%41 من الشركات الناشئة على مستوى العالم معرضة للدخول فيما يعرف بالمنطقة الحمراء «Red Zone» بسبب جائحة الكورونا وفقًا لدراسة استقصائية أجرتها Startup Genome – منظمة أبحاث وخدمات استشارية – مما يعني أن أمامها 3 شهور أو أقل قبل نفاد السيولة النقدية. وفقًا للتقديرات، قد تستمر المحاولات لاكتشاف مصل مضاد للفيروس فترة تتراوح ما بين 12 و18 شهراً وذلك على أفضل تقدير. لذلك، لا يمكن الاستهانة بأهمية المحافظة على السيولة النقدية لتتمكن الشركات من الاستمرار والصمود في ظل هذه الأزمة ويُنصح رواد الأعمال وأصحاب الشركات باتباع بعض الخطوات لتقليل النفقات حتى تمر الأزمة بسلام.

1- التقشف في أوقات الأزمات: خفض تكاليف التشغيل

تكاليف التشغيل هي النفقات اليومية المرتبطة بإدارة وصيانة العمل التجاري. تشمل هذه التكاليف على سبيل المثال: الإيجار والرواتب وتكاليف المبيعات والتسويق واللوازم المكتبية والانتقالات والصيانة والإصلاح. على الرغم من تأثير خفض تكاليف التشغيل على زيادة الأرباح، إلا أنه يجب الانتباه إلى عدم المبالغة في خفض هذه التكاليف نظرًا لأنها قد تؤدي إلى خفض الإنتاجية وبالتالي تقليص الأرباح.

مثال: قد يسعى رائد الأعمال إلى زيادة الأرباح على المدى القصير بواسطة تخفيض تكاليف الإعلانات، لكن هذا التصرف له تأثير بعيد المدى يتمثل في انخفاض المبيعات بسبب عدم وعي العملاء المحتملين بالخدمات التي تقدمها الشركة. لذلك، الهدف هو تقليص تكاليف التشغيل دون أن يؤثر ذلك على زيادة المبيعات.

كيف يمكنك خفض تكاليف التشغيل؟

  • اهتم بدفع الفواتير في الموعد المحدد لتتجنب أي غرامات تأخير، أو ادفع مبكرًا لتستفيد من الخصومات التي يقدمها بعض مقدمي الخدمات للدفع المبكر.
  • احرص على إلغاء أي خدمات توقفت عن استخدامها لأنه من السهل عدم الانتباه إلى تكاليف مثل هذه الخدمات في حالة اختيار الدفع الأوتوماتيكي باستخدام بطاقة الائتمان.
  • إذا كانت شركتك تتعامل باستمرار مع الموردين «Vendors»، فقد يكون من الأفضل وضع نظام للمناقصة للجهات المهتمة بتنفيذ مشروعات الشركة ويمكنك اختيار العرض الأقل سعرًا.

2- الأهم ثم المهم: الأرباح أولى من النمو

يرى فريد ويلسون – المستثمر المغامر ورجل الأعمال الأمريكي – إن الاهتمام بالربحية وإعطاءها أولوية أكبر يؤدي إلى تحسن ملحوظ في القرارات الإدارية. «إن الرغبة في تحقيق الأرباح؛ تحقيق إيرادات أعلى كل عام مقارنةً بالنفقات التي تتحملها، هو قيد مفيد لفريق الإدارة. فهو يحث الفريق على التفكير بأسلوب إبداعي ومنطقي قبل اتخاذ القرارات الاستثمارية مما يؤدي إلى تجنب الاستثمارات السيئة في الأفراد والمنتجات والمبيعات والتسويق وغيرها ويحافظ على مرونة الشركة وأدائها المرتفع».

إن كنت من أصحاب الشركات التي تعاني من نقص السيولة فكر في تبني نموذج عمل يؤدي إلى تحقيق الأرباح. لماذا؟ لأن النمو يستهلك قدراً كبيراً من السيولة النقدية. وفقًا للدراسة التي أجراها U.S Bank، فإن 82% من الشركات الصغيرة تفشل بسبب الافتقار إلى مهارات إدارة التدفقات النقدية و79% بسبب بدء العمل دون وجود سيولة كافية.

