إن التنمية المستدامة من أهم القضايا المعاصرة التي تواجه مصر والدول العربية بل والعالم بشكلٍ كامل، والتي نشأت حديثاً لتوجِّه انتباه الدول المتقدمة أو حتى النامية إلى العديد من الأمور الجوهرية التي تختفي بين طيات التقدم، والتي لا تظهر آثارها إلا في الأزمات والكوارث الاقتصادية، حيث نحتاج حينها إلى العديد من الحلول والإسترايجيات التي لو كانت اتُبعت قدماً لما ظهرت هذه المشاكل من الأساس.

والتنمية المستدامة هي: «التنمية التي تأخُذ في الحسبان حاجات المجتمع الراهنة دون المساس بحقوق الأجيال المقبلة في الوفاء باحتياجاتهم»، وذلك يعني السعى وراء التنمية بدون المساس بحقوق الأجيال القادمة أو قدرتها على تحقيق أهدافها، أو بمعنى آخر بدون استنزاف للموارد البيئية والطبيعية التي لا تعتبر حكراً أو ملكاً لجيلٍ بعينه، وإنما لجميع الأجيال على مر العصور.

ظهر هذا المفهوم وتم الاعتراف به كمصطلح للتنمية المستدامة من خلال ما يُعرف اليوم بتقرير «مستقبلنا المشترك»، الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة عام 1987، التي تشكلت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 1983.

ذلك التقرير جمع بين المحاور والركائز الأساسية للتنمية المستدامة المتمثلة في الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد. كما أشار التقرير أن بهذا المفهوم وبهذه السياسة تدخل البشرية عصرًا جديدًا من النمو الاقتصادي الذي يعتمد على سياسات تدعم وتنمي الموارد البيئية الطبيعية.

وبعد كل هذا الوقت، وفي ظل تدني تصنيف مصر في مؤشر جودة الحياة وفق مؤسسة Numbeo، حيث احتلت مصر المركز 83 ضمن 86 دولة في 2015، أطلقت الحكومة المصرية في مارس/آذار 2015، «إستراتيجية التنمية المستدامة.. رؤية مصر 2030» وذلك على هامش مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصري» الذى عُقد بمدينة شرم الشيخ.

تشمل الإستراتيجية تحقيق أهداف رئيسية هي التنمية الاقتصادية وتنافسية الأسواق ورأس المال البشري. ووفقا للإستراتيجية فإن الحكومة تلتزم بالعمل على تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 7% في المتوسط، ورفع معدل الاستثمار إلى 30% وزيادة مساهمة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 7% وزيادة مساهمة الصادرات إلى 25% من معدل النمو وخفض معدل البطالة ليصل إلى نحو 5%.

تهدف الحكومة المصرية من خلال الإستراتيجية إلى تعظيم استخدام مصادر الطاقة المحلية سواء مصادر تقليدية أو متجددة وتطوير القدرة الإنتاجية لقطاع الطاقة للمساهمة الفعالة في دفع الاقتصاد، وتحقيق التنافسية والتأقلم مع التغيرات المحلية والعالمية في مجال الطاقة والابتكار وتحقيق الريادة في مجالات الطاقة المتجددة.

كما تهدف إلى تأمين موارد الطاقة وزيادة الاعتماد على الموارد المحلية وخفض كثافة استهلاك الطاقة وزيادة المساهمة الفعلية الاقتصادية للقطاع في الدخل القومي.. كما تهدف أيضا إلى زيادة مساحة العمران في مصر بنحو 5% من مساحته الكلية وإنشاء 7.5 مليون وحدة سكنية والوصول لحلول جذرية لمشكلة المناطق العشوائية.

وفيما يخص التحسن المستدام لجودة الحياة، فإن الإستراتيجية تشمل رفع إنتاجية المياه بحوالي 5% سنويا ومضاعفة معدل التحسن في فعالية استخدام الطاقة بحلول عام 2030 وتقليل كثافة توليد النفايات البلدية إلى 1.5 كجم للفرد يوميا.

