كم مسلسلاً يعرض هذا الشهر على جميع القنوات؟؟ تتداخل الأحداث والأسماء خاصة لمن يكرسون اليوم كله لمتابعة التليفزيون، فموسم الدراما الرمضانية أصبح ملعباً واسعاً خاصة مع تزايد الفضائيات التي تجعل اليوم أكثر من مجرد أربعة وعشرين ساعة.

التغيرات التي طالت القنوات التليفزيونية أثَّرت بالتبعية على نوعية الدراما في حد ذاتها، فأصبح المشاهدون ينتظرون مسلسل «فلان» كل عام كشيء مسلم به، هذا الـ«فلان» هو ضيف سنوي نعرف جميعاً أنَّ رمضان لن يمر دون مسلسل من بطولته، ومؤخراً أصبح الأمر لا يقتصر فقط على وجود النجوم الكبار بمسلسلات دورية كل عام، بل أصبح أيضاً هناك خطاً آخر من الممثلين يتواجد بقوة ويفرض نفسه على الساحة الدرامية دون أن يكون اسمه مسبوقاً بلقب النجم الكبير.

أصبح الصف الثاني من الممثلين يضم نجوماً يضمنون للمشاهد الإمتاع ما أن تظهر أسمائهم على التتر، أسماء أصبحت معروفة ويشاد بآدائها دائماً رغم أن منهم من قضى عمراً في التمثيل ولكن أوان سطوعه لم يحن سوى مؤخراً، وعندما حان سطع نجمهم بشدة للدرجة التي تجعل المشاهدين يتداولون مقاطع تمثيلية لنجوم الصف الثاني ينبهرون فيها بآدائهم القوي، ونجاحهم في لفت الأنظار.


«بيومي فؤاد» نموذجاً

بيومي فؤاد

لم يكن «الدكتور ربيع» وجهاً معروفاً قبل أن يصبح مثلاً أعلى لكل طلبة الطب بعد ظهوره في مسلسل «الكبير أوي» خاصة في الموسمين الأول والثاني، قرر «بيومي فؤاد»، الذي لم يكن أحداً تقريباً يعرف اسمه الحقيقي، أن يكون نموذجاً كوميدياً لما يمكن أن نسميه «ضحك ترفيص» ما أن يفتح فمه، فالسلاسة التي يلقي بها الإفِّيهات بملامح جادة ولهجة غير عابئة، وموجة الضحك التي تفجرها كلماته جعلته يقترب شيئاً فشيء من أن يكون نجماً، حتى إذا كان نجماً من نجوم الصف الثاني.

كان «بيومي فؤاد» ذكياً فيما يتعلق بالشخصيات التي يلعبها ولم يقع في الفخ الذي وقع فيه نجوم كبار من قبل وهو أن يكرر نفسه بلا توقف، بل كانت خطواته محسوبة. فرغم أنه ظل في عباءة الكوميديا الصرفة في البدايات التي يسمونها «مرحلة الانتشار» إلا أنه لم يحرق نفسه تماماً وبدأ في التنويع التدريجي حتى وصلنا إلى أن يلعب أدواراً لا تُسند إلا لممثِّل من العيار الثقيل، بدأها منذ ثلاثة سنوات في «اسم مؤقت» في دور الأب الذي جعل جملة «ليه كدة يا مها» التي كان يرددها عندما رأى ابنته في المشرحة، تتردد في أذهان الجميع لفترة غير قصيرة، حتى وصل هذا العام بتنوعه الدرامي إلى أن يقوم بدور ضابط فاسد في «هي ودافينشي».

استطاع «بيومي فؤاد» أن يسطع كنجم عندما احترم نفسه في المقام الأول، فأصبح ضيفاً خفيفاً لا يمل المشاهد رؤيته، فهو يقوم هذا العام بالتمثيل في ثمانية أعمال درامية في رمضان، وكلها من المسلسلات المهمة التي يتابعها جمهور غير قليل، وحتى الإعلانات تستعين بوجوده حتى تضمن النجاح المطلوب، فهو بوجهه المألوف وجسده الضخم وشعره الرمادي المشعث قريباً جداً من الجمهور العادي، مما يجعل «بيومي فؤاد» محبباً وخفيفاً حتى وإن تكرر ظهوره.


سلوى عثمان.. الفاتنة ثقيلة الوزن

سلوي عثمان

في مسلسل «سقوط حر» هذا العام هناك الكثير من القصص داخل العباسية، لن يكون بإمكاننا التعرف عليها لولا وجود «أم عمرو» التي تحرك الأحداث فتنساب القصص أو تحكيها هي بلسانها، تقوم «سلوي عثمان» بهذا الدور دون أن تُشعِر المشاهد أنها مقحمة على الأحداث وأنها موجودة لتبرر الحكي فقط، بل تشعر بالتعاطف الشديد معها وتنتظر بشغف أن تعرف قصتها الخاصة.

