ربما لن تثيرك البدايات، فالصورة ما قبل الحرب قد تكررت كثيرًا، عايشتها بعض البلدان وقرأ عنها آخرون، لكنها متكررة دائمًا، فإسبانيا التي خضعت لقرون من الحكم الملكي، وصلت إلى ذروة الحاجة إلى الثورة كما وصل آخرون قبلها، فالملك ألفونسو الثالث عشر الذي احتفل الإسبان بإعلان الجمهورية في نهايات عصره، بل في الأيام الأخيرة من حكمه على وجه الدقة، لم يشأ أن يرهق الإسبان بخروجه من الحكم، وسقطت الملكية دون أن تُزهق قطرة دماء واحدة في الأول من أبريل/نيسان 1931.

الحرب الأهلية الإسبانية
جندي تابع للمعسكر اليميني (متطوع إيطالي في الاغلب) يقف خلف مدفع مُدمر في فالنسيا الإسبانية عام 1937

مقدمات غير مباشرة

بدأت الاختلافات والمناوشات بين التيارات السياسية المختلفة في إسبانيا وبين اليمين المتطرف، متمثلًا في الفاشية التي علا صوتها في إيطاليا على يد موسوليني في تلك الفترة، ليبدأ العد التنازلي لسنوات ما قبل أبشع الحروب الأهلية في تاريخ أوروبا.

ظل الجيش الإسباني محتفظًا بصمته تجاه عزل الملكية وإعلان الجمهورية، لما يُقارب الـ 60 شهرًا، على عكس الكنيسة التي لم تُخفِ غضبها الواضح من إنهاء الملكية والتعاطف مع الطبقة الأرستقراطية، لكنه وبعد مرور 60 شهرًا، بدأت مؤشرات غضب الجيش في الخروج إلى النور. ففي أغسطس/آب 1932 تحرك الجنرال «خوسيه سانخورخو» للقيام بالانقلاب على حكومة الجمهوريين المؤلفة من ليبراليي الطبقة العاملة وشيوعييها، والتي وصلت إلى الحكم بعد أول انتخابات أعقبت الثورة.

فشلت محاولة الانقلاب حينئذ، لكنها دقت جرس إنذار كبير لمؤيدي الجمهورية، خاصة أنها تزامنت مع تصاعد النزعة الانفصالية لدى سكان إقليمي كتالونيا والباسك؛ فكتالونيا على سبيل المثال كانت من أغنى القطاعات الإسبانية وأكثرها ازدهارًا في العديد من الجوانب رغم تبعيتها لحكم مدريد المركزي، وهو ما زاد من أزمات الجمهوريين، الذين أعطوا المزيد من الصلاحيات والحريات للإقليم.

لم تكن فترة الحكم الأولى – فترة ما بعد الثورة – كما يرغب الإسبان، وقد هز عرشها مبكرًا تمرد حركة الفوضويين النقابية CNT، وهي حركة تأسست منذ بدايات القرن، ووجدت أن البديل الوحيد هو عمال يحكمون أنفسهم بأنفسهم، بلا ملكية ولا جمهورية، وكانت بداية تحركاتهم عام 1933، حيث قاموا بمجموعة من التمردات في عددٍ من القرى الأندلسية، نتج عنها تدخل عنيف من الشرطة، فقتلوا فيها العشرات، وهو ما شكَّل أولى عمليات تفكك المعسكر الجمهوري، فانسحب الاشتراكيون من الحكومة بسبب ما حدث، وبدأ الغضب الشعبي بسبب الأمر، بجانب تأخر الإصلاحات الموعودة، ثم جرت الدعوات حينها إلى انتخابات مبكرة.


في انتظار عود الثقاب الأخير!

بحلول 1936 دخل الصراع مرحلة جديدة خطرة، حيث جاء موعد الانتخابات، وقد أراد الاشتراكيون تعويض فشلهم الذريع في إحداث أي تغيير في سياسة حكومة مدريد، بالإضافة إلى رغبتهم في إخراج رفاقهم الذين وقعوا في السجن إبان انتفاضة استورياس عام 1934، والذين وصل عددهم في بعض التقديرات إلى 10 آلاف سجين.

