تدع للخيال فرصة وفسحة يعمل فيها ويستشعر اللذة والجمال[5].

حين ظهر كتاب «التصوير الفني في القرآن» سنة 1945 انقدحت شرارة الصراع بين سيد قطب ومدرسة الأمناء (نسبة إلى أمين الخولي). وفي الشهر نفسه نشرت عائشة عبد الرحمن “بنت الشاطئ” (زوجة أمين الخولي الثالثة) مقالة عن الكتاب في جريدة الأهرام، أشارت فيها إلى أن الكتاب مجرد محاولة للبحث في جمالية القرآن، وأن موضوعه ليس جديدًا أو مبتكرًا، وقد سبقته أبحاث جامعية حول الموضوع نفسه.

وهذا ما أحنق سيد قطب واضطره إلى التعقيب على المقال بعد شهر واحد فقط. ففي سياق رده على كل من نجيب محفوظ وعبد المنعم خلاف رد أيضًا على بنت الشاطئ، ولكن دون ذكر اسمها، بالطبع حتى يتيسر له اللمز بأن «أمين الخولي» هو صاحب النقد لا هي، ولذا قال:

وكتب كاتب أو كاتبة
في جريدة الأهرام أن هذا الكتاب (محاولة) للبحث في جمال القرآن سبقتها اتجاهات في الجامعة. وللكتابة على هذا النحو أسباب خاصة ليس من شأني الحديث عنها، كما أن وصف هذا العمل بأنه (محاولة) مسألة داخلة في دائرة (التقدير) المتروكة للقراء. إنما يعنيني هنا الحقيقة التاريخية… إنني بدأت هذا البحث ونشرت فصولًا منه بعنوان «التصوير الفني في القرآن» في المقتطف عام 1939، ثم أخرجته كتابًا في هذا العام، فأين هي البحوث الجامعية في هذا الاتجاه؟ إن كان الغرض هو البحث في جمال القرآن فهذا بحث قديم؛ وإن كان الغرض هو البحث على نحو خاص غير مسبوق، فالواقع ينطق بأن ما كتب في الأهرام لا يطابق الحقيقة. والسلام[14].

وعندما ظهر كتاب «دفاع عن البلاغة» لأحمد حسن الزيات ضاقت به «جماعة الأمناء» أيضًا، وكان الشيخ أمين الخولي يدرس مادة البلاغة اعتمادًا على كتاب للمستشرق الألماني أوجست فون ميارن Mehren عنوانه «بلاغة العرب – Die Rhetorik der Araber». وفي هذا الكتاب يركز ميارن على دور مصر في البلاغة العربية، وهو الموضوع الذي أصبح أثيرًا عند الشيخ أمين الخولي.

وقد نشرت «بنت الشاطئ» أيضًا نقدًا قاسيًا لكتاب الزيات في مجلة «الكتاب». وقد رد عليها الزيات في المجلة نفسها، واتهمها صراحة بأنها تنطق عن لسان غيرها، وتأخذ كلام صاحبها – يعني زوجها – لتوقعه وتنشره[15]. وانضم سيد قطب إلى جانب الزيات، وكتب بحثًا طويلًا عن كتاب الزيات ونشرته مجلة الزيات (الرسالة) في ثلاثة أعداد، قال في الأول منها:

للمرة الأولى بعد كتابَي (عبد القاهر) في القرن الرابع الهجري تعرض قضية البلاغة على بساط البحث في هذا المحيط الشامل، وتناقش بوصفها وحدة في بحث مستقل، لا في صدد دراسة لكاتب أو كتاب. ونحن قد نخالف الأستاذ في الكثير من قضايا هذا الكتاب كما نوافقه على أسس معينة لهذا البحث. ولكن هذا كله شيء آخر لا يمس القيمة الذاتية للكتاب في المكتبة العربية بوصفه أول علاج شامل لقضية البلاغة بعد كتابي عبد القاهر. لا يقف فيه مؤلفه عند الأدب العربي وحده، بل يسترشد كذلك بالنقاد الفرنسيين، وتطور المذاهب الأدبية هناك، كما يسترشد بالنقاد العرب، وتطور الأساليب في العصر الحديث.

وعنوان الكتاب «دفاع عن البلاغة» قد يدل على موضوعه دلالة كافية، والأستاذ الزيات أولى الكتّاب المعاصرين بالدفاع عن البلاغة، فهو صاحب «مذهب التنسيق التعبيري»، والذي يجعل للتعبير وتنسيقه أهمية كبرى في الفن، بل الذي يجعل الفن هو أساس هذ «التنسيق التعبيري». نحن نتفق مع الأستاذ في أساس القضية، وهو أن العمل الفني في الأدب لا يوصف بالجودة إلا أن يتهيأ للفكرة الجيدة، أو الإحساس الجيد، أسلوب جيد، وعبارة جيدة. وألا يفسد ويرك ويتعقد، ثم تبقى لهذا العمل قيمته الفنية[16].

