من الموقع الذى تشرفت بالعمل فيه ومن منطلق يقينى بأننا أصبحنا بحق نعيش فى منظومة ديمقراطية، وبعد أن نجحت وزارتنا بالتزامها فى تنفيذ برنامجها الإصلاحى الذي حقق قدرًا كبيرًا للعدالة الانتقالية.. أُعلن وبكل شجاعة ومصداقية عن ترك موقعى لكى تختار الدولة من يتحمل المسئولية ومسيرة العطاء والإصلاح
نص استقالة وزير التموين السابق «خالد حنفي»

اعتبر وزير التموين المصري المُستقيل (خالد حنفي) تخليه عن منصبه شجاعة ومصداقية بنص قوله: «أُعلن وبكل شجاعة ومصداقية عن ترك موقعى لكى تختار الدولة من يتحمل المسئولية ومسيرة العطاء والإصلاح»، وجاءت استقالة حنفي صباح الخميس الموافق 25 أغسطس/آب 2016 على الرغم من تصريحات صحفية له يوم الإثنين الماضي الموافق 22 أغسطس/آب 2016 قال فيها: «إن استقالته من الوزارة أمر غير مطروح على الإطلاق»، وهو ما يعني أنه على الأرجح أجبر على الاستقالة، أو تمت إقالته من منصبه.

لقد جاءت استقالته بعد أن تقدم المحامي سمير صبري، يوم الأربعاء 24 أغسطس/آب 2016، ببلاغ لنيابة الأموال العامة العليا، ضد خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية. وأشار صبري إلى قيام الوزير بإدارة شئون وزارته من خلال غرفته في فندق سميراميس منذ سنتين ونصف السنة، بعد أن تم تكليفه بحقيبة التموين، حيث يقضي الوزير أيامه في الفندق، معللًا ذلك بكونه مغتربًا على الرغم من وجود استراحة خاصة به بوسط البلد.

وأكد صبري على أن اتحاد الغرف التجارية بالقاهرة يتحمل فاتورة إقامته، وليس هو، كما ادعت وزارة التموين في بيانها الرسمي، وذلك من ميزانية الاتحاد المدرجة تحت بند مخصصات مالية أخرى. كما كشف صبري عن أسرار اختيار حنفي وزيرًا للتموين في حكومة المهندس شريف إسماعيل، حيث أكد على أن اتحاد الغرف التجارية كان يقف وراء ترشيحه لهذا المنصب، خاصةً أنه المستشار الاقتصادي للاتحاد قبل تقلده الحقيبة الوزارية، حتى يستطيع تنفيذ سياسات الاتحاد، وهو ما سار عليه وزير التموين السابق بخطي ثابتة، على حد تعبيره. لم تكن تلك هي القضية الوحيدة لتقديم استقالته بل يقبع خلف الأسوار ما هو أعظم من تلك.


نبدأ من القمح المسرطن

إن الفساد في وزارة التموين كان واضحًا منذ عامين ونصف، كما أن هناك شهادات مصورة ومسجلة لمسئولين بوزارة التموين تؤكد تفشى الفساد بالوزارة. ونحن بدورنا حذرنا الدكتور خالد حنفي كثيرًا حول وجود وقائع فساد بصوامع القمح وضلوع كثير من المسئولين بالوزارة في إهدار المال العام لكنه لم يستجب وكان دائم النفي لوجود فساد بوزارته
مدحت الشريف، عضو لجنة تقصي الحقائق بمجلس النواب

كانت البداية عندما تقدم فريد واصل «النقيب العام للفلاحين» ببلاغ للنائب العام، للتحقيق في صفقة استيراد شحنة قمح من فرنسا محمل بفطر «الإرجوت» تزن 2300 طن لصالح «شركة روجينا» للصناعات الغذائية، وكان سبب تقديم واصل لهذا البلاغ، ظهور نتيجتين متضاربتين بعد الكشف على هذا القمح، حيث ظهرت نتيجة العينة الأولى، وهي بتاريخ 16 يونيو 2015 تؤكد بأن القمح خالٍ تمامًا من الأمراض الفطرية الممنوع دخولها إلى مصر، وعلى أثر ذلك دخلت شحنة القمح المحملة بفطر الإرجوت إلى مصر.