وصلت حالة الاستقطاب السياسي إلى ذروتها، خاصة بعد تصدر السياسي «خوسيه ماريا جيل روبلس» – الذي تخوَّف الجميع منه – المشهد، متزعمًا حركة اليمين والفاشية المتخفية في إسبانيا، وقد قام بدعاية سياسية ضخمة في إسبانيا كلها، مُعلنًا ترشيح نفسه من أجل إسبانيا ومن أجل الشعب.

وفي الجبهة المقابلة توحَّد كل اليساريين في جبهة واحدة، واضطر «الأناركيون» أن يؤيدوا جبهة اليساريين دون أن يكون لهم تمثيل حقيقي داخلها، وذلك من أجل تحرير معتقليهم من سجون مدريد، بالإضافة إلى خوفهم من تولي روبلس مقاليد السلطة في مدريد، وهو ما كان بمثابة الكابوس بالنسبة لهم.

في 16 فبراير/شباط عام 1936 وصلت الجبهة الشعبية «اليسار والاشتراكيون» إلى قمة السلطة بعد الفوز في الانتخابات بنسبة كبيرة، وقد اشتعلت النار بعدها كأنه عود الثقاب الذي انتظره الجميع.

شعرت جبهة اليمين بالخذلان بعد فشل جيل روبلس في الوصول إلى مقعد السلطة، وبدأت بالبحث عن خيارات بديلة كان أولها وأهمها التنسيق مع بعض الضباط المنتمين لهم في الجيش، والذين يحملون بالتبعية كراهية ورفضًا لوصول اليسار إلى الحكم، وقد أثار ذلك قلق اليسار في الحكومة فقاموا بإبعاد بعض من ضباط الجيش ذوي الرتب العليا إلى مدن بعيدة، ومن أبرز من تعرضوا لذلك «الجنرال فرانثيسكو فرانكو»، الذي خشي اليسار من وجوده قرب مدريد، بعد معرفة مدى قوته التي ظهرت في قمع انتفاضة استورياس، ونُقل فرانكو إلى جزر الكناري، وكذلك تم إبعاد الجنرال «إميليو مولا» إلى مدينة بامبلونا، وكان ذلك هو الخطأ الذي دفع اليسار ثمنه غاليًا.

في الوقت نفسه خرجت جحافل الرافضين من كل حدب وصوب، يطالبون بما يرونه حقًّا مكتسبًا ومشروعًا، فخرج 15 ألف عضو من حركة «جيل روبلس» اليمينية، وأعلنوا انضمامهم لـ «حركة الفلانخي» (الحزب الفاشي في إسبانيا) الذي أسسه «خوسي أنطونيو بريمو دي ريفيرا»، وقد أعدمته حكومة الجمهورية.

الحرب الأهلية الإسبانية
مجموعة من الأطفال تؤدي التحية الجمهورية خلال الحرب الأهلية الإسبانية

والحقيقة أن حركة فلانخي الإسبانية على كبر العدد المنتمي إليها، إلا أنها لم تكن ذات ثقل في الشارع الإسباني، وكان أثرها الوحيد الذي شعر به الجميع هو تنفيذ عمليات الاغتيال السياسي، واستخدامها كوسيلة لتصفية الحسابات، في حين أن الإسبان قبل ذلك كانوا يرون أن الصراع سياسي بامتياز، لا مكان فيه للقتل والاغتيالات.

أما على الصعيد الشعبي فقد خرج عمال المزارع الغاضبون على سوء أحوالهم في «استرامادورا»، ليعلنوا استيلاءهم على مزارع المدينة وحقولها من أيدي ملاكها الأثرياء، وكانت النتيجة استيلاء 60 ألفًا من العمال على 3 آلاف مزرعة في 25 مارس/آذار عام 1936، وإعلانها ملكية خاصة بهم، وطرد الملاك.

بدأ الجنرال مولا في الإعداد لخطة الإسقاط الكبير، وقد كان على تواصلٍ مع مجموعة من الجنرالات المبعدين من بينهم فرانكو.

