في المقال الأول من هذه القراءة النقدية التحليلية كتاب «الدولة المستحيلة»، للأكاديمي المتخصص في الدراسات الفقهية الإسلامية وائل حلاق، تمّ عرض الفصل الأول «مقدمات» التي مهد بها حلاق لأطروحته، وركز خلالها على «النموذج السائد في المجتمع» أو «النطاق المركزي». ثم الفصل الثاني الذي تحدّث فيه عن الدولة الحديثة وفكك خصائصها الجوهرية.

وفي المقال الثاني، جرى عرض الفصل الثالث الذي أجرى فيه حلاق مقارنة بين البنى الدستوريّة للإسلام كما تمت ممارستها لأكثر من ألف عام مع البنى الدستورية الغربية، ثم الفصل الرابع الذي تعرض للاختلافات النوعية بين المفهوم الأخلاقي للدولة الحديثة والحكم الإسلامي، مع التركيز على البعدين السياسي والقانوني، وانتقل في الفصل الخامس للحديث عن «الذات السياسية والتقنيات الأخلاقية لدى الذات» معتبرًا أن الدولة القومية الحديثة والحكم الإسلامي يميلان إلى إنتاج مجالين مختلفين من تكوين الذاتية. وفيما يلي استكمال لعرض الكتاب.


عولمة تضرب حصارها، واقتصاد أخلاقي

يفترض الكاتب في هذا الفصل أنه لو توفرت كل خواص الدولة الإسلامية فلن يكون ذلك كافيا لتنجح هذه الدولة في ظل عالم معولم ونظام يعتمد على الدولة القومية الحديثة التي تعتبر نفسها غاية الغايات. فالعولمة ليست ظاهرة اقتصادية فقط، ولكنها أيضا سياسية وثقافية بشكل واضح. ويضيف أن المعاني والحوادث العالمية تتشابك في الحياة المحلية بسبب تكنولوجيا الاتصال.

هناك ثلاثة تحديات كبرى يطرحها نظام العولمة: الطبيعة العسكرية للدول الإمبراطورية القوية، والتغولات الثقافية الخارجية، والسوق العالمية الرأسمالية الليبرالية الضخمة.

ويقول حلاق إنه بينما تتسم الفلسفة الاقتصادية الليبرالية على مستوى كل من الدولة والعولمة بالتجارة الحرة والحركة الحرة لرأس المال والخصخصة والرغبة في تعظيم الربح وتراكم الثروة من أجل ذاتها، يتأسس النموذج الإسلامي على ما يمكن أن ندعوه اقتصادا أخلاقيا، وذلك من خلال تزكية المال والمشاركة في الأعمال الخيرية كالصدقة والوقف والتركيز على المسؤولية الاجتماعية للمال. واذا كان الحكم الإسلامي لا يتوافق مع الدولة الحديثة، فإنه من باب أولى أقل توافقا مع الشكل الحالي للعولمة، فلكي يستطيع الحكم الإسلامي أن يجعل نفسه كيانا معترفا به سياسيا يجب أن يعترف به كمشارك في مجتمع الدول القومية، وبهذا يكون نجاح هذا النوع من الحكم معقدا إلى درجة تقترب من المستحيل، فهو مطالب أن يكون ذاته في عالم ينكره تماما (ص 251- ص269).

ويقول الكاتب إن هناك ثلاثة تحديات يطرحها نظام العولمة الذي تسود فيه الدولة القومية على نظام الحكم الإسلامي وهي: الطبيعة العسكرية للدول الإمبراطورية القوية، والتغولات الثقافية الخارجية، والسوق العالمية الرأسمالية الليبرالية الضخمة (ص270- ص273).


النطاق المركزي للأخلاقي

ويخلص حلاق في هذا الفصل إلى أن افتراضات الخطابات الاسلامية الحديثة خاطئة عندما تنظر إلى الدولة الحديثة بإعتبارها أداة محايدة للحكم، يمكن استخدامها في تنفيذ وأداء وظائف معينة طبقا لخيارات قادتها و قراراتهم. وأن بمقدور قادتها أن يحولوا آلة الحكم (الدولة) إلى ممثل لإرادة الشعب بدلا من استخدامها للقمع (ص275). فالدولة الحديثة ليست محايدة ولا تستطيع أن تكون كذلك فهي تأتي بترسانتها من الميتافيزيقا وأشياء أخرى، لتنتج آثارا متفردة معينة: سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ومعرفية ونفسية. ما يعني أن تلك الدولة تصوغ نظما معرفية تحدد بدورها وتشكل المشهد الذي تبدو عليه الذاتية الفردية والجماعية. وجاءت العولمة فزادت من عمق هذه المشكلة (ص276).

