وافقت لجنة الأمن القومي والاتصال على مشروع قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، الذى قدمه اللواء السابق و نائب البرلمان الحالي عن دائرة مدينة نصر تامر الشهاوي. نشرت المشروع عدة مواقع إلكترونية، ووصف الناشط الرقمي وخبير الأمن المعلوماتي رامي رؤوف هذا القانون بـ«غير الناضج».

ينص القانون على الحبس 3 سنوات وغرامة لا تتجاوز 2 مليون جنيه لكل من يمتنع عن تنفيذ قرار المحكمة بحجب أحد المواقع أو الروابط.

نظرة سريعة على القانون تجعلك تعرف أن واضعيه ليس لديهم أدنى معرفة بأبسط قواعد الإنترنت، الكثير من العقوبات بدون أي آليات واضحة للتنفيذ وكأن واضعيه أرادوا أن يرسلوا رسالة تخويف واضحة لمستخدمي الإنترنت في مصر. في كل العالم من يكتشف ثغرة في موقع بقصد أو بدون قصد يتم تكريمه ووضع اسمه في لوحة الشرف الخاصة بالموقع. أما في هذا المشروع من يكتشف ثغرة أمنية ولو مصادفة، فسيعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد عن 50 ألفًا. وبالطبع فإن الإعجاب والمشاركة لكل ما يعتقد القاضي أنه إخلال بالنظام العام يعاقَب عليه المستخدم بالسجن المؤبد.

و كذلك فإن حكم الإعدام موجود في القانون، فينص القانون على الحبس 3 سنوات وغرامة لا تتجاوز 2 مليون جنيه لكل مزود خدمة امتنع عن تنفيذ قرار محكمة الجنايات بحجب أحد المواقع أو الروابط، وإذا ترتب على الامتناع عن التنفيذ وفاة شخص أو أكثر أو الإضرار بالأمن القومي تكون العقوبة السجن المؤبد أو الإعدام، وغرامة لا تتجاوز 20 مليون جنيه.

غير أن القانون لم يحدد أي طرق لضبط الجناة و تحديد مسئوليتهم عن حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي والكثير من الثغرات الأخرى التي تجعل مخالفته -نظريًا – ليس بالأمر الصعب.


من هو مقدم مشروع القانون؟

اللواء السابق «تامر الشهاوي» هو نائب عن دائرة مدينة نصر، تخرج من الكلية الحربية ثم عمل في المخابرات الحربية لأكثر من ٢٠ عامًا. بدأ فى الظهور إعلاميًا بداية من ٢٥ يناير/كانون الثاني ٢٠١٥، حيث استضافته عدة برامج تلفزيونية أهمها برنامج على مسئوليتي الذي يقدمه الإعلامى المحسوب على النظام أحمد موسى، ولقبه أحمد موسى آنذاك بصقر المخابرات الحربية. ونفى النائب -في حوار مع موقع برلماني- أن يكون تكرار استضافته في البرنامج بمثابة دعاية انتخابية مبكرة له، لكن من المؤكد أن ظهوره المفاجئ عدّة مرات يثير العديد من التساؤلات.

أعلن عبد الرحيم علي أن القضية تضم طيفًا واسعًا من الشخصيات العامة والنشطاء السياسيين من بينهم النائب السابق مصطفى النجار.

ارتبط اسم اللواء تامر الشهاوي بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ«القضية ٢٥٠ أمن دولة لسنة ٢٠١١»، حيث ظهر اللواء على الشاشات بمعلومات حصرية حول القضية التي أثارت ضجة إعلامية واسعة، ولم يصرح اللواء بمصادر معلوماته حول القضية، لكنه كان يتجنب التحدث في بعض التفاصيل بدعوى أنها أسرار عمل، مما يوحي بأن القضية كانت جزءًا من عمله في المخابرات الحربية الذي شغل بها عدة مناصب خاصة من بداية ثورة يناير حتى عام ٢٠١٥.

قال اللواء على إحدى البرامج التلفزيونية إن القضية بدأت في إبريل ٢٠١١ بعد اندلاع الثورة، و أنها تضم عددًا من النشطاء السياسيين الذين تآمروا على مصر قبل وأثناء الثورة، وتلقوا تمويلات وتدريبات من أجهزة المخابرات الحربية لتركيع مصر، وكرر النائب عدة مرات أن القضية ستكون على رأس أولوياته في حالة دخوله البرلمان أثناء حملته الانتخابية. وفيما بعد أعلن النائب عبد الرحيم علي أن القضية تضم طيفًا واسعًا من الشخصيات العامة والإعلاميين والنشطاء السياسيين منهم النائب السابق مصطفى النجار.

