محتوى مترجم
المصدر
scientific american
التاريخ
2017/04/01
الكاتب
بول ديفيز

حين كنت طالبًا في الستينيات، اعتقد جميع العلماء تقريبًا أننا وحيدون في الكون. قوبل البحث عن كائنات حية خارج الأرض بالسخرية؛ قد يفكر المرء أيضًا بالتصريح باهتمامه بالبحث عن الجنيات. تعلق محور الشك بأصل الحياة، الذي كان مفترضًا على نطاق واسع أنه كان صدفةً كيميائية لها احتمالية ضئيلة بشكل لا يصدق لدرجة أنها لم تكن لتحدث مرتين. «يبدو أصل الحياة في هذه اللحظة كما لو كان معجزةً»؛ كانت هذه طريقة فرانسيس كريك في وصف الأمر، «كثيرةٌ هي الشروط التي كان لا بد من الوفاء بها لتحدث». ووافقه جاك مونو؛ حيث ذكر في كتابه الصدفة والضرورة الذي صدر عام 1976: «يعلم الإنسان أخيرًا أنه وحيدٌ في الاتساع غير المكترث للكون، حيث ظهر هو مصادفةً».

فنحن على نفس القدر تقريبًا من جهل تشارلز داروين بالممر الواصل من اللاحياة إلى الحياة عندما كتب: «إنه مجرد تفكيرٌ فارغٌ حاليًا بأصل الحياة؛ قد يفكر المرء أيضًا بأصل المادة».

واليوم، تأرجح البندول على نحو حاسم بالاتجاه الآخر. يعلن العديد من العلماء المميزين أن الكون يعج بالحياة، بعضها على الأقل ذكي. وتمادى عالم الأحياء كريستيان دو دوف إلى وصف الحياة بـ «الضرورة الكونية». لكن العلم بالكاد تغير. فنحن على نفس القدر تقريبًا من جهل تشارلز داروين بالممر الواصل من اللاحياة إلى الحياة عندما كتب: «إنه مجرد تفكيرٌ فارغٌ حاليًا بأصل الحياة؛ قد يفكر المرء أيضًا بأصل المادة».

ليس هناك شك بأن البحث عن كائنات ذكية خارج الكوكب (SETI) قد تلقى دفعة ضخمة إثر الاكتشاف الأخير لمئات الكواكب خارج المجموعة الشمسية. يعتقد علماء الفلك أنه يمكن أن يكون هناك مليارات الكواكب الشبيهة بالأرض في مجرتنا وحدها. يبدو واضحًا أنه ليس هناك نقص في الأراضي الصالحة للسكن هناك. لكن لأننا لا نعرف العملية التي حولت خليطًا من المواد الكيميائية إلى خليةٍ حية، بكل تعقيدها المذهل، يستحيل حساب احتمالية أن تكون الحياة قد نشأت بالفعل على هذه الكواكب.

لاحظ مارك ساجان ذات مرةٍ أن أصل الحياة لا يمكن أن يكون بهذه الصعوبة، وإلا ما كان ليظهر بسرعة جدًا بمجرد أن أصبحت الأرض مضيافة. صحيح أننا يمكننا تتبع وجود الحياة على الأرض إلى قبل 3,5 مليار عام. لكننا لا يمكننا رسم أي دلالة إحصائية من عينة منها.

تقول حجة شائعة أخرى أن الكون شاسع جدًا، فلا بد أن هناك حياةٌ في مكان ما هناك. لكن ماذا يعني ذلك؟ إن قصرنا اهتمامنا على الكون المرئي، هناك على الأرجح 1023 كواكب. نعم، هذا عدد كبير. لكنه يتضاءل أمام الاحتمالات المغايرة لتشكيل حتى الجزيئات العضوية البسيطة بواسطة الصدفة وحدها. إن كان الممر من الكيمياء إلى علم الأحياء طويلٌ ومعقد، قد يكون مرجحًا أن أقل من واحدٍ من تريليون تريليون من الكواكب قد ولّد حياةً مطلقًا.

إن كان الممر من الكيمياء إلى علم الأحياء طويلٌ ومعقد، قد يكون مرجحًا أن أقل من واحدٍ من تريليون تريليون من الكواكب قد ولّد حياةً مطلقًا.

تقوم التأكيدات على أن الحياة واسعة الانتشار على افتراضٍ ضمني بأن علم الأحياء ليس نتيجة تفاعلات كيميائية عشوائية، بل هو نتيجةٌ لنوعٍ من التنظيم الذاتي الموجَّه الذي يفضل الحالة الحية على الحالات الأخرى – إنه مبدأ حياةٍ بشكل ما عاملٌ في الطبيعة. قد يكون هناك مثل هذا المبدأ، لكن إن كان ذلك صحيحًا فإننا لم نجد أي دليل عليه حتى الآن.

ربما لسنا في حاجة للنظر بعيدًا. إن كانت الحياة بالفعل تظهر بسهولة، مثلما يشير ساجان، فإنها كان يجب أن تبدأ عدة مرات على كوكبنا الأم. وإن كان هناك أصولٌ متعددةٌ للحياة على الأرض، فإن الأحفاد الميكروبية لتكوينٍ آخر يمكن أن تكون في كل مكانٍ حولنا، لتشكل محيط ظلٍ حيوي محتمل. لم يبحث أحد بشكل جاد عن حياةٍ أمامنا مباشرة بغير شكلها الذي نعرفه. سوف يتطلب الأمر اكتشاف مجرد ميكروب «فضائي» واحد لحل المسألة.