في كرة القدم تُعتبر كل الأحلام دون استثناء ممكنة حتى يستلم مارادونا الكرة ويُقرر اجتياز الجميع كما لو كانوا أشباحاً وكما لو كان هو عفريت مُخيف، كل الحكايات عنه ليست خرافة لأنه هو نفسه خرافي، كل الأحلام ممكنة حتى يرفع تشافي أو إنييستا عينيه والكرة تحت قدميه ويتخيل تحركات زملائه ويمرر لأحدهم الكرة وكأنه يعطيها له في يده وليس قدمه، أنت هُنا لست بحاجة إلى أن تكون مميزًا في التحكم بالكرة، فقط تحرك بصورة صحيحة وستجدها مهيأة لك بالوضع الذي كنت تتمناه!

تظل كل الأحلام ممكنة حتى تضعك القرعة في مواجهة فريق يضم رونالدينهو وفي يوم يكون فيه ساحر اللعبة الأمتع في حالة مزاجية عالية ثم تكتشف أن القدر كان رحيمًا بك لأنه أوحى لك بما سيحدث مبكرًا.. عفواً جاوتشو قرر الاستمتاع بالفوز الليلة، من فضلك حاول مرة أُخرى.

تظل كل الأحلام ممكنة حتى يتجرأ الجميع في الضغط على ليونيل ميسي ظنًا منهم أنهم بإمكانهم قطع الكرة فيصطدموا ببعضهم البعض لأن الواقع يقول لا يمكن لأحد في هذا العالم الأخضر حاليًا اللحاق بالبرغوث الأرجنتيني، كل الأحلام ممكنة أيضًا حتى تُمنح ضربة حرة مباشرة لحارس المرمى حتى ولكن من يستعد لتسديدها جونينهو، وحتى يحتسب حكم المباراة ضربة ركنية لا أهتم بمن سيقوم بتنفيذها، ولكن سيرجيو راموس ينتظرها بفارغ الصبر!

بكل هذا التاريخ العظيم دائماً ما يمتلك ريال مدريد كل الحلول والمعطيات التي تساعده على المنافسة على كل لقب حتى نهاية العالم تقريبًا، لأنه الأكثر إغراء منذ فجر هذا التاريخ للاعبين، المدربين، وكل من يقوم بدور ما في هذه المنظومة، لطالما كان ريال مدريد هو الحلم الأكبر، لذا ربما يكون هو النادي الوحيد في العالم الذي يملك 80 مليونًا على دكة البدلاء لا يمكنها التمرد بشكل علني على عدم المشاركة بالرغم أن الوضع بالطبع لا يعجب الكولومبي خاميس رودريجز ولكن رغمًا عنه يعجبه أنه يمثل نادي بحجم ريال مدريد، أنت هُنا في فهرس المجد تنال رواتب عالية ،مكآفات محفزة جدًا ،شهرة لا يوجد ما يضاهيها، تلعب برفقة كوكبة من النجوم فلماذا تُغير المسار إذن؟ ولكن مع كل تلك الدوافع الكفيلة بأن يتسبب كل لاعب على حدة في تحقيق بطولة مثلاً، يظل سيرجيو راموس هو صاحب أهم لقطات التاريخ المُعاصر جداً للملكي.


الذيل الذي لم يوضع في مؤخرة راموس!

عند الحديث عن راموس كمدافع لا يدور في مخيلتي سوى ما كان يفعله رونالدينهو به في مباريات الكلاسيكو، ريال مدريد فريق كبير يستحق مدافعًا لا يتم إهانته بهذا الشكل من جاوتشو ، لا خلاف على قدرات دينهو، رونالدو دي أسيس موريرا يستطيع فعل ذلك في أي لاعب يواجهه، ولكن ليس دائمًا بهذه الصورة وكأن سيرجيو هو شخص يستلذ رونالدينهو بالتحرش به كرويًا وبالأخص في المناسبات الكبرى، فكما نعلم.. إهانة العدو اللدود في المعارك الحاسمة له لذة خاصة بجانب لذة النصر، في تلك الليالي كان رونالدينهو يُفضل مراوغة راموس مرات ومرات على الذهاب لملهى ليلي عقب المباراة مثلًا، هل تغّير راموس كمدافع الآن؟ ليس كثيراً ولكن ثمة بركة قد حلّت عليه وكأن رونالدينهو ذات يوم قام بتقبيل رأسه!

