قبل بداية العام الجديد بأيام قليلة كنا نشهد بداية الانقلاب الشتوي على نصف الكرة الأرضية الشمالي، والذي يقع فيه دول وطننا العربي، كما تابعنا بعد أيام قليلة من بدايته أولى نسمات النزول القطبي، والتي تستمر لفترة من الزمن معلنة معها حالة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، والتي يصاحبها أمطار ورياح على كثير من المناطق. وفي خلال الأيام الحالية تمر معظم البلاد بموجة من البرد القارس، فتصل درجات الحرارة الصغرى في بعض دول الوطن العربي وبالأخص في المناطق المرتفعة عن الأرض إلى ما دون الصفر، وفي الكثير من المناطق تتراوح بشكل متوسط بين 6-8 درجات مئوية، ومن الممكن أن تستمر حتى نهاية شهر يناير/كانون الثاني؛ لذا فإليك بعضًا من المخاطر الصحية التي عليك أن تحذر منها خلال هذه الأجواء، وكيف يمكنك أن تحمي نفسك ومن حولك من الإصابة بها.


مخاطر صحية بسبب البرد

قضمة الصقيع

برد، شتاء، قضمة الصقيع
حالة «قضمة الصقيع»

واحدة من أكثر الحالات خطورة والتي قد تصيبك خلال فترة الشتاء هي قضمة الصقيع؛ إصابة حادة لطبقات الجلد العليا أو بعض الأنسجة الداخلية كذلك. تحدث هذه الحالة نتيجة تعرض أجزاء من الجلد بشكل مباشر إلى درجات الحرارة المنخفضة لفترات طويلة، وتصيب بالأخص الأطراف مثل أصابع اليدين والقدمين والأذنين والأنف. وتتدرج درجتها بين بسيطة يمكن علاجها أو شديدة تتسبب في موت الأنسجة بما لا يمكن للعلاج أن يستعيدها مرة أخرى. كما يساعد رد فعل الجسم تجاه البرودة في تقدم الحالة للأسوأ، وذلك عبر تضييق الأوعية الدموية في الأطراف لتقليل فقدان الحرارة منها، لكنه بشكل غير مقصود – ومع انخفاض الحرارة – قد يقلل من وصول الدم إليها. يتم التعرف على هذه الحالة من خلال درجة لون الأطراف ومدى تورمها، فإذا ما لاحظت أي تغيير على أطرافك وتغير لونها إلى اللون الأزرق أو بدأت في الاسمرار مع انتفاخها والشعور بالألم فيها، عليك التوجه إلى الطبيب مباشرة.

انخفاض درجة حرارة الجسم

برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة
برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة

تعد حالة انخفاض درجة حرارة الجسم أحد الحالات الطبية الطارئة خلال فترة الشتاء، والتي تنخفض فيها درجة حرارة الجسم إلى ما دون 35 درجة، وتحدث نتيجة عدم مقدرة الجسم على معادلة حرارته حيث ينتج حرارة أقل من التي يتم فقدها. قد تختلف هذه الحالة حسب سن الشخص ووزنه وكتلة الدهون لديه وحالته الصحية، تزيد احتمالات الإصابة بها عند التعرض لمدة طويلة للرياح الباردة والرطوبة المنخفضة. وتزيد سرعة تطور الحالة 25 مرة إذا كان تعرض الشخص للبرودة من خلال بقائه في المياه. تظهر أعراض هذه الحالة في قلة نشاط المخ مما قد يصل إلى التلعثم في الكلام وعدم القدرة على التركيز، وأحيانًا تؤدي إلى فقدان الوعي بالإضافة لتقليل معدل التنفس ونبضات القلب، وهو ما يلزمه تدخل طبي فوري.

