من أشهر النصائح في علم التربية أن تبتعد عن إيذاء طفلك جسديًا بضربه سواء بشدة أو أي أنواع الضرب. يستمع الأهل لهذه النصيحة ويحاولون تطبيقها بكل جهد وفي سبيل ذلك يلجأون لوسائل أخرى لفظية وعاطفية ظنًا منهم أن ذلك أفضل، لا يعرفون أن العنف هو نقيض الرفق في القول والفعل فهو قسوة على الطفل، ويستفحل الآباء فيه فهذا النوع من لا تجد له كدمات أو علامات أو أي من الأشكال الظاهرة التي يتركها العنف الجسدي مما يدفع الأبوان للتوقف. لكن العنف اللفظي بلا أثر مرئي فيستمر الآباء في تثبيت جذوره مرة تلو الأخرى فيكبر معهم ويقتل أرواحهم.


فما هي أشكال العنف اللفظي؟

اللوم والتأنيب (التقطيم)

انتظار أخطاء الطفل وتكرار المحاضرات العصماء التي لا جدوى لها مع جملة (ليه عملت كدة مش قولت ميت مرة كدة غلط).

لن يستمع لك ولن يعرف خطأه حتى، فقط سيشعر بالإحباط وعدم الثقة في نفسه وسيشعر دومًا بأنه مخطئ ويقل تقديره لذاته وتنعدم ثقته بنفسه مما يؤدي إلي تدهور في التحصيل العقلي والأكاديمي.

المقارنة بآخرين

إذا أردت أن تسرق بهجة طفلك قارنه بآخرين وانتظر في المستقبل شخصًا حاقدًا ناقمًا على كل شيء (شفت صاحبك عملها ازاي وانت لا) (مين يأكل الأول ويبقي شاطر).

يعتاد الطفل على المقارنة وتتخذ تصرفاته طابع العدوانية فيمارسها في حياته ومع الآخرين من أجل أن يثبت أنه الأقوى والأفضل و ظاهرة (التنمر) في المدارس بين الأطفال خير دليل.

الإهمال والتجاهل

قد تكون حاضرًا غائبًا عن طفلك لديك أعمال هامة أو لديكِ التزامات أخرى مع تكرار جملة (شوية بس مش فاضي ورايا شغل) يشعر طفلك بالوحدة.

تتجاهل مشاعره وأفعاله فيعتاد الوحدة لدرجة الاكتئاب أو يحاول ملء الفراغ بأي أعمال أخرى لا أظنها ستعجبك كما يؤسفني القول إنه أكثر عرضة للإدمان مستقبلاً.

النبذ والتحقير

(امشي اقعد فالنوتي كورنر) (ياريتني ما خلفت شيل هم ومسئوليه)

كلا الجملتين في الأعلى نبذ، فإبقاء الطفل متمركزًا مقيدًا حتى ولو نفسيًا في مكان ما هو إيذاء حاد وكرسي العقاب وسيلة غير علمية وعملية بكل المقاييس.

وكونك تكرر أمام الطفل كلمات تشعره بأنه حمل ثقيل عليك يجعله يشعر بعدم الانتماء فيزداد شعوره بالوحدة، ويتطور لدى الطفل صورة عن نفسه بالدونية مما يجعله أكثر عرضة لاكتئاب الأطفال.

التخويف والترهيب

لو عملت كدة هوديك للدكتور أو البوليس. هحرمك من المصروف واللعب. هضربك لو مسمعتش الكلام.

لا تستطيع أن تتعامل مع طفلك بذكاء وتستخدم الطريقة الأسهل تهديد الطفل وإرهابه حتى يطيع الأوامر.

مع تكرار هذه الجمل على طفلك لن يستطيع التفريق بين التهديد منك ومن الآخرين مما يجعله عرضة لحوادث آخرين تحت التهديد والتخويف.

الوصم

يأخذ الطفل صورته عن نفسه من أبويه فإذا وُصم بأنه (غبي فاشل عنيد زنان) فإنه يصبح دومًا كما يتصورانه، فهو يفشل في تطوير نظرة إيجابية عن نفسه مع ضعف الثقة بالنفس الذي قد يسبب مشاكل في مراحل حياته الحالية واللاحقة، وأكثر أشكال هذا العنف شدة على الإطلاق

الحب المشروط

تعتبر هذه الطريقة استغلالاً ومتاجرة صريحة بالمشاعر، الطفل وُلد محبوبًا مهما حدث ومهما فعل، حين تُكرر على مسامعه جملاً مثل (لو سمعت كلامي هحبك) (ماما مش بتحبك عشان مسمعتش الكلام وزعلانه منك) فإن عقله يترجمها (أنا غير محبوب إلا عندما أفعل ما يريدون إما أن أفعل طمعًا في الحب أو أن أزهد حبهما وأنتقم) كما أنه يفقد القدرة مستقبلاً على بناء علاقات صحية مع الآخرين.


قبل أن تلجأ للعنف

1. اسال نفسك سريعًا لماذا؟ هل استجابتي مرتبطة بالسلوك أم بمشاعر أخرى؟ هل ستصيب طفلي بمشاعر سلبية؟ هل أريده أن يتعلم من خطئه أم أن أُنفث عن غضبي؟ هل هذه الطريقة ستوقف السلوك حالاً أم مستقبلا؟ هل هناك طريقة أفضل؟ ثم تصرف.2. لا تضع صورة مثالية لأطفالك فهم بشر يخطئون ويتعلمون فالأخطاء هي الفرص الأروع للتعلم فقط تقبلها وساعد طفلك بهدوء ليكتشف عواقب خطئه وتأكد أنه لن يتصرف جيدًا إلا عندما يشعر بمشاعر إيجابية من طريقه كلامك وأفعالك.3. ثق في طفلك فلديه موجه داخلي دعه يقع فيتعلم المشي، دعه يمسك ملعقة وحدة فيتعلم الأكل، اتركه يختار ملابسه ولعبه ضمن اختيارات تضعها بنفسك، دعه يتعلم ويعلم نفسه بنفسه فقط قدم له الدعم فقط وأعلمه بأفعالك وأقوالك أنك بجانبه وأن كل شيء بخير ومهما حدث ومهما فعل فإنك ستحيا وتموت وأنت تحبه.

4. احترس من فضلك قبل أن تقتل طفلك فكم من أرواح تسير بيننا وكأنها حية ولكنها قتلت بكلمة أو نظرة أو صوت تفزع له القلوب لا الآذان، وتخيل دومًا وقع كلماتك على نفسه الصغيرة قبل أن تطلقها كالرصاص على قلبه وروحه.