لما تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة كان التشيع للإمام علي بن أبي طالب هو الأكثر انتشارًا، وظل المصريون طوال حكم الأمويين وحتى مجيء العباسيين يعملون بفقه آل البيت، وبخاصة فتاوى الإمام جعفر الصادق، حسبما يرصد المؤرخ المصري ابن زولاق (ت 387هـ – 997م).

ثم ضعف التشيع في زمن العباسيين، واضطر من أصر على تشيعه إلى التستر، وفي الوقت نفسه انتشرت المذاهب السنية وعلى رأسها المذهب المالكي والشافعي، والتي لم تكن قد وجدت أو انتشرت في زمن الأمويين.

فتحول تشيع المصريين إلى التسنن، ولكن مع تقدير وتبجيل زائد للإمام علي بن أبي طالب، وآل البيت، وكان هناك احتفاء كبير بمشاهد قبور السيدة نفيسة، والسيدة كلثوم (كُلثم) بنت محمد بن جعفر الصادق، ومشهد الإمام زين العابدين، والذي يضم رأس الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والذي دُفنت به الرأس في زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (توفي 125هـ – 743م).

ولكن مع ضعف الخلافة العباسية، وواليها الإخشيدي على مصر، وقيام الدولة الفاطمية في شمال إفريقيا، بدأ التشيع يعود من جديد، حيث نشر الفاطميون دعاتهم في مصر، وفي أغلب أنحاء العالم الإسلامي وقتها.

وروج الدعاة الفاطميون في مصر وقتها عملات فاطمية «دنانير» مكتوب عليها أنها ضُربت في مصر، وبلغ انتشار الدعاة الفاطميين – المغاربة – حد أن المؤرخ المصري ابن تغري بردي قال إن انتشار المغاربة في مصر في أواخر عهد الإخشيديين أدى إلى اضطراب الدولة، بعدما استمالوا كثيرًا من الناس، بل بعض قادة الدولة، إلى دعوتهم.

في هذا التوقيت (زمن الإخشيديين) كان يوم عاشوراء لا يخلو من فتن تحدث عند قبر السيدة نفيسة والإمام زين العابدين، وكثرت النزاعات بين الجُند والرعية.

وكان جنود الإخشيد السودانيون السُّنة المتعصبون يقفون في الطرقات أحيانًا، ويسألون المارة: من خالك؟

فإن لم يقل «معاوية خال المؤمنين» بطشوا به وشلحوه، وزاد التعصب حد أن تحولت العبارة من «معاوية خال المؤمنين» إلى «معاوية خال علي».

وكان على باب الجامع العتيق شيخان من العامة يناديان كل يوم جمعة في وجوه الناس: «معاوية خالي وخال المؤمنين، وكاتب الوحي، ورديف رسول الله»، وكان هناك رجل أسود شهير بالفسطاط يصيح دائمًا في الشوارع «معاوية خال علي»، وبعد دخول الفاطميين مصر قتلوه.

كل ما سبق أثار غضب المصريين تجاه الإخشيديين التابعين للخلافة العباسية السُّنية، ومهَّد الطريق إلى دخول الفاطميين مصر، بعد أن تعالت أصوات المصريين مطالبين إياهم بدخول مصر.

وفور دخول جوهر الصقلي مصر، أعطى الناس الأمان وكتب لهم وثيقة يتعهد فيها بالحرية الدينية للمصريين، وأن تقام الشعائر وتطبق الشريعة وفقًا لما تنص عليه السُّنَّة.

كان هذا العهد مجرد حيلة لكسب تأييد الناس واستقرار الوضع السياسي، ولكن بعدها اتخذ جوهر سلسلة إجراءات تتعلق بالعقيدة خلاف ما تعهد به، وذلك خلال 4 سنوات كان يحكم خلالها نيابة عن الخليفة المعز، الذي كان ما يزال في تونس.

جرت محاولات نشر التشيع، بهدوء في أحيان، وبعنف في أحيان أخرى، وهو ما كان يقاومه المصريون السنة، ويثورون ضده بأشكال مختلفة، حد أنهم كانوا يرفعون شعار «معاوية خال المؤمنين»، نكاية في الفاطميين.