كما تهدف الإستراتيجية إلى تعزيز موارد التنمية البشرية من خلال محورين رئيسيين وهما التعليم والصحة بحيث تصبح مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر جودة التعليم الأساسي والوصول بمعدل الأمية إلى الصفر الافتراضي (7%)، وأن تصل نسبة القيد الإجمالي لرياض الأطفال 4 – 6 سنوات إلى 80%.

وفيما يخص التعليم أيضًا، تنص الإستراتيجية على تواجد 10 جامعات مصرية على الأقل في مؤشر أفضل 500 جامعة في العالم وأن تصبح الجامعات المصرية من أفضل 20 مؤسسة تعليم عالي في الأبحاث العلمية المنشورة في الدوريات المعترف بها عالميا.

وفي مجال الصحة، تشمل الإستراتيجية خفض معدل وفيات حديثي الولادة والرضع والأطفال أقل من 5 سنوات بنسبة 50% وخفض معدل وفيات الأمهات بنسبة 60%، ووصول التدخلات الصحية اللازمة بشكل عادل لكافة المواطنين بنسب تصل إلى 80%، وضمان التغطية بنسبة 100% لجميع التطعيمات وتوسيع نطاق جدول التطعيمات القومي.

كما تعهدت الحكومة من خلال الإستراتيجية بأن تقيم نظام مؤسسي كفء وفعال بحيث يصبح الجهاز الإداري الحكومي مرن وفعال ويعظم من استخدام موارده. تشمل الإستراتيجية في مجال الجهاز الإداري للدولة أن تكون هناك 10% زيادة سنوية في الخدمات المقدمة عن طريق المنظمات غير الحكومية، وأن تصبح مصر ضمن أفضل 30 دولة في مجال كفاءة المؤسسات، وأن تكون مصر ضمن أفضل 40 دولة في مجال الحد من الهدر في الإنفاق الحكومي، فضلا عن أن تصبح مصر ضمن أقل 20 دولة عالميا في مؤشر الفساد.

وفيما يخص النوع الاجتماعي، فتهدف الحكومة من خلال تطبيق الإستراتيجية إلى أن تصبح مصر من أفضل 20 دولة في معدل تحسن المساواة بين الجنسين وأن تكون 30% زيادة في نسبة النساء اللاتي لديهن عمل دائم في القطاع الرسمي وأن تكون مصر من أفضل 50 دولة في مجال كفاءة سوق العمل فضلا عن تقليص الفجوات بين المحافظات في نسب التوظيف وفي الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية ونسب مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 50%.

أما بالنسبة لقطاع الصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فقد وضعت الحكومة المصرية أهدافا بالنسبة لقطاع التصنيع بحلول عام 2020 استنادا إلى خطة عل ثلاثية الأبعاد وهي أن ينمو القطاع بمعدل سنوي قدره 9% وزيادة حصته من الناتج المحلي الإجمالي إلى 25% ويوفر 3 ملايين فرصة عمل على الأقل بحلول عام 2020.

ولتحقيق ذلك فهناك خطة عمل طويلة الأجل من أجل تحقيق هذه السياسة الصناعية تعتمد على تحقيق التحول الهيكلي للصناعة المصرية من خلال التركيز على القطاعات التي يمكن أن تولد فرص عمل وزيادة حصتها من القيمة المضافة المحلية بالإضافة إلى زيادة إمكانية التصدير لهذا القطاع من خلال تعزيز الاستثمارات الموجهة للتصدير وخاصة الاستثمار الأجنبي المباشر دعم وتطوير البنية الأساسية للمشروعات الصغير والمتوسطة مع تشجيع الترابط القوي بين الشركات الكبيرة.

وعلى المدى المتوسط، تهدف الحكومة من خلال الإستراتيجية الجديدة إلى دعم إنشاء تجمعات صناعية وتشمل المستثمرين من القطاع الخاص في القطاعات طبقا لأعلى فرص عمل يولدها القطاع وإمكانات القيمة المضافة والتصدير، وتشمل هذه القطاعات الرعاية الصحية والغزل والنسيج والجلود والصناعات الهندسية.