النمو مقابل الربحية

يؤكد فريد ويلسون أن بعض أفضل الشركات التي عملت معها USV – شركة رأسمال مغامر في نيويورك – ركزت على تحقيق الأرباح في بداياتها وحافظت على ربحيتها واستمرت العائدات في النمو بنسبة 100% عامًا بعد عام. فهذا يعني أن الأمر قابل لتحقيق، وقد يكون السبب في أن رواد الأعمال يظنون عدم إمكانية تحقيقه هو ألا أحد يخبرهم بذلك.

3- فريق عمل متميز يساوي أخطاء مكلفة أقل

إن نقص السيولة في الشركات هو ما يدفع أصحابها إلى تعيين موظفين ذوي خبرة محدودة لتوفير التكاليف. لكن قبل أن تفكر في تعيين شخص لا يمتلك الخبرات والمهارات اللازمة، اسأل نفسك: من هو الشخص الذي يستطيع مساعدتك في تحقيق أهدافك؟ هل هو الموظف محدود الخبرة الذي يجرب مهاراته في شركتك؟ أم الخبير الذي يستطيع اختصار منحنى التعلم ويقلل من احتمالات ارتكاب الأخطاء المكلفة؟ إن اختيار الشخص غير المناسب قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تكبد خسائر تفوق التكلفة التي تحاول توفيرها في المقام الأول. أما الموظف المتميز الذي يمتلك الخبرات اللازمة لأداء مهامه بإمكانه القيام بأعباء عمل 1.5 أو 2 من الموظفين العاديين.

انضمام موظفين متميزين ذوي كفاءات إلى شركتك يستلزم دفع رواتب مرتفعة، لذلك قد يكون من الأفضل تعيين عدد أقل لكن بكفاءات وخبرات أكبر. يمكن تقديم خيارات الأسهم عوضًا عن الرواتب المرتفعة؛ حيث تعتبر خيارات الأسهم وسيلة جيدة لجذب الكفاءات والحفاظ عليها إضافةً إلى أنها تساعد الشركات الصغيرة في منافسة الشركات الأكبر في جذب الموظفين المتميزين.

فيديو: بناء فريق العمل في شركتك – التوظيف والتعيين

1. العاملون المستقلون: ما لهم وما عليهم

إذا كانت شركتك الناشئة في بدايتها أو تمر بفترات ركود من وقت لآخر وطبيعة عملك تسمح بالاستعانة بالعاملين المستقلين «Freelancers»، فلم لا تفكر في الاستعانة بهم؟

كيف يساعد تعيين المستقلين في خفض تكاليف شركتك؟

تستطيع خفض تكاليف شركتك الناشئة خصوصًا في أوقات الأزمات بالتعاقد مع المستقلين؛ فالعامل المستقل يتقاضى مستحقاته بناءً على الأعمال أو المهام التي تم تنفيذها. ووفقًا لمجال العمل، عادةً ما يتقاضى أجره أو مستحقاته إما بالساعة، أو بالمشروع، أو بالكلمة (في مجالات الكتابة والترجمة على سبيل المثال). مما يعني أن صاحب العمل غير ملزم بتوفير راتب شهري في حالة عدم حاجته لتلك الخدمات. هذا إضافةً إلى عدم حصول المستقل على المزايا التي يحصل عليها العاملون بنظام الدوام الكامل مثل: التأمين الصحي والاجتماعي والإجازات المدفوعة.

ماذا عن السلبيات؟

الحياة ليست وردية؛ فالتعامل مع المستقلين له تحدياته. وأول هذه التحديات يتمثل في انعدام الرقابة؛ أنت كصاحب عمل لا يمكنك مراقبة المستقل في أثناء تأدية عمله. يفضل البعض طلب ترشيحات من الأصدقاء بدلاً من التعامل مع شخص لم يسبق لهم التعامل معه.

مواعيد تسليم المهام من أهم الأمور التي ينبغي الانتباه لها عند التعامل مع المستقلين. إن التعامل مع شخص غير مسؤول قد يؤدي في النهاية إلى تأجيل ميعاد التسليم وفي بعض الأحيان قد يختفي الشخص تمامًا ويصعب الوصول إليه. إن إبرام عقد قبل بدء العمل أو الاستعانة بمنصة عمل حر قد تكون حلولًا مقبولة لتفادي مثل هذه السلبيات.