وحين تقدم محمد أحمد خلف الله في منتصف سنة 1947 برسالته «الفن القصصي في القرآن»، وكان الشيخ أمين الخولي مشرفًا عليها، قامت ضجة كبيرة حول الرسالة. أرسل الشيخ الخولي رسالة إلى صديقه توفيق الحكيم نشرها في الأخبار تحت عنوان «هي حق وألقوا بي في النار».

وفيها تضامن مع مقدم الرسالة في كل حرف خطه في الرسالة، وأن سبب هذه المحنة، أن الذين قرأوا الرسالة تقولوا عليها بما يستحيل أن يكون فيها، وأن أسوأ ما في الأمر أن الجامعة ترفض اليوم ما كان يقرر بين جدران الأزهر وينشر منذ اثنين وأربعين عامًا، وتُخضع البحثَ للأوهام لا للإسلام، يعني على يد الإمام محمد عبده. وختم الرسالة بأن ما يحدث «إنكار للحق الطبيعي للحي في أن يفكر ويقول، وإنه لحق عرفنا الإسلام يقرره ويحميه، فلو لم يبق لنا في مصر والشرق أحد يقول إنه حق، لقلت وحدي وأنا أُقذف في النار»[17].

وكان ممن شاركوا في هذا الجدل عباس العقاد وتوفيق الحكيم وأحمد أمين وأحمد الشايب وعبد الفتاح بدوي ومحمد الخضر حسين وسيد قطب. وقد تحدث الجميع عن القضية المثارة بموضوعية لم تتجاوز العلم إلى الأمور الشخصية، عدا سيد قطب الذي نشر بجريدة الوادي مقالًا ملتهبًا وغير معتاد منه لأنه جاوز فيه الموضوعية المأمولة إلى أمور شخصية نسبها لأمين الخولي، وقد أنكرها عليه كثيرون. ونختم هنا بفقرة مما قاله سيد قطب في هذه المقالة الشاذة[18]:

إن أمين الخولي يعاني أزمة نفسية، وإنه ينظر فيرى نفسه لا يقل إن لم يكن خيرًا من أساتذة جامعيين كبار في هذا البلد، ثم لا يرى لنفسه مثل مكانهم في العالم الخارجي، خارج الجامعة، وأقرب الأمثلة أمامه الدكتور طه حسين وما يتمتع به من مكانة ملحوظة، والأستاذ أحمد أمين وما له – كذلك – من شهرة، وهذا الوضع يسبب له قلقًا نفسيًّا يتجلى في مظاهر كثيرة كلها تدور حول لفت النظر بكل وسيلة، وأبسط مظاهر ذلك أنه لا يكاد يستقر على زي في ملابسه، ولا تأمن أن تراه في أي يوم بزي غير ما عهدت منه في اليوم السابق، وأزياؤه في التفكير كأزيائه في الملابس كلها اندفاعات وشطحات.
المراجع
  1. يشير سيد قطب في هوامش بعض الفصول لمن قاموا بمراجعتها، مثل الموسيقي محمد حسن الشجاعي (ص 102)، والرسام ضياء الدين محمد (ص 114).
  2. سيد قطب: التصوير الفني في القرآن، مجلة المقتطف، عدد فبراير/شباط 1939، ص 206.
  3. سيد قطب: السابق، ص 206.
  4. هذا ما حدث بالمناسبة مع التوراة والإنجيل، حيث حول رسامو عصر النهضة الأوروبية ومن بعدهم موضوعات العهدين إلى لوحات فنية ما زالت تثير الإعجاب.
  5. سيد قطب: السابق، ص 207.
  6. سيد قطب: السابق، ص 209.
  7. سيد قطب: التصوير الفني في القرآن. طبعة دار الشروق بالقاهرة، ص 52.
  8. سيد قطب: التصوير الفني في القرآن. المقتطف، عدد فبراير/شباط 1939، ص 209.
  9. سيد قطب: السابق، عدد مارس/آذار، ص 318.
  10. سيد قطب: التصوير الفني في القرآن. طبعة الشروق، هامش ص 103.
  11. سيد قطب: السابق، ص 36.
  12. السابق، ص 9.
  13. السابق، ص 255.
  14. سيد قطب: على هامش النقد: مباحث عن التصوير الفني في القرآن. الرسالة، عدد 620، 21 يونيو/حزيران 1945، ص 529.
  15. أحمد حسن الزيات: راجع الكتاب ج3، يناير/ كانون الثاني 1946، وكذلك ج 4، فبراير/شباط 1946.
  16. سيد قطب: على هامش النقد. دفاع عن البلاغي. مجلة الرسالة، عدد 676، في 17 يوليو/تموز 1946، ص 662.
  17. توفيق الحكيم: الأستاذ المشرف على الرسالة يقول: إنها حق وألقوا بي في النار. أخبار اليوم في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1947.
  18. سيد قطب: الوادي، ع 66، 29 ديسمبر/كانون الأول 1947، ص 9.