الموت حرقًا أو غرقًا، تتعدد الأسباب والميتة واحدة، حيث أصبحت حوادث القطارات في السنوات الماضية أمرا طبيعيا، اعتاد المواطنون على مشاهدة القضبان تتلون بالدماء، والحصيلة «قطارات موت» متهالكة أعلى قضبان حديدية صدئة.

حوادث القطارات لها وقع سيئ بنفس المواطن المصري، ليس فقط لمدى بشاعتها ولا عددها المتنامي، بل لكونها أصبحت أشبه بـ «مأساة بلا حل»، لمرفق يعتبر الأهم ضمن وسائل النقل لقاطني المحافظات، إذ يقدر تعداد المواطنين الذين يستخدمون القطارات شهرياً ما يقرب 20 مليون راكب، أغلبهم من الفقراء.

لم يكن «حادث الإسكندرية» المرة الأخيرة الذي ينبش في صدور المصريين يذكرهم بتاريخ مرير مع السكك الحديدية، فكشف تقرير لهيئة السكة الحديد الصادر في سبتمبر/أيلول 2016 أن إجمالي حوادث القطارات في آخر 5 سنوات بلغ 4777 حادثة، وأسوأها في 2015، وترصد «إضاءات» أخطر خمس حوادث قطارات في القرن الواحد والعشرين بمصر.


«الفاجعة الكبرى»: حادث قطار الصعيد عام 2002

شرخ عميق شعر به شعب مصر بالكامل، وصور لن تنساها ذاكرة الصعيد لركاب لقوا حتفهم حرقاً قبل الوصول لمنازلهم، بأحد عطل عيد الأضحى لتكون الرحلة الأخيرة، في الحادث المشهور إعلامياً بـ «حادث قطار الصعيد»، والذي يدرجه بعض الساسة ضمن الحوادث التي أشعلت الشرارة الحقيقة لثورة «25 يناير» على الفساد والإهمال.

«حادث العياط» عام 2002 الذي وقع على بعد 70 كم جنوبي القاهرة، ويعد هو الأسوأ من نوعه والفاجعة الكبرى في تاريخ السكك الحديدية المصرية، راح ضحيته أكثر من 350 قتيلاً وإصابة نحو 90 آخرين بحروق خطيرة على متن قطار تابع سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه؛ وهو ما اضطر المسافرون للقفز من النوافذ حتى توقف بمدينة العياط في محافظة الجيزة.

بدأت الواقعة أثناء مغادرة القطار رقم ‏832‏ للقاهرة متجها إلى أسوان‏، وقد اندلعت النيران في إحدى عرباته بسبب موقد بوتاجاز في الثانية من صباح يوم 20 فبراير/شباط،‏ وأكد الناجون أنهم شاهدوا دخاناً كثيفاً ينبعث من العربة الأخيرة للقطار‏،‏ ثم اندلعت النيران بها وامتدت بسرعة إلى باقي العربات الأخيرة‏، والتي كانت مكدسة بالركاب.

حاول البعض الإفلات من هذا الحريق بكسر النوافذ الزجاجية للقطار والقفز منه، ولكن كان الموت في انتظارهم أيضًا، فخارج النوافذ الزجاجية كان القطار يمر في طريقه على ترعة الإبراهيمية، فمن لم يمت محروقًا بالقطار، مات غرقًا في الترعة.

وفى 27 أبريل/نيسان من نفس العام الذي وقع فيه الحادث، تمت محاكمة 11 مسئولاً بهيئة السكك الحديدية بتهمة الإهمال، كما أدى هذا الحادث إلى استقالة وزير النقل وقتها،محمد إبراهيم الدميرى.


حادث قطار قليوب 2006

تصادم قطار كان قادماً من المنصورة بمؤخرة قطار آخر متوقفاً في قليوب وكان قادمًا من بنها، حيث وقع الحادث بسبب تجاوز سائق قطار المنصورة للسرعة، مما أسفر عن وفاة 58 راكبًا وإصابة 143 آخرين.

واشتعلت النار بمقدمة قطار المنصورة، وانقلبت العربات وتحول بعضها إلى كومة من المعدن المتشابك، ويرجع سبب الحادث إلى أن موظف الإشارة في قليوب لم يعط الإشارة للقطار القادم من المنصورة للتوقف في الوقت المناسب، ليصطدم بقطار بنها من الخلف.


بسبب «جاموسة»: حادث قطار العياط 2009

يعتبر حادث العياط ثاني أسوأ الحوادث التي شهدتها مدينة العياط، حيث لقي أكثر من 30 شخصا مصرعهم وأصيب 58 آخرون على طريق القاهرة-أسيوط، إثر حادث اصطدام القطار القادم من القاهرة إلى أسيوط بقطار الفيوم القادم من الجيزة.

وكان سبب الحادث عطلا بقطار القاهرة عقب مرور «جاموسة» واصطدم قطار آخر متوجها إلى الفيوم بمؤخرته، وحدث التصادم نتيجة تجاوز السرعة، مما أدى لانقلاب أربع عربات من القطار الأول، وأسفر الحادث عن تقديم وزير النقل السابق، محمد لطفي منصور باستقالته.


كارثة أطفال قطار منفلوط 2012

مازالت حقائب الأطفال المدفونة بجوار مزلقان قرية المندرة التابعة لمركز منفلوط في محافظة أسيوط، شاهدة على هذه المأساة، حيث قبضت يد الإهمال أرواح 52 طفلًا من مجموع 70 طالبا، يستقلون حافلة نقل تابعة لمعهد أزهري.

واصطدمت حافلة المدرسة بقطار رقم 165 القادم من أسيوط إلى القاهرة، وقت مرور الحافلة على شريط سكك الحديد بالتزامن مع لحظة مرور القطار؛ نتيجة عدم غلق المزلقان، وأسفر الحادث عن وقوع عدد من التلاميذ بالإضافة إلى سائق الحافلة ومدرسة برفقة الطلاب.


كلاكيت ألف مرة: كارثة قطار الإسكندرية 2017

حوادث قطارات الإسكندرية كان لها النصيب الأوفر من كوارث القطارات بمصر، ليشكل جزءا من إيقاع الحياة بالنسبة لسكان المدينة الوادعة العاصمة الساحلية لمصر.

يرجح البعض بالنظر إلى عدد ضحاياه، أن يكون حادث تصادم قطار رقم 13 إكسبريس «القاهرة-الإسكندرية» بقطار رقم 571 «بورسعيد-الإسكندرية» بمنطقة أبيس شرق الإسكندرية، الحدث الأكبر في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، منذ توليه السلطة في يونيو/حزيران 2014.

وأسفر الحادث في 11 أغسطس/آب من عام 2017 عن مصرع 49 وإصابة 179 آخرين، وأعلنت هيئة السكة الحديد في بيان رسمي أن الحادث أسفر عن خروج جرار القطار رقم 13 من على القضبان بجانب عربتين من مؤخرة القطار رقم 571.