‏عندما طُعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، خشي المسلمون سوء العاقبة إن فارق عمر الحياة دون أن يعهد بالخلافة لأحد، فألح الناس عليه أن يعهد لأحد الناس. ‏اختار الخليفة عمر ستة من كبار الصحابة، رضوان الله عليهم، وهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفا‌ن، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله، ودعاهم إليه إلا طلحة، فقد كان غائباً، ثم قال لهم:

إِنِّي نَظَرْتُ فَوَجَدْتُكُمْ رُؤَسَاءَ النَّاسِ وَقَادَتَهُمْ، وَلا يَكُونُ هَذَا الأَمْرُ إِلا فِيكُمْ، وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْكُمْ رَاضٍ، إِنِّي لا أَخَافُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ إِنِ اسْتَقَمْتُمْ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ اخْتِلافَكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَيَخْتَلِفَ النَّاسُ، فَانْهَضُوا إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ بِإِذْنٍ مِنْهَا، فَتَشَاوَرُوا، وَاخْتَارُوا رَجُلا مِنْكُمْ.[1]

‏اجتمع الرهط بعد وفاة عمر بن الخطاب، وطال الجدال، فأخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من حق تولي الخلافة، واستشار الناس، فوجدهم يُجمعون على اثنين: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفا‌ن. وكان الأكثرية راغبين بعثمان لما يعرفون من لينه، وفي نص الطبري: «وَلا يَخْلُو بِرَجُلٍ إِلا أَمَرَهُ بِعُثْمَانَ». وفي اليوم الثالث، أعلن عبد الرحمن مبايعته لعثمان، وبايعه الناس بمن فيهم علي بن أبي طالب، وهكذا فقد استشار عبد الرحمن ورشح، ثم أقر أهل الحل والعقد والمسلمون بالبيعة العامة من اختاره للخلافة.

‏ويزعم بعض المؤرخين أن عليّاً احتج على عبد الرحمن بن عوف، واتهمه بالتحيز لعثمان، ويفسرون ذلك التحيز بالتنازع القديم الذي كان قائماً في الجاهلية بين بني أمية وبني هاشم، وقيل إن عليًّا (رضي الله عنه) اتهم عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) بقوله: «حَبَوْتَهُ حَبْوَ دَهْرٍ، وَاللَّهِ مَا وَلَّيْتَ عُثْمَانَ إِلا لِيُرَّدَ الأَمْرَ إِلَيْكَ»[2]. وهو زعم لا يثبت للنقد، خاصة وأن عليًّا كان من أول من بايعوا عثمان. ولكن الثابت أن بعض الصحابة أعلنوا سخطهم على إقصاء عليّ عن الخلافة، منهم المِقْدَاد بن الأَسود، فقال له عبدالرحمن بن عوف: «يَا مِقْدَادُ اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنِّي خَائِفٌ عَلَيْكَ الْفِتْنَةَ»[3]. ‏والواقع أن التنافس بين بني أمية وبني هاشم هو زعم لا يثبت للنقد كذلك [4]، أما التنافس بين عثمان وعليّ، فقد ظهر لأن الخلافة انحصرت فيهما تقريبًا، وكاد الأمر يتم لعليّ، لولا أنه لم يتماشَ مع عبد الرحمن بن عوف بأن يسير على ما سنه أبوبكر وعمر وأراد أن يعمل بمبلغ علمه، فصُرفت عنه الخلافة إلى عثمان الذي رضي عن طيب خاطر أن يتبع سنة من كان قبله [5].


أسباب اختيار عثمان

‏ومن الواضح أن من أيدوا عثمان أيدوه لعدة أسباب منها: سابقته في الإسلام بتجهيزه جيش العسرة، وإصهاره النبي (صلى الله عليه وسلم) مرتين في ابنتيه رقية ثم أم كلثوم، وهجرته مع المهاجرين الأولين إلى الحبشة، وشراء بئر رومة [6] للمسلمين، وكبر سنه، وربما أيضاً الخوف من احتمال بقاء الخلافة وراثية في بني هاشم، وهو أمر تجنبه كل من أبي بكر وعمر. ولا شك أن مبادرة عليّ (رضي الله عنه) بمبايعة عثمان تجعلنا نستبعد ما تناقلته تلك الروايات التي زعمت احتجاج عليّ على انتخاب عثمان، كما نستبعد أن يكون عبد الرحمن بن عوف، وهو أحد المبشرين بالجنة، قد حبا عثمان لقرابة.


