تعد الإصابات الناجمة عن حوادث المرور أحد الأسباب الرئيسية للوفاة والإصابات التي تسبب العجز الدائم على الصعيد العالمي. فهي تؤدي إلى وفاة ما يقرب من 1.3 مليون شخص سنويًا بالإضافة لإصابة 20 إلى 50 مليون مصاب. وترتفع معدلات الخطر في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط حيث تحدث 90% من الوفيات المرتبطة بحوادث المرور.

وتشير التقديرات الحالية بالنسبة لمصر إلى معدل وفيات يبلغ حوالي 42 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص من السكان بمعدل أكثر من 12 ألف حالة وفاة كل عام، وهو واحد من أعلى المعدلات في الشرق الأوسط. كما تكلف الاقتصاد المصري حوالي 30 مليار جنيه كل عام.

ففي دراسة أجريت بين عامي 2011 و2012 على ثلاثة من الطرق الرئيسية في مصر، وجدت النتائج أن استخدام حزام الأمان بين السائقين وركاب المقاعد الأمامية كان منخفضًا للغاية، يتراوح بين 11.1% إلى 19.8% للسائقين، 2.9% إلى 4.0% لركاب المقاعد الأمامية.كما أجرت منظمة الصحة العالمية دراسة استقصائية عن أهمية حزام الأمان، لتجد أن 75% من المشاركين لم يفهموا أهميته من الأساس.

أما في الولايات المتحدة، يستخدم ما يقرب من 90% من ركاب السيارات حزام الأمان، لتصل نسبة إنقاذه للحياة لحوالي 50%.ولم يتجاوز معدل الوفيات 11 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص في حوادث المرور، مع الأخذ في الاعتبار أن عدد المركبات المسجلة يتجاوز الـ 260 مليون مركبة، وهو عدد ضخم إذا ما قارنته بعدد المركبات المسجلة في مصر والذي لا يتجاوز 10 ملايين مركبة.

تساعد أنظمة الأمان في السيارة كحزام الأمان والوسائد الهوائية من تقليل الخطر الناجم عن الإصابات في الحوادث المميتة، مما يقلل من فرص الوفاة والإصابة بالعجز لدى الركاب. فهذه الأنظمة لم تضف على السيارات كرفاهية، بل أضيفت لتصنع الفارق بين الحياة والموت.


كيف يعمل حزام الأمان والوسادة الهوائية؟

تتلخص فكرة عمل أنظمة الأمان الشخصي كحزام الأمان والوسائد الهوائية في أنها تحافظ عليك من الانطلاق خارج السيارة، أو الاصطدام الشديد بعجلة القيادة أو الزجاج الأمامي في حالة التوقف المفاجئ.

فعندما تقود السيارة -مثلًا- بسرعة 150 كيلومترًا في الساعة، وتضطر للضغط على الفرامل فجأة، ستتوقف السيارة، بينما لن تتوقف أنت، وهذا لسبب بسيط: القصور الذاتي؛ هو ميل الأجسام للتحرك المستمر حتى يبطئ من سرعتها أي عائق. وأي شيء أو شخص بداخل السيارة له قصوره الذاتي الخاص، فعندما تقود سيارتك على هذه السرعة تشعر كأنك والسيارة جسم واحد، لكن هذا ليس حقيقيًا، فعندما تصطدم السيارة بشجرة أو بعامود كهرباء مثلًا، ستتسبب قوة الاصطدام بتوقف السيارة المفاجئ، لكنك لن تتوقف، ستجد أن قصورك الذاتي منفصل تمامًا عن القصور الذاتي للسيارة.

وبدون ربط حزام الأمان أو عمل الوسائد الهوائية، إما سننطلق للخارج بسرعة 150 كيلومترًا في الساعة، أو ستصطدم بعجلة القيادة أو الزجاج الأمامي بنفس السرعة. ليتوقف قصورك الذاتي نتيجة قوة هائلة من الاصطدام، ليكون رأسك أول ما يتعرض لهذه القوة القاتلة.

بينما يطبق حزام الأمان قوة التوقف على أجزاء أكثر متانة في الجسم، وعلى مدى زمني أطول، فهو يوزع هذه القوة عبر أجزاء أكثر ثباتًا في جسدك ليقلل الضرر الناتج. فعند ارتدائه بصورة صحيحة، سيطبق معظم القوة على القفص الصدري والحوض، وهي أجزاء متينة نسبيًا من الجسم. بالإضافة لتمدده قليلًا، مما يعني أن توقفك لن يكون مفاجئًا إلى حد ما.