أي صار الشعار الذي كانوا يبغضونه بالأمس «معاوية خال المؤمنين»، وسيلتهم في مقاومة الفاطميين الذين يفرضون عليهم المغالاة في حب علي وشيعته، وبغض عقيدتهم الوسطية، التي تميل إلى آل البيت، ولكن مع احترام السنة.

وربما كان رفع هذا الشعار لا يمثل عقيدة حقيقية لدى المصريين الذين يحبون آل البيت، ولكنهم رفعوه نكاية في الفاطميين، من باب مواجهة التطرف بتطرف مضاد.

ما مراحل الصراع بين المصريين والفاطميين حول العقيدة؟ وما أصل هذا الشعار «معاوية خال المؤمنين»؟ ومدى صحته؟ هذا ما نرصده في سطورنا التالية.

محاولات رسم صورة فاطمية متسامحة

أستاذ التاريخ الإسلامي الدكتور أيمن فؤاد سيد يرى أن الفاطميين لم يتعمدوا منذ وصول المعز إجبار المصريين على اعتناق المذهب الشيعي الإسماعيلي، بل لم يتعمدوا نشر الدعوة الإسماعيلية إلا في أضيق الحدود.

لكن ابن تغري بردي، الذي عاش في عصر المماليك، يرى أن إصرار الفاطميين على نشر مذهبهم جعل الإسلام السني غريبًا في مصر.

ويستند أيمن فؤاد سيد إلى مجموعة أسباب، منها أن أوقاتًا كثيرة شهدت استعانة الفاطميين بالفقهاء السنة للتدريس بدار الحكمة معقل الدعوة الشيعية، ولا سيما الشافعية والمالكية.

ومن يتتبع ذلك يجد أن الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي، وأبا أسامة جنادة بن محمد اللغوي، وأبا الحسن علي بن سليمان المقرئ الأنطاكي، وهم علماء السنة الذين عينهم الحاكم بأمر الله في دار الحكمة، جرى التخلص منهم.

ففي ظروف غامضة قُتِل أبو أسامة والأنطاكي، وخاف عبد الغني بن سعيد وقل نشاطه، وانقطع عن الذهاب لدار الحكمة.

أي إن هذه الإجراءات التي يبدو من ظاهرها أن الدولة لا تحارب السنة، كانت صورية، ويجري الالتفاف عليها بجرائم تبدو مدبرة.

ولكن الأكيد أن أهل السنة لم يغيبوا أبدًا طوال العهد الفاطمي، وكانت هناك مدن بأكملها يسكنها أغلبية سنية، وعلى رأسها الإسكندرية، وكان جامع عمرو بن العاص معقلًا للسنة في الفسطاط باستمرار.

صحيح لم يكن هناك مرسوم واضح يمنع اعتناق المذهب السني، ولكن الدولة كانت دائمًا تضيق على أهل السنة، وتلتف على عهد الأمان الذي أعطاه جوهر الصقلي لهم.

وفي المقابل قاوم المصريون ذلك في كثير من الأحوال، وتحدوا السلطة بأشكال مختلفة، يمكن رصدها كما سنبين.

جوهر ينقلب على عهده

بعد أن أعطى جوهر الصقلي العهد للمسلمين السُّنَّة من المصريين باحترام عقيدتهم، انقلب تدريجيًّا على عهده، وبدأ ينشر المذهب الشيعي الإسماعيلي الفاطمي، فأمر بتغيير الأذان، وأضاف إليه عبارة «حي على خير العمل».

كما أمر بالجهر بالبسملة في الصلاة، وزيادة دعاء القنوت في الركعة الثانية من صلاة الجمعة، ومنع قراءة «سبح اسم ربك الأعلى»، واشترط أن يستهل خطيب الجمعة خطبته بـ:

 «اللهم صل على محمد النبي المصطفى، وعلى عليٍّ المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرًا، اللهم صل على الأئمة الراشدين آباء أمير المؤمنين، الهادين المهديين».

وأعلن جوهر تفضيل عليِّ بن أبي طالب على غيره من الصحابة، وجَهَر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء، وبدأت الاضطرابات تحدث، واستغل المصريون الفرص للهتاف ضد العقيدة الفاطمية.