ثم ظهرت عينة أخرى في نفس الشهر، تؤكد على أن شحنة القمح التي تم استيرادها من فرنسا لصالح شركة روجينا مصابة بفطر الإرجوت، لكن ظهور هذه النتيجة جاء بعد أن دخلت صفقة القمح بالفعل لمصر بعد ظهور نتيجة العينة الأولى، التي أثبتت خلو الشحنة من فطر الإرجوت.

لم ينتهِ الموضوع بعد؛ حيث تقدمت نادية هنري «عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب» بطلب إحاطة لوزراء التموين والزراعة والصحة، وكل الأشخاص الذين كانوا سببًا وراء دخول صفقة القمح المحملة بفطر الإرجوت من فرنسا لصالح إحدى شركات الأغذية في مصر، وذلك بعد التحليل الذي أجري في «معهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية»، وظهرت له نتيجتان متضاربتان، كما أُعلن قبل ذلك في البلاغ الذي قُدم من النقيب العام للفلاحين.

ويذكر أن هذا الفطر يصيب الحيوانات بالإجهاض، ومن الممكن أن يصيبه بالسرطان. أما بالنسبة للإنسان قد صرح الدكتور خيري عبد المقصود، أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة القاهرة أنه قد يصيب الإنسان بــ ( إجهاض للمرأة الحامل، ويؤثر على الكبد في حالة تناوله المستمر، ويصيب الإنسان بالسرطان بعد ذلك على المدى البعيد).

وكان رد وزير التموين المُستقيل الدكتور خالد حنفي بنفيه صحة ما تردد بأن وزارة التموين والتجارة والداخلية، قد وافقت على إدخال 3 شحنات من القمح تحتوي على فطر يسبب السرطان، وأشار بأن هذا الكلام غير صحيح، وأنه لا يوجد خلاف مع وزارة الزراعة ونسبة الأرجوت لم تتغير وبقيت كما هي في حد المسموح به، وهي (0.05%)، وهي النسبة المسموح بها لاستيراد القمح من الخارج، وأضاف بأن كل دول العالم تسمح بدخول القمح إلى بلادها، وهو يحتوي على هذه النسبة من الإرجوت. وبالنسبة لرفض الحجر الزراعي لدخول الشحنة التي تحتوي على هذا الفطر، أشار بأن هذا غير صحيح، حيث لم يأتِ قرار من وزير الزراعة له يؤكد صحة هذا الكلام.


ننتهي بمافيا القمح

إن اللجنة كشفت عن فساد بقيمة 532 مليون جنيه في 10 صوامع فقط تمت زيارتها من إجمالي 517 صومعة.
مجدي مالك، رئيس لجنة تقصي الحقائق بمجلس النواب

بسبب الفارق في الأسعار بين القمح المحلي الذي تدعمه الحكومة وتشتريه من الفلاح، وبين القمح المستورد رخيص الثمن؛ ظهرت «مافيا التجار» التي تعبث في قوت وأموال الشعب المصري من خلال الاستفادة من فرق السعرين عن طريق الاحتيال والتلاعب والغش؛ لتجني أرباحًا خيالية وغير مشروعة باستيراد القمح بالسعر العالمي الذي يبلغ حوالي 1500 جنيه مصري للطن، ويقومون بتمريره إلى الشون (الصوامع) الحكومية بطرق غير مشروعة بمبلغ 2800 جنيه تقريبًا، على أساس أنه قمح محلي.

في العام الحالي 2016، قررت وزارة الزراعة المصرية اتخاذ العديد من التدابير، مثل حظر استيراد القمح طوال مدة الحصاد، واستلام القمح من الفلاحين المسجلة زراعاتهم في قاعدة بيانات الحصر الفعلي، واشتراط تقديم الحيازة الزراعية، والذي أُلغِي فيما بعد لأنه أثار حفيظة المزارعين الذين يعملون بأراضٍ مستأجرة. وذلك لمواجهة «مافيا التجار» ممن يحاولون الاستيلاء على مليارات الجنيهات من الدعم بتمرير شحنات ذات جودة منخفضة من القمح المستورد إلى شون (صوامع) التوريد باعتبارها محلية.