نشرت شبكة رصد المحسوبة على تحالف دعم الشرعية تسريبات لأوراق القضية، و أوضحت التسريبات أن القضية تضم عددًا واسعًا من النشطاء السياسيين من كافة التيارات وكذلك العديد من الإعلاميين حتى المحسوبين على النظام. وأصدر النائب العام المصري قرارًا بحظر النشر عن القضية إلى حين انتهاء التحقيقات التي ما زالت مستمرة منذ إبريل ٢٠١١.


«دون كيوخته» يحارب طواحين الهواء السيبرانية

كـ«دون كيخوته»(1) الذي يحارب طواحين الهواء في معارك وهمية لا يمكن تحقيق النصر فيها، لا يطيق النائب تامر الشهاوي أن يظهر في أية مداخلة أو برنامج تلفزيوني للتعليق على أي قضية بدون مهاجمة السوشيال ميديا والإنترنت، نراه يهاجم مستخدمي السوشيال ميديا ويتهم شركات الإنترنت بالتآمر على الدولة المصرية وخدمة مصالح الدول الأجنبية والإخوان في كل حلقة وكل مداخلة يظهر بها.

ظهر اللواء في برنامج صباح أون للتعليق على إعطاء مصر للسعودية حقوق السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، فختم كلامه بمهاجمة السوشيال ميديا باعتبارها مناهضة للدولة المصرية، ثم ظهر مرة أخرى مع الإعلامية أماني الخياط وسخر من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال إنه كان يجب على الملك فاروق أن يقوم بالتغريد على تويتر لإثبات تبعية الجزيرتين للسعودية.

حتى في الحوادث المأساوية لم ينس النائب دور السوشيال ميديا، فكان تعليقه حول حادثة اختفاء الطائرة المصرية التابعة لشركة مصر للطيران والمتجهة من باريس إلى القاهرة أن مصر تتعرض لحرب سيبرانية مرة أخرى.


السيسي و تامر الشهاوي

الرئيس مش مستني تامر يعمل قانون، دا راجل كان مدير المخابرات قبل ما يكون رئيس دولة، وأكيد هو عارف كل حاجة.
اللواء السابق تامر الشهاوي

يبرر اللواء السابق قانونه الذي يحتوي على عقوبات تصل إلى الإعدام لمستخدمي الإنترنت، أن مصر تتعرض إلى حرب سيبرانية من أمريكا وإسرائيل كما صرح عدة مرات. وأكّد عدة مرات على أن إسرائيل هي البلد الأقوى من حيث الحرب السيبرانية، إلا أنه لا يتورع عن دعم الرئيس السيسي في كل مناسبة على الرغم من دعوة الرئيس السيسي إلى سلام دافئ مع دولة إسرائيل.

كان السيسي رئيس المخابرات الحربية وقتما كان هو يعمل على أخطر الملفات في المخابرات الحربية -بحسب كلام اللواء تامر الشهاوي-. كما صرح اللواء عدة مرات تصريحات على لسان الرئيس السيسي خلال لقاءاته في برنامج على مسئوليتي مثل أن الرئيس السيسي يولي اهتمامًا خاصًا بقضية الضباط المختطفين، وصرح أن السيسي كان يعمل على مثل هذه القضايا أثناء رئاسته للمخابرات الحربية. كما أجرى حوارًا مطولًا لجريدة البوابة نيوز التي يرأس تحريرها النائب عبد الرحيم علي أكّد فيه على معرفته للرئيس السيسي منذ عام ٢٠٠٩، و كشف فيها عن عدة تفاصيل بشأن الرئيس السيسي وتدرجه في المناصب منذ ٢٠٠٩ وحتى وصوله لرئاسة الجمهورية.

و لكنه على الجانب الآخر أنكر أي صلة بين الرئيس السيسي وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وقال نصًّا: «الرئيس مش مستني تامر يعمل قانون، دا راجل كان مدير المخابرات قبل ما يكون رئيس دولة، وأكيد هو عارف كل حاجة».

إلا أنه يمكن ملاحظة أن النائب يستخدم نفس مصطلحات الرئيس السيسي لتبرير القانون حول حروب الجيل الرابع والخامس، وكذلك مكافحة الأعمال الإرهابية على الإنترنت، وأيضًا لوحظ أن النائب بدأ استخدام مصطلح الكتائب الإلكترونية في كلامه حول القانون بعد أن تبنى الرئيس هذا المصطلح وغيرها من المصطلحات مما ذكره الرئيس السيسي فى خطاباته.


المشاهد الغامض يسرب معلومات لأحمد موسى

قام اللواء تامر الشهاوي وأثناء عمله بالمخابرات الحربية بعمل مداخلتين في برنامج «على مسئوليتي»، الذي يقدمه الإعلامى أحمد موسى على قناة صدى البلد، وكان يعرّفه أحمد موسى على أنه «المشاهد الكريم»، وكان أحمد موسى يرفض الإفصاح عن هويته أو على حد قوله: «طبعًا الناس طول الوقت من يوم الخميس وإمبارح قاعدين يسألوني مين -في إشارة لصاحب المداخلة- وأنا أقول معرفش».