فتوحات عثمان

كانت الفتوحات أيام عثمان واسعة؛ إذ استمرت الفتوحات الإسلامية في مختلف الجبهات، وفتحت بلاد جديدة في إفريقية وآسيا وجزر المتوسط‏:

‏فعلى الجبهة الشرقية، قضى عبدالله بن عامر والي البصرة على المقاومة الفارسية، وفتح أصبهان واصطخر وجرجان (سنة 29هـ/650م). وفي سنة 30 هـ فتح المسلمون طوس وسَرخس وطبرستان، ثم ساحل بلوخستان ومكران، كما فتحوا بلخ وهراة وكابل وغزنة. فوصلوا إلى نهر جيحون شمالاً وحدود الهند شرقاً. وفي سنة 32هـ/652م اغتال أحد الفرس الإمبراطور يزدجرد في مدينة مرو، فانتهت بمقتله الدولة الفارسية الساسانية [7].

‏وفي الجبهة الشمالية، فُتحت أرمينيا وأذربيجان وجورجيا. ومن المعروف أن أذربيجان فُتحت عدة مرات كانت الأولى في عهد عمر على يد حذيفة (رضي الله عنه)، ثم نقض أهلها الصلح ففتحها عتبة بن فرقد على أيام عمر أيضاً. فلما نقضت عهدها للمرة الثالثة فتحها الوليد بن عقبة في عهد عثمان (رضي الله عنه). وقيل بل فتحها حبيب بن مسلم الفهري وكان يقود قسماً من الجيش، في حين تقود زوجته القسم الآخر! كذلك غزا معاوية أرض الروم، ووصل إلى عمورية (قرب أنقرة) عام 33هـ/653م.

أما في الجبهة الجنوبية، ففتح جنوب مصر، وعقد المسلمون صلحاً مع ملك بلاد النوبة نصت على أن تصدر مصر إليها الحبوب والعدس [8].

الجبهة الغربية، تمكن عبدالله بن أبي السرح من احتلال مدينة سبيطلة بالقرب من قرطاجنة (سنة 27هـ/648م)، وفرض الجزية على أهلها، وبذلك وصلت حدود الدولة الإسلامية إلى تونس.

ويتصل بهذه الجبهة أيضاً قيام والي الشام معاوية بن أبي سفيان (سنة 24هـ/645م) باسترداد مدن الشام الساحلية التي احتلها البيزنطيون في نهاية عهد عمر بن الخطاب. ثم قام معاوية بفتح مدينة طرابلس التي لم تكن قد فتحت بعد بسبب حماية الأسطول البيزنطي لها. وكان عمر بن الخطاب قد منع معاوية من ركوب البحر، ربما لأنه كان يدرك أن الأوان لم يحن بعد لمواجهة البيزنطيين، ولكن عثمان بن عفان أذن لمعاوية بذلك. ولذا بنى المسلمون أسطولاً حربياً قوياً لصد غارات الأسطول البيزنطي على الشام ومصر (قام معاوية ببناء أسطول الشام، وعبدالله بن أبي السرح أسطول مصر). وفي سنة 28هـ/ 648م ‏تمكن الأسطول الإسلامي بقيادة معاوية من فتح جزيرة قبرص [9] بعد أن صالح أهلها على سبعة آلاف دينار سنوياً.

وفي سنة 31هـ/ 651م كانت معركة ذات الصواري [10] وهي أول معركة بحرية يخوضها المسلمون، وسميت بذلك الاسم لكثرة صواري المراكب واجتماعها. وكانت سفن البيزنطيين تقارب 500 سفينة بقيادة قسطنطين الثاني بن هرقل، بينما السفن الإسلامية لم تزد على 200 ‏سفينة يقودها عبدالله بن أبي السرح. وهذه المعركة تعد نموذجاً واضحاً على التفكير العقلاني لدى المسلمين. وبناء على ذلك تمكن الأسطول الإسلامي من هزيمة الأسطول البيزنطي والاستيلاء على سفنه، وانفتح بالتالي طريق المسلمين للسيادة البحرية في شرق البحر المتوسط.


