اقلع غماك يا تور وارفض تلف اكسر تروس الساقية واشتم وتف قال: بس خطوة كمان… وخطوة كمان يا أوصل نهاية السكة يا البير تجف عجبي!!!

إذا كانت أحلام الشباب المصريين تُقتل في بلادهم هذه الأيام، فلا شك أنها تُدفن في دول الخليج. ونحن هنا لا نتحدث عن 4.4 مليون مصري في الخليج فقط، بل عن 4.4 مليون أسرة مصرية، بما يقارب الـ 17.5 مليون مصري.


بدايات هجرة المصريين وتطورها

هناك شبه إجماع على أن فكرة الهجرة في مصر – حتى وإن كانت للعمل – هي أمرٌ منبوذ اجتماعيا، انطلاقا من الاعتبارات القومية التي رأت في هذه الظاهرة تنكرا وجحودا للوطن، وهو ما استمر طوال خمسينيات القرن الماضي، وحتى منتصف الستينيات.

ولكن بعد ذلك حدث تحول غير هين في سياسات الهجرة في مصر، وكذلك دول الخليج:

  1. كانت حرب 1967 من أهم الأسباب التي أثرت اجتماعيا في سيكولوجية المواطن وجعلته أكثر تقبلا وإقبالا على الهجرة، فالحرب مثّلت هزة عنيفة لفكرة الاعتبارات القومية في مصر والوطن العربي.
  2. بدابة الطفرة النفطية لدول الخليج، وحاجتهم لكوادر بشرية قادرة على منح الدفعة المناسبة هذه الاقتصادات الناشئة. واستجابةً للدور القومي الذي كانت تلعبه مصر في الوطن العربي في منتصف الستينيات، فقد تم السماح بالهجرة المؤقتة لبعض الكوادر في إطار نظام «الإعارة» الذي كان يحتفظ فيه المهاجر بوظيفته ويسافر لمهمة معينة ولمدة محددة، وكانت الإعارة في الثقافة الشعبية تمثل وجاهة اجتماعية.
  3. تراجع مؤشرات نمو الاقتصاد المصري، وغياب فرص الارتقاء الاجتماعي عبر بوابة العمل الرسمي في مصر.

مع منتصف الستينيات، بدأت حكومة «زكريا محيي الدين» باتباع سياسات التسهيل لعمل وسفر المواطنين بالخارج، واعتبار أن ما يُدرّونه من أموال هو مصدر للدخل، واستمر ذلك حتى ظهر أول قانون منظم للعمل في مجال الهجرة (قانون 91 لسنة 1969). واستمرت التسهيلات خلال فترة حكم السادات الذي أنشأ الجهاز المركزي لشئون الهجرة والاغتراب.

وكان لسياسات الانفتاح التي اتبعها السادات أثر في تغيير نظرة المصريين إلى الوطن وتغيير وجهتهم نحو الكسب والثراء، فسادت الاعتبارات المادية، كما أثرت أيضا على نظرة الدولة نفسها للمواطن، حيث كانت تعتبر أن العمالة بالخارج هي أحد مصادر الدخل القومي ووسيلة مهمة لاجتذاب رأس المال العربي. ولكن على الجانب الآخر أنهكت موجات الهجرة – خاصة فيما يتعلق بالعمال الأكفاء – الاقتصاد بشكل كبير، وفشلت جهود الحكومة المتواضعة، لمنع سفر هذه العمالة إلى الخارج.

بدايةً من منتصف التسعينيات، وبدايات الألفية الجديدة، حدث تحول في منظور الهجرة إلى الخليج ودوافعها لدى المصريين، حيث صارت الأغلبية العظمى من العمالة المهاجرة من غير المهرة وذوي المهارات المتوسطة.

