تنصر فالتنصر دين حق … عليه زماننا هذا يدل
وقل بثلاثة عزوا وجلوا … وعطل ما سواهم فهو عطل

أبيات قالها الشاعر المصري الحسن بن بشر الدمشقي، نقلها عنه ابن الأثير في تاريخه، ساخرًا من تحكم المسيحيين في مفاصل الحكومة وظلمهم للمسلمين في عهد الدولة الفاطمية.

المعروف أن مسيحيي مصر خلال عهد الخلفاء الراشدين لم تفرض عليهم ديانة، ولم يضطهدوا، بل إن الرهبان الأرثوذوكس المصريين كانوا هاربين في الصحارى، لاضطهادهم من قبل الرومان المخالفين لهم في مذهبهم المسيحي، وحين دخل المسلمون مصر عادوا إلى كنائسهم.

وكتب عمرو بن العاص إلى البطريرك بنيامين يدعوه للعودة ومعه باقي الرهبان إلى الإسكندرية لضبط أحوال الكنيسة وممارسة المسيحيين لطقوسهم بكل حرية، حسبما تتفق المصادر.

ولكن منذ العهد الأموي وخلال العهد العباسي تغيرت المعاملة مع المسيحيين وعانوا من ظلم جائر، ما أدى إلى قيامهم بثورات ضد الحكومة الإسلامية في سنوات: 107، 121، 132، 150، 156، وآخرها وأضخمها كانت عام 216 /217هـ، والتي سميت بثورة البشموريين والتي فشل الولاة في إخمادها، وجاء الخليفة العباسي المأمون بنفسه من بغداد على رأس جيش لقمعها، وأخبار هذه الثورات وثقها مؤرخون مصريون مسلمون، وعلى رأسهم المقريزي في خططه.

كان الدافع الاقتصادي هو المحرك الرئيسي لهذه الثورات، لأمور تتعلق بالضرائب والجزية، وكثيرًا ما تبعتها إجراءات تمييزية ضد المسيحيين كوسم أيديهم بعلامات وإجبارهم على لباس معين، حسبما يوضح عبد المنعم ماجد في «ظهور الخلافة الفاطمية وسقوطها في مصر».

إلا أن العهد الفاطمي في مصر (358 : 567هـ /  969 : 1171م) شهد انقلابًا على هذه الصورة، فقد تحكم المسيحيون خلال أوقات كثيرة في السلطة من خلال الوزراء المسيحيين الذين عينوا من قبل الخلفاء الفاطميين، وأصبح المسلمون هم الذين يعانون من ظلمهم واضطهادهم كما سنبين.

لماذا استعان الفاطميون بوزراء مسيحيين؟ ومن أبرز الوزراء المسيحيين الذين ظلموا الناس وميزوا المسيحيين على المسلمين؟ وماذا حدث معهم؟ هذا ما نوضحه في السطور التالية، حيث نبدأ بقصص الوزراء المسيحيين وننتهي بمحاولة فهم سبب تفضيل الفاطميين لهم.

عيسى بن نسطورس: بداية العصر الذهبي لمسيحيي مصر الإسلامية

بعد نهاية الوزير اليهودي يعقوب بن كلس، الذي تولى الوزارة خلفًا لفاتح مصر جوهر الصقلي، ألغى الخليفة العزيز بالله الفاطمي منصب الوزارة، واستحدث بدلًا منه منصب «الوساطة»، وهو منصب يشبه منصب رئيس الوزراء في زماننا، فهو بمثابة نائب عن الخليفة في تسيير أمور الدولة.

وكان أول من تولى منصب الوسطة هو المسيحي عيسى بن نسطورس. وطيلة مقالنا سنتحدث عن منصب الوساطة بلقب الوزير، تقريبًا للفهم.

ويذكر المؤرخون واقعة لسيدة مسلمة جلست في الطريق تنتظر مرور موكب العزيز بالله، وحملت في يدها صورة مكتوبًا عليها: «بالذي أعز اليهود بمنشا والنصارى بعيسى بن نسطورس، وأذل المسلمين بك، إلا كشفت ظلمتي».