وبسبب هذه التدابير حدثت حالة من الارتباك في إجراءات استلام القمح من المزارعين في موسم الحصاد في أبريل(نيسان) الماضي، وتطورت الخلافات بين وزارتي التموين والزراعة إلى حد توجيه وزارة الزراعة اتهامًا إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتلاعب في الدعم، بعد ضبط وزارة الزراعة شحنة من القمح المستورد رديء الجودة في طريقها إلى إحدى المطاحن الحكومية؛ مما دفع العديد من النواب في البرلمان المصري لاستجواب رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ووزيري الزراعة والتموين.

على إثر الخلاف بين وزارتي الزراعة التي تنتهج سياسة دعم المزارعين، وتوسيع رقعة الأرض المزروعة من القمح، ووزارة التموين التي تفضل استيراد القمح من الأسواق العالمية؛ لتوفير 5 مليارات جنيه سنويًّا على حد قول وزير التموين خالد حنفي؛ فقد قرر البرلمان المصري في يوليو (تموز) الماضي تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على حقيقة هذا الخلاف، وعمل زيارات ميدانية لعدد من الصوامع. وكانت المفاجأة حيث اكتشفت اللجنة وجود فساد صارخ واختلاسات بمبالغ كبيرة من أموال الدعم في عينة الصوامع التي تم زيارتها، وتم تحرير محاضر بالمخالفات وإحالتها إلى النيابة العامة لتصبح أكبر قضية فساد في منظومة توريد القمح على الإطلاق.

حيث يقول رئيس لجنة تقصي الحقائق مجدي مالك، إن اللجنة كشفت عن فساد بقيمة 532 مليون جنيه في 10 صوامع فقط تمت زيارتها من إجمالي 517 صومعة. كما أصدر النائب العام المصري في السابع من أغسطس (آب) قرارًا بضبط وإحضار جميع المتورطين في جرائم جنايات التزوير، والاستيلاء على المال العام، والتربح في قضية فساد منظومة القمح، ومنع كل من ثبت اشتراكه في هذه القضية من السفر أو التصرف في أمواله وأموال ذويه

كما أن التحقيقات أسفرت عن ظهور وقائع جديدة تتمثل في قيام البعض باصطناع كشوف حصر بأسماء مزارعين وحائزين لأراضي زراعية، وإثبات قيامهم بزراعة تلك الأراضي بمحصول القمح، وإثبات توريد تلك المحاصيل للصوامع والشون التخزينية على خلاف الحقيقة.

فقط في مصر.. نجد الجاني خارج السجون والمجني عليه ينتظر حكمًا بالإعدام لتنقضي حياته عند هذا الحد؛ فتصريحات هشام جنينه عن قضايا الفساد في مصر أودت به إلى المساءلة القانونية بل وكانت سببًا في اتهامه بمحاولة الإخلال بالأمن العام، انتهاءًا بعزله من منصبه. ولكن اليوم يحل علينا فصل جديد من فصول الخريف في مصر. نجد وزيرًا يقدم استقالته بعد سنتين كاملتين من الفساد دون أن يتم عزله، مما يقضي على آمال وطموحات تحقيق العدالة الحقه بمصر.

المراجع
  1. وزير مصري أنفق 7 ملايين جنيه على فندق.. فبماذا رد مواطنوه؟
  2. وزير التموين بالبرلمان: استقالتي أمر غير مطروح
  3. لجنة تقصى حقائق فساد القمح بالبرلمان تكشف اختلاسات بـ50 مليون جنيه بإحدى الصوامع
  4. لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في مصر تكشف عن فساد صارخ في قضية توريد القمح
  5. الحكومة بمصر تستمر باستيراد قمح مسرطن يهدد حياة المصريين
  6. بلاغ عاجل لنيابة الأموال العامة ضد وزير التموين بسبب ''سميراميس''
  7. ننشر نص استقالة وزير التموين المقدمة لمجلس الوزراء بخط يده
  8. أبرز 8 اتهامات تحاصر وزير التموين المستقيل اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/–/917191–8—–
  9. «تقصي الحقائق»: هذا الوزير حذرناه ولم يستجب اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/-/917302——-
  10. إقالة وزير التموين المصري.. والسبب: فساد وإهدار مال عام