وعلى الناحية الأخرى، فقد كانت الحكومة تستمد مرجعيتها من قيادة «لينين الإسباني» كما أسمته الجماهير، وهو «لارغو كاباييرو»، والذي عُرف عنه تطرفه الشديد في تطبيق الشيوعية، وقد كان كاباييرو من الوجوه المكروهة بالنسبة للجيش الإسباني واليمين، وقد أعلن كاباييرو تحديه لمعارضي الحكومة الحالية بتنظيم مسيرة حاشدة يوم 1 مايو/آيار 1936، ليخرج فيها كل الشيوعيين وأبناء اليسار في إسبانيا معلنين قوة الحكومة واستنادها على ظهير شعبي كبير، وليعلن فيها كاباييرو الاستعداد لتطبيق ديكتاتورية الطبقة العاملة، والتي يحكم فيها العمال بمنهجهم الشيوعي مخضعين الجميع تحت إمرتهم.

لذا فبإمكاننا القول إن طرفي النزاع كانا على استعداد تام للاشتباك، لكن كلًّا منهما كان في انتظار عود الثقاب الذي سينفجر بعده كل شيء.


فرانكو المتخوف!

كان الجنرال مولا في قمة غضبه من تباطؤ الجنرال فرانكو، والذي عُقدت عليه جميع الآمال في التحرك، لكن رفض التحرك من جزر الكناري، إلا بعد التأكد من دقة الخطة والتأكد من نسبة نجاحها، حتى جاءت الخطوة التالية بسفر فرانكو من جزر الكناري إلى الدار البيضاء في المغرب في 11 يوليو/تموز 1936، لقيادة القوات المغربية الأفريقية وبدء التمرد من هناك، تحركًا باتجاه الريف الإسباني وصولًا إلى مدريد.

وقد كانت المغرب واحدة من أفضل نقاط البداية بالنسبة للجنرال فرانكو، فهي بجانب كونها مستعمرة إسبانية خالصة، فإنها أيضًا بعيدة تمامًا عن نقاط السيطرة التي تمتلكها الحكومة الجمهورية في مدريد، بجانب أن المغاربة كانوا يُجندون إجباريًّا لدى الجيش الإسباني ويقاتلون تحت إمرته، أيما كانت القضية، حتى أن بعض المراجع والشهادات تتحدث عن أن القوة المغربية التي استخدمها الجنرال فرانكو وصلت عددها إلى 136 ألف مقاتل، وقد كانت تلك نقطة هامة في موازين المعركة.

لكن فرانكو كان قد تأخر كثيرًا، فعود الثقاب الذي انتظره الجميع كان قد اشتعل بالفعل في مدريد.

في 12 يوليو/تموز 1936 في وقت خروجه الصباحي كل يوم متوجهًا إلى مكان عمله، تعرض الضابط بقوة حراسة رئاسة الجمهورية «خوسيه كاستيو» إلى إطلاق النيران بعد خروجه من المنزل، وسقط قتيلًا، وقد كان من المعروف للجميع وقتها تعرض كاستيو إلى تهديدات سابقة من حركات اليمين، لذا كان من المنطقي معرفة الجاني، فأصدرت الشرطة أمرًا بالقبض على قائمة من الأسماء لأفراد اليمين لاستجوابهم، ليكتمل الاشتعال تمامًا، بتحرك فردي من داخل القيادة الشرطية، لم يُعلم من المسئول عنه.

وقد كان التحرك هو القبض على زعيم المعارضة اليمينية «خوسيه كالفو سوتيلو» في الثالثة صباحًا، أي بعد ساعات من اغتيال كاستيو، لكن السيارة لم تذهب بزعيم المعارضة نحو قسم الشرطة، بل ألقت به قتيلًا بعدة رصاصات في جسده أمام المقبرة الشرقية.

كانت عملية الاغتيال غريبة وفي وقت مشحون بما يكفي، بجانب أن الحكومة لم تكن بحاجة إلى تنفيذ عملية اغتيال بهذا الشكل، فقد كان يكفيها احتجاز سوتيلو كزعيم للمعارضة المتورطة في عملية اغتيال كاستيو، ومباشرة التحقيقات، لكن الاغتيال تم داخل عربة للشرطة الإسبانية، وهو ما يعني تحمل الحكومة للمسئولية كاملةً.