مصحف عثمان

‏كما نعرف فقد جمع القرآن للمرة الأولى في عهد أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، وقد حفظت الرقاع لديه ثم عند عمر (رضي الله عنه)، ولما مات حفظت عند ابنته أم المؤمنين حفصة بنت عمر (رضي الله عنه). وفي عهد عثمان (رضي الله عنه) لاحظ حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) اختلاف المسلمين في قراءة القرآن، فأشار على عثمان بنسخ مصاحف يقرأها المسلمون. فقرر عثمان (رضي الله عنه) نسخ المصحف تلافياً لاختلاف الناس في قراءة القرآن، وقد شجعه على ذلك – إلى جانب اقتراح حذيفة (رضي الله عنه) – عدة أسباب أهمها: أن أبا بكر لم يلزم أحداً بنسخ القرآن الذي جمعه، فاحتفظ بعض الصحابة بمصاحفهم الخاصة بهم، ومن أشهر هذه المصاحف، مصحف أُبي بن كعب، ومصحف عبدالله بن مسعود، ومصحف أبي موسى الأشعري، ومصحف المقداد بن عمرو، ووجود هذه المصاحف‌ ربما يؤدي إلى الاختلاف، لأن كل منهم رتب مصحفه كما يريد [11]. فلما تفرق هؤلاء الصحابة في الأمصار – بعد وفاة عمر (رضي الله عنه) – أخذ أهل كل بلد بقراءة من اشتهر من الصحابة عندهم، فأخذ أهل الشام بقراءة أُبي بن كعب، وأهل الكوفة بقراءة عبدالله بن مسعود، وهكذا.. وقد أدى ذلك إلى‏ اختلاف المعلمين في تدريس التلاميذ، فكان كل منهم يقرئ على الحرف الذي يريد.

‏وكلف عثمان (رضي الله عنه) كل من زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث (رضي الله عنهم) أن ينسخوا «المصحف الإمام»، ثم أمرهم أن ينسخوا عدة نسخ من «المصحف الإمام»، فنسخوا ست نسخ على الأرجح، بعث بها إلى الأمصار كالبصرة والكوفة والشام ومكة بالطبع، وأبقى نسخة في المدينة، واحتفظ لنفسه بالمصحف الإمام «مصحف عثمان»، وأنفذ إلى الأقطار الإسلامية حُفاظاً يثق بهم لتدريس الناس القرآن، وتوحيد قراءاتهم. ثم ‏أمر عثمان بحرق كل الآثار التي فيها قرآن، فالتزم الناس بأمره، واستحسنوه [12]. أما مصحف حفصة (رضي الله عنها) فقد أعيد إليها، وبقي عندها إلى أن توفيت، فأخذه مروان بن الحكم وأحرقه. وهكذا بقيت المصاحف العثمانية متداولة، ينسخ منها الناس ويتداولونها [13].


فتنة قتل عثمان

‏في عهد عثمان (رضي الله عنه) تغيرت أوضاع الدولة الإسلامية وأحوالها، فاتسعت أملاكها، وكثرت أموالها، وزادت مطامع رجالها، مما مهد لقيام فتنة داخلية أدت إلى استشهاد عثمان نفسه.

وكمدخل لفهم هذه الفتنة وهذا الحدث الجلل يمكن أن نشير إلى رواية تتحدث عن الكيفية التي كان يخطب بها الخلفاء الثلاثة. فالصحابة (رضي الله عنهم) عرفوا لمنبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فضله ومكانته كرمز، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يجلس على أعلى المنبر ويضع قدميه على الدرجة الثانية، فلما ولي الصديق (رضي االله عنه) الخلافة، وتأدباً مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قام في خطبته على درجة المنبر الثانية ووضع قدميه على الدرجة السفلى. ولما ولي عمر (رضي الله عنه) قام في خطبته على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض، أما عثمان (رضي الله عنه) فقد قام علي الدرجة السفلي ست سنين ثم رقي إلى حيث رقي الرسول (صلى الله عليه وسلم) في النصف الثاني من فترة خلافته.

والبعض يفهم من ذلك أن عثمان (رضي الله عنه) قد تغير في منتصف خلافته، ومن ثم يقسمون خلافته لقسمين: قسم أول التزم فيه، كما وعد عبدالرحمن بن عوف، بسيرة الخليفتين الصديق والفاروق، وقسم آخر عمل فيه بإجابة عليّ على عبدالرحمن بن عوف: «أعمل بمبلغ علمي وطاقتي». وقد يكون سبب ذلك أن عثمان (رضي الله عنه) بدأ يدرك التغير الذي حدث للمجتمع الإسلامي آنذاك [14]، لذا اجتهد وغير طريقته في منتصف خلافته، وكان صعوده لأعلى المنبر رمزاً لذلك الإدراك، وعلى أساسه يمكن أن نفهم منشأ الصراع الذي انتهى باستشهاده (رضي الله عنه).


