محتوى مترجم
المصدر
The conversation
التاريخ
2018/06/06
الكاتب
أولومويوا أديجون

في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يُعتقد أن أكثر من 55% من سكان الحضر يعيشون في مناطق يمكن أن تصنف كعشوائيات أو مستوطنات غير رسمية. تُعد تلك العشوائيات أو المستوطنات العشوائية تجسيدًا ماديًا لانعدام المساواة الحضرية اجتماعيًا واقتصاديًا.

تجسد تلك العشوائيات إقصاء الأسر الحضرية الفقيرة من الاقتصاد الرسمي في المدن والمرافق البيئية مثل المساحات الخضراء، يكون السكان الذين يقطنون تلك المناطق أكثر عرضة لآثار الطقس المرتبطة بالتغير المناخي.

ويندر جمع النفايات بتلك العشوائيات، لذلك تصبح مستويات التلوث مرتفعة. يعني ذلك أن العشوائيات لها أثر سلبي على النظم البيئية الطبيعية، كما أن وجودها يمكن أن يُسبب تدهورًا بيئيًا ويؤدي لاستنزاف الموارد الطبيعية مثل الخشب.

بعبارة أخرى، تمثل العشوائيات تداخلاً بين المشكلات البيئية والاقتصادية للتحضر. لكن محاولات العديد من الحكومات لتطوير العشوائيات تتركز بشكل كبير على القضايا البيئية وتتجاهل الديناميات الاقتصادية والاجتماعية.

لقد أظهرت دراسات في أديس أبابا الإثيوبية ونيروبي الكينية، أن المواطنين الذين انتقلوا من العشوائيات إلى سكن جديد يعانون فقدان الاتصال الاجتماعي، وفي بعض المناطق لا يمكنهم تحمل الحياة خارج العشوائيات.

وقد تردد ذلك في الأبحاث التي أجريتها في منطقة «كوزمو سيتي» خارج مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا. لقد شعر الأشخاص الذين انتقلوا إلى هناك من مستوطنة عشوائية، بأمان أقل وكانوا يصارعون الحياة ماليًا.

إن النتائج التي توصلت إليها، وتلك التي حصلت عليها من كينيا وإثيوبيا، تشير إلى أن النهج المجتمعي أمر ضروري. إن مجرد نقل الناس دون أخذ اهتماماتهم الاجتماعية والاقتصادية بعين الاعتبار، ليس هو السبيل للتعامل مع قضية الأحياء الفقيرة في المدن.


دراسات حالة

يتمثل نهج الحكومة الإثيوبية الحالية في تطهير العشوائيات وتطوير نظام إسكاني جديد بدلاً منها، ويتم نقل الأسر من أكواخ في العشوائيات إلى منازل جديدة شاهقة متعددة الطوابق.

لقد تناولت دراسة حديثة الجوانب الاجتماعية والبيئية لنهج إعادة التطوير في منطقة «آرات كيلو» الإثيوبية والمنازل الشاهقة الموجودة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وخلصت الدراسة إلى أن تلك الخطوة كان لها بعض الفوائد البيئية؛ لقد خفضت تلك الخطوة بشكل طفيف كمية الموارد التي تستهلكها الأسر، وبشكل خاص المياه والطاقة (بعيدًا عن البنزين)، كان هناك أيضًا انخفاض صغير في كمية النفايات الصلبة والسائلة والغازية المولدة.

لكن المنازل الشاهقة كانت أقل ملاءمة للعيش. ووجدت الدراسة أنه في حين أن 80% ممن أجريت معهم المقابلات شعروا بالسعادة داخل الأحياء الفقيرة، فإن 50% منهم فقط كانوا سعداء في الشقق الشاهقة.

وشعر 95% بالأمان في الأحياء الفقيرة، لكن 7% فقط كانوا يشعرون بالسعادة في الشقق الجديدة. كما تراجعت الثقة؛ إذ قالت نسبة 97% من الناس إنهم يثقون بجيرانهم في «آرات كيلو» في حين كانت نسبة 34% فقط منهم يثقون بجيرانهم في الشقق الجديدة.

