محتوى مترجم
المصدر
أيون
التاريخ
2016/02/26
الكاتب
ليفيا جريشون

في ربيع عام 1971، انتقلت مجموعة من 12 امرأة إلى منزل من الطوب قرب منطقة لينكولن بارك بالعاصمة واشنطن، وسمين أنفسهن «تجمع الغاضبات». كن كلهن مثليات بيض، تحت سن الثلاثين، معظمهن قديمات العهد بالحركات المناهضة للحرب، الداعمة للحقوق المدنية، أو تنظيم المجتمع، وكن سيبدأن تجربة بشرت بالتوصل إلى طريقة جديدة تمامًا لوجود المرأة في العالم.

كانت المرأة في تلك الأيام تذهب من بيت عائلتها إلى – ربما – سكن الطالبات الجامعيات بالجامعة، ثم إلى بيت الزوجية.

بنت ربات المنازل والطالبات شبكة لإجراء عمليات الإجهاض غير القانونية دون قادة، حيث رفضن بشدة النماذج الهرمية «الذكورية».

ظهرت منظمات تحرير الرجل للهروب من قيود كونهم مُعيلين وللحصول على حياة عاطفية أكثر ثراءً.

وحتى النسويات ذوات العقليات الأقل مثالية سعين إلى إحداث الكثير من التغيير في العالم. ففي عام 1970، كتبت جلوريا ستاينم أنه بينما لم تكن المرأة أكثر أخلاقية من الرجل، كانت «غير فاسدة بفعل السلطة حتى الآن»، وأنها ستستخدم القوة السياسية لتحويل «فكرة الرجولة إلى أمر أقل عدوانية وأكثر ملاءمة لهذا الكوكب المزدحم في عصر ما بعد الذرة». فظهرت منظمات تحرير الرجل، التي قالت إن محاربة المجتمع الأبوي ستساعدهم على الهروب من قيود كونهم معيلين وأن يحصلوا على حياة عاطفية أكثر ثراءً.بحلول عام 1975، كانت عالمة الاجتماع، جوديث بوبر أجاسي، تتوقع على نحو واثق أن الممارسات الجديدة المستنيرة للشباب والشابات ستحدث تحولًا في أماكن العمل. حيث ستكون ساعات العمل أقل وأكثر مرونة، خصوصًا للأمهات والأباء. وسيتوقف الرجال عن قياس قيمتهم بناءً على مكانتهم وهيبتهم المهنية.وجدت راديكالية أخلاقيات التحرير – وخصوصًا فكرة أن علاقة الرجل التقليدية بالعمل لم تكن شيئًا يحسد عليه – طريقها لتصبح أهدافًا سياسية ملموسة في حركة «حقوق الرعاية الاجتماعية» خلال الستينيات والسبعينيات. خلال الستينيات، شكّلت العديد من الأمهات العازبات الفقيرات منظمات محلية، وكانت العديد منهن من ذوات الخبرة في الحركة العمالية، الحقوق المدنية أو تنظيم الاستئجار. كانت مطالباتهن متواضعة نسبيًأ – بدلات الملابس، مربيات للمشاركات في برامج الرعاية الاجتماعية للعمل، إنهاء «مداهمات منتصف الليل» للتفتيش عن وجود رجل في المنزل – ولكن حقيقة أن المستفيدات من الرعاية الاجتماعية كان لديهن مطالبات اعتبرت حجر الأساس. في عام 1967، تعاونت تلك المجموعات، بمساعدة منظِمات من الطبقة المتوسطة، لتشكيل المنظمة الوطنية لحقوق الرعاية الاجتماعية (NWRO). وبدلًا من التذمر بشأن المدفوعات المقدمة فقط إلى النساء اللاتي امتثلن لمطالبات الموظفات الاجتماعيات، أرادت ناشطات المنظمة دخلًا غير مشروط، والذي دعم عملهن كأمهات.في عام 1972، ربط مقال بمجلة «ميس»، لجوني تلمون، المتلقية للرعاية الاجتماعية والقائدة بالمنظمة، بشكل واضح عمل المنظمة بالمعركة ضد هيمنة الرجل. حيث وصفت نظام الرعاية الاجتماعية القائم بأنه «كنظام الزواج شديد التمييز على أساس الجنس. حيث تقايضين رجلًا برجل، لكن لا يمكنك الطلاق منه إن عاملك بشكل سيئ، وبالتأكيد يمكنه تطليقك، ومقاطعتك في أي وقت يشاء. ولكن في تلك الحالة، يحتفظ هو بالأولاد. يدير الرجل كل شيء».عبر القول بأن الحصول على شيك الرعاية الاجتماعية لا يجب أن يمثل وصمة، كانت المنظمة تتحدى فكرة يعتبرها معظمنا أمرًا مفروغًا منه؛ وهي أن الرجل الذي يعمل، يحصل على أجر، ولديه زوجة أو يدفع مقابل المساعدة في غسل ملابسه وإعداد طعامه يعد مستقلًا، بينما المرأة التي تنظف، تربي الأطفال، وتدفع إيجار منزلها لزوجها أو الحكومة، تعد عالة. تشير المنظرات والمؤرخات المنتقدات مثل نانسي فريزر وليندا جوردون إلى أن ذلك المعنى لـ«الاستقلال»، بأنه القدرة على الكسب، قد ظهر فقط في الحقبة الصناعية. ولكن التشبث به الآن يعد أمرًا مضللًا. ويعتبر المجتمع الحديث غابة معقدة من التبعيات الاجتماعية والاقتصادية؛ ما يجعل فكرة الاستقلال الحقيقي – باستثناء التوجه إلى التلال للتغذي على الجذور والتوت – غير معقولة.تحدّت ناشطات حقوق الرعاية الاجتماعية فكرة أن نوعهن الخاص من التبعية قد أبطل حقهن في اتخاذ قرارات مستقلة، حيث قلن إن الدخل المضمون سيترك الخيار للمرأة بين العمل خارج المنزل أم لا، وأيضًا نوع العلاقات الشخصية والهياكل العائلية التي ستكون جزءًا منها.بينما أوضحت تلمون فكرتها في المجلة، كانت النسويات الاشتراكيات من الطبقة العاملة والمتوسطة، أولًا في إيطاليا ولاحقًا في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، تنظمن حملة «الأجور مقابل الأعمال المنزلية» الموازية. كانت أهداف المجموعتين متشابهة للغاية، كحال الدخل المضمون المقترح كبديل للرعاية الاجتماعية. كان يفترض أن الحكومة هي التي ستدفع الأجور المدفوعة مقابل الأعمال المنزلية؛ وبالتالي، أكدت حركة «الأجور مقابل العمل المنزلي» على حجة منظمة «حقوق الرعاية الاجتماعية»، القائلة بأن رعاية المنزل والعائلة عمل حقيقي، وأن الحصول على أجر ليس حلًا لقمع المرأة.