وبالنسبة لقطاع الاتصالات، فتستهدف الإستراتيجية، تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 3.8 % إلى 4.8 % بحلول عام 2020، وتوفير 25 ألف فرصة عمل مباشرة وكذلك تستهدف الإستراتيجية تمكين القطاع الخاص من تعزيز القدرة التنافسية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستثمار الموقع الجغرافي الفريد للدولة وتوافر أيدي عاملة شابة لتعزيز مكانة مصر كمركز دولي للصناعات الرقمية.

كما تشمل الإستراتيجية تطوير الإطار التشريعي والمؤسسي اللازم لتنمية هذا القطاع ورفع مساهمته في الاقتصاد القومي وزيادة تنافسيته محليا ودوليا، ولكن هل فعلا نستطيع؟

لقد مرت مصر بطريق طويل من التبعية الاقتصادية في إطار النظام الاقتصادي العالمي، منذ أفول تجربة «محمد علي» في محاولته لبناء اقتصاد مصرى في إطار السوق العالمي وليس نقيضا له، وقاست من الحيف الذي يسببه التقسيم الدولي للعمل الذي تم بمقتضاه تسخير موارد الدول التابعة، مثل الاقتصاد المصري لخدمة اقتصاديات الدول المتبوعة في النظام الاقتصادي العالمي تحت مقولة الاعتماد المتبادل.

فيرى البعض أن الإنجازات التي حققتها الدول التابعة في مجال التنمية المستدامة لا تكاد تلمس سطح القضايا التي تهدف إليها التنمية المستدامة. ومن ثم فإن مستقبل هذا المفهوم الجديد للتنمية إنما يعتمد على ما سوف تستطيع الشعوب تحقيقه، وخاصة وأن هناك بعض الغموض الذي يشوب حول ما إذا كانت البلدان التابعة ستستمر في تقبل هذا المفهوم والاعتراف به أم أنه سوف يثبت فشله وإخفاقه في تحقيق ما تصبو إليه هذه الدول.

الشعوب وليس الحكومات فقط. لذلك من اشتراطات التنمية المستدامة الأساسية، تحقيق المشاركة والرقابة للمواطنين، سواء في التخطيط أو تنفيذ الخطط على أرض الواقع، فهل يمكن أن نراه في مصر بشكل مؤسسي.

والتنمية المستدامة هي أسلوب للتغيير يكون فيه انسجام بين كل من استغلال الموارد، توجيه الاستثمارات، توجيه التطور التكنولوجي، التغيير المؤسساتي، حيث ينتج عن هذا الانسجام تعزيز للإمكانيات الحالية والمستقبلية، وتحقيق التوازن المرجو، ولها عدة أبعاد.


1. البعد البيئي

التنمية المستدامة تهدف إلى حماية البيئة وحماية مواردها الطبيعية وعدم استنزافها أو تدهورها، وتمشل هذه الموارد الطبيعية الماء، الهواء، التربة المخصصة للزراعة ومصايد الأسماك وغيرها من الموارد الطبيعية، وتسعى أيضًا إلى منع حدوث تغييرات بيئية مثل أنماط سقوط الأمطار، أو زيادة الأشعة فوق البنفسجية أو غير ذلك من تغييرات قد تُقلل من فرص الأجيال القادمة.


2. البعد الاقتصادي

من أهم الأبعاد التي تسعى إليها التنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية كإجراء تخفيضات متواصلة في مستويات استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، والتي تصل إلى أضعاف أضعافها في الدول الغنية مقارنةً بالدول الفقيرة.

من ذلك مثلاً يصل استهلاك الطاقة الناجمة عن النفط والغاز والفحم في الولايات المتحدة إلى مستوى أعلى منه في الهند بـ 33 مرة. وتهدف التنمية المستدامة إلى إجراء تلك التخفيضات عن طريق تغييرات جذرية جوهرية في أسلوب الحياة داخل تلك الدول، فضلا عن تحميل تلك الدول مسئولية التلوث البيئي ومعالجته.

كما تهدف التنمية المستدامة أيضاً إلى وجوب تحقيق نوع من التكافؤ في الحصول على الفرص الاقتصادية والخدمات الاجتماعية.

وفيما يتعلق بالعلاقات بين الدول الغنية والدول الفقيرة، فإنه بالقدر الذي ينخفض فيه مستويات استهلاك الطاقة داخل الدول الغنية بالقدر الذي تنخفض فيه صادرات الدول النامية من الطاقة، مما يحرمها من إيرادات هي في حاجة ماسة إليها.