بالغ ابن نسطورس في تعيين المسيحيين في دواوين الحكومة، وجعلهم الأغلبية، ونفس الأمر فعله نائبه اليهودي على الشام منشا بن إبراهيم بالنسبة لأبناء دينه، وأوغل ابن نسطورس في فرض الضرائب وجعل تحصيلها عن طريق موظفين مسيحيين بأساليب قاسية – ليست غريبة على القرون الوسطى عمومًا – وساد الاستياء بين المسلمين بصفة خاصة، حتى سخر الحسن بن بشر الدمشقي من الأمر وأنشد الأبيات التي ذكرناها في بداية مقالنا.

قذفت هذه السيدة ورقتها واختفت بين الجموع المحتشدة لمشاهدة موكب العزيز خوفًا من التنكيل بها، ولكن الورقة وصلت إلى الخليفة وأوجعته.

وينفرد المؤرخ المسلم النويري في كتابه «نهاية الأرب» برواية تفيد بأن بعض موظفي الدواوين من الأقلية المسلمة داخلها بعثوا برسالة إلى ابن نسطورس يعاتبونه فيها على سوء معاملة المسلمين فرد عليهم بقوله:

إن شريعتنا متقدمة، والدولة كانت لنا، ثم صارت إليكم فجرتم علينا بالجزية والذلة، فمتى كان منكم إلينا إحسان حتى تطالبونا بمثل، إن مانعناكم قاتلتمونا، وإن سالمناكم أهنتمونا، فإذا وجدنا لكم فرصة فماذا تتوقعون أن نصنع بكم؟!

ثم أورد شعرًا يقول:

بنت كرم غصبوها أمها … ثم داسوها هوانًا بالقدم
ثم عادوا حكَّموها فيهم … وأناهيك بخصم قد حكم

بصرف النظر عن صدق رواية النويري من عدمها، فالأكيد أن شعورًا عامًّا بالظلم انتاب المسلمين، وكذلك جاءت تقارير من الشام تفيد بنفس الممارسات من قبل ابن منشا، فقرر العزيز بالله عزل ابن نسطورس وابن منشا، ومصادرة أموالهما.

إلا أن «ست الملك» ابنة العزيز بالله توسطت عند أبيها لابن نسطورس ليعيده إلى منصبه، فوافق بشرط أن يعين المسلمين في دواوين الدولة كما يعين المسيحيين، وبالفعل عاد ابن نسطورس.

وربما كان ضمن أسباب ميل العزير بالله للمسيحيين – بجانب أسباب سنذكرها بشكل عام لاحقًا – أنه كان متزوجًا من مسيحية رومية على المذهب الملكاني، وأنجب منها ابنته ست الملك وأخاها الحاكم بأمر الله «الخليفة فيما بعد».

وكانت ست الملك ذات قدر وكلمة عند أبيها، وذات نفوذ في زمان أخيها وابن أخيها فيما بعد، وفي الوقت نفسه كانت هذه السيدة القوية أكبر داعم للمسيحيين، حسبما تذكر المصادر المسيحية نفسها، ومنها «ذيل سير الآباء البطاركة» للأنبا ميخائيل، وربما كان ذلك تعاطفًا مع ديانة أمها، رغم أن ست الملك كانت مسلمة وتنفق على بناء المساجد للمسلمين.

كذلك كان لزوجة العزيز بالله تأثير عليه، فعين أخاها أريستس بطريركًا على بيت المقدس، وكان أريستس يشارك في المفاوضات بين الفاطميين والروم، وكذلك عين أخاها أرسانيوس مطرانًا على القاهرة، ثم أصبح بطريركًا على الإسكندرية، حسبما يذكر الأنطاكي في تاريخه «صلة تاريخ أوتيخا».

أبو العلاء فهد النصراني: تمييز مسيحي وفساد مالي

كان «فهد النصراني» بالأساس كاتبًا للوزير أبو الفتوح برجوان، وبعد مقتل برجوان نتيجة ازدياد نفوذه وتسلطه، عقد الخليفة الحاكم بأمر الله اجتماعًا لكبار رجال دولته بحضور فهد وقال لهم: إن هذا فهدًا كان أمس كاتب برجوان عبدي، وهو اليوم وزيري، فاسمعوا له وأطيعوا، ووفوه شروطه في التقدم عليكم.

