ربما نكون آخر جيلٍ يسمع كلمات «وفاة بسبب حوادث السيارات» أو «الازدحام» أو حتى«الاختناق المروري»، ولن نتذكر ألوان إشارات المرور أو ترتيبها، كل ذلك بسبب السيارات ذاتية القيادة، التي يتوقع أنها ستغزو مستقبلنا وحاضرنا القريب، ولربما سنستغرب من كمية الوقت الذي أضعناه وراء عجلة القيادة بدل أن ندع السيارات تمشي لوحدها وتأخذنا إلى مرادنا.

الآن، بعد تسلا وجوجل وأودي وحتى إنفيديا، تريد أوبر أن تخوض هذا المجال، والانتقال من خدماتها في مجال تقديم بديل لسيارات الأجرة إلى مجال لتقديم سيارات تنقلك دون الحاجة للتعامل البشري حتى.


ليست الأولى ولكنها فريدة

http://gty.im/451549230

الكثير منا يعرف أوبر وربما جربنا خدمتها، ولكن ما لم تجربه حتى الآن، هو السيارة ذاتية القيادة، والتي بدأت تجاربها في بيتسبرغ في 14 من سبتمبر/أيلول. فقد استيقظ سكان هذه المدينة ليجدوا سرب السيارات الذكية قد وصل، وتبدأ مع وصوله الرحلات الصامتة، بدون أي «شوفير».

المميز في هذه التجربة، أنها ليست مقتصرة على أشخاص أو خبراء محددين فقط، بل هي مفتوحة للعامة، وبذلك تستطيع أوبر بشكل مباشر مراقبة رد فعل الأشخاص العاديين على هذه التقنية، وطريقة استخدامهم لهذه السيارات والمعطيات التي توفرها بشكلٍ أو بآخر. وقد زودت أوبر السيارة بزر يمكن الراكب من إيقاف السيارة في أي وقت، إن أصيب بالخوف أو الهلع نتيجة هذه الصدمة، سيارة تقودك!

ويعتقد الكثيرون أن هذه التجربة هي من أهم التجارب بالنسبة لأوبر والسيارات ذاتية القيادة بشكل عام، فطرق بيتسبرغ ليست سهلةً أبدًا، ضيقة ومليئة بالمشاة وسائقي السيارات، كثير من المرتفعات والجسور بالإضافة إلى عامل الجو المختلف الذي يتحدى حتى «السائق» البشري . حتى الآن لم يتم تجربة السيارات إلا في جو مشمس وفي ظروف ممتازة، أوبر تريد أن تجعل تجربتها الأقرب للواقع، فأنت لا تحتاج السيارة فقط في الجو المشمس، بل إن أهم احتياج لها هو الخروج في جو ممطر أو مثلج. وتسعى الشركة خلال هذه التجربة لجمع ردات الفعل من الزبائن وتحسين نظام السيارة بشكل مستمر وإدخال هذه التعديلات في النسخة النهائية من برنامج السيارة.

في الوقت الحالي، سيقوم موظفان من الشركة في جميع رحلات سيارات أوبر بمراقبة السيارة وقدراتها الذاتية، أحدهما في المقعد الأمامي والآخر في المقعد الخلفي مع حاسوبه ليراقب المعطيات والصور المجموعة من قبل حساسات السيارة، ولكن ذلك ليس هدف أوبر النهائي، فهي تسعى للتخلص من العنصر البشري بشكلٍ كامل، لجعل العملية بسيطةً وتقتضي اتصالًا منك بالسيارة، التي تصل إليك وحدها وبدون أي مساعدة خارجية.

في تجربته للسيارة، يقول أندرو هوكينز من موقع The Verge أن التواجد في سيارة أوبر الجديدة مشوق ومضجر في الوقت نفسه، فقد أبدى برنامج القيادة الذاتية مهارةً ممتازة في توجيه السيارة، ولكنها نظام القيادة الذكي توقف عدة مرات بشكل غير متوقع، مصدرةً صوتًا يوضح توقف النظام، وبالطبع لم يستطع المهندسون معرفة السبب بشكل مباشر، ولكن حسب ادعائهم، كل شيء موجود في سجل السيارة.

وبينما يتعامل الإنسان بطريقة مباشرة وعادية مع الحالات المفاجئة التي تواجهه، كانتقالٍ مفاجئ لسيارةٍ أخرى إلى مسار سيارتك الذكية، أو عبور أحد المشاة أمام سيارتك، فإن ذاك القرار يتخذه دماغك خلال أجزاء صغيرة من الثانية، ولكن هل يستطيع الحاسوب أن يقوم بذلك أيضًا؟ و كيف يختار الطريق الأمثل؟ رغم الخوف الذي ربما يتملكنا، فإننا قد وضعنا أنفسنا تحت رحمة الحواسيب بأشكال عديدة مختلفة من قبل.

