محتوى مترجم
المصدر
ستراتفور
التاريخ
2016/05/21
الكاتب
فريق تحرير ستراتفور

مع استمرار التحقيق بشأن تحطم طائرة مصر للطيران أثناء الرحلة 804، وبدء المحققين الوصول إلى الأدلة، كان العالم الجهادي صامتًا على نحو غريب. حيث فقد مراقبو الخطوط الجوية الاتصال بالطائرة في وقت مبكرًا يوم 19 مايو، وقد أصبحنا الآن خارج الإطار الزمني الذي تعلن فيه التنظيمات الجهادية عادة مسؤوليتها عن الهجمات. التفسير الواضح هو أن عطلًا كهربيًا أو ميكانيكيًا كارثيًا قد أسقط الطائرة، وليس قنبلةً، لكن في وجود جميع المؤشرات التي تبرز احتمالية الهجوم، يجدر استكشاف سبب عدم إعلان أي طرف مسؤوليته عن الحادث، وما يعنيه ذلك بالنسبة لتحديد سبب التحطم.لدى الطرفين الجهاديين الرئيسيين الذين يتمتعان بالقدرة والرغبة في إسقاط الطائرة، وهما تنظيما الدولة الإسلامية «داعش» والقاعدة، منصات متطورة للإعلام والعلاقات العامة، ويمكنهما استخدامها لتبني الهجمات.بالنظر إلى آخر كارثة جوية، الرحلة رقم 9268 للطائرة الروسية متروجيت، التي سقطت فوق شبه جزيرة سيناء عام 2015، نجد أن تنظيم الدولة الإسلامية قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم ذات اليوم. كما تبنى التنظيم مسؤولية هجمات أخرى وقعت مؤخرًا في بروكسل، جاكرتا وباريس خلال يومٍ من تنفيذها. وعلى غرار ذلك، تبنت أفرع القاعدة التي نظمت سلسلة هجمات استهدفت فنادق بغرب أفريقيا مسؤولية الهجمات خلال نفس اليوم أو اليوم التالي. كما نسب مهاجما سان برناردينو أعمالهما إلى الدولة الإسلامية قبل تنفيذها مباشرةً، لكن الأمر استغرق ثلاثة أيام حتى أعلن الذراع الإعلامي المركزي للتنظيم إشادته بالهجوم – على الأرجح لأنه نُفذ بواسطة جهاديين يتصرفون باسمهم دون تنسيقٍ مع التنظيم.


غياب التبني واحتمالية أن يكون الحادث إرهابيًا:

وفق نمط تبني المسؤولية في السابق، إن كان تنظيم الدولة الإسلامية، القاعدة أو أي تابع إقليمي يقف وراء الهجوم، كنا لنتوقع أن نرى إعلان المسؤولية الآن. لكن غياب ذلك لا يستبعد احتمالية العمل الإرهابي في حادثة مصر للطيران. يعتبر تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة الأقوى عندما يتعلق الأمر بنشر فكرهما وتكون دعايتهما أكثر إفادة في إلهام الجهاديين المنفردين لتنفيذ هجماتهم الخاصة دون تنسيق، مقارنة بتقدبم إرشادات بشأن كيفية تنفيذ الهجوم. فإن كان ذلك هجومًا قاعديًا، نفذته بشكل مستقل خلية في فرنسا، تونس أو إريتريا «المواقع التي سافرت إليها الطائرة على مدى الـ24 ساعة التي سبقت تحطمها»، فإن القادة الجهاديين وأجنحتهم الإعلامية سيهرولون إلى جانب بقيتنا لمعرفة ما حدث. ومثلما حدث في هجوم سان برناردينو، قد يستغرق الأمر أيامًا قليلة حتى تصيغ الدعاية الجهادية استجابتها.التفسير الآخر الأكثر شؤمًا لكنه أقل ترجيحًا هو أن تنظيمًا جهاديًا قد توصل إلى طريقة جديدة لمهاجمة الطائرات لكنها يخفي تورطه حتى يكرر الهجوم في أماكن أخرى. رأينا هذا النوع من النشاط السري في عملية بوجينكا 1995. لم يتبنَّ أحد مسؤولية تفجير رحلة طائرة الخطوط الجوية الفلبينية رقم 434 في ديسمبر 1994 لأن المخططين أملوا أن يستخدموا نسخة مطورة من نفس الجهاز في هجومٍ أكبر يستهدف 10 طائرات عبر المحيط الهادي.بينما كانت السلطات سريعة في استجابتها لقنبلة الحذاء عام 2001، وقنابل الملابس الداخلية عام 2009، إن كانت تلك الأجهزة قد نفذت وظيفتها حسبما صُممت ودمرت الطائرة «خصوصًا فوق المياه»، لكان الأمر استغرق ربما أشهرًا أو سنوات ليحدد المحققون سبب التحطم. ما كان ليتيح للمنفذين مساحة كبيرة ليكرروا ذات الأسلوب. وفي أسوأ التصورات، قد نكون في مواجهة صانع قنابل كفءٍ وطليق لديه معرفة بكيفية زرع قنبلة على طائرة، وليس لدى السلطات أي فكرة حول الأسلوب الذي يستخدمه.