بينما تساهم الوسائد الهوائية في تقليل فرص اصطدام رأسك أو جسدك بأجزاء السيارة الداخلية، والتي تعمل عن طريق مستشعر يقوم بفتحها في التصادمات العنيفة نوعًا ما.


سلوكيات خاطئة قاتلة

تركب سيارتك، وتبدأ في تشغيل المحرك، لتسمع صوت هديره المحبب، ثم يتبعه صوت صفارة مزعجة (بيب، بيب، بيب) تذكرك بضرورة ربط حزام الأمان الخاص بك. يلجأ معظم قائدي السيارات إلى تشغيل الموسيقى بصوت عالٍ، أو قد يذهب البعض لأحد محلات الإكسسوار ليشتري «سكّاتة حزام الأمان» حتى يتخلص من هذه الصفارة المزعجة، مع أن هناك طريقة سهلة وبسيطة وبديهية للغاية للتخلص منها -ويا للمفاجأة- وهي أن يربط حزام الأمان.

أو قد تخشى على شكل لوحة القيادة بالسيارة من الداخل عند فتح الوسائد الهوائية فتقوم بإلغاء عملها من الأصل، بدون النظر لأهميتها بالنسبة لحياتك وما قد يكلفك من أموال في حالة التعرض للحوادث. يجادل الكثيرون حول أهمية أنظمة الأمان، ولماذا لا يحتاجونها أثناء القيادة، أو حتى إذا كنت تركب بجوار السائق فحسب، وإليك بعض السلوكيات الخاطئة الأكثر شيوعًا، والرد عليها:

سوف تنقذني الوسائد الهوائية

لا تخلو السيارات الحديثة من الوسائد الهوائية، فهي أحد أنظمة الأمان الهامة في السيارات اليوم، ولكنها نظام تكميلي لحزام الأمان. فهي بالطبع توفر حماية إضافية أثناء الحوادث، ولكن بشرط استخدامها وأنت ترتدي الحزام بصورة صحيحة.

خلصت دراسة للتصادمات الأمامية عام 2007، حيث كانت جميع السيارات التي شملتها الدراسة بها وسائد هوائية، أن الركاب الذين لم يرتدوا حزام الأمان كانوا أكثر عرضة للموت أو الإصابات الخطرة بمقدار الضعف ممن ارتدوا الحزام بالفعل أثناء التصادم. وبالإضافة لذلك، لن تُفتح الوسائد الهوائية إلا إذا كان الاصطدام عنيفًا بالقدر الكافي لكي تعمل، فهي غير مصممة لتُفتح في أي تصادم؛ لذا إن لم تكن ترتدي حزام الأمان في الاصطدامات البسيطة، ستتعرض -على أقل تقدير- للإصابة في رأسك أو في صدرك بسبب الارتطام بعجلة القيادة.

لا أحتاج للوسائد الهوائية، سوف تتلف لوحة القيادة أو التابلوه الأمامي

كما ذكرنا في النقطة السابقة، تعد الوسائد الهوائية نظامًا تكميليًا للأمان في السيارة، فهي لا تغني عن حزام الأمان، لكنها ضرورية لمزيد من الحماية أثناء التصادم؛ فهي تقلل من فرص اصطدام رأسك وجسدك بأجزاء السيارة مثل عجلة القيادة أو الزجاج الأمامي.

ومن غير المنطقي نهائيًا أن تخشى على شكل السيارة من الداخل، ولا تخاف على حياتك وحياة الركاب معك!

سيحتجزني حزام الأمان بداخل السيارة، من الأفضل أن أُقذف للخارج

أجرت إدارة السلامة المرورية الوطنية على الطرق السريعة في أمريكا (NHTSA) دراسة على 400 ألف راكب تعرضوا لتصادم قاتل بين عامي 2003 و2007 لتحديد العوامل المتضمنة في رمي الركاب للخارج. وخلصت الدراسة إلى أن الركاب الذين لم يرتدوا حزام الأمان كانوا عرضة للقذف خارج السيارة بأكثر من 18 مرة ممن يرتديه. فقد يعتقد البعض أن ذلك أفضل، ولكنه أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ حيث تقدّر الدراسة أن نسبة خطر الموت لمن يُقذف بالخارج أكثر بـ 2.3 مرة ممن يبقى بداخل السيارة أثناء التصادم.

