كثيرًا ما يعلن الآباء والأمهات عن حاجتهم إلى زيارة الطبيب النفسي من أجل طفلهم، بل الأمر يتعدى حتى رغبتهم الحقيقية في عرض الطفل على الطبيب فقد تغلف الرغبة نصائح كثيرة من بعض الأهل أو الأصدقاء «وديه لطبيب نفسي» لمجرد تصرفات معتادة يجتمع فيها الكثير من الأطفال،ولكن هل تعلمين عزيزتي الأم أنك قد تخلطين بين الأعراض وبعضها؟! فأحيانًا من غير الضرورى أن يكون طفلك في حاجة بالفعل إلى طبيب نفسي قدر احتياجه إلى بعضٍ من التركيز والاهتمام أو تغيير لبعض روتينه أو تغيير لتفصيلة معينة حوله ستزيل المشكلة لديه، أو قد يكون طبيعيًا تمامًا وأنتِ التي لا تستطيعين تحمل هذه الطبيعية فتظنين أنك في حاجة للطبيب النفسي؟

إذا كيف تعرفين كل ذلك؟ ومتى تذهبين بطفلك إلى الطبيب النفسي؟ هذه قصة نحكيها الآن.


تحدثي معه كثيرًا

أحيانًا قد يتعرض الطفل إلى مشكلات تؤثر على تصرفاته ومشاعره ولكن الأمر يحتاج منك إلى الحديث معه. البعض يعتقد أنه لا فائدة من الكلام، ولكن ثقي أنه مهما كان عمر طفلك، فالحديث هو الوسيلة الصحية للتعبير عن المشاعر في كلمات بدلاً من أفعال، وحين يتحدث الطفل يعبر عما يخفي عليك وما وراء تصرفاته التي تزعجك فتحدثي مع طفلك وأخبريه أنك تحبينه واسأليه في هدوء عن أسباب تصرفاته أو وقصده منها، وابدأي في قراءة ما بين السطر.

حديثك مع طفلك هو نوع من الاحترام وهو أحد حقوقه عليك كما قال كاثى نايتراون وكولز بيدج Cathy Naitrn and Jules Bidge في كتاب «رعاية الأطفال الرضع والصغار»[1]: «من حق الطفل أن تتم معاملته بكل احترام وتقدير بغض النظر عن عمره أو المرحلة التى يمر بها، وهذا يمكن تحقيقه من خلال التفهم الحساس والالتزام والصبر». وهو ما قد يجعلك تفهم ما يدور في ذهنه أو يمر به وفي كثير من الأحيان إن فهمت ما يؤرّق طفلك، فلن تكون في حاجة للذهاب إلى الطبيب النفسي.


ابحث عمّا تغيّر

ما سبق كانت إجابات إحدى الأمهات للطبيب النفسي عن طفلها الذي تغير بشكل مفاجئ واحتاج إلى الذهاب إلى الطبيب النفسي.

قد يواجه كل طفل تغيرًا انفعاليًا من وقت لآخر لسبب ما، مثل وجود طفل جديد في المنزل، أو الانتقال من المنزل إلى آخر، أو وفاة أحد الوالدين، هذه التغييرات غالبًا ما تخلق اضطرابات ومواطن ضعف يمكن أن تدفعه إلى سلوك مختلف أو أفعال عدوانية، وفي تلك الحالة على الوالدين معرفة متى تكون مشكلات أطفالهم جزءًا من العملية الطبيعية للنمو، ومتى تكون اضطرابًا، هذا يتم بملاحظة التغييرات المحيطة بالطفل، فالأطفال شديدو الحساسية لأي تغيير في روتين حياتهم من حولهم.

وفقًا لدراسة حديثة أجراها معهد الطب التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم يتلقى حوالى 1.5 مليون طفل دون سن الـ18 سنة العلاج النفسي، كما أشارت لذلك إحصائيات أخرى لبعض مراكز الصحة العقلية، أن كثيرًا من المشكلات المرتبطة بالأطفال من اكتئاب وقلق واضطرابات في السلوك قد تأتي من أزمات عائلية، لذلك علينا الالتفات لظروف الطفل بجدية، فقد لا يكون هناك علّة نفسية فقط تغييرات في المزاج نتيجة طارئ جديد من حوله.