وطالب المؤلف النخب المسلمة اليوم برفض التجربة القائمة على الدولة الحديثة في العالم الإسلامي باعتبارها فشلا سياسيا و قانونيا لا يمكن التعلم منه، فالدولة الحديثة في العالم الإسلامي ليست مصدرا للإلهام، مفضلا أن يتم التركيز على الشريعة ذاتها. لذلك يدعو النخب الإسلامية للاختيار ما بين الاستسلام للدولة الحديثة، أو أن تعترف الدولة الحديثة والنظام العالمي بشرعية الحكم الإسلامي، وكلا الأمرين صعب التحقق. أو البحث عن خيار ثالث يمكنه أن يعالج مشاكلهم ومشاكل العالم مع الحداثة و دولتها. ويطالب الكاتب العالم بالإجابة على سؤال يقول: ما هو النطاق المركزي الذي يجب أن يسود عالمنا؟ ويرى أن الشريعة الإسلامية يمكن أن تقدم إجابة شافية على هذا السؤال من خلال: أن يطرح المسلمون أشكال حكم جديدة مبنية على تراثهم. وأن يعيد المسلمون ونخبهم الفكرية والسياسية صياغة قواعد الشريعة خلال عملية بناء المؤسسات الجديدة وأن يتفاعلوا مع نظرائهم الغربيين في ما يخص ضرورة جعل الأخلاقي النطاق المركزي. (ص 285-296).

ويختتم المؤلف آخر فصوله بقوله: لا شك أن العيش معا في سلام على الأرض هو عمل شاق وقد يكون يوتوبيا حديثة أخرى، بيد أن إخضاع الحداثة لنقد أخلاقي يعيد هيكلتها، يبقى الحاجة الأساس، لا لقيام حكم إسلامي فحسب، بل لبقائنا المادي والروحي. إذ أن الأزمة ليست حكرا على الحكم الإسلامي والمسلمين. (ص 297)


ملاحظات نقدية حول أطروحة الكتاب

رغم أن كتاب «الدولة المستحيلة» يعرض فكرة تبدو متماسكة إلى حد كبير تتناول الاختلاف الواقع ما بين نموذج الدولة الحديثة ونموذج الحكم الإسلامي، إلا أنه يمكننا تسجيل عدد من الملاحظات:

– يحوي الكتاب نوعا من الاحتجاج السلبي العدمي على شمولية الدولة المعاصرة، دون أن يقترح بدائل «عملية واضحة» للخروج من هذا المأزق. كما أنه ينطلق من بعض المسلمات التي لا يبرهن عليها بصورة كافية مثل أن الدولية الغربية الحديثة فاشلة، وهذا ربما يحوي قدرا من المبالغة، خاصة مع عدم تحقق البديل.

– يمكن القول إن حلاق ارتكب خطأ عندما قارن بين المجتمعات المعاصرة والمجتمعات القديمة رغم اختلاف السياق ومكونات الدولة وما وقع في العالم من تغيرات جذرية. كما أن الكتاب شهد نوعا من الارتباك في بعض أجزائه، فتارة يؤكد الكاتب على أهمية الفصل بين السلطات ويؤكد على أنه موجود في نظام الحكم الإسلامي بشكل مثير للإعجاب، وتارة يتبنى مقولة «هانز كلسن» الذي اعتبر أن مبدأ الفصل بين السلطات ليس ديمقراطيا في جوهره.

– لجأ الباحث في تحليله إلى أفكار «فوكو» عن علاقة السلطة بالمعرفة، وهي قضية تم تناولها في العديد من الأدبيات التي قارنت بين طبيعة تلك العلاقة في الحضارتين الغربية والإسلامية، كما فعل أحمد داوود أغلو رئيس الوزارء التركي الحالي عندما قال إنه «في الحضارة الغربية يتولد الاختلال الأخلاقي من اعتمادية المعرفة على مؤسسة السلطة، والتي بدورها تعمل داخل إطار استبدادي بسبب قدرة مراكز القوى على إنتاج معرفة مناسبة كافية لتوليد نظام قيمي ملائم يعمل لمصالحها الذاتية»[1].