ضمن ما زاد القلاقل بين المصريين والفاطميين، تطبيق الفقه الشيعي في قضايا الميراث، حيث شرعوا بأن ترث البنت كامل أموال أبيها بعد موته، بالمخالفة لمذهب أهل السنة الذي لا يعطيها أكثر من النصف.

كما قرر جوهر أن يكون صيام رمضان بدون رؤية الهلال، فشهر رمضان كان دائمًا عند الفاطميين الإسماعيليين 30 يومًا، سواء أقر ذلك ظهور الهلال أو لا.

وفور دخول المعز لدين الله مصر، أمر بكتابة عبارة على كل حوائط الفسطاط:

خير الناس بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عليه السلام.

بدأ الفاطميون بنشر فقههم بين المصريين، ومن مظاهر ذلك تدريسه في الجوامع الكبرى، وضمنها جامع عمرو بن العاص، معقل السنة.

وألف الوزير يعقوب بن كلس، وكان يهوديًّا ثم أسلم، كتابًا في الفقه جمع فيه أقوال وأحكام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وابنه الخليفة القائم العزيز بالله، وبوَّبه على أبواب الفقه، وقدر حجمه بحجم نصف كتاب صحيح البخاري، وكان يجلس في جامع عمرو بن العاص لقراءة ذاك الكتاب على الناس بنفسه، وبين يديه خواص الناس وعوامهم وسائر الفقهاء والقضاة والأدباء، وأفتى الناس بالكتاب ودرسوا فيه.

وخصص الخليفة العزيز بالله رواتب شهرية لجماعة من الفقهاء كانوا يحضرون مجلس الوزير ويلازمونه، باعتبار أنهم كانوا أدوات الدولة الأهم في نشر عقيدتهم وفقههم.

وأمر العزيز ببناء دار لهم بجوار الجامع الأزهر، وكان من طقوسهم أنهم يجلسون في حلقة بالجامع، كل يوم جمعة، من بعد صلاة الجمعة وحتى صلاة العصر، ليتدارسوا الفقه.

وتزامن ذلك مع إجراءات جديدة تضيق على أهل السنة في طقوسهم، ومنها ما وقع عام 372هـ، حيث أمر العزيز بالله بقطع صلاة التراويح من جميع البلاد المصرية.

سب الصحابة والتنكيل بمن يعترض

خلال ذلك كانت تقع حوادث اضطهاد للسنة، ففي عام 381هـ، زمن العزيز بالله، ضُرب رجل بالفسطاط وطافوا به في المدينة لتجريسه، لأنهم وجدوا عنده «موطأ مالك»، كتاب الفقه السني الشهير.

 وفي عام 391هـ في زمن الخليفة الحاكم بأمر الله، ألقت السلطات الفاطمية القبض على رجل سألوه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: «لا أعرفه»، فاعتقله قاضي القضاة، وبعث إليه وهو في السجن أربعة شهود وسألوه، فأقرَّ بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وأنه نبي مرسل، وسألوه عن علي بن أبي طالب، فأكد أنه لا يعرفه.

وانتهى الأمر بأن أحضروه أمام القائد العسكري الحسين بن جوهر، وسألوه للمرة الثالثة عن علي بن أبي طالب، فأكد من جديد «لا أعرفه»، فأخبروا الحاكم بأمر الله بما جرى، فأمر بصلبه وضرب عنقه.

وفي سنة 393هـ، قُبِض على 13 رجلًا وضُرِبوا وشُهِروا على الجمال وحبسوا 3 أيام «لأنهم صلوا صلاة الضحى»، التي منعها الحاكم بأمر الله.

ضمن ما فعله الحاكم أيضًا، أنه أمر اليهود والنصارى بلبس ما عُرف بالغيار والزنار، وكتب على هذه الملابس عبارات بها سباب وشتائم للصحابيين أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب. أي إنه عاقب اليهود والنصارى والمسلمين السنة جميعهم معًا في إجراء واحد!

كما منع الحاكم بأمر الله الناس من عدد من الأكلات، منها «الجرجير» لأن السيدة عائشة زوجة النبي كانت تحبه، و«الملوخية» لأن معاوية بن أبي سفيان كان يحبها.