لذلك تستهدف التنمية المستدامة تشجيع أنماط تنموية تقوم على الاعتماد على الذات لتنمية القدرات الذاتية. وتحقيق الإكتفاء الذاتي للدول النامية، كذلك تستهدف التنمية المستدامة التخفيف من عبء الفقر المطلق داخل الدول النامية.


3. البعد الاجتماعي

تهدف التنمية المستدامة إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم، حيث تؤكد تعريفات التنمية المستدامة أنها يجب أن تطبق مبدأ المشاركة بمعنى أن يُشارك الجميع في صنع القرارات التنموية التي تؤثر في حياتهم، وتشير أيضاً التنمية المستدامة إلى عنصر المساواة والإنصاف وهناك نوعان من الإنصاف:

1. إنصاف الأجيال القادمة، والتي يجب أخذ مصالحها في عين الاعتبار وفقا لما أكدت عليه التنمية المستدامة.

2. إنصاف من يعيشون اليوم من البشر ولم يجدوا فرصاً متساوية مع غيرهم في الحصول على الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية. وتهدف التنمية المستدامة بشكل واضح إلى القضاء على هذا التفاوت الصارخ بين الشمال والجنوب.

ومن ضمن أهداف التنمية المستدامة أيضاً في هذا البُعد تقديم قروض للقطاعات الاقتصادية غير الرسمية وتحسين فرص التعليم والرعاية الصحية بالنسبة للمرأة.


4. البعد التكنولوجي

تهدف التنمية المستدامة في هذا البُعد إلى تحقيق تحولاً سريعاً في تكنولوجيا المجتمعات الصناعية، وإنتاج تكنولوجيا جديدة أكفأ وأقدر على الحد من تلوث البيئة. كذلك تهدف إلى تحولاً تكنولوجياً في البلدان النامية الآخذة في التصنيع وذلك لتفادي الأخطاء الماضية، والتي ولدت التنمية المستدامة من أجلها، وتفادي التلوث البيئى الذي نتج عن هذه الدول الصناعية.

يشكل التطور التكنولوجي التي تسعى إليه التنمية المستدامة وسيلة هامة للتوفيق بين أهداف التنمية وأهداف الحفاظ على البيئة حتى لا تتحقق التنمية على حساب البيئة.

وقد أكدت المبادرة التي أطلقتها جامعة الدول العربية للتنمية المستدامة عن وجود عدد من المعوقات التي تواجه الدول العربية في تطبيق التنمية المستدامة، وذلك بالرغم من بعض الإنجازات في عدد من المجالات مثل؛ الصحة والتعليم ومستويات المعيشة ومن هذه المعوقات: غياب السلام، الاحتلال الأجنبي الذي لازال قائماً لبعض الدول، الفقر، الأمية، النمو السكاني، التأخر التكنولوجي، حداثة تجربة المجتمع المدني، محدودية قدرات المراكز الأكاديمية والبحثية.

ومن أجل هذه المعوقات قامت جامعة الدول العربية بتطوير برنامجها الإقليمي للتنمية المستدامة، والتي تهدف من خلاله إلى التصدى لمثل هذه المعوقات التي تقف حائلا بين الدول العربية وبين التنمية المستدامة، وتؤكد التزام الدول العربية بتنفيذ جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، وإيجاد آلية لتمويل خطط تنفيذ التنمية المستدامة. وقد تضمنت مبادرة جامعة الدول العربية المجالات التالية:

1. السلام والأمن: بمعنى إيجاد بيئة موائمة على المستوى الإقليمي لدعم جهود السلام، بما في ذلك إنهاء الاحتلال والتدخل في الشئون الداخلية للدول.

2. الإطار المؤسسي: تدعيم وتعزيز البنية المؤسسية في الدول العربية في مجال التنمية المستدامة، بما في ذلك تطوير وتنفيذ التشريعات اللازمة.

3. الحد من الفقر: دعم خطط البرامج الإقليمية وشبه الإقليمية، والوطنية والمحلية وخاصة من خلال المشروعات الصغيرة، والتعاون الفني والمؤسسي للوصول إلى التخفيف من حدة الفقر، مع إعطاء اهتمام خاص لدور المرأة.