تحدث اللواء في المداخلتين عن قضايا النشطاء والممولين، واتهم الناشط أحمد دومة بتلقي تدريبات عسكرية في الخارج، وكعادته لم يفُته مهاجمة مواقع السوشيال ميديا ومستخدمي الإنترنت.

في الحلقة التالية يظهر اللواء متحدثًا في البرنامج بتاريخ ١٣ سبتمبر/أيلول ٢٠١٤؛ أي قبل خروجه من الخدمة بخمسة أشهر، ويلاحظ أن المداخلة كانت أثناء حديث أحمد موسى وضيفته الصحفية نجاة عبد الرحمن، وكانت في جزء من الحلقة لا تقطعه مداخلات حتى أن اللواء الغامض وقتها اعتذر في بداية مكالمته عن أنه قطع الحديث بهذه المداخلة، وكأن إعداد البرنامج لا حكم له في إذا ما كان ينبغي عليه التحدث أم لا.

وتحدث اللواء عن أشياء و تفاصيل من المفترض أنها تمسّ الأمن القومي المصري، وكذلك تحدث عن أشياء مفترض أنه يعرفها بحكم منصبه في المخابرات الحربية؛ مما يثير العديد من علامات الاستفهام عن إذا ما كان ينبغي عليه التحدث للإعلام وتسريب معلومات يفترض أنها تمس الأمن القومي المصري، و كذلك يجعلنا نتساءل عن دور المخابرات الحربية في تحريك قضايا تجاه النشطاء، إذا كان أحد لواءاتها يوزع عليهم اتهامات العمالة والخيانة على الهواء مباشرة وأثناء وجوده في الخدمة بدون وجود أية أدلة مادية أو قضايا بشأن هذه الاتهامات.


عدو مواقع التواصل الاجتماعي تحت القبة بفضلها

وجّه اللواء الاتهام إلى الناشط أحمد دومة بتلقّي تدريبات عسكرية في الخارج.
اعتمد اللواء على موقع فيسبوك في نشر برنامجه الانتخابي وجذب المتطوعين لحملته.

على الرغم من معاداته الدائمة لمواقع التواصل الاجتماعي ومستخدميها، وتقديمه للقانون الذي سيقر بإعدام بعض مستخدمي الإنترنت وكذلك حجب العديد من المواقع الإلكترونية، إلا أن النائب نفسه قد كسب الانتخابات بالاعتماد على هذه المواقع على حد قوله. وتبرع النائب بكل أموال حملته التي تبلغ ٥٠٠ ألف جنيه إلى صندوق تحيا مصر وإحدى الجمعيات الخيرية التي أنشأها بمدينة نصر، ونزل الانتخابات مستقلًا، ولم يوافق على الانتماء إلى أيّة قوائم أو أحزاب حتى أنه لم ينضم لتحالف دعم الدولة تحت القبة، وأكد أن جميع النواب يدعمون الدولة.

كما أكدّ عدة مرات أنه لم ولن يقوم بتعليق لافتة واحدة للدعاية لنفسه وأنه مرشح مستقل بلا حملة انتخابية، وكذلك لن يعتمد على أية عصبيات قبلية أو عائلية لدعمه، وأنه لن يقوم بالصرف على الدعاية الانتخابية مثل بقية المرشحين، فكيف نجح إذن في دائرة وصفها بأنها «الأصعب» وفي ظل استخدام منافسيه للمال السياسي؟.

وصرح بأنه كوّن حملته بطريقة غير تقليدية عبر الأهل والأصدقاء المؤيدين، وكذلك عبر موقع فيسبوك الذي اعتمد عليه في نشر برنامجه الانتخابي وجذب المتطوعين لحملته.

جدير بالذكر أن حملة اللواء تامر الشهاوي تمتلك صفحة على فيسبوك سجل بها قرابة الألفين و مئتي عضو إعجابهم، كما يوجد على صفحته الشخصية قرابة ١٢ ألف متابع، وقد فاز في الانتخابات بجولة الإعادة بقرابة ٣٤ ألف صوت.


الهوامش

(1) بطل رواية للأديب الإسباني «ميغيل دي ثيربانتس سابيدرا» الذي حارب طواحين الهواء.

المراجع
  1. 1
  2. 2
  3. 3
  4. 4
  5. 5
  6. 6
  7. 7
  8. 8
  9. 9
  10. 10
  11. 11
  12. 12
  13. 13
  14. 14
  15. 15
  16. 16
  17. 17
  18. 18
  19. 19
  20. 20