محتوى مترجم
المصدر
Telegraph
التاريخ
2016/10/13
الكاتب
Tim Stanley

تم منح بوب ديلان جائزة نوبل للآداب. لم لا؟ إذا كان بمقدور لجان نوبل منح جائزة السلام لهنري كيسنجر، إذن فبمقدورها منح جائزة آداب لرجل لم يكتب أيّ أدب.

ليست هذه مسألة ذوق. بوب ديلان فنان شعبي عظيم، ربما أعظم الفنانين الشعبيين الأحياء. لكن من المفترض أن يتم منح جائزة نوبل، لا على أساس ما يعجب الجمهور (لو كان الحال هكذا، ما فازت بها دوريس ليسنغ)، إنما على أساس مقارنة المقدرة بالتصور المثالي. يملك ديلان هذين الجانبين، لكن هيكل عمله لا يرقى أبدًا إلى ما أنتجه الفائزون السابقون: ييتس، جيد، أونيل، سولجينتسين، الخ. يتجاوز مستوى إنتاجهم والكثافة الموضوعية لنصوصهم، بوب ديلان، بسنين ضوئية. هو مجرد نجم باهت يداعب أوتار جيتار؛ وهم شموس ندور حولها. حظنا عظيم لتواجدنا بينهم حاليًا.

إذا أرادت اللجنة أمريكيًا فقد كان بمقدورها اختيار دون ديليلو أو فيليب روث أو حتى – لم لا؟ – توماس بينشون. لم تكن مضطرة لهذا الاختيار. فلماذا فعلت إذن؟ الحنين. السياسة. إرضاء الجمهور. اختيار شخص من شأنه تحطيم شهرة اللجنة بالعجرفة الفكرية – شهرة تملكها فقط بين هؤلاء من غير المهتمين بالأدب. يشبه هذا القلق بخصوص الارتباط الوثيق بين كأس ديفيس ورياضة التنس. وإذا كان هدف اللجنة هو رفع شعبية الجائزة، إذن فلماذا لم يقع الاختيار على ليونارد كوهين أو بول مكارتني؟ لماذا لم يقع الاختيار على ديبي هاري، الذي يعتقد من خبلتهم الحماسة أنها اخترعت موسيقى الراب؟

فضلاً عن ذلك، لماذا نرفع شعبية جائزة لا يتم منحها عن طريق الانتخابات، لكن يختارها المثقفون على أساس الإنجاز؟ هذه جائزة نوبل للآداب، لا برنامج المواهب السويدي التليفزيوني.

آه، لكن هذا هو وضعنا الثقافي الحالي. ضاع التمييز؛ صار التفريق كلمة بذيئة. حلّت المساواة الكاملة. حلّت العواطف. لا شيء يهم إلا إذا حقق شعبية. لكن هؤلاء المحتفلين بموت الخصائص الجمالية – هؤلاء الذين يتخيلون أن القضاء على النخبوية يؤدي لا محالة إلى العدالة – عليهم الحذر مما يتمنونه. الثقافة التي تمنح بوب ديلان جائزة نوبل للآداب هي ثقافة ترشح دونالد ترامب للرئاسة.

هي ثقافة لا تهتم بالكفاءات، ولا يشغلها سوى إشباع الاحتياج العاطفي الصِرف. ثمَّة استغراق في إرضاء الشهوات يمينًا ويسارًا. ويصبح التحاور على أساس المنطق صعبًا للغاية لأن المنطق تمييزي. يتطلب فكرًا وجهدًا، لا لمجرد استخدامه فقط، لكن من أجل استيعابه. من الأسهل كثيرًا، كثيرًا جدًا، أن تتبع مشاعرك. وليست قفزةً ضخمةً تلك الفاصلة بين قول «ديلان لأنه يعجبني» وقول «ترامب لأنني أشعر أنه مناسب». كلها عقلية ضحلة.

سأوصف بأنني رجعي، متعجرف، نخبوي.. الخ. من هذه الناحية، لا أبالي! من الواضح أن الثقافة حاليًا أفقر بوضوح مما كانت عليه قبل بضعة عقود ولهذا أثره على السياسة. عام وراء عام، يظهر أن المعايير تنخفض، وما كان يُعتبر سخيفًا ذات يوم يبدو طبيعيًا للغاية. والبديعُ يتم نسيانه بشكل محزن. أين ينتهي كل هذا، لا أعرف. ربما يتم منح دونالد ترامب جائزة نوبل عام 2025 لتغريداته الغنائية على موقع تويتر.