كما أحدث أمرًا غريبًا بتغيير مواقيت الصلوات، حيث أمر بأن يؤذن لصلاة الظهر في أول الساعة السابعة، ويؤذن لصلاة العصر في أول الساعة التاسعة!

كما أمر بكتابة لافتات نقشت بالذهب والأصباغ، في المساجد ومنها جامع عمرو بن العاص، وكذلك على أبواب المحلات التجارية والبيوت، بسب ولعن الصحابة والسلف، وأكره الناس على ترديد عبارات السباب، ونتيجة لذلك «تسارع الناس إلى الدخول في الدعوة»، بحسب رواية المقريزي.

وفي هذه الأثناء وصلت مصر قافلة حجاج عائدة من الأراضي المقدسة، فحاول جنود الفاطميين إجبارهم على سب الصحابة فرفضوا، فبطشوا بهم بطشًا شديدًا.

ونتيجة لخوف الناس، تسابقوا على الذهاب لدار الحكمة وإعلان تشيعهم، ونظمت دار الحكمة جدولًا لقدوم الناس على داعي الدعاة وإعلان دخولهم في المذهب الإسماعيلي، فكان يوم الأحد للرجال والأربعاء للنساء، والثلاثاء للأشراف والطبقة الأرستقراطية، وأدى تزاحم الناس على دار الحكمة إلى موت كثير منهم.

لكن الحاكم تراجع عن مغالاته بعد ذلك، وأمر بمنع سب الصحابة، وبمسح كل ما كُتب على جدران المساجد والبيوت بسبهم، بل ألقت الشرطة القبض على كثير ممن كانوا يسبون الصحابة!

كان ذلك ضمن مجموعة إجراءات شملت تخفيفًا على الناس، فقد كان الحاكم شخصًا متقلب المزاج، حد أنه سمح لمن ادعوا أنه إله بنشر دعوتهم.

ثم عاد الحاكم مرة ثانية إلى سب الصحابة والتضييق على الناس، وظل الحال متأرجحًا حتى قُتل في ظروف غامضة، وقيل إن أخته ست الملك هي من دبرت لقتله، لأنه كان على وشك تدمير الدولة الفاطمية نفسها.

بعد موت الحاكم بأمر الله، أخذت الدولة الفاطمية تضعف تدريجيًّا، ولكن بشكل عام كانت هناك فترات اضطهاد للسنة، وفترات أخرى بها تصالح، وظل الحال هكذا حتى اشتد نفوذ السنة، خاصة بعد أن صار وزير الدولة سنيًّا، بعد ثورة المسلمين السنة ضد الدولة، وتنصيبهم السُّنِّي رضوان بن ولخشي وزيرًا للدولة، وموافقة الخليفة الفاطمي الحافظ مضطرًا، وذلك عام 531هـ/1136م.

من أشكال المقاومة المصرية السنية

كان المصريون السنة بين الخضوع للرغبات الفاطمية والمقاومة، ففي مقابل البطش الفاطمي، وقعت عدة حوادث مقاومة خشنة وناعمة من جانب المصريين السُّنة المقاومين لها.

ففي عهد المعز وتحديدًا في شهر رمضان عام 361هـ، تظاهر المصريون ورددوا شعار «معاوية خال المؤمنين»، الأمر الذي اضطر جوهر الصقلي إلى إرسال بيانات إلى كافة المدن والقرى المصرية بتجريم هذه العبارة، والتنكيل بمن يرددها.

وذات مرة أمر المحتسب (قائد الشرطة الدينية التي لها صلاحيات قضائية) سليمان بن عروة بضرب وتعزير عدد من الصيارفة، فتجمعوا ونظموا مظاهرة حدث خلالها شغب، وهتف الناس ضد السلطة: «معاوية خال المؤمنين».

وفي عهد الحاكم بأمر الله، قتل المصريون واحدًا من أهم رجاله، وهو محمد بن إسماعيل الدرزي، أحد أهم دعاته، والأهم أن ذلك وقع خلال سيره في موكب الحاكم شخصيًّا.