النوبات القلبية

برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة
برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة

تزداد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية خلال موسم الشتاء، بالأخص لمن لديهم الكثير من العوامل المؤدية لأمراض القلب مثل التقدم في السن وأمراض الضغط والسكري وزيادة نسب الدهون في الدم والتدخين. حيث تتغير مدة الليل مقارنة بالنهار ويتغير معها ساعات النوم، ونتيجة لذلك يحدث خلل في الساعة البيولوجية، وهو ما ينعكس على مستوى الهرمونات، والتي يحافظ البعض منها على صحة القلب. كما أنه نتيجة حالة ضيق الأوعية وحاجة الجسم إلى مزيد من الحرارة يزداد مجهود القلب ويتضاعف الحمل عليه. لذا فإذا كنت أحد مرضى أمراض القلب عليك إجراء زيارة استشارية لطبيبك ليتابع معك حالتك، ويرى إذا كنت بحاجة إلى بعض التعديلات على أدويتك.

البرد والإنفلونزا

برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة
برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة

أكثر أنواع العدوى انتشارًا خلال موسم الشتاء هما البرد والإنفلونزا، واللذان يصاحبهما الكثير من الأعراض المختلفة مثل الرشح والعطس والعيون الدامعة والتهابات الجيوب الأنفية وارتفاع درجة حرارة الجسم وضعف القدرة على العمل والتركيز. تزداد نسب الإصابة بهما خلال هذا الوقت نتيجة ضعف الجهاز المناعي مع البرودة التي يتعرض لها الجسم من الخارج، فيصبح فريسة سهلة لتلك الفيروسات، وهو ما عليك الحذر منه وحماية نفسك واتخاذ الاحتياطات اللازمة مثل اللقاحات الموسمية لتقليل نسب إصابتك وشدة العدوى.

اكتئاب الشتاء

برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة
برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة

ينتشر خلال موسم الشتاء حالة نفسية تسمى باكتئاب الشتاء أو كما تعرف طبيًّا بمصطلح «اضطراب العاطفة الموسمي». وعلى الرغم من عدم تحديد سبب فعلي وراء حدوثها فإن هناك بعض التكهنات التي ترتبط بالأعراض التي تظهر على مصابيها، ومن أشهرها تغير معدلات الهرمونات الطبيعية أو نقص تصنيع فيتامين د نتيجة قلة التعرض لضوء الشمس لقصر النهار وكثرة الأيام الغائمة، ومن أعراضها تقلبات الحالة المزاجية وزيادة الوزن والشعور بالإجهاد. وتزداد هذه الأعراض عند المصابين بالاكتئاب أنفسهم، فبالإضافة إلى أعراض الاكتئاب العامة يلاحظ زيادة ساعات نوم الشخص مع التعب المستمر وفقدان نشاطه الاجتماعي والجنسي. لذا فإن كنت تشعر أنك تمر بهذه الحالة السيئة أو إذا كنت مريض اكتئاب بالفعل وتشعر بازدياد النوبات فعليك زيارة طبيبك ليساعدك في تجاوزها بشكل سليم أو يعطيك الأدوية المناسبة.

الحساسية

يتميز فصل الشتاء بظهور أنواع حساسيات مختلفة عند البعض، ففي خلال هذا الفصل قد تزداد نوبات حساسية الصدر عند المرضى الذين يعانون منها، كما أنك قد تفاجأ بأن لديك أنواع حساسية أخرى نتيجة قلة الخروج من المنزل، مثل حساسية التراب، والتي تكثر نتيجة تنفسك للأتربة الدقيقة العالقة بجزيئات الهواء المحملة ببخار الماء، وتظهر في شكل أعراض مشابهة لعدوى البرد مثل الكحة والدوائر الداكنة أسفل العينين والحكة فيهما وفي الأنف مع الرشح. ولكن يمكن أن تفرق بينهما من خلال المدة، فإن فترة استمرار عدوى البرد لا تتعدى الأسبوع أو 10 أيام على الأكثر أما الحساسية فسوف تستمر لأكثر من أسبوعين، لذا فعليك حينها أن تتوجه للطبيب حتى تُشَخَّص بشكل صحيح.