الحرب الأهلية الإسبانية, الاتحاد السوفيتي
بعض من القوات السوفيتية التي شاركت في الحرب الأهلية الإسبانية

ما قبل ساعة الصفر!

بعدها، وتحديدًا في 15 يوليو/تموز أرسل الجنرال مولا رسالة مشفرة إلى فرانكو ليبدأ ما خُطط إليه باكرًا، وقد كان فحوى الرسالة:

وضعت هيلين مولودًا جميلًا، في الـ 18 من يوليو/تموز، الساعة الخامسة صباحًا في المغرب.

وقد كان ذلك هو موعد تحرك فرانكو، لكنه بدأ التحرك بالفعل قبل الموعد المحدد بيوم واحد، أي في 17 يوليو/تموز من مدينة مليلة، بعد أن سيطر على قطاعات كبيرة من الريف المغربي.

في خضم تلك التحركات تلقى رئيس الوزراء الإسباني «خوسيه جيرال» تحذيرات عدة من قيادات في التيار اليساري، باحتمالية وقوع انقلاب في أي وقت، وأنه يجب أن يتخذ خيار تسليح الشعب الإسباني لمواجهة ذلك، لكنه كان يعتقد أن الأمور لن تصل إلى هذا الحد، حتى وقع انقلاب مليلة والريف المغربي، وخرجت وحدات الجيش الإسباني في مدريد.

ها قد بدأت الحرب، وكان الخطأ هو ما يحكم البدايات، فاليسار وبعد أن وجد الجيش في الشارع، بدأ بالحصول على الأسلحة والمعدات، استعدادًا للمواجهة، وكان الخطأ هو اعتقاد كل من الطرفين بضعف الآخر، فاليسار اعتقد أن ما يحدث مجرد انقلاب مشابه لحركة سانخورخو الفاشلة وسينتهي سريعًا، والجيش واليمين اعتقدا أن اليسار أضعف من المواجهة وسينجح الانقلاب في خلال ساعات، لكن كليهما لم يكن يدرك أنه على وشك الدخول في معركة لن تنتهي إلا بعدها بسنوات.

تحرك فرانكو بقواته إلى مدريد بطائرات ألمانية، وانقسم الجيش على نفسه، فنصف متمسك بوجود الجمهورية ويرى بقاءها والدفاع عنها، ونصف يرى أن اليسار يجب أن يترك الحكم بأي طريقة، كذلك الطوائف الشعبية، فالعمال خرجوا إلى الشارع وحصلوا على السلاح لمساعدة الشرطة في إيقاف التمرد، بينما ساعد آخرون قوات الجيش المتمردة.


المواجهة التي فقدت بوصلتها

ما الذي دفع بكل طرف في المواجهة أن يمسك بالسلاح ليرتكب مذبحة جماعية في مدينة ما أو يشارك في غارة تقتل سكان حي بعينه، أو ينفذ عملية اغتيال لشخصية بعينها؟

سيجيب كل أطراف الحرب بـأن الهدف هو إسقاط الطرف الآخر، لكن الشهادات التاريخية تروي عن مواجهات كانت تحدث لمجرد أن تكون هناك مواجهة، ففي مدريد على سبيل المثال كان إطلاق النار العشوائي بلا وجهة ولا سبب، فتستيقظ صباحًا على صوت الرصاص وقد اخترق نوافذ المنزل المجاور، وسقط جميع من فيه قتلى، فيأتي السؤال هل مطلق النيران كان يمينيًّا ومن بداخل المنزل يساريًّا؟ وفي النهاية لن تستطيع أن تجد إجابة.

دخل العنصر الأجنبي في المعركة لا سيما وأن العالم كان على صفيح ساخن، وأجواء ما قبل الحرب العالمية الثانية كانت تسيطر على المشهد العالمي، فإمدادات قادمة من فرنسا لدعم الجمهوريين، لكن قوات الجيش تواجههم قبل الدخول، وقوات إيطالية لدعم اليمينيين والجيش، بجانب «فيلق كوندور» الألماني المُرسَل من هتلر، مع ملاحظة أن القوات المغربية لم تكن تُصنَّف تحت اسم القوات الأجنبية لأن المغرب كان تحت الاحتلال الإسباني بالفعل، وقواتها كانت قوات إسبانية تقاتل تحت إمرة الجنرال فرانكو، ليصل المطاف إلى مجموعات الجيش الأمريكي التي شاركت في عمليات القتال، وسقط منها عديد القتلى.