ومن المُلاحظ أنه في تلك الفترة بدأت الظروف الصعبة والاستغلالية – في أغلب الأحيان – في التصاعد أمام المصريين أثناء فترة هجرتهم إلى دول الخليج، بما في ذلك استغلال سماسرة العمالة ووكالات التوظيف، إلى جانب نظام الكفالة، والممارسات الاجتماعية والثقافية التي كانت تحط من مكانة المصريين ووضعهم هناك. ورغم ذلك كان هؤلاء العمال يستثمرون مبالغ هائلة في سبيل إتمام إجراءات سفرهم، مُعرضين أسرهم للمخاطرة الاقتصادية. ويعود ذلك إلى ثلاثة عوامل:

  • تردي أوضاع سوق العمل وهياكل المرتبات في مصر، ناهيك عن ارتفاع مستوى البطالة.
  • كانت أجور العمالة منخفضة المهارة لاتزال أكبر بكثير من نظيرتها في مصر، وهو العامل الذي غالبا ما يكون فارقا في قرار الهجرة.
  • كان لايزال لدى البعض تصورات ومعلومات خاطئة – أو غير دقيقة على أقل تقدير – حول مدى نجاح تجربة الهجرة والسفر إلى دول الخليج، وكان سماسرة العمالة وشركات التوظيف هي المسئول الأول عن ترويج هذه الصورة.

لغة الأرقام لا تكذب

لغة الأرقام تثبت أن قضية الهجرة مازالت من القضايا المحورية في مصر. فوفقا للإحصاء الأخير الذي أعدّه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يبلغ عدد المهاجرين المصريين في الخارج حوالي 9.5 مليون مواطن، منهم حوالي 6.25 مليون مصري يعيشون في المنطقة العربية، ومليون وربع يعيشون في المنطقة الأوروبية، و14 ألفا في المنطقة الآسيوية، وحوالي مليون ونصف في الأمريكيتين.

ومن بين المهاجرين المصريين في المنطقة العربية هناك 70% (أي ما يقارب 4.365.235 مصري) يتركزون في دول: السعودية والأردن والكويت والإمارات. ومع افتراض أن كلا منهم يعول في المتوسط أسرة مكونة من أربعة أفراد، إذن، فنحن نتحدث هنا عن قضية تهم حوالي 17.5 مليون مصري.

ومن خلال لغة الأرقام، يمكن رصد ثلاث ملاحظات، قد تجعل ملامح هذه القضية أكثر وضوحا:

  1. رغم أن تردي أوضاع المصريين في الخليج قد أخذ منحى تصاعديا منذ التسعينيات وحتى وقتنا هذا، فإن معدلات هجرة المصريين إلى الخليج لم تتراجع، أو تتباطأ على أقل تقدير. فعام 1999، كان الجهاز المركزي للإحصاء قد قدّر حجم العمالة المصرية في الخليج بحوالي مليونين و180 ألف فرد، أي أنه خلال 18 عاما تضاعف أعداد المصريين هناك.
  2. تُقدر نسبة الحاصلين على مؤهل عالٍ ضمن المصريين بالخارج بحوالي 27%، أي أن الأغلبية العظمي من العمالة المصرية في الخليج تقع ضمن شريحة تعليمية متواضعة، مما يجعلها فريسة للاستغلال، والقبول بأي وظيفة مهما كانت طبيعتها.
  3. في ظل انهيار أسعار النفط، واستمرار الحرب اليمنية، وتطبيق خطط للتقشف؛ بات سوق العمل الخليجي يشهد نضوبا حادا، خاصة أمام المصريين. حيث تقلصت فرص العمل المتاحة للمصريين للعمل هناك إلى أكثر من النصف، مُسجلة تراجعا بنسبة 56% خلال العام الماضي 2016، مقارنة بعام 2015. كما أن الطلب على العمالة المصرية انخفض خلال العام الماضي للغاية، لتصل إلى 80% بالنسبة للحرفيين في مجالات الزراعة والتشييد والبناء والكهرباء، وبنحو 30% في مهن مثل المهندسين والأطباء والمحاسبين. وهو ما انعكس في قيمة التحويلات الجارية من المصريين العاملين في الخارج، والتي تراجعت إلى 16.9 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2015 / 2016، مقابل 21.9 مليار دولار خلال العام السابق عليه.

كيف تلاعب الكفيل بقوانين العمل؟

في يوليو/تموز 2016، سرّحت شركة المقاولات السعودية «سعودي أوجيه» الآلاف من العمال، ويُقال إن بعض هؤلاء العمال لم يحصلوا على رواتبهم لأكثر من سبعة أشهر، وظهرت تقارير تشير إلى أن الشركة كانت قد توقفت عن تأمين الطعام لموظفيها الذين عجزوا عن شراء الطعام من أماكن أخرى بدون حصولهم على رواتبهم، فباتوا يعيشون وضعاً صعباً للغاية.