ما هي الفئات الأكثر عرضة للخطر خلال الشتاء؟

من المؤكد أنه يلزم الجميع الحذر من كل هذه المخاطر؛ لأن الكثير منها غير مرتبط بشكل رئيسي بحالة ما حتى يحدث، ولكن هناك بعض الفئات تكون معرضة بنسب أكبر عن الأخرى، ويقع في أول هذه الفئات مرضى القلب والسكري، ويرجع ذلك لضعف الدورة الدموية لديهم وضعف المناعة ما يجعلهم بحاجة إلى متابعة مستمرة إما لأدويتهم أو لحالة ضغط الدم أو مستوى السكر في الدم. كما يجب أن يهتموا بمتابعة أطرافهم ووصول الدماء بشكل سليم إليها. أما ثاني الفئات فهم مرضى الغدة الدرقية، حيث يكونون في خطر نتيجة اختلال معدل تنظيم درجة حرارة الجسم لديهم فيجب عليهم متابعة الطبيب. أيضًا مرضى الذهان والاكتئاب حيث إن الكثير من أدويتهم تؤثر على إنتاجية الجسم للحرارة، وهو ما يلزم الحذر منه في حالة شعورهم بأي تغيرات في درجة حرارتهم ومتابعة الطبيب بها ليجري لهم تعديلات على الجرعات أو الأدوية نفسها. كذلك العاملون في الوظائف الخارجية أو من يتناولون المشروبات الكحولية لأنها تفقد الجسم الحرارة بشكل أسرع.


نصائح عامة للحفاظ على نفسك دافئًا خلال فصل الشتاء

الملابس

عليك خلال فترة الشتاء أن تحافظ على ارتداء طبقة إضافية من الملابس أسفل ملابسك لتحافظ على تدفئتك بشكل كافٍ، ويجب أن تكون ملابسك جافة أغلب الوقت، وابتعد عن البلل قدر الإمكان وقم بتغيير ملابسك الرطبة فورًا، كما أنه من الجيد أن ترتدي قبعة لتقلل من فقدان الحرارة من خلال رأسك لأنها تعتبر الجزء الأكثر تعرضًا للهواء من جسدك، ومن المفضل كذلك ارتداء قفازات وشرابات أغلب الوقت حتى خلال فترة وجودك بالمنزل.

الأغذية والمشروبات

من الأفضل خلال فترة الشتاء أن تقلل من كميات الأكل التي تتناولها مع إضافة بعض الأطعمة الخفيفة بين الوجبات، كما أنك بحاجة إلى الحفاظ على المشروبات الساخنة بصورة دائمة، وتذكر شرب كميات كافية من المياه حتى تحمي نفسك من الجفاف.

الحفاظ على بشرتك وجلدك

من الجيد أن تستخدم بعض مرطبات البشرة والشفاه خلال فترة الشتاء؛ لأن البشرة تتعرض للجفاف نتيجة التعرض الدائم لتقلبات الحرارة بين الدفء والبرودة. يسبب ذلك موت الخلايا السطحية منها ما يؤدي إلى حدوث التشققات. لذا فمن المفيد الحفاظ على ترطيب جلدك بصورة مستمرة.

الاستحمام

على الرغم من أن المياه الساخنة ممتازة خلال هذا الوقت لتدفئة جسدك، لكنك بحاجة إلى بعض المياه الباردة أثناء استحمامك لأنها تساعد على تنشيط دورتك الدموية ورفع مستوى جهازك المناعي ما يساعد في حمايتك من الأمراض. لذا عليك الاهتمام جيدًا بالتبديل بين درجة حرارة المياه أثناء استحمامك.

الرياضة

برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة
برد، شتاء، انحفاض درجة الحرارة

من المهم أن تحافظ على بعض الرياضة خلال فترة الشتاء لأنها تساعد في إنتاج الحرارة وتدفئة جسدك بشكل مناسب، كما أنها أساسية لمرضى القلب والسكري للحفاظ على صحتهم وعلى نشاط الدورة الدموية بصورة طبيعية، وتقلل مخاطر حالة الركود وقلة النشاط في هذا الوقت. ولكن من المؤكد أن تكون ممارسة الرياضة بشكل معتدل حتى لا تجهد نفسك.