– ربما كانت أبرز أفكار هذا الكتاب هو اعتبار أن الشريعة هي «الإطار المركزي» للحكم الإسلامي، وهو طرح لقضية قديمة لكن بطريقة جديدة، فمعظم الكتاب المهتمين بالفكر الإسلامي تحدثوا عن قضية “مركزية الشريعة” لكن بطريقة أخرى، فمثلا يقول طارق البشري: «إن لب الخلافة هو اتخاذ الشريعة الإسلامية أساس الشرعية في قيم السلوك والأخلاق وفي أحكام المعاملات والأحوال الشخصية وفي نظم الدولة والجماعة، وكانت تتخذ معيارا للاحتكام وإطارا مرجعيا يهمين في الثقافة السائدة»[2].

– إن القول باستحالة إقامة حكم ذي صبغة إسلامية في إطار الدولة الحديثة ربما يفتقر إلى الدقة لاسيما إذا استشهدنا بأن المسلمين تفاعلوا مع الإمبراطوريات السابقة للإسلام (كالفرس والروم) واستقوا منها الكثير من النظم وطوروها طبقا لأحوالهم وأدخلوها في نظام «الحكم الإسلامي». لذلك فإنه مع وصول الفكر الإنساني لمرحلة الدولة الحديثة يمكن للإسلام أيضا أن يقدم إسهامات في هذا الإطار. وفي ذات الاتجاه يقول محمد مختار الشنقيطي إن نشأة الدولة الحديثة في أوروبا لا يعني أنه لا يمكن استنساخها في عالمنا الإسلامي، مستشهدا بمقولة علي عزت بيجوفيتش: «إنك لا تستطيع أن تغير العالم برفضه ولكن بقبوله».[3] وعلى ذات المنوال ينسج الباحث محمود هدهود عندما يقول: «إننا قد نضج من لا أخلاقية الدولة الحديثة وفقر خيالها، لكننا نفتقد إلى نجاعتها ونغوص في المقابل في نظريات نقدية تفتقد الإمكان الواقعي، وهو ما لا يمكن أن يؤدي إلا إلى حالة خطيرة من ما يمكن تسميته بالـ «الإرجاء السياسي» [4].

– وبدوره – وغير بعيد عن آراء الشنقيطي وهدهود – انتقد أبو يعرب المرزوقي ما أسماه الفكر الذي ينفي أن يكون للإسلام الأنظمة التي يمكن أن نسمي مجموعها دولة، وذلك باستدعاء وهمي للتدليل التاريخي والنقلي، كما في محاولة علي عبد الرازق في كتاب الإسلام وأصول الحكم، كما انتقد الفكر الذى يدعي استحالة أن تقوم دولة الإسلام في العصر الحديث بدعوى امتناع شروط التماشي مع الدولة الحديثة بالاستدلال التاريخي والعقلي كما في محاولة وائل حلاق في كتاب الدولة المستحيلة [5].

– ويبدو هنا أن الانتقادات الموجهة لكاتب الدولة المستحيلة ناتجة عن فهم لم يقصده حلاق في الكتاب، فهو لا يهدف بحسب البعض إلى هدم فكرة «الدولة الإسلامية» من خلال اعتبارها أمرا تجاوزه التاريخ ولا مستقبل له، أو اعتبار الشرعية مجرد منظومة أخلاقية «أرقى وأقدس» من أن تصلح للحياة والبقاء في هذا العالم «الملوث»!!، ولكن الكتاب يحاول إعادة الاعتبار لأفكار الشريعة من منطق ما بعد حداثي رافض للحالة التي وصلت لها الدولة الحديثة، ويطالب بخلق منهج جديد يتجاوز فكرة مركزية الدولة إلى مركزية الإنسان.

– ويتفق الكاتب مع المفكر طه عبد الرحمن في التفريق بين المعالجة الأخلاقية للشأن العام الذي هو أمر قيمي يستند للروح، وبين طريقة التدبير السياسي للدولة القومية الحديثة، التي تعتمد على الصياغة القانونية للشرعية السياسية [6].

– وقد جاءت ملاحظة الكاتب عميقة عند حديثه عن الفقهاء ليس باعتبارهم رعاة للشريعة وورثة للرسل فحسب، ولكن كحلقة وسيطة بين المجتمع والسلطة، تتمتع باستقلالية كبيرة ونفوذ واسع وتمثل تعبيرا حقيقيا عن هموم وقضايا المجتمع الذي خرجت منه.

– وعلى أي حال يحسب للكاتب أنه تمكن من إحضار الأجندة الفكرية والفلسفيّة – الأخلاقيّة الإسلاميّة إلى طاولة الأكاديميا، مبررا ذلك بقوله: يجب على المرء أن يلاحظ أنّه حتى الشخصيّات المبرّزة من الإنتلجانسيا الغربية (الذين كنّا نعتقد أنّ يكونوا على مدى أوسع من المعرفة) لا يعرفون فقط القليل عن الإسلام وتراثه الفكريّ والقانونيّ والسياسيّ أو الثقافيّ؛ بل إنّهم يخجلون من فعل أيّ شيء حياله.