هذا المشهد هو تلخيص بسيط – قد يكون مُخلا – لأوضاع العمال المصريين في دول الخليج على مدى العقدين الماضيين.

صحيح أن تدهور أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة، وتأثير ذلك على كل المشروعات الاستراتيجية وأعمال البنية التحتية قد زاد المشهد قتامة، إلا أن القواعد الحاكمة لأوضاع المصريين في الخليج لم تسلب منهم الحلم فقط، بل أفقدتهم كرامة العيش.

وقبل أن تتصور أن كلماتي السابقة من قبيل المبالغة، سنقوم بعرض عدة مشاهد متتالية لما يمكن أن يتعرض له المصريون هناك بسبب نظام الكفالة.

تحدثت منظمة العمل الدولية في أكثر من بيان وإصدار لها عن أن نظام الكفالة هو أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي بالعمال إلى أن يصبحوا في وضع غير قانوني، وبالتالي يكونون عُرضة لكل أشكال الاستغلال، وهو ما يصبو إليه بعض أرباب العمل في الخليج، خاصة في ظل حرص حكوماتهم على خفض نسبة العمال الأجانب هناك. وكذلك يكون من الصعب عليهم مغادرة البلاد عبر القنوات القانونية من دون دفع غرامات كبيرة، وقد يُواجهون أيضاً عقوبة السجن.

ولابد من ملاحظة أن استحالة وضع العامل المصري إلى وضع غير قانوني يجعله يعيش في وضع إنساني مأساوي، فهو يصبح غير قادر على زيارة المستشفيات خشية اكتشاف وضعه. كما أنه في حالة تعرضه للإساءة، فلن يكون قادرا على اللجوء إلى مفتش عمل أو ضابط شرطة لطلب المساعدة.

إذن كيف يمكن للكفيل إحالة وضع العامل المصري إلى وضع غير قانوني؟

  • في حال عدم قيام صاحب العمل المسئول عن العامل بتجديد رخصتي العمل والإقامة بعد انتهائهما، مما يجعل العامل يواصل عمله دون هذه الرخص.
  • إذا لم يتّبع صاحب العمل الإجراءات القانونية الصحيحة خلال نقل الكفالة، وبالتالي لا يكون صاحب العمل الجديد هو الكفيل الرسمي، فيصبح العامل في وضع غير قانوني.
  • إذا رفض صاحب العمل أن يدفع مقابل تذكرة عودة العامل إلى بلاده، أو إذا لم يعد إلى العامل جواز سفره، فلن يكون الأخير قادرا على مغادرة البلاد.
  • في بعض الأحيان، يقوم صاحب العمل بالتبليغ عن «فرار» العامل الحاصل على رخصة سارية المفعول، من دون أن يكون قد تغيّب فعلا عن العمل، أي «فرار مزيف». ويُشكل الفرار جُرما إداريا قد يؤدي إلى فرض غرامات على العامل، أو اعتقاله وترحيله، أو حظر إعادة دخوله إلى البلاد. ونتيجة لهذا لم يكون صاحب العمل مُلزما بدفع سعر رحلة العودة واستحقاقات نهاية الخدمة.
  • قد يجد العامل نفسه في وضع غير قانوني لمجرد خسارته لوظيفته، جراء تسريحه مثلا، لاسيما أنه بموجب نظام الكفالة، ترتبط رخصتا العمل والإقامة بصاحب عمل واحد. وبالتالي، إذا خسر العامل وظيفته تصبح رخصة عمله غير صالحة وتصبح إجازة إقامته باطلة أو مُلغاة.
  • عندما يتعرض العامل للإساءة، وينتظر البتّ في قضية قانونية، وخلال تلك الفترة قد تنتهي مدة صلاحية رخصة عمله أو إقامته، أو كلاهما، مما قد يدفع العامل من الأساس إلى عدم التبليغ عن أي إساءة.

وبالتالي يفتقر نظام الكفالة «القانوني» إلى عناصر الحماية الأساسية للعمال المصريين – وغيرهم – في دول الخليج، مما يُسهِّل على أرباب العمل وشركات التوظيف استغلالهم كامل الاستغلال، سواء بتأخير دفع الأجور أو مصادرة جوازات السفر أو ترحيلهم بدون سبب. دون أن يكون لدى السلطات الرغبة أو القدرة على ملاحقة الكفلاء قضائيا.