تتخذ حكومة كينيا نهجًا مماثلاً لإثيوبيا من خلال برنامج تطوير الأحياء الفقيرة، حيث تقوم الحكومة الكينية ببناء كتل سكنية شاهقة لتحل محل الأحياء الفقيرة.

وعلى مر السنين، ومنذ عام 2010، تم تطهير أجزاء من حي كيبيرا (وهو أكبر حي فقير في العاصمة الكينية نيروبي) وقد تمت إعادة توطين السكان. في الآونة الأخيرة، تم نقل سكان كيبيرا إلى 822 وحدة سكنية ضمن 21 كتلة سكنية لمبانٍ مكونة من 4 طوابق في منطقة سويتو الشرقية، وهي منطقة من الأحياء الفقيرة. كما أن هناك خططًا لتطوير 2072 وحدة سكنية أخرى على أجزاء من تلك التي تم تطهيرها في كيبيرا خلال السنوات القليلة المقبلة.

لكن قرابة نسبة النصف ممن حصلوا رسميًا على سكن في الشقق الجديدة بمنطقة سويتو الشرقية لم يعودوا يقطنون هناك، حيث تخلوا عن تلك الوحدات إما عن طريق بيعها أو تأجيرها.

وقد قالت إحدى المستفيدات من تلك الوحدات السكنية لمعِد الدراسة:

إنها لا تزال تشتري البقالة من الأحياء الفقيرة لأن ثمنها أرخص… كما أنها تقضي عطلات نهاية الأسبوع هناك وتزور أصدقاءها وجيرانها هناك.

وقد عاشت تلك السيدة في إحدى الشقق طيلة 3 أعوام ولم تكن تعرف أيًا من جيرانها.

يُظهر كل ما سبق أن حكومتي كينيا وإثيوبيا تتجاهلان العوامل الاجتماعية والاقتصادية عند إعادة توطين المواطنين الذين يقطنون الأحياء الفقيرة.

في جنوب أفريقيا، حيث أجريتُ مؤخرًا دراسة، تم إعادة توطين الأسر المؤهلة داخل المستوطنات العشوائية في منازل جديدة مدعومة بالكامل من الدولة على قطعة أرض مجهزة بالخدمات بمناطق حديثة الإنشاء. وبدايةً من العام 2005، تم إعادة توطين قرابة 3 آلاف أسرة من مستوطنة «زيفين فونتين» العشوائية بجنوب أفريقيا إلى مشروع سكني جديد يدعى «كوزمو سيتي». تقع المنطقتان على بعد حوالي 11 كم. لقد وجدت أن السكان كانوا يكرهون بعض نواحي الحياة الجديدة حيث أخبرتني امرأة:

لقد كانت زيفين فونتين أفضل من كوزمو سيتي حيث يتحدث المال هنا. هناك يمكنني إحضار الخشب من الأدغال وطهي الطعام. أما هنا، فإن البطالة تعد تحديًا لأنكِ تستخدمين الكهرباء… سيقول البعض إن كوزمو سيتي أفضل لأن الكهرباء متوفرة، لكن معدلات الجريمة مرتفعة للغاية… الشخص هنا ليس حرًا.
وقد ردد تلك المخاوف أشخاص آخرون أجريت معهم مقابلات.

المشاركة المجتمعية

أظهرت دراسة الحالة التي أجريت في أديس أبابا فقط بعض الفوائد البيئية، وجاءت جميع الأمثلة الثلاثة بجوانب سلبية اجتماعية واقتصادية للسكان. من المهم ألا يقتصر أي تطوير للأحياء الفقيرة أو المستوطنات العشوائية على تحسين الجودة البيئية، بل ينبغي أن يعزز جودة الحياة بشكل عام للمواطنين.

وتتمثل إحدى طرائق تحقيق ذلك في أن يكون كل مشروع لتطوير الأحياء الفقيرة شاملاً وعادلاً، وأن يشمل المشاريع التي سيؤثر عليها. كما أن المشاركة المُنتجة للمجتمع تعد أمرًا بالغ الأهمية. من الضروري أيضًا أن يتم تمكين برامج التخفيف من الفقر، وكذلك تلك البرامج التي تُسخّر رأس المال الاجتماعي في المجتمعات الحالية والجديدة.