– وأخيرا يمكن اعتبار الكتاب إحدى المحاولات الجادة لنقد الدولة الحديثة، ذلك الموضوع الذي اكتسب أهمية مركزية في المشروع الإصلاحي العربي والإسلامي السياسي، خاصة بعد فشل الربيع العربي في ترويض تغول الدولة القطرية الحديثة في منطقتنا.


خلاصة

الدولة الحديثة في العالم الإسلامي ليست مصدرا للإلهام، ولابدّ من إخضاع الحداثة لنقد أخلاقي يعيد هيكلتها، ليس لقيام حكم إسلامي فحسب، بل لبقائنا المادي والروحي.

قرر الكاتب أنه لم يكن هناك ثمة دولة إسلامية قط، فالدولة شيء حديث ذو أصل أوروبي، أما النموذج الإسلامي فيمكن أن نطلق عليه «الحكم الإسلامي». مؤكدا على فكرة «النطاق المركزي» لفهم طبيعة نموذج الحكم، فالنطاق المركزي للحداثة الأوروبية هو التقدم التقني، بينما النطاق المركزي لنموذج الحكم الإسلامي هو الشريعة.

ويرى حلاق أن للدولة الحديثة خمس خواص هي: تكوين الدولة كتجربة تاريخية محددة ومحلية إلى حد بعيد، وسيادة الدولة والميتافيزيقيا التي أنتجتها، واحتكار الدولة للتشريع وما يتعلق بذلك من احتكار ما يسمى العنف المشروع، ووجود جهاز الدولة البيروقراطي العقلاني، وتدخل الدولة الثقافي الهيمني في النظام الاجتماعي بما في ذلك إنتاج الذات الوطنية.

كما يشير إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات الذي من المفترض أن يكون أحد الأعمدة الرئيسية في الدولة الحديثة، غير مطبق بالشكل الصحيح سوى في النموذج الإسلامي.

ويعقد الكاتب مقارنة بين نموذج الحكم الإسلامي والدولة الحديثة، ويقرر أن الحكم الإسلامي يقوم على أسس أخلاقية وقانونية وسياسية واجتماعية وميتافيزيقية مختلفة جذريا عن الأسس التي تدعم الدولة الحديثة:

– فكل إقليم تطبق فيه الشريعة كقانون نموذجي يعتبر مجالا إسلاميا (دار إسلام)، وكل مكان لا تعمل فيه الشريعة أو تبعد فيه إلى مكانة ثانوية يعد دارا للحرب.

– وفي الإسلام تحل الأمة محل شعب الدولة القومية الحديثة.

– وفي حين أن الدولة القومية هي غاية الغايات ولا تعرف إلا ذاتها، فإن الأمة وأعضائها وسيلة لغاية أعظم، فبالرغم من كون الأمة تملك سلطة القرار، لكن هذه السلطة محكومة بقواعد أخلاقية تمثل تعبيرا عن الإرادة الأخلاقية الإلهية، فالله هو غاية الغايات وهو صاحب السيادة ومالك كل شيء.

– إذا كانت الإرادة السيادية في الدولة الحديثة ممثلة في القانون، فكذلك إرادة الله السيادية في نظام الحكم الإسلامي تتمثل في قانونه (الشريعة).

– ومن هنا تأتي الأمة وأفرادها قبل السلطة التنفيذية، كما تسبق الشريعة السلطة التنفيذية، لذلك يرى شرمان جاكسون أن تدخل الحكومة في المجتمع والقانون هو الاستثناء وليس القاعدة، ولا يوجد الفرد من أجل الدولة، بل العكس هو الصحيح فالدولة توجد لتحقيق رفاهية الفرد. ولا تكون الدولة مبررة إلا بقدر ما تعزز جهد الفرد في طاعة الخالق وعبادته.

– وفي حين تتحكم الدولة الحديثة بمؤسساتها الدينية وتخضعها لإرادتها القانونية، فإن الشريعة تتحكم بالمنظومة الكاملة من المؤسسات العلمانية بما في ذلك السلطات التنفيذية والقضائية.


وبناء على ما سبق يحدد حلاق عددا من الشروط لتحقيق نظام إسلامي هي:

– تأسيس سيادة إلهية تترجم فيها قوانين الله الأخلاقية الكونية باعتبارها نظاما من المبادئ الأخلاقية إلى قواعد قانونية عملية.