ولكن إن بحثنا جيدًا ولم نجد، ففي نفس الوقت عليكِ أن تتأكدي أن إرسال طفلك إلى الطبيب النفسي لا يعني فشلك، أنتِ في حاجة ماسة للوعي بما عليك فعله في صالح طفلك، الطبيب سيوفر لكِ ذلك، نعم قد تبدو الفكرة مخيفة في البداية بسبب التحفظات المحيطة بالذهاب للطبيب النفسي، لكنك ذهابك سيكون مفيدًا بكل تأكيد.


إذا ظهرت هذه العلامات، احصل على استشارة نفسية

لم ينم أبدًا في المنزل وقال إنه خائف، يرفض الذهاب إلى المدرسة، يعاني من رهاب، تركه والده يعيش مع امرأة أخرى في سن الثانية عشرة، واختار أن يقاتل أصدقاءه في المدرسة.

اعرف أن ما يميز الاضطراب النفسي عن تقلبات الأحاسيس والأفعال العادية، الاضطراب النفسي ليكون اضطرابًا عليه أن يعيق حياة صاحبه أو حياة من حوله أولاً، التزم بهذه أثناء ما تقرأ النقاط التالية:

– مشاعر مستمرة غير مبررة من الحزن واليأس.

– الغضب المستمر والميل إلى المبالغة في ردود الفعل وحالات القلق الدائم.

– فقد الاهتمام المفاجئ وغير المفسر لأنشطة اعتاد القيام بها.

– تفضيل الوحدة على التواجد مع الأصدقاء أو الأهل.

– أداء روتيني بشكل هوسي على مدار اليوم مثل غسل اليدين أو الاهتزاز المستمر أو تكرار كلمة بعينها.

– الكوابيس المستمرة.

– المشاركة في أعمال عنف مثل قتل الحيوانات أو إشعال حرائق بالمنزل.

تروي إحدى الأمهات:

كان ابني في الثالثة عندما أخذته للمرة الأولى للطبيب النفسى، أرى أنه كان صغيرًا لكنه مليء بالتحديات بطرق عديدة رفض أن يمشي في الخارج عندما أمطرت وكان يصرخ بشدة كلما رش الماء على ملابسه، ورفض الحضانة، وبمرور الوقت أصبح مهووسًا بالثغرات في الكراسي وشعرت أنه الوقت المناسب للذهاب إلى الطبيب

تقول ستيلا كافو كيان Stella Cavo entity وهي معالج في تورنتو تعمل مع الأطفال، إن بعض الأعراض الجسدية مثل ظهور وجع مفاجئ في الرأس أو المعدة غير مبررة وعندما لا يستطيع التشخيص الطبي إيجاد أي سبب عضوي، فهي تستحق أن تكون عرضًا نفسيًا نستشير حوله.

تبقى التغييرات هي كلمة السر في مشهد الذهاب إلى الطبيب النفسي، والأمر بمجمله يحتاج منك إلى انتباه وتركيز مع سلوكيات طفلك، بجانب عدم القلق بشأن الوصول لمرحلة الطبيب النفسي إن لزم الأمر، فالطفل هو كيان إنساني سليم يحتاج إلى مفاتيح خاصة في التعامل

والتعرف على الأمراض النفسية عند الأطفال يحتاج إلى وعي كبير بكل سلوكيات الطفل، وقد يكون من الصعب التفرقة بين المرض النفسي والسلوك الطبيعي للطفل إلى جانب التغييرات المعتادة للمراحل العمرية للطفل حتى إن إحدى تلك المراحل من 3 – 4 سنوات يطلق عليها العدوانية، ولذا يحتاج الأمر إلى هدوء وتأكد، وقد يكون من الأفضل التحدث أولًا مع الطبيب النفسي وشرح شكوك الأم أو الأب له تجاه طفلهم واستشارته ومن ثم التأكد من قرار علاجه نفسيًا من عدمه.

المراجع
  1. رعاية الأطفال الرضع والصغار من الميلاد حتى الثالثة، كاثى نايتراون وجولز بيدج، ترجمة محمد فتحى، مجموعة النيل العربية، الطبعة الأولى، ص 162