محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2018/02/28
الكاتب
شون سميث

بنهاية القرن الحادي والعشرين، سيرتفع عدد سكان العالم بمقدار النصف، أي بمقدار 3.6 مليار نسمة، ووفقاً للأمم المتحدة، سيصل عدد البشر حول العالم إلى ما يزيد على 11.2 مليار نسمة بحلول عام 2100، مقارنة بالتعداد الحالي الذي بلغ نحو 7.6 مليار نسمة بنهاية عام 2017، وذلك بحساب معدل نمو متوسط.

وبناء على ما سبق، سيحتاج العالم إلى سبعة أضعاف الموارد التي يستهلكها سكان دول الاتحاد الأوروبي (قبل خروج بريطانيا) البالغ عددهم 511 مليون نسمة حالياً، دون حساب الضغوط الاستهلاكية على المواد الخام، ليشبع احتياجات تلك الزيادة السكانية من البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، ففي ظل ارتفاع عدد سكان العالم بمقدار 45 مليون نسمة كل عام، سيرتفع الطلب حتماً على الغذاء والمياه والمواد الخام والمساكن.


ارتفاع معدلات الطلب على المساكن

تختلف أحجام الأسر اختلافاً كبيراً من دولة لأخرى، فوفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة، انخفضت أحجام الأسر خلال الخمسين عاماً الماضية، فعلى سبيل المثال، انخفض متوسط حجم الأسرة في فرنسا من 3.1 شخص في عام 1968 إلى 2.3 شخص في عام 2011، في ظل انخفاض معدلات الخصوبة في البلاد من 2.6 وليد إلى 2.0 وليد حي لكل امرأة.

وفي كينيا، انخفض متوسط حجم الأسرة من 5.3 أشخاص في 1969 إلى 4.0 أشخاص في عام 2014، مما توافق مع انخفاض معدل الخصوبة من 8.1 إلى 4.4 مولود حي لكل امرأة.

ويتسبب الارتفاع المتزايد لمتوسط أعمار السكان، خاصة في الدول المتقدمة، في تحول ديموغرافي في احتياجات الرعاية الصحية مستقبلاً، كما سيعني إقامة السكان في منازلهم لفترات أطول، مما يؤثر على دورة إعادة بيع المنازل في السوق كل عام، ومن بين التغيرات الأوضح في هذا الصدد ارتفاع عدد المنازل المصممة لشخص أو اثنين في بريطانيا وغيرها من الدول المتقدمة.

وأظهرت الإحصائيات الصادرة من إدارة البيانات الوطنية الإسكتلندية تأثير هذه التغيرات الديموغرافية على ارتفاع الطلب على المنازل مستقبلاً بوتيرة أسرع مقارنة بالنمو السكاني، وبحلول عام 2037، يتوقع ارتفاع النمو السكاني في إسكتلندا بنسبة 9%، بينما سيرتفع عدد المنازل بنسبة 17%، ويمثل الفارق بين هاتين النسبتين البالغ 8% نمو الطلب على المنازل مقارنة بعدد السكان الفعلي. وفي إنجلترا، يتوقع ارتفاع عدد السكان، بحلول عام 2041، بنسبة 16%، مع زيادة عدد المنازل بنسبة 23%، مما يعني نمو الطلب على المنازل بنسبة 7%.

وفي ظل ارتفاع العمر المتوقع للسكان، وارتفاع عدد الأسر المكونة من شخص أو شخصين، فإن عدد المنازل المطلوبة يرتفع بوتيرة أسرع من النمو السكاني، وكما وصف موقع سيتي لاب (CityLab) المختص بالشئون العمرانية، الوضع بأن «قنبلة الإسكان توشك على الانفجار».

ومن ناحية أخرى، تزداد معدلات التقدم وتطوير البنية التحتية في الدول النامية، لتقترب من مستوياتها في الدول المتقدمة، مما يؤدي إلى تحسن مستويات المعيشة وزيادة العمر المتوقع للسكان، الأمر الذي يؤدي لانخفاض حجم الأسر، ويزيد من الطلب على شراء المساكن، ولذلك، فإذا كان الفارق بين معدلي الطلب على المنازل والنمو السكاني يتراوح بين 7% و8% خلال الثمانين عاماً المقبلة، فإن ذلك سيتطلب بناء 800 مليون منزل جديد.

وبافتراض أن المتوسط العالمي لعدد الأسر المكونة من ثلاثة أشخاص يبلغ 1.2 مليار أسرة، وبحساب نسبة 8% للفارق بين نمو الطلب على المنازل والنمو السكاني العالمي، فسيحتاج العالم إلى ملياري منزل جديد بنهاية القرن الحادي والعشرين.


تلبية الاحتياجات الحالية

يجبر ازدياد الطلب الحالي والمستقبلي على المنازل الجديدة الحكومات على إيجاد وسائل مبتكرة لبناء المنازل سابقة التجهيز، مما يسرع من وتيرة إتاحة المنازل الجديدة في السوق. وتركز الاستراتيجية الصناعية البريطانية التي صدرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 على المباني الجاهزة، مما أدى إلى نمو هذا القطاع نمواً مطرداً في العقد الأخير، مع فتح أسواق جديدة له في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والمنشآت التجارية، ولكن يحتاج توفير المزيد من المنازل بأسلوب المباني سابقة التجهيز -بوتيرة أسرع- إلى البحث عن حلول بديلة.

ومن بين العوامل التي أدت لتباطؤ وتيرة تشييد المنازل سابقة التجهيز: الوقت الطويل الذي يحتاجه بناء الأساسات والهياكل الداعمة، وتأخر إدخال المرافق وتركيب شبكات الخدمة، ونقص مديري المواقع المؤهلين للعمل وفق الأنظمة اللوجيستية المعقدة التي يحتاجها هذا النوع من المباني، وفي ظل وجود 65 مليون نسمة من المشردين على مستوى العالم بسبب الكوارث الطبيعية والبشرية، يزداد الضغط على الحكومات لتلبية الاحتياجات الحالية من المساكن.

وعلى الجانب الآخر، فإن المواد اللازمة لبناء ملياري منزل تحتاج إلى رفع كفاءة الاستخدام في هذه الموارد بقدر الإمكان، ومن الضروري أن تشجع الحكومات السياسات الهادفة لاستخدام أساليب البناء المستدامة في المنشآت الجديدة لتعظيم القدرة على إعادة الاستخدام في المستقبل، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وإدارة الموارد بشكل أفضل. وعلى مدار الثلاثين عاماً المقبلة، فإن الدول التي تتبنى سياسات تحافظ على معدلات توفير المساكن الجديدة وتنميها، ستكون لها القدرة على تجنب حدوث مشاكل في استجلاب الموارد وارتفاع أسعار المنازل بها.

بالنسبة لدول كثيرة، تمثل أزمة الإسكان مجالاً مهماً للنقاشات المجتمعية والسياسات الحكومية، ولبقية دول العالم، فستمثل المعضلة الأكبر التي تواجه الحكومات خلال القرن الحالي.