كانت علاقة فهد بالحاكم قوية، فتغول في سلطاته وميَّز المسيحيين على المسلمين، بعد أن كانت الأمور قد بدأت تتزن بعد ما حدث في عهد ابن نسطورس، ومكنهم من إعادة السيطرة على دواوين الحكومة، ومنهم أخوه «أبو غالب» الذي تولى ديوان النفقات، أي ما يشبه وزير المالية في زماننا، والذي وصفه المؤرخ ابن القلانسي بقوله: «كان شريرًا مبغضًا».

ما يقرب من 6 أعوام قضاها فهد في منصبه، وانتهت باتهامه بالاختلاس، بعد وشاية من ابن العداس «والي ديوان الخراج»، وابن محمد النحوي «والي ديوان الحجاز»، اللذين قدما للحاكم بأمر الله ما يثبت فساده، فأمر بمصادرة أمواله وإعدامه.

وينفرد المؤرخ الأنبا ميخائيل برواية تفيد أن فهد قُتِل لرفضه طلب الحاكم باعتناق الإسلام، وهو أمر غير وارد، لأنه تولى الوزارة واستمر بها 6 سنوات وهو على دينه، وكذلك استعان الحاكم من بعده بمسيحيين آخرين ولم يطلب منهم تغيير دينهم.

وزراء مسيحيون فاسدون في عهد الحاكم بأمر الله

استعان الحاكم أيضًا بابن عبدون المسيحي وولاه الوزارة، واتُّهِم بنفس الاتهامات التي وجهت لفهد، فعُزِل من منصبه وقتل أيضًا.

الحاكم أيضًا عيَّن المسيحي منصور بن عبدون وزيرًا له، وأعطاه صلاحيات واسعة منها التوقيع نيابة عنه، والنظر في أمور الدولة عمومًا.

واجتهد ابن عبدون في إرضاء الحاكم ماليًّا، فأنشأ «ديوان المفرد» الذي خصصه لإيداع أموال من يغضب عليهم الحاكم ويصادر أموالهم، وفي عهده زادت الإيرادات بشكل عام، حتى امتدحه الحاكم وقال عنه: ما خدمني أحد ولا بلغ في خدمه ما بلغه ابن عبدون، ولقد جمع لي من الأموال ما هو خارج في أموال الدواوين ثلاثمائة ألف دينار، حسبما يذكر المقريزي.

إلا أن وشايات الواشين وتحريضهم للحاكم على ابن عبدون، جعلت الأمور تتغير، حيث اتهم ابن عبدون بالفساد المالي والإداري، فصودرت أمواله وقُتل في 401هـ – 1010م.

عين الحاكم أيضًا زرعة بن عيسى بن نسطورس، وزيرًا له ولقبه بـ«الشافعي»، وظل في منصبه حتى وفاته في 403هـ بشكل طبيعي وليس مقتولًا، وفي ذلك قال الحاكم: ما أسفت على شيء قط، أسفي على خلاص ابن نسطورس من سيفي، وكنت أود أن أضرب عنقه لأنه أفسد دولتي وخانني ونافق عليَّ.

ورغم ذلك قرر الحاكم تعيين أخيه صاعد بن عيسى بن نسطورس في منصب الوزارة عام 409هـ ولقبه بـ«الأمير الظهير شرف الملك تاج المعالي ذو اليدين» ولكنه قتل في نفس العام الذي تولى فيه منصبه.

وكما رأينا كان الحاكم مصرًّا على تعيين وزراء مسيحيين كما كان أبوه، وخلال هذه العهود كان المسيحيون يحظون بتمييز إيجابي ضد المسلمين، وينتهي الأمر بموت أو قتل الوزير، وربما كان هؤلاء الوزراء سببًا في اضطهاد الحاكم بأمر الله للمسيحيين بعد ذلك، وتعيين موظفين مسلمين في دواوينه.

وبعد موت الحاكم الذي قيل إنه كان بتدبير من أخته «ست الملك»، وتولي ابنه الظاهر لإعزاز دين الله، ألغيت الإجراءات المتعسفة ضد المسيحيين، خاصة أن الظاهر كان صبيًّا عمره 7 سنوات، وكانت «ست الملك» المعروفة بتعاطفها مع المسيحيين هي التي تدير الدولة فعليًّا.