أسباب الفتنة

ويمكن إرجاع هذا الصراع (الفتنة) إلى أعمال قام بها عثمان (رضي الله عنه)، بالتأكيد عن فكر واجتهاد، ولكنها مثلت الشرارة التي انطلقت منها الفتنة التي أدت إلى استشهاده. وهذه الأعمال ذات شقين: سياسية واقتصادية ومن أهمها:

سياسة التساهل واللين

‏حرص عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على أن يلتزم العرب الخشونة والزهد والتقشف خشية أن تجرفهم حياة الترف التي كانت في المدن المفتوحة، ومنع الصحابة من امتلاك الضياع خارج الحجاز، ولكن عثمان (رضي الله عنه) سمح لهم بالخروج إلى البلدان المجاورة والأمصار المفتوحة، فامتلكوا الضياع وشيدوا القصور، وظهرت بالتالي طبقة أرستقراطية دينية تمتاز بالسبق إلى الإسلام، وصحبه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، طبقة أنيقة فى مأكلها وملبسها، في حين كان هناك طبقة فقيرة معدمة من المحاربين استقرت في الأمصار.

‏اختيار الولاة

‏استاء الناس كذلك لعزل العمال القدامى من أيام عمر بن الخطاب، وتولية آخرين ولكنهم أساءوا السيرة وتجاوزوا الحدود. وفي البداية عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة سنة 24هـ/ 645م، وعين مكانه الوليد بن عقبة [15] وهو أموي من الطلقاء وأخ لعثمان من أمه. وفي السنة التالية عزل عمرو بن العاص عن مصر، وولى مكانه عبد الله بن أبي السرح، وهو أموي أيضاً وابن عم لعثمان وأخ له في الرضاعة. وفي سنة 29هـ/ 649م عزل أبا موسى الأشعري عن ولاية البصرة وعزل عثمان بن أبي العاص عن فارس وجمع ذلك لعبدالله بن عامر، وهو شاب أموي كان في الخامسة والعشرين من عمره [16]. وزد على ذلك أن عثمان آوى إليه عمه الحكم بن العاص «طريد الرسول»[17]، وابن عمه مروان بن الحكم وعينه أميناً لسره، وسلمه خاتم الخليفة، وزوجه ابنته كما سبق.

تصرفات عثمان الشخصية

‏اتهم البعض عثمان (رضي الله عنه) بأنه لم يقتد بأبي بكر وعمر في سياستهما التقشفية، ولذا كانوا حين يجادلونه يقولون له «بدلت وغيرت» وكانوا يلقبونه بـ«نعثل» أي «شيخ أحمق». ومما أخذ عليه أيضاً أنه شدَّ أسنانه بالذهب [18]، وكان يأكل ألين الطعام. وبالطبع اتهم كذلك بأنه يحابي أقاربه من بني أمية ويتعاطف معهم. وقيل في ذلك إنه كتب لابن عمه مروان بن الحكم – وزوج ابنته – بخُمس خمس الغنائم التي غنمها المسلمون في سبيطلة بشمال إفريقية (سنة 27هـ/ 648م)، وأنه أمر بستمائة ألف درهم لعبدالله بن خالد عندما تزوج ابنته. وقيل إنه أمر بضرب عمار بن ياسر (رضي الله عنه) عندما انتقد سياسته تلك، كما أساء إلى عبدالله بن مسعود وضابئ بن الحارث البرجمي، وكان ابنه أحد قتلة عثمان. أما في موضوع أبي ذر فالأرجح أنه طلب العزلة، وأن عثمان استجاب لطلبه ولم ينفه.

‏حركة ابن سبأ ضد عثمان

‏كان عبدالله بن سبأ [19]، تبعاً لما هو مشهور، يهودياً من أهل اليمن تظاهر باعتناق الإسلام، ثم أخذ يدور في الأمصار يطعن في عثمان وولاته. وقد ظهر بداية في البصرة، ودعا إلى أن عَلِيّاً أحق الناس بالخلافة، وأن عثمان اغتصبها منه، ويقال إنه اختلق حديثاً نصه: «خلق الله ألف نبي وألف وصي، فكان محمد (صلى الله عليه وسلم) آخر الأنبياء، وعلي آخر الأوصياء»، فنفاه والي البصرة إلى الشام، فاستمر في دعوته حتى طرده معاوية، وهذا ما حدث لغيره بالفعل، فاتجه إلى مصر وواصل دعوته لخلع عثمان، ورد الحق إلى صاحبه كما زعم. ويقال إنه استمال إليه كثيراً من الناس منهم من عرف بموالاة عليّ (مثل محمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر)[20].