2. تأثير الكلمة: الاهتمام بالتسويق الشفهي

بعد أسبوع عمل طويل وشاق، تقرر في نهاية الأسبوع تجربة مطعم جديد مع أصدقائك. عند وصولك إلى المطعم، يستقبلك النادل بابتسامة وتختار طاولتك في انتظار رفاقك. تقع عيناك على ديكور المكان الجميل وتستمتع ببرودة التكييف التي تخفف من حدة حرارة الجو وتلاحظ اهتمام العاملين بنظافة المكان. بعد أن يصل الجميع تبدؤون في طلب الطعام الذي يصل بعد وقت قصير ثم تستمتعون بالوجبات الشهية وتدفعون الفاتورة وتعودون إلى منازلكم. في بداية الأسبوع الجديد وبعد عودتك إلى العمل تقرأ منشورًا كتبه أحد أصدقائك على فيسبوك يطلب فيه ترشيحات لمطاعم جيدة، فترشح له هذا المطعم الجديد وتصف له تجربتك المميزة.

وفقًا للدراسات التي أجرتها شركة نيلسن Neilsen، فإن 92% من الأشخاص يثقون في التوصيات التي يقدمها لهم الأصدقاء وأفراد العائلة أكثر من الوسائل الإعلانية الأخرى و88% من المستهلكين يرون إن تقييمات المنتجات على الإنترنت تحظى بنفس درجة ثقتهم في ترشيحات الأصدقاء.

ما المقصود بالتسويق الشفهي؟

نوع من أنواع الترويج غير المدفوع يخبر فيه العملاء أشخاصًا آخرين بمدى رضاهم وحبهم للمنتج أو الخدمة المقدمة لهم. من أهم مزايا التسويق الشفهي زيادة المبيعات دون الحاجة إلى الإنفاق على الإعلانات، إضافةً إلى أنه يبني قاعدة من الجماهير المهتمين بشركتك مما يجعلهم يكررون التعامل معك وترشيح شركتك لأصدقائهم.

على الجانب الآخر، لا تنسَ أن مرور العميل بتجربة سيئة قد يكون بداية لسلسلة من الدعاية السلبية لشركتك أنت في غنى عنها، لذلك الاهتمام بجودة ما تقدمه من منتجات أو خدمات والتجربة التي يمر بها المستخدم ككل أمور في غاية الأهمية وينبغي إعطاءها كامل انتباهك إذا كنت تسعى للاستفادة من التسويق الشفهي.

3. التخطيط المالي لا غنى عنه لاستمرار شركتك الناشئة

لا تستطيع الشركات الناشئة عادةً تحقيق صافي دخل إيجابي في مراحلها الأولى بسبب التركيز على بناء قاعدة العملاء وتحسين مستوى المنتج أو الخدمة المقدمة، إلا أن ذلك لا يغني عن مراقبة المصروفات والتخطيط المالي السليم حتى تنجح الشركة في الصمود وتحقيق الأرباح فيما بعد.

ما هو معدل الحرق؟

هو معدل إنفاق الموارد النقدية المتاحة بمرور الوقت وعادةً ما يتم قياسه شهريًا، لكن في أوقات الأزمات يمكن قياسه أسبوعيًا أو يوميًا. تواجه الشركات التي ترتفع فيها معدلات الحرق ارتفاعًا شديدًا خطر نفاد السيولة النقدية والخروج من السوق، أما المبالغة في خفض معدلات الحرق فيشير إلى عدم استثمار الشركة في مستقبلها مما قد يؤدي إلى تأخرها عن منافسيها.

كيف يمكن حساب معدل الحرق؟

معدل الحرق = إجمالي التغير في المركز النقدي ÷ فترة زمنية محددة

مثال: إذا افترضنا أن صافي النقدية من الأنشطة التشغيلية للشركة (أ) بلغ 5,000,000- جنيه خلال العشرة أشهر الأولى من العام، فهذا يعني أن معدل الحرق الشهري للشركة يبلغ 500 ألف جنيه (وهو ناتج قسمة 5,000,000 على 10 شهور).

من المهم أيضا الانتباه إلى المدى الزمني المتوقع قبل نفاد الاستثمار (سواءً كان الاستثمار خارجيًا أو شخصيًا) والذي يشير إلى الوقت المتاح أمام الشركة قبل نفاد السيولة النقدية.

الأزمات جزء لا يتجزأ من حياة رواد الأعمال وأصحاب الشركات. وما يمر به العالم بسبب أزمة الكورونا يثبت لنا أن التغير هو الشيء الوحيد الثابت، لكن الأمل موجود ومع كل عثرة توجد فرص جديدة للتعلم والتطوير والتغيير.