وفي عهد المستنصر بالله ابن الظاهر لإعزاز دين الله ازداد نفوذ المسيحيين واستمرت سيطرتهم على كل دواوين الدولة، حتى وصفهم الأنبا ميخائيل بأنهم «المُلَّاك النافذ أمرهم».

في عهد الآمر: الأب القديس صادر أموال الناس فقتله المسلمون بالنعال

تولى الخليفة «الآمر بأحكام الله» الحكم وهو طفل عمره 5 سنوات، وبعد أن كبر وتولى إدارة الأمور بنفسه، وعقب عزله للوزير المأمون البطائحي، قسَّم السلطة في مصر بين مسئولين كبيرين سماهما «صاحبي ديوان»، أحدهما مسلم هو أبو الفضل جعفر بن عبد المنعم بن أبي قيراط، والثاني مسيحي هو أبو يعقوب إبراهيم الكاتب، ولكنه عيَّن معهما الراهب أبا نجاح بن قنا مسئولًا عن تحصيل الزكاة والمكوس.

غالَى الراهب في مصادرة أموال الناس إرضاءً للآمر، حتى لقبه بـ«الأب القديس الروحاني النفيس، أبي الآباء سيد الرؤساء، مقدم دين النصرانية وسيد البطريركية، ثالث عشر الحواريين»، الأمر الذي زاد في سطوته.

وفي سنة 523هـ – 1129م كان أذاه قد نال الجميع، بمن فيهم «الرؤساء والقضاء والكتاب والسوقة» من ضرب أو نهب، وكان مشهدًا مألوفًا أن يجلس الراهب ابن قنا في قاعة الخطابة بجامع عمرو بن العاص ويستدعي الناس لمصادرتهم، حسبما تتفق المصادر.

حتى ضجر أحد الذين صودرت أموالهم، فوقف في وسط جامع عمرو بن العاص يوم الجمعة وقال: «يا أهل مصر انظروا عدل مولانا الآمر في تمكينه هذا النصراني من المسلمين»، فارتج الناس لكلامه وهاجوا، وانتهى الأمر بضرب الراهب بالنعال وصلبه بطريقة التسمير، أي تثبيت جسده بمسامير في الصليب، ثم رموا جثته في النيل.

بهرام الأرمني: بسببه قامت ثورة سُنية

وفي عهد الخليفة الحافظ تولى المسيحي بهرام الأرمني الوزارة، ونُعت بـ«السيد الأجَل، أمير الجيوش، سيف الإسلام، تاج الخلافة، ناصر الإمام، غياث الأنام، أبي المظفر بهرام الحافظي».

وكان بهرام من النفوذ حد أنه كان يرتقي المنبر في المسجد نيابة عن الحافظ، ثم يجلس في مكان بمفرده إلى أن ينتهي المسلمون من الصلاة.

أحضر بهرام إخوته وأهله وذويه المسيحيين من بلاد الأرمن، حتى تضخم عددهم في مصر، ووصل إلى 30 ألفًا، فتغولوا على المسلمين، وكالعادة كان أغلب المسئولين عن الدواوين مسيحيين في عهده، ومنهم أخوه «بالباساك» الذي ولاه ولاية قوص، وكانت وقتها أكبر ولاية مصرية، فاستقوى بأخيه على ظلم الناس ومصادرة أموالهم.

نتيجة لذلك شاع الاستياء بين الناس، وترددت بينهم أبيات شعرية تقول:

إذا حكم النصارى في الفروج … وغالوا بالبغال والسروج
وقامت دولة الأنذال فينا … وصار الحكم فينا للعلوج

نتيجة لذلك راسل أعيان الفسطاط والي الغربية رضوان الولخشي، وكان سُني المذهب، لينقذهم من بهرام، فاعتلى رضوان المنبر في المحلة، عاصمة الغربية وقتها، وحث الناس على الجهاد ضد بهرام وإنقاذ المسلمين، فقدم رضوان بجنوده إلى القاهرة ومعه حشد من العربان بلغوا 30 ألف فارس.

وعندما خرج بهرام لملاقاته رفع جنود رضوان المصاحف على أسنة الرماح، فما هي إلا برهة حتى ترك المسلمون جيش بهرام وانضموا لجيش رضوان، بناء على اتفاق مسبق بين الأمراء المسلمين في جيش بهرام ورضوان.