استمرار المأساة

غالبية الشركات السعودية أصبحت تُفضل العامل من دول جنوب شرق آسيا لانخفاض أجره مقارنة بالمصري الذي يتراوح بين 1500 و2500 ريال شهريا (بين 400 و667 دولارا).

إذا كان النظام القانوني في دول الخليج يُغلق دائرة الاستغلال تماما حول رقاب المصريين هناك، فإن تدهور الوضع الاقتصادي هناك مؤخرا زاد الوضع سوءًا. حيث باتت نسبة كبيرة من العمال المصريين شبه المهرة وغير المهرة يعانون ظروفا قاسية وحرمانا من حقوق العمل الأساسية.

فالحرفيون في السعودية يعانون من ضعف الأجور، خاصة خلال الفترة الأخيرة، ورغم ذلك تجبرهم الظروف الصعبة وعدم توافر فرص عمل في مصر على الاستمرار هناك. ونسبة كبيرة منهم تعمل في أكثر من عمل عقب انتهاء الدوام، نظير الاتفاق مع الكفيل السعودي على تقاضيه مبلغا مقابل السماح له بذلك.

ورغم ذلك، يستمر تدفق المصريين إلى دول الخليج، ومازالوا يتعرضون للكذب من شركات التوظيف التي انتشرت بسبب ارتفاع مردودها. وكثيرا ما تتآمر هذه الشركات مع أرباب العمل المُحتملين، أو أرباب العمل المُزيفين، لاستغلال العمال الأميين الذين تلقوا معلومات خاطئة، فتعدهم بأجور وظروف زائفة وتضللهم بشأن حقوقهم.

فعلى سبيل المثال، في الكويت، شركات التوظيف، والتي يُطلق عليها «تجار الإقامات»، يستقدمون العمالة من الخارج مقابل مبالغ مالية ضخمة تصل إلى 1500 دينار، أي ما يوازى نحو 40 ألف جنيه (بأسعار عام 2015)، ويضطر العامل لدفعها على أمل العمل في الكويت، وعند الوصول يجد نفسه بلا عمل حقيقي، حيث يُتركون في الشارع للبحث عن عمل مقابل توفير الإقامة، وعلى العامل أن يدفع للكفيل من 300 إلى 500 دينار سنويا دون التزامه بتشغيله.

وهؤلاء الكفلاء من أصحاب النفوذ الذين يمتلكون في الغالب شركات وهمية (مجرد مكتب وترخيص دون عمل حقيقي)، وذلك باعتراف وزارة الشئون الكويتية نفسها التي أكدت أن هناك آلاف الشركات الوهمية. والغريب أنه في حالة ضبط العامل يتم ترحيله بعد أخذ بصماته لمنع دخوله الكويت مرة أخرى، في حين لا تتم محاسبة صاحب الشركة، وفي أفضل الأحوال يتم إغلاقها ليقوم بتأسيس شركة أخرى باسم أحد أقاربه.

ويؤكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن «العمال الأجانب» في دول مجلس التعاون الخليجي يواجهون مثل هذه التحديات بسبب العنصرية والاستبعاد الاجتماعي وغياب المساءلة وإساءة استخدام أرباب العمل لسلطتهم. وجدير بالذكر أن دول الخليج لم تصادق على «اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي» التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي عام 1948. وبناءً على ذلك، يعجز العمال المُغتربون عن تأسيس النقابات أو الاحتجاج على ممارسات العمل غير العادلة هذه.

وبعد هذا الاستعراض المُخِلّ لأوضاع العمالة المصرية في الخليج، من المنطقي أن يتساءل القارئ عن موقف الحكومات المصرية المتعاقبة من هذه القضية، سواء على مستوى المواقف الجادة تجاه حوادث إهانة المصريين، أو التنسيق الحكومي المشترك من أجل تحسين أوضاع المصريين هناك، أو ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية لمعالجة الأمر ذاته.

ولسوء الحظ، لن يتمكن المقال من الإجابة على هذا التساؤل نتيجةً قصور المعلومات.

ازاي شبابنا يقوم وياخد دوره من غير صراخ يئذيه ويجرح زوره يا هلترى أحسن له يقعد ساكت أو ينترك ولو خرج عن طوره؟ عجبي!!!