العبودية للعمل الصناعي لا تعد تحررًا من العبودية لأعمال المطبخ.
عادة ما يعتبر المحافظون اجتماعيًا أن ترك المرأة لعالم الشركات يمثل دفاعًا عن إيمان المرأة بالأمومة كمهنة رئيسية لها.
ستتمثل قيمة كسر ثنائية النوع في استخدام ما تعلمناه للمساعدة في هدم الثنائيات الخاطئة التي تخفي الناقلات الهرمية للقمع – تحديدًا، السن، العرق، الطبقة، الدين، المظهر، القدرة، اللغة، الجنسية، العائلة، الحالة الإنجابية والنشاط الجنسي»، حسبما قالت بورنستاين في مقابلة عام 2011 مع مجلية «هيرايزونز».
– كيت بورنستاين

تقول كيت بورنستاين، منظرة جندرية بارزة وناشطة معنية بالمتحولين جنسيًا، إن تحدي الافتراضات بشأن النوع تمثل جزءًا من حملة أوسع ضد جميع صور هياكل السلطة.الحقيقة أن القلب التقليدي للهوية الجندرية، والأسرة الأولية من النوع القياسي، لا يبدوان ناجحين بالنسبة لكثير من الناس – خصوصًا بالنسبة لأولئك الذين لا يمكنهم تحمل تكليف آخرين بالقيام بالأعمال الوضيعة. ومثلما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2012، حدث تراجع كبير في النسبة المئوية لأطفال الطبقة العاملة الذين لديهم أبوان متزوجان على مدار العقود الثلاثة الماضية. كما هربت الكثير من الأمهات من التبعية التقليدية على الأزواج. لكن البدائل المتاحة – كالأبوة والأمومة المنفردة، الزواج الأحادي المتكرر، أو تشكيل أسر مشتركة مع الأصدقاء أو الإخوة والأخوات – موصومة بشدة ولا توفر الكثير من الاستقرار المالي.ستشكك النسوية القائمة على أخلاقيات التحرر في الأسس المحددة لحيواتنا العائلية والعملية، ستهاجم الهوس «الذكوري» بالربح والإنتاجية المحددة بدقة، سيتطلب الأمر برامج رعاية اجتماعية سخية ووظائف بدوام جزئي وراتب جيد وعمل مثير للاهتمام ومساحة للتقدم، ستساعد الناس على تحويل نمط الزواج ليناسبهم – أو إيجاد أنواع مختلفة من العلاقات التي تناسبهم بشكل أفضل، ستتخلص من الانقسام الزائف بين التبعية والاستقلال وستعترف بأنه، في مجتمع إنساني معقد، نكون جميعًا بالضرورة مترابطين، وفوق كل ذلك، لن تتبنى حجة أن المرأة يجب أن تعيش كالرجل، بل أن الجميع، بغض النظر عن النوع، يجب أن يعيشوا على النحو الذي يريدونه.لن تنبع المساواة الحقيقية من حمل الرجل والمرأة على القيام بأعمال لا نفضل القيام بها – في المنزل أو المكتب، بل ستنبع من توفير حيوات أفضل لنا جميعًا.