– فصل صارم للسلطات تكون فيه السلطة التشريعية باعتبارها مكتشفة القواعد القانونية العملية المذكورة مستقلة بالكامل، وتمثل بصورة حقيقية مصدر كل القوانين في البلد.

– السلطتان التشريعية و القضائية منسوجتان من نسيج أخلاقي لحمته وسداه خليط من ما ينبغي أن يكون.

– سلطة تنفيذية يقتصر عملها على وضع الإرادة السيادية موضع التنفيذ، ويسمح لها بإصدار لوائح إدارية مؤقتة وضيقة النطاق تتسق مع تلك الإرادة.

– وضع تكون فيه القواعد القانونية العملية القائمة على الأخلاق في خدمة المجتمع وتدعم المجتمع كمجتمع وتخدم مصالحه ككيان مؤسس أخلاقيا، ويشمل هذا جرعة شافية من المساواتية و نظام عدالة اجتماعية قائم على القرآن.

– مؤسسات تعليمية على كل المستويات، يصممها ويديرها مجتمع مدني مستقل بالكامل وتشكله جدلية الشروط الخمسة السابقة.

– نظام تعليمي ابتدائي وعالي يطرح أسئلة عن معنى الحياة الفاضلة الأخلاقية فلا يجري التعامل مع العقل على أنه أداة فقط.

– تحول مفهوم المواطن بنجاح إلى مفهوم المجتمع الأخلاقي النموذجي، الذي يرتبط كل فرد فيه بالآخرين بعلاقة أخلاقية متبادلة، و يختفي مفهوم السياسي بمعناه لدى شميت و معه مفهوم التضحية بالمواطن من أجل الدولة.

– ممارسة أفراد الأمة المسلمة فن الاهتمام بالنفس ناظرين لأنفسهم على أنهم امتداد للكون الأخلاقي.

وبعد هذا يفترض الكاتب أنه حتى لو توفرت كل خواص الدولة الإسلامية فلن يكون ذلك كافيا لتنجح في ظل عالم معولم ونظام يعتمد على الدولة الحديثة. لذلك يرى الكاتب أن أزمة العالم الإسلامي ستستمر ما دام المسلمين مصرين على محاولة تطويع نموذج الدولة الحديثة ليكون حكما إسلاميا.

وينصح الكاتب النخب المسلمة برفض التجربة القائمة على الدولة الحديثة في العالم الإسلامي باعتبارها فشلا سياسيا وقانونيا لا يمكن التعلم منه، مطالبا إياهم بالتركيز على الشريعة ذاتها ليس لإقامة حكم إسلامي فحسب، بل لإخضاع الحداثة لنقد أخلاقي يعيد هيكلتها ويمكننا من البقاء المادي والروحي.

وقد قوبلت هذه الدعوة بردود فعل مختلفة، فبينما رآها البعض محاولة جيدة لإعادة الاعتبار للشريعة كمنهج حياة حكم المسلمين طول قرون طويلة، اعتبر آخرون دعوة حلاق مجرد حنين من مثقف شرقي مستاء من القيم الغربية غير الأخلاقية، لا تقدم بدائل «عملية واضحة» للخروج من المأزق التاريخي الذي تعيشه الأمتان العربية والإسلامية، وهو أمر عبر عنه حلاق نفسه عندما تخوف من أن يثير الكتاب إحباط المسلمين من استحالة تقديم أى إستجابة إيجابية للحداثة وبناء كيان سياسي حديث يستوعب مجتمعاتهم المقهورة.


[1] أحمد داوود أغلو، العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية ( القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ترجمةإبراهيم البيومي غانم، 2006)، ص130.[2] طارق البشري، السياق التاريخي والثقافي لتقنين الشريعة الإسلامية (القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، 2011)، ص 11.[3]https://goo.gl/PSy3bz[4]http://goo.gl/FCrm7q[5]https://goo.gl/wcuz9I[6] طه عبد الرحمن، روح الدين (الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي ، 2012، ط1)، ص207 .
المراجع
  1. العروي، عبد الله. مفهوم الدولة، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 2011، ط 9.
  2. طه عبد الرحمن، روح الدين (الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي ، 2012، ط1)، ص207 .
  3. أحمد داوود أغلو، العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية ( القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ترجمةإبراهيم البيومي غانم، 2006)، ص130.
  4. طارق البشري، السياق التاريخي والثقافي لتقنين الشريعة الإسلامية (القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، 2011)، ص 11.