ارتداء حزام الأمان غير مريح، خاصةً إذا كنت أرغب في النوم

هل تعرف ما هو غير مريح حقًا؟ أن تصطدم رأسك بالزجاج الأمامي مثلًا، أو تُقذف للخارج بنفس سرعة السيارة. أعتقد أن هذه النقطة لا تحتاج لشرح أكثر!

حزام الأمان يسبب بعض الإصابات

قد أظهرت دراسة تلو الأخرى أن استخدام حزام الأمان يقلل خطر الوفاة والإصابات في جميع حالات التصادم. وأظهرت دراسة عن الاصطدامات المميتة في الولايات المتحدة (حيث قُتل شخص واحد على الأقل) أن فرص تعرض الشخص الذي لا يرتدي الحزام في الموت تتضاعف.

ولكن هل من الممكن أن يسبب حزام الأمان بعض الإصابات؟ بالطبع، هذا أمر وارد الحدوث.

ففي حوادث التصادم المتوسطة إلى الشديدة، قد يسبب بعض الكدمات، وبعض إصابات الصدر والبطن. ولكن النقطة الأهم هنا أنه سيمنع اصطدام رأسك وصدرك بعجلة القيادة أو الزجاج الأمامي، مما سيؤدي بالتأكيد إلى إصابات أكثر خطورة من حزام الأمان نفسه.

أنا سائق رائع، لن أتعرض للحوادث

ربما لن تكون أنت السبب في الحادثة، ربما تكون أفضل سائق في العالم، ولكن لسوء حظك، البقية من قائدي السيارات معرضون دائمًا للأخطاء. يمكن تشبيه الاعتماد على قدراتك الخارقة في القيادة لتنقذك بلعبة الروليت الروسية، التي تضع بها طلقة واحدة في المسدس وتتحدى منافسك من سيموت أولًا.

فهناك بعض السيناريوهات التي لا يمكن تجنبها بأي حال من الأحوال، لأنها قد تحدث بسرعة كبيرة، ولا تملك الوقت الكافي لرد الفعل. وفي النتائج التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2016 لحوادث المرور،احتل العامل البشري المركز الأول بنسبة 72%. فأنت لا تملك رفاهية اختيار متى وأين وكيف سيحدث التصادم، لذا يجب أن تكون مستعدًا دائمًا للأسوأ. فكما يُقال: «الأمان أفضل من الأسف».


الأرقام هي الحكم

وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض (CDC)، تعد حوادث تصادم السيارات سببًا رئيسيًا للموت بين من تتراوح أعمارهم من عام واحد إلى 54 عامًا في الولايات المتحدة. فوفقًا لتقرير إدارة السلامة المرورية الوطنية على الطرق السريعة في أمريكا، قد تُوفي حوالي 37461 شخصًا بسبب حوادث المرور في عام 2016، ومن بينهم 63% كانوا في سيارات الركاب العادية.

وفي عام 2016 وحده، أنقذ حزام الأمان حياة 14668 شخصًا، وكان من الممكن أن ينقذ حياة 2456 شخصًا آخرين إذا ارتدوه أثناء الحادث. ومنذ عام 1975 وحتى عام 2016، أنقذ حزام الأمان حياة 359241 شخصًا في المجمل، وكان من الممكن أن ينقذ حياة 384156 شخصًا آخرين. كما أنقذت الوسائد الهوائية حياة 2756 شخصًا في 2016، ومنذ عام 1975، أنقذت حياة 47648 شخصًا.

وحسب الإحصائية، يقلل استخدام وسائل الأمان -لكل من السائق والراكب بجواره- من خطر الإصابات القاتلة بنسبة 45%، ومن الإصابات المتوسطة إلى الحرجة بنسبة 50%.

الهدف الرئيسي من أنظمة الأمان هو الحفاظ على حياتك كسائق للسيارة، وعلى حياة من يركب بجوارك، أسرتك وأصدقائك وأحبائك. فهي بالفعل تصنع الفارق بين الحياة والموت، وهذا ليس مجازًا؛ فهي تقلل من فرص موتك في الحوادث القاتلة؛ لذا حاول أن تعطي لارتداء حزام الأمان واستخدام الوسائد الهوائية الأولوية القصوى أثناء قيادتك للسيارة في جميع الأوقات.