بطولة كأس العالم هي العرس التي تأتي دائمًا ممنوع منها الأطفال، ويستاء فيها الآباء من تواجد أطفالهم داخل المنزل أثناء المشاهدة وكثيرًا ما يلجؤون لمشاهدة المباريات خارجيًا في القهاوي والأماكن الخالية من الأطفال، في حين أن ذلك الحدث الهام يمكن استغلاله لنفع وتطوير الطفل وتعليمه الكثير مما يطور معرفته وينمّي شخصيته ومهارته الحياتية والأكاديمية كذلك.

وأيضًا وجود بلداننا العربية مصر والسعودية والمغرب وتونس في مباريات كأس العالم يعد فرصة ذهبية يجب استغلالها وعدم تمريرها مرور الكرام في الوقوف على هذا الحدث من نواحٍ متعددة.

كيف؟ في الخطوات العشرة التالية.


1. التعرف على بلدان العالم

يمكنك تعريف طفلك أسماء المنتخبات المشاركة في المباريات، والبحث بعد كل مباراة وراء البلدان ومعرفة موقعها على الخريطة وأيضًا معرفة بعض المعلومات عنها كلغتها الأم وعملتها وزيها الشعبي وفي أي قارة هي. وهنا يمكنك تعليم الطفل جغرافيا العالم بسهولة ويسر دون اللجوء للأكاديميات المُجردة المُنفرة التي تقوم على اكتظاظ المعلومات وراء بعضها في شكل مكروه للطفل. الآن أنت تعلم الطفل مستغلاً حبه للاستكشاف ورغبته هو في المعرفة.


2. الأعلام والدول

أعلام الدول المختلفة بما تحتويها من ألوان وأشكال ورموز هي حقل استكشاف صحي جدًا للطفل، ففي بداية كل مباراة يستعرض الملعب أعلام الدولتين المتنافستين ويمكنك تعريف طفلك لعلم الدولة وألوانه وتستطيع كذلك البحث عن سبب اختيار هذه الألوان وهذه الرموز وعن ماذا تعبر، هذه فرصة عظيمة لمعرفة أهم ما يميز تاريخ هذه البلدان، كما يمكنك المقارنة بين أعلام الدول المتشابهة في الألوان وخاصة الدول العربية ووجه الاختلاف بينها مثل علم مصر وسوريا على سبيل المثال.


3. الرياضيات والوقت

تعريف طفلك أهمية الوقت في كل ثانية وقيمتها في تغيير المسار، وأيضًا معرفة مدة المباراة وكم تبقى من الوقت وحسابه بالطرح وجمع زمن الشوطين الأول والثاني وهكذا، وما لا تتوقعه هو إمكانك تعليم الطفل الإحصائيات والنسبة المئوية من خلال إحصائيات المباراة من نسبة الاستحواذ والتصويبات على المرمى، وما إلى ذلك من نسب مئوية وإحصائيات تفيد طفلك في التعلم بالترغيب.


4. الروح الرياضية

لفت انتباه الطفل أن المنافسة داخل الملعب أثناء المباراة لا تؤثر على الصداقة والعلاقة الطيبة للاعبين من الفرق المنافسة ببعضهم البعض، وأن الروح الرياضية هي من أهم سمات الرياضة الراقية التي يجب أن يتحلى بها جميع اللاعبين، فالرياضة وسيلة للاستمتاع وليس التعصب أو النزاع والمشاحنات، لذا يجب عدم الإساءة لبعضهم البعض سواء من الفريق المنهزم أو الفريق الفائز، بل التمتع بالتسامح والأخلاق الحميدة هي دليل على الرقي والتحضر، وذلك أن تريه في نهاية المباريات كيف يتبادل اللاعبون «الفانيلات» ولا يتضجر الفريق المنهزم أو يغضب ويعادي اللاعبون في الفريق المنافس بل يتصافحون بكل الود والحب والاحترام وهذه هي الروح الرياضية وتظل صداقتهم بعيدة عن التنافس داخل الملعب، وهنا يمكن التمثيل له بما يفعله بعض الأولاد من بكاء أو ضرب وإهانة صديقه المنافس بعد اللعب معه.


5. تشجيع الانتماء

ارتباط طفلك ببلده وتشجيع روح الانتماء للوطن وحبه، وأن صدق الجماهير أثناء التشجيع يؤثر على أداء لاعبي الفرقتين، وكذلك تعزيز مفهوم الانتماء عامة، وليس فقط للوطن بل للأسرة والعائلة والعمل وأن الغيرة على بلدنا لها أهميتها في ظهورها في أفضل مظهر بين دول العالم، وأن كل منتخب يمثل وطنه بسلوكه وصفاته ومعتقداته، وكذلك الجماهير تمثل وطنها، وكل تصرف منها يمثل بلده لذلك يجب الانتباه لكل تصرف يصدر منها.