أما في «أفراح القبة» فتقوم بدور «أم هاني» والتي تشعر أنها جزء أصيل من ديكور غرفة الملابس في المسلسل، فـ«سلوى عثمان» تستطيع بكل سهولة أن تقنعك أنها موجودة منذ الأبد، بوزنها الثقيل نسبياً وملامحها المقبولة التي لا تتمتع بجمال خاص. استطاعت أن تكون «إحسان» في «سجن النسا»، وأن تكون «عليَّة» في «السَّبع وصايا»، وما أن ترفع حاجبها الأيسر حتى تتحول من الطيبة القريبة إلى المفترية ساكنة الحواري التي لا تستطيع أن تغلبها.

«سلوى عثمان» قضت عمراً في مهنة التمثيل، ولكنها لم تصبح نجمة بالأقدمية، بل بتملُّك شديد لمهاراتها وتنوع في أدوارها حتى وإن تشابهت في الإطار العام إلا أنها تستطيع أن تضفي على كل شخصية لون مختلف، فأصبحت نجمة حتى وإن لم تحمل مسلسلاً وحدها، إلا أن المسلسل دونها ينقصه الكثير.


أنوشكا: الجميلة التي جاءت متأخرة

أنوشكا

ربما قبل أعوام قليلة لم يكن أحد يتذكر «أنوشكا» سوى أنها مغنية مختلفة، تغني بلغات أجنبية وتظهر في البرامج لتتحدث عن أعمالها التي لا يعرفها أحد، ثم تتسرب رويداً رويداً في أدوارٍ متميزة تعيدها للأذهان بقوة كممثلة; كدورها في «فرقة ناجي عطا الله»، ثم يتطور الأمر لتظهر كممثلة «شاطرة» ;كدورها في مسلسل «سرايا عابدين»، ثم تنفجر القنبلة هذا العام بدوريها المتناقضين في مسلسلي «سقوط حر» ومسلسل «جراند أوتيل».

وكأن «أنوشكا» كانت تختزن طوال سنواتها الخمسة وخمسون الفائتة خبرات التمثيل كلها لتظهر بكل هذا التألق في رمضان هذا العام، فشخصية «نهال» المرأة الطيبة المتسامحة العاقلة، والبسيطة في نفس الوقت والتي تلعب دور غاية في الحساسية في مسلسل «سقوط حر»، لا يمكن أن تكون هي ذات المرأة أسطورية الجمال والأناقة والشر «قسمت هانم» في مسلسل «جراند أوتيل».

استطاعت «أنوشكا» أن تلعب على نقيضي الإنسانية في نفس العام، طاقة تمثيل جبارة تجعلها تتنقل بين شخصيتين مختلفتين تماماً دون الكثير من «الماكياج» الذي يغير الملامح مما يجعلك تدرك أن الاختلاف نابع من آدائها الخاص دون أي مساعدات خارجية، ومع ذلك لا يمكنك إلا أن تصدق المرأتين، الطيبة والشريرة بنفس الدرجة وهو ما يؤكد نجاحها، النجاح الذي جاء متأخراً جداً، ولكنه جاء مدوياً أيضاً.


محمد ممدوح.. الذي لن يظل في الصف الثاني كثيراً

محمد ممدوح «تايسون»

هذا الشاب عريض البنية ثقيل الوزن الذي يمثل بكل خلية في خلايا جسده العملاق، لن يظل ضمن نجوم الصف الثاني طويلاً، فقدراته التمثيلية الكبيرة وقفزاته الواسعة ستنقله إلى الصف الأول قريباً، فدوره هذا العام في «جراند أوتيل» لا يمكن أن يختلف عليه الكثيرون، «أمين» الجرسون الطيب الرومانسي خفيف الدم من فرط السذاجة، يرى كثير من المشاهدين أنه يغطي على «عمرو يوسف» بطل العمل في كثير من المواضع.

«محمد ممدوح» الذي استطاع في فترة وجيزة أن يثبت أن جسده الضخم وتاريخه كمصارع سابق لن يحبسه في أدوار الأكشن والضرب، أو ينقله للجانب الآخر الذي يكون فيه كل ثقيلي الوزن خفيفي الظل وكثيري الإفيهات، ولكنه تنوع في أدواره في الدراما التليفزيونية منذ «ظرف أسود» والذي لعب فيه دور الصديق الانتهازي، ثم «طريقي» والذي كان فيه أخاً مستهتراً، وصولاً لـ«جراند أوتيل» والذي لا يمكن أن نصف دوره فيه بمجرد كلمات.

في كل الأحوال فالحديث عن نجوم الصف الثاني في الدراما التليفزيونية حديث طويل، والأسماء التي تستحق أن يشار إليها كثيرة، وستزيد في كل عام كلما زادت المسلسلات المعروضة وكلما زادت القنوات التي تعرض فيها هذه المسلسلات.