http://gty.im/143396193

ما هي أشهر ركلة جزاء ضائعة في التاريخ؟ نعم، إجابة صحيحة، بالفعل هي ركلة جزاء روبيرتو باجيو في نهائي كأس العالم في مونديال 94 بأمريكا ضد البرازيل، لعنة صاحب الذيل الإلهي كما يُطلق عليها، هل تعلم أن راموس الذي يتسبب في إحراز فريقه للألقاب بدأ كل ذلك بالسخرية منه وتحديدًا عندما أضاع ركلة جزاء ضد بايرن ميونيخ في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2012، ووقتها بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث بسخرية شديدة عن أول ركلة جزاء تصل إلى القمر، الآن هناك يمتلك راموس كرات في كوكب له وحده لأن ذلك الذيل لم يوضع في مؤخرته، ما حدث بعدها لم يسمح لأي متابع بالاستهزاء بتسديدة ركلة الجزاء يومها بتلك الطريقة!


واللعنات تنال كروتًا حمراء كذلك!

كيف بدأ الأمر؟ أمام بايرن ميونيخ؟ حسنًا لا يمكن إنهاء ذلك سوى أمامهم أيضًا، بالطبع لم يكن هدفي راموس في مرمى البافاري في رباعية الأليانز آرينا في نفس البطولة «دوري أبطال أوروبا» ونفس الدور «نصف النهائي» هما أول أهداف سيرخيو برأسه أوروبيًا، ولكن منذ تلك الليلة ثمة شيء بدأ يتبلور حول رأس قائد الفريق، يمكنك أن تلحظ ذلك بوضوح في الصداع الذي أصاب رأس الأوروجواياني رودريجز لاعب أتلتيكو المدريد في نهائي البطولة في لشبونة عندما وضع يديه على رأسه بمجرد أن تبقت دقيقتان ونصف الدقيقة فقط على تحقيق الروخي بلانكوس لأول كأس ذات أُذنين وعلى حساب من؟ صاحب السجل التاريخي لهذه المسابقة، شيء ما حدث ولا تعلم إذا ما كان كريستيان رودريجز وقتها ظهر قبل دقائق كمن يشعر بالموت قبل أن يسرقه ويرغب فجأة برؤية كل أصدقائه ليطلب منهم السماح على أي مشاكل بدرت منهم ويترجى الدعاء لهم بالمغفرة، أم أن شئيًا ما لم يرتق للأعلى بل هبط من السماء، واستقر على رأس راموس فاتجهت الكرة للمرمى وانهار بعدها أتلتيكو برباعية، فعندما يفتتح القدر بابًا يتسع ولا يضيق أبدًا.

http://gty.im/493626003

منذ ذلك الحين وكأن اللعنة قد تحصلت على بطاقة حمراء مثل التي يتحصل عليها باستمرار، هل أحب راموس الأمر؟ أم أن الأمر هو من أحب أن يتنكر في جسد راموس؟ ومن غيره أحيا آمال مدريد في الفوز بكأس السوبر على إشبيلية برغم الغيابات الكثيرة المؤثرة في هذه المباراة بالدقيقة 93 وكان هدف التعديل أو بمعنى آخر هدف إعلان القدر للفائز بطريقة غير محبطة كليًا، ومن قبلها لماذا بكت تلك الصغيرة في نهائي الحادية عشرة أمام أتلتيكو مدريد عندما سجل راموس الهدف الأول في المباراة، حتى وإن تعادل أتلتيكو بعدها ولكن من سجل التعادل هو كاراسكو وليس راموس عفواً لا يمكن لذلك أن يكون مؤشراً على أي عودة بالنتيجة، لطالما لم تقبل الكرة رأس راموس، وأنتم لستم بحاجة لمعرفة أغلى أهدافه، العِشْرَةُ دائماً من نصيب العاشرة.