6. احترام النظام والقواعد

وتتمثل في تنفيذ اللاعبين لخطة المدرب والذي يمثل المعلم الذي يعطينا المعلومات لكي يؤهلنا لما هو مفيد لنا ولآدائنا في الامتحان الذي يمثل أداء اللاعبين في المباراة، وأيضًا احترام جميع اللاعبين لحَكم المباراة الذي ينذر اللاعبين من الأخطاء وينفذ جميع الأحكام بين اللاعبين لتنظيم المباراة ويخضع جميع اللاعبين لحكمه، وهذا هو الصواب فما يراه الحكم ينفذ، فهو الرقيب على أداء اللعب وفقًا للقواعد السليمة.


7. التعاون وأهميته

لفت انتباه طفلك إلى كيفية التعاون بين الفريق الواحد، وكيف يتكاتفون معًا في اللعب، ويتبادلون الكرة وهدفهم واحد، هو إحراز الهدف، وأنه لا يمكن لأحد منهم اللعب بمفرده، والاستئثار بالكرة بمفرده دون مشاركة باقي اللاعبين معه، فاللعب أساسه التعاون وتبادل الكرة بين الفريق واتحاده هو أساس فوزه على الفرق المنافسة، كما يوجد التعاون بين الحكام الأربعة في الملعب لتنظيم اللعب ولوضع نظام أفضل وأسرع أثناء المباراة.


8. العقل السليم في الجسم السليم

بناء الجسم والاهتمام بالرياضة والأكل الصحي ليس وحده فقط الذي يجعلك ماهرًا فيما تريد، حتى لو كانت هذا رياضة جسدية في المقام الأول، لكن لابد من بناء العقل جنبًا إلى جنب وامتلاك مهارة التخطيط والتفكير العقلي وسرعة الاستجابة، كل ذلك بجانب اللياقة البدنية والقوة الجسدية، وهذا مهم للإنسان عامة، وليس للاعبين فقط، فحتى تصبح أفضل في حياتك عليك الاهتمام وتنمية المسارين معًا، قوة العقل وقوة الجسد.


9. اللعب النظيف fair play

مفهوم الخوف على الفريق المنافس، وأن اللعب الشريف هو الاهتمام بمصلحة الجميع وعدم اتخاذ المنافس كعدو لك بل لابد ألا تؤذيه بل تحافظ على اللعب على الكرة، وليس تكسير اللاعب، مثل ما حدث مع محمد صلاح من إصابة منعته من المشاركة حتى الشفاء التام، وكذلك موقف إخراج الكرة خارج الملعب من اللاعبين عندما يصاب أحدهم في المباراة حتى لو كان هذا اللاعب من الفريق المنافس، ليتيحوا له فرصه العلاج الفوري.

كل هذه التصرفات الأخلاقية محببة للجميع، والدليل جائزة أفضل فريق في اللعب النظيف، وتسلمهم الكأس بعد انتهاء المباريات جميعها، فمن استطاع اللعب دون الوقوع في أخطاء يستحق جائزة؛ لأنه لعب بشرف وبشكل أخلاقي جيد.


10. القيادة leader

قائد الفريق ليس بالضرورة هو أفضل لاعب من جميع الجهات، ولكنه الأكثر خبرة في التعامل، وكما هو مسؤول عن الفريق والتنظيم بين لاعبيه، هو أيضًا يمثل المجموعة، فهو القائم باختيار مكان المرمى في بداية المباراة أو تبادل الشارات التذكارية مع الفريق الآخر أو التحدث مع الحكم أثناء المباراة، فوجود قائد للفريق يساعد على تنظيم الأمور وسيرها بطريقة أفضل وأسرع؛ لادخار وقت المباراة وعدم التشتت، لذلك وجود قائد لأي تجمع، أمر مهم.


من كل هذه الأفكار يمكنك تعليم طفلك الكثير والكثير، وليس فقط إشغاله وقت المباراة لتحقيق الهدوء لتستمتع بالمشاهدة بمفردك. أنت بهذه الطريقة تتقرب من طفلك وتوطد العلاقة بينك وبينه في التجمعات والمحافل التي تجمع الأسرة معًا والناقشات التي تدور بين أفراد الأسرة وتبادل المعلومات وتخلق أجواءً حقيقية يندمج فيها طفلك معك، ويطور وعيه ويستفاد. ومهما كان عمر طفلك، فأنت تستطيع تطبيق بعض مما سبق، وتساعد على تطويره، وترسيخ قواعد التربية الصحيحة حتى أثناء مشاهدتك للمباريات.. وهذا هو الهدف الدائم، إفادة الطفل قدر الإمكان في كل ظرف وزمان واستغلال الإمكانات المتاحة للتعلم السهل والتمتع بالحياة في نفس وقت التطوير والاستفادة.

نصر الله بلادنا العربية وسدد خطاهم وأسعدنا بانتصاراتهم.