الطائرة المنكوبة حالة خاصة:

حقيقة أن رحلة مصر للطيران رقم 804 قد أسقطت فوق المياه يجعل التحقيقات أصعب كثيرًا من تحقيقات الحوادث السابقة فوق اليابسة – والتي استغرق حل بعضها سنوات، مثل رحلة «بان أمريكان» رقم 103. لقد مر أكثر من عامين منذ اختفاء رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 370، وقد استعاد المحققون مؤخرًا فقط أجزاء من الطائرة – وهو ما يبعد كثيرًا عن تحديد السبب. على غرار ذلك، تحطمت رحلة طائرة الخطوط الفرنسية 447 فوق المحيط الأطلنطي عام 2009. استغرق الأمر ثلاث سنوات لتحديد أن مشكلات فنية أدت إلى تحطم الطائرة، وهي فترة طويلة تمكن الإرهابي من تكرار أسلوبه لو كان الأمر هجومًا.يعتبر موقع تحطم الرحلة 804 أقرب كثيرًا إلى البرِّ وليس خاضعًا لنفس التيارات البحرية التي خربت تحقيقات الطائرة الماليزية 370. ومع ذلك، حدث التحطم في مياهٍ قد يصل عمقها إلى ميل، ما يجعل استعادة الحطام أو الصندوق الأسود من قاع البحر معقدًا جدًا.وفق الكوارث الجوية الأخيرة التي حدثت فوق المياه، يرجح ألا نتوصل إلى نتائج قاطعة للفحص الجنائي بشأن ما أسقط الطائرة 804 قبل أشهر أو سنوات – إن توصلنا إليها مطلقًا – ما يترك الأسئلة الهامة المتعلقة بكيفية وقوع الحادث دون إجابة. يرجح بدرجة أكبر أن تؤدي التحقيقات على البرِّ بشأن الطاقم الأرضي، طاقم المقصورة، الركاب واستطلاع القمر الصناعي إلى نتائج قبل أن تفعل الأدلة من موقع التحطم، لكنها لن تقدم بالضرورة القصة الكاملة بشأن ما حدث.ما يعقد المهمة العسيرة بالفعل هو التعاون اللازم بين مصر، اليونان، فرنسا وأي دولة أخرى تشارك في التحقيقات. فمعارك النفوذ الدولية قد تتسبب في تأخيرات لإعلام هوية المسؤول عن الحادث، بما في ذلك التجهيز الشامل والسريع للأدلة. ومن ناحية أخرى، قد يخفف غياب تبني مسؤولية الهجوم المخاوف بشأن الهجوم الإرهابي، لكن في أسوأ التصورات، قد يمثل ذلك إشارةً إلى هجمات أخرى منتظرة.