«فيلق كوندور» الألماني في مسيرة عسكرية في مقاطعة «ليون» الإسبانية خلال فترة الحرب

روت الصحافية مارثا جيلهورن في كتابها The Face of War حكايات إبان وجودها في مدريد خلال الحرب، تحديدًا عام 1937، أي بعد نشوب الحرب بعامٍ واحد، ومعايشتها لما وجدته من الإسبان خلال الحرب.

كانت المنازل تعج بالجثث والمصابين، وكان الأمر اعتياديًّا، فالقدرة على علاج المصابين بالقذائف والرصاص لم تكن تسمح بأكثر من بعض التداوي والبقاء في السرير.

ذكرت مارثا أنها ذات يوم حينما كانت تقيم في فندق في مدريد كان تردد صوت إطلاق النار معتادًا ومتكررًا خلال اليوم، دون أن تعرف مصدر الإطلاق، أو النقطة المستهدفة، وكان من حظها الوجود عند بوابات الفندق، حينما اندفعت قذيفة مصغرة نحو إحدى الغرف فدمرتها، تبعها وابل من إطلاق الرصاص اخترق النوافذ، لكن أحدًا لم يكن في الغرف المتضررة.

كان ذلك في الصباح الباكر، وفي حين استعد الناس لمغادرة منازلهم لقضاء أعمالهم اليومية بدأ إطلاق النار فتوقف الجميع عند بوابات منازلهم مختبئين في انتظار أن تنتهي نوبة المواجهة، وبعدها بدقائق يتوقف صوت الرصاص، ويخرج كل المنتظرين لاستكمال ما هو مُخطط له وكأن شيئًا لم يحدث منذ ثوانٍ.


كيف انتهت الحرب؟

الحرب الأهلية الإسبانية
الحرب الأهلية الإسبانية
مقبرة جماعية, الحرب الأهلية الإسبانية
مقبرة جماعية تم اكتشافها عام 2014 في إسبانيا، وتعود إلى فترة الحرب الأهلية، حيث تحوي رُفات 26 جندي جمهوري تم قتلهم بواسطة القوات اليمينية عام 1936

توالت المعارك والأحداث على مدى 3 سنوات عجاف سقط فيها أكثر من 500 ألف قتيل بحسب بعض التقديرات، وشاركت فيها كل العناصر الخارجية التي وجدت في معركة إسبانيا جزءًا من حربها بالوكالة لفرض السيطرة، وكانت النتيجة في الأول من أبريل/نيسان عام 1939، حيث بدأ الجمهوريون (اليسار ومن والاه) في رفع الراية البيضاء بشكل تدريجي أمام التغول الذي قام به الجنرال فرانكو، مدعومًا بالطائرات والدبابات والجنود والعتاد الذي وصله من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، في حين فشل الجانب الآخر (من شيوعيي فرنسا وبعض السرايا الأمريكية وبعض مما أرسله الاتحاد السوفيتي) في إنجاح جانب المعسكر الجمهوري.

خرج الجنرال يومها في بيان عسكري عبر الإذاعة يُعلن نجاح الجيش الوطني في مهمته وانتصاره في الحرب.

وقد كان الجنرال فرانكو بطبيعة الحال الاسم الأكثر ترشحًا لقيادة الوجهة الجديدة، فالاعتماد عليه منذ عصر ثورة استورياس وقضائه عليها كان جليًا، ثم تصدر قيادة المعسكر اليميني في الحرب، وكان هو الأقوى وهو من حقق النصر في النهاية. لتدخل إسبانيا بعدها في واحدة من أطول عصور الديكتاتورية على الإطلاق، ديكتاتورية الرجل الذي يخشاه الجميع، ذلك الذي استطاع أن ينتصر على كل أعدائه، ويجلس في النهاية مزهوًّا بما حقق.