‏لقد أدت الأسباب السابقة لغضب كثير من الصحابة على سياسة عثمان، ولإذكاء نيران السخط عليه وعلى عماله، وازدياد روح العداء له بين المسلمين.


[1] قارن الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/424. وحسن إبراهيم: «النظم الإسلامية»، ص39.[2] قارن الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/424، وابن كثير: «البداية والنهاية»، ج7، ص147.[3] قارن الطبري: السابق، والسيد عبدالعزيز سالم: «تاريخ الدولة العربية»، ص549.[4] راجع مقدمة حسين مؤنس لتحقيق كتاب «النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم».[5] حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، ج1، ص 209.[6] تقع البئر في الجهة الغربية لمسجد القبلتين بالمدينة، في منطقة «مجتمع الأسيال».[7] في هذا العام توفي عدد كبير من الصحابة منهم: العباس وأبوالدرداء (قاضي الشام) وعبدالرحمن بن عوف وعبدالله بن مسعود وأبوذر الغفاري (رضي الله عنهم جميعا).[8] راجع على حسن إبراهيم: التاريخ الإسلامي العام. ص248.[9] وهي الغزوة التي اشترك فيها عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) وإم حرام (رضي الله عنه).[10] التاريخ غير مؤكد لأن بعض الأقوال فقط ترجح أنها كانت في هذه السنة (34هـ/ 654م)، بينما هناك من يرى أنها كانت قبل ذلك، ولعل سبب ذلك أن الطبري يوردها مع أحداث سنة 31هـ ثم أوردها أيضاً في أحداث سنة 34هـ مما يوحي أننا أمام معركتين لا معركة واحدة وأن الخلط بينهما سببه ربما أنهما حدثتا في المكان نفسه![11] حيدر قفة: مع القرآن الكريم. ص74.[12] يمكن أن نستثني من ذلك ما وجد في مسجد صنعاء الكبير في سبعينيات القرن العشرين.[13] كانت كتابة القرآن آنذاك غير منقوطة الحروف، ولا مشكولة، فلما اتسعت بلاد المسلمين بالفتوح، وكثر الأعاجم، وظهر اللحن في قراءة بعضهم، سرعان ما أوجد العلماء من الوسائل ما يحفظ النص القرآني من اللحن والتحريف مثل التشكيل والحركات والتنقيط.[14] روي على سبيل المثال أن رجلا تعرض لعثمان (رضي الله عنه) سائلا إياه: «لِمَ اختلف الناس عليك ولم يختلفوا على الشيخين؟». فأجابه عثمان (رضي الله عنه): «كان الشيخان أميرين على مثلي، وأنا أمير على مثلك».[15] وكان الوليد بن عقبة كما روي عن الرسول (ص) «من أهل النار»، وقيل إنه كان يصلي وهو ثمل، فلما علم عثمان بذلك عزله وعين بعده سعيد بن العاص فأساء السيرة أيضاً.[16] راجع خليفة بن خياط: التأريخ، ص 161. والحقيقة هؤلاء لم يكن بهم بأس كولاة بل كانوا ناجحين في عملهم هذا، ولكن أعداء عثمان كرهوهم لأمويتهم![17] كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد نفاه إلى الطائف لأنه كان يهزأ من النبي حتى بعد إسلامه، ولم يجرؤ على العودة في عهدي أبي بكر وعمر، وقد أعاده عثمان بل وعينه جابياً لصدقات قضاعة.[18] ابن الأثير: أسد الغابة، 3/383.[19] أثار بعض المعاصرين الشكوك حول تاريخية هذه الشخصية، ولكن توجد الكثير من النصوص خارج الطبري وأقدم منه بكثير تؤكد تاريخية هذه الشخصية (راجع: جواد علي: عبدالله بن سبأ، مجلة المجمع العلمي العراقي، سنة 1958، ص 66 – 100. وكذلك محمد أمحزون: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، ص 213 وما بعدها).[20] تزعم بعض الروايات أن أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) منهم، مع أنه لا يحتاج لمن يجعله ينادي بالعطف على الفقراء، وإعطائهم نصيبًا من أموال الأغنياء.