أرسل بهرام إلى الخليفة يخبره بما حدث، فأشار عليه بالتوجه إلى قوص والاحتماء بأخيه. وكانت أخبار رضوان وتحركه قد وصلت قوص، فثار الأهالي على أخيه وقتلوه ورموا جثته في النيل، فهرب بهرام إلى أسوان ليحتمي بأهالي النوبة، وكان أغلبهم من المسيحيين.

وبعد مفاوضات لإنقاذ بهرام بين رضوان والخليفة وملك صقلية المسيحي روجرز الثاني، أوقف رضوان الحملة وتولى الوزارة بدلًا من بهرام، ليكون أول وزير سني في عهد الفاطميين الشيعة الإسماعيلية.

وبعد فترة عاد بهرام إلى قصر الخلافة وأمَّن أهله من المسيحيين، وظل مستشارًا للخليفة الحافظ داخل قصره فقط، حتى مات في 535هـ – 1140م، وحزن عليه الحافظ وأمر بإغلاق الدواوين 3 أيام حدادًا عليه، وسار في جنازته.

لماذا اختار الفاطميون وزراء مسيحيين؟

حين دخل الفاطميون مصر في 358هـ – 969م، بعد هزيمتهم للإخشيديين الموالين للخلافة العباسية السنية، كان عدد المسيحيين في مصر يقدر بثلث عدد السكان، إلى جانب أقلية يهودية، وأغلبية سنية وإن لم تكن مريحة أو طاغية العدد، حسبما يوضح الدكتور عبد المنعم ماجد في كتابه «ظهور الخلافة الفاطمية وسقوطها في مصر».

وكان اعتناق الفاطميين للمذهب الشيعي الإسماعيلي المخالف لعقيدة المسلمين المصريين السنية يحتم عليهم ألا يثقوا في المصريين ثقة كاملة في تسيير دواوين الدولة. فضلًا عن سمعة المسيحيين واليهود من المصريين بالخبرة الكبيرة بالأعمال المالية والإدارية.

إضافة إلى ذلك كانت العلاقات الجيدة مع البيزنطيين والنوبيين والأحباش – وهم أرثوذوكس – من أسباب مجاملة الفاطميين لمسيحيي مصر، إضافة إلى ذلك كانت المفاوضات مع الكاثوليك التي تزامنت مع الحملات الصليبية على الشرق، يدخل فيها المسيحيون في مصر كورقة للمفاوضات مع الكنيسة الغربية نفسها، حسبما يتفق عدد من الباحثين المرموقين في التاريخ الفاطمي كالدكتور أيمن فؤاد سيد، والدكتور عبد المنعم ماجد، والدكتور سلام شافعي محمود.

لكل ما سبق كان أغلب موظفي دواوين الحكومة من المسيحيين وبعض اليهود، وكذلك أطباء القصر، لضمان عدم تآمرهم لصالح العباسيين السنة من ناحية، ولخبرتهم من ناحية أخرى، وكذلك لمراعاة الأطراف المسيحية الخارجية.

المقال ليس هدفه النفخ في نيران قديمة، ولكنه يؤكد أن السلطة غير الرشيدة دائمًا تغوي صاحبها للتغول على غيره، بصرف النظر عن كونه مسيحيًّا أو مسلمًا، أو صاحب أي دين، خاصة إذا كان المزاج الشخصي للحاكم ومعادلات القوة هي المتحكم في مقاليد الأمور، كما كانت سمة القرون الوسطى عمومًا.

المراجع
  1. «ذيل سير الآباء البطاركة» للأنبا ميخائيل
  2. «تاريخ البطاركة» لساويرس ابن المقفع
  3. «صلة تاريخ أوتيخا» للأنطاكي
  4. «المنتقى من أخبار مصر» لابن ميسر
  5. «نهاية الأرب» للنويري
  6. «نزهة المقلتين» لابن الطوير
  7. «ذيل تاريخ دمشق» لابن القلانسي
  8. «اتعاظ الحنفاء» للمقريزي
  9. «المواعظ والاعتبار» للمقريزي
  10. «أهل الذمة في مصر» لسلام شافعي محمود
  11. «ظهور الخلافة الفاطمية وسقوطها في مصر» لعبد المنعم ماجد
  12. «الدولة الفاطمية في مصر: تفسير جديد» لأيمن فؤاد سيد