وحوَّل المصريون جنازة الحافظ أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي الذي توفي عام 409هـ / 1018، إلى مظاهرة في الفسطاط وهتفوا ضد الفاطميين. وكان الأزدي من علماء السنة وحفاظ الحديث المشاهير، وعينه الحاكم في دار الحكمة ثم اختفى وتستر خوفًا من قتله مثلما حدث مع علماء سنة آخرين، وحين مات حول المصريون جنازته إلى مظاهرة زلزلت مصر بالهتاف ضد السلطة.

وأدت هذه المواجهات إلى نهب الفسطاط وحرقها عام 410هـ/ 1019م، ويرجح المؤرخون أن ذلك كان بتحريض من الحاكم، بعد سبه شخصيًّا، حيث وضع أهل الفسطاط دمية على شكل امرأة تقف على قارعة الطريق وفي يدها جريدة عليها ورقة، مكتوب فيها سب للحاكم وأسلافه، فقامت طوائف العبيد بمهاجمة المدينة وحرقوها ونهبوها وقتلوا الكثير من أهلها.

وتصدى أهالي الفسطاط لذلك، وانضم لهم المغاربة والأتراك من جند الحاكم، كرهًا في عبيد الحاكم الذين يهاجمون المصريين، فقد كان الأتراك والمغاربة قد اندمجوا في المجتمع المصري وتصاهروا معه وناسبوه.

ثم استسمحوا الحاكم أن يأمر بوقف هذا الخراب لأن أموالهم وأولادهم وعقاراتهم موجودة في الفسطاط، ولكن الحاكم لم يستجب، بل بدا عليه الانبهار بمنظر المدينة التي تحترق، وعمل على إشعال الفتنة بين العبيد وسائر الطوائف بغرض ضرب فريق بفريق، ولم يصدر أوامره بوقف المأساة إلا بعد احتراق حوالي ثلث الفسطاط، ونهب نصفها، وبعد أن هدد المغاربة بالرد عليه بحرق القاهرة نفسها.

معاوية خال المؤمنين: إفك أموي

قبل أن نختم دعونا نعالج شعار «معاوية خال المؤمنين» الذي رفعه المصريون نكاية في الفاطميين، وتلك المقولة روجها الأمويون بعد استيلائهم على الحكم، بعد صراع مع الإمام علي بن أبي طالب، وذلك لإضفاء هالة دينية على معاوية.

وسبب تلك المقولة هي أن النبي كان قد تزوج من السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان، أخت معاوية، وبما أنها كانت أم المؤمنين باعتبارها زوجة النبي، قال الأمويون إن ذلك يقتضي أن يكون معاوية خال المؤمنين.

وبالغ أنصار معاوية في ادعائهم حتى قالوا إن هذا اللقب منحه النبي لمعاوية، على خلاف الصحيح، بحسب الإمام البيهقي الذي اتهم من يرددون تلك المقولة بأنهم يقولون إفكًا ويبتدعون.

واحتج البيهقي بأن أمومة زوجات النبي للمؤمنين تتعلق بتحريم زواجهن من أحد بعد النبي، ولا يتعدى حكم أمومتهن إلى إخوتهن ولا إلى إخوانهن ولا إلى بناتهن.

موضحًا أن محمد بن أبي بكر الصديق حين قُتل لم يقل الأمويون إنه كان خال المؤمنين، باعتبار أنه كان شقيق السيدة عائشة، وكذلك مع إخوته جميعًا، وكل إخوة زوجات النبي، لم يدعِ أي منهم بأنه خال أو خالة المؤمنين.

ونسب إلى السيدة عائشة أن امرأة نادتها وقالت «يا أمي»، فردت عليها: «لست لك بأم إنما أنا أم رجالكم»، ومن ردها يفهم أن أمومة عائشة وغيرها من زوجات النبي كان هدفها تحريم زواجهن من غير النبي.

المراجع
  1. «فضائل مصر»، ابن زولاق
  2. «المواعظ والاعتبار»، المقريزي
  3. «إمتاع الأسماع»، المقريزي
  4. «نزهة المقلتين»، لابن الطوير
  5. «النجوم الزاهرة»، ابن تغري بردي
  6. «السنن الكبرى»، البيهقي
  7. «ظهور الخلافة الفاطمية»، عبد المنعم ماجد
  8. «الدولة الفاطمية»، أيمن فؤاد سيد