4. السكان والصحة: تطوير سياسات سكانية متكاملة والارتقاء بالخدمات الصحية الأولية، وتدعيم برامج التوعية للنهوض بتنظيم الأسرة ورعاية الطفولة والأمومة. وتوفير الماء النظيف والغذاء الآمن.

5. التعليم والبحث العلمي ونقل التكنولوجيا: دعم تطوير استراتيجيات وبرامج وطنية للتعليم ومحو الأمية كجزء من استراتيجية الحد من الفقر. كذلك تشجيع نقل وتوطين التكنولوجيا الملائمة داخل المنطقة العربية، وتطوير القدرات العربية ومؤسسات البحث العلمي والتكنولوجي لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، والاستفادة من الدعم الفني المتاح من المنظمات الدولية في هذا الخصوص، ودعوة الدول الصناعية لتنفيذ إلتزاماتها الواردة بهذا الخصوص في الاتفاقيات الدولية.

6. إدارة الموارد: تشجيع الإدارة المتكاملة لموارد المياه بما فيها أحواض الأنهار وفق أحكام القانون الدولي.

7. العولمة والتجارة والاستثمار: مطالبة المجتمع الدولي تعزيز جهود الدول العربية لتجنب التأثيرات السلبية الناتجة عن العولمة على المستويات التقنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية. كذلك تعزيز القدرة التنافسية للسلع العربية والسعي إلى إلغاء الدول الصناعية لكل أنواع القيود والتي تُعيق نفاذ السلع العربية إلى الأسواق الدولية.

وفي رسالة وجهتها القيادة السياسية بمصر إلى القمة العالمية للتنمية المستدامة المنعقدة بجوهانسبرج، جاء اعترافا صريحا بأن «العقد الماضي» (عقد التسعينيات) لم يشهد تقدماً يذكر في تنفيذ معظم أهداف مؤتمر ريو، بل شهد تراجعاً في معظم مؤشرات التنمية المستدامة.

كذلك شهد تراجعاً في حجم التمويل الدولي المتاح للدول النامية لتحقيق هذه الأهداف وفي حجم الموارد المتوافرة لتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحماية البيئة. وأنه مع الإقرار بمسئولية الحكومات منفردة على المستوى الوطني في حشد الموارد والقدرات الوطنية، إلا أن التناول الدولي لقضية التنمية المستدامة – كما ترى القيادة السياسية المصرية- يجب أن يترجم الأهداف العالمية البراقة إلى واقع عملي ملموس.

أما مجرد إعادة التأكيد على الأهداف السابقة للمؤتمرات العالمية، فلن يكون له سوى تفسير واحد وهو أن قمة جوهانسبرج خيبت آمال الشعوب. ومن ثم فقد طالبت القيادة السياسية المصرية في رسالتها الدول المتقدمة بتنفيذ الالتزامات التي قبلتها طواعية في مؤتمر «ريو»، وأن على الدول النامية في ذات الوقت، أن تستمر في جهودها والإضطلاع بالجانب الذي يخصها من المسئولية.

أما عن معوقات تنفيذ أهداف مؤتمر «ريو » – وكما ذُكرت في هذه الرسالة – فيأتي في مقدمتها الظروف الإقليمية المضطربة وخاصة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وما يتعرض له الفلسطينيون من ممارسات إسرائيلية تنتهك حقوق الإنسان وتتعارض بشكل صريح مع مبادئ ريو، فضلاً عن مشكلة الديون التي تعانيها الدول النامية وتعوقها عن اتباع أساليب إنتاجية تتوائم مع البيئة، إضافة إلى ما تواجهه تلك الدول من أزمات في توفير الغذاء والدواء لمواطنيها، وندرة في المياه والموارد المتاحة وتدهور التربة والتصحر ومشاكل التلوث. وفوق ذلك تأتي عقبات التجارة الخارجية حيث لا تستطيع الدول النامية في أن تنفذ بمنتجاتها إلى أسواق الدول الغنية لأسباب لا علاقة لها بقوى السوق.