جودين = جيد.. راموس = ممتاز

ليس راموس وحده من يسجل أهدافًا حاسمة برأسه، في كل بطولة كانت أشبه بمعجزة كان السر غالبًا وراء كرة رأسية أشعلت الآمال وجعلت كل الخوف والقلق يتفحم بعدها، عند الحديث مثلًا عن معجزة إسطنبول فلا يمكن أن تُنسى رأسية ستيفن جيرارد في الهدف الأول لليفربول ضد ميلان. كذلك عندما حافظ ليستر سيتي على حظوظه باللقب الإعجازي الذي كان ينقص ستيفي نفسه، كان اللجوء كله لرأسية ويس مورجان الذي سجل هدف تعادل غالي لليستر يوم 1 مايو/ آيار من عام 2016 ضد مانشستر يونايتد في أولد ترافولد بعد أن تقدم أصحاب الأرض في النتيجة بهدف مارسيال.

http://gty.im/461579920

ليفربول في موسم المنافسة كان يملك رأس تحسم له بعض اللحظات الصعبة متمثلة في السلوفاكي مارتن سكرتل، حتى بيرنلي الصاعد حديثًا للدوري الإنجليزي ممتن للغاية لمدافعه «كين» بعدد من الأهداف المهمة منذ أن كان الفريق في الشامبيونشيب حتى ظل من أبرز المرشحين للاستمرار على هذا النهج في قادم المواعيد.

في أبرز فترات أتلتيكو مدريد على الإطلاق عندما كان منافساً شرساً على لقب الدوري قبل أن يظفر به في النهاية في قلب الكامب نو بفضل رأسية جودين في موسم كان يتميز فيه الأتليتي باستغلاله للضربات الثابتة، سواريز قام بعض كيليني في مونديال البرازيل ولكن جودين هو من قام بعض كل الطليان كالثعبان بهدف قاتل كان سبباً مباشراً في التأهل لدور الستة عشر، جودين كان مستوى أعلى من أمثال سكرتل ولكنه جيد، أما راموس فهو ممتاز.


نصيحة الرومان.. اقطعوا رأسَه بحد السيف!

تُرى ما هو أمل ميسي في الفوز بأي بطولة مع منتخب بلاده؟ أن يكون هناك مدافع أرجنتيني مميز في الضربات الرأسية، أو أن يحاول ميسي نفسه التسجيل برأسه، فهي مُباركة بالطبع، أو أن يتم منح الجنسية الأرجنتينية لسيرجيو راموس الذي لا يعلم أي فريق كيف يوقفه حالياً!

فريقك يلعب مباراة كلاسيكو ومستواه غير مُقنع؟ هل تعرض راموس للطرد؟ لا، إذن هُناك فرصة لقلب الطاولة، صلّ وادع لراموس أن يرفع رأسه باتجاه السماء، ها هو يفعلها ويسجل في كامب نو لتستمر سلسلة ريال مدريد بدون خسارة للمباراة رقم 33 وقتها وكان هذا هدفه الرابع في الكلاسيكو ولا أشعر إطلاقًا بأنه الأخير، بعدها بأسبوع تناسى الجميع إمكانية فوز ريال مدريد على ديورتيفو لاكورونيا في الدقيقة الأخيرة خاصة مع وجود ضربة ركنية قيد التنفيذ ليُذكرهم راموس بذلك، وها هو أخيرًا وليس آخرًا، وبينما تتأزم وتتعقد المسألة في سان باولو، ميرتينس سجل هدفه الأول وبات البارتينوبي قريباً من التأهل على حساب حامل اللقب، يا إلهي كم كانت قريبة ميرتينس يسدد في القائم قبل نهاية الشوط الأول، ثم بدأ الشوط الثاني وسجل راموس هدفين برأسه وأنهى كل ذلك الضجيج وبمجرد أن فعل ذلك، بات الريال المرشح الأول لأن راموس أظهر أنه لم يفقد ميزته بعد، فهو لم يسجل منذ 21 يناير الماضي!

إذن ما الحل مع راموس؟ هل يجب مراقبة رأسه فحسب؟ هل يمكن أن تكون هناك تقنية جديدة بالهليكوبتر يهبط منها لاعب على راموس ليحرمه من لمس الكرة برأسه؟ قديمًا كان الرومان إذا فاض بهم الكيل بعد مقاومة أي من القديسين لكافة وسائل التعذيب المختلفة يطالبون بقطع رأسه بحد السيف ليحسموا الجدل، وها هو في إيطاليا الآن لذا فهي الفرصة الأخيرة للتخلص من قلق المنافسين الدائم من رأسياته.

لكن هل يمكن للرأس النووية البشرية أن تتعرض للقطع؟ تقريبًا لا، ولا يصح لأي معلق أن يقول إن هذا أو ذاك الهدف قد يغير النتيجة رأسًا على عقب، اللفظ الأنسب والأدق لغويًا «بمنهج كرة القدم» هو راموسًا على عقب!