يقول «أنتوني ليفاندوفسكي»، نائب رئيس قسم الهندسة في أوبر، والمؤسس المشارك في شركة السيارات Otto، شركة الشاحنات ذاتية القيادة والتي استحوذت عليها أوبر مؤخرًا:

إن السيارات ذاتية القيادة ليست اختراعًا جديدًا، لقد حلمت البشرية وفكرت بها منذ خمسينات القرن الماضي، حيث كانت الإعلانات منتشرة عن السيارات الذكية حيث يجتمع أفراد العائلة في المؤخرة بينما تقودهم السيارة إلى المكان المراد الانتقال إليه.

التحليق بعيدًا عن تسلا وجوجل

تتميز سيارات أوبر ببساطتها، فليست معقدةً مثل سيارات تسلا، وتلاحظ بجانب المقود ثلاثة أضواء، تبين لك نوع القيادة الحالي، وزران أحدهما أحمر والآخر فضي، للدخول إلى نظام القيادة الذاتي أو الخروج منه.

ويتواجد في الخلف أيضًا جهاز لوحي، يمكن الراكب من تتبع مسير السيارة، والتقاط سيلفي!

يمثل الهيكل الخارجي للسيارة كل تقنية أوبر في مجال القيادة الذاتية، فعلى سقف السيارة يتواجد حساس ليدار (حساس كشف الليزر وقياس المسافات) وتتواجد بضعة حساسات أخرى على مقدمة وجوانب وخلفية السيارة لكشف العوائق وحساب المسافة بين السيارة وبين الأجسام الأخرى، وهناك حوالي 20 كاميرا على السيارة لمراقبة محيطها من سيارات أخرى ومشاة وحتى إشارات المرور.

أوبر ليست وحيدة في حماسها لهذه التقنية طبعًا، فهناك الكثير من الشركات التي تعمل على إنتاج سيارات ذاتية القيادة، ولكن أوبر هي الأولى في طرح هذه السيارات بشكل عام في الشوارع فعليًا، وهي بذلك تقوم بأخذ مخاطرة كبيرة، فالحوادث التي حصلت بسبب هذه النظام تمتلك سمعة سيئة للغاية، بين جوجل وتسلا، ولكن أوبر ستطلق أسطولا كاملا من هذه السيارات، وتعترف أوبر بخطورة خيارها لكنها تعد بالبقاء شفافة وطرح المشاكل والتعامل معها أولًا بأول.

تظهر الإحصائيات خوف الأمريكيين من السيارات ذاتية القيادة، فأكثر من ثلث هؤلاء عبرَّ عن عدم رغبته في اقتناء هذا النوع من السيارات، وبالنسبة للتحديات القادمة، فإن أوبر تصنفها في ثلاث خانات: التطور التقني للسماح لهذه التقنية بالتطور الكامل، التقبل الاجتماعي لهذا النوع الجديد من طرق المواصلات، وثالثًا وهي تقنين الموضوع كاملًا من قبل السلطات، وبالفعل فإن السلطات الأمريكية تعمل على إصدار لوائح قوانين وإرشادات فيما يخص السيارات ذاتية القيادة.

أحد الأسئلة التي تطرح نفسها، ما هو مصير ملايين السائقين الذين يعملون مع أوبر بعد انتشار هذه التقنية بشكل كبير في أنحاء العالم؟ هل سيتم توظيفهم في أوبر؟ الجواب غالبًا: لا، ستتخلص أوبر من هؤلاء بمجرد وصولها لهذه التقنية بشكلٍ كامل، أو ربما تبقي عليهم إذا تطلبت القوانين وجود سائق بشري في السيارة ذاتية القيادة.

في الحقيقة، أعتقد أن هذه التقنية ستتطور بشكلٍ كبير في المستقبل، ولربما تكون فعلًا مستقبل المواصلات، وسنتقبلها كما تقبلنا الهاتف المحمول، والساعة الذكية ونظام أندرويد للسيارات، وربما سنرى قريبًا سيارتك تتحدث إليك الآن، فلم لا تقودك إلى المنزل بينما تنجز أنت عملك على حاسوبك الشخصي؟

أترككم في النهاية مع «لورين إسحاق» التي تحدثنا عن خبرتها في المواصلات العامة ورؤيتها لتقنية السيارات ذاتية القيادة:

المراجع
  1. Behind the wheel of Uber's new self-driving car, which hits the road today
  2. My Self-Driving Uber Needed Human Help