لا صوت يعلو في مواقع التواصل على صوت الاستهزاء بعمرو خالد، بعد انتشار بعض الصور والفيديوهات المتداولة له التي بثها أثناء أدائه شعيرة الحج على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك والتي خص فيها متابعي الصفحة بالدعاء.

لن يكون محور حديثنا في هذا المقال مناقشة موقف عمرو خالد، أو التنبؤ بأفول أو استمرار نجمه كداعية. وسنتجاوز كذلك تحليل ظاهرة الدعاة الجدد باعتبارهم تجسيدًا لتهافت التدين البرجوازي أو تمثيلًا حيًا لظاهرة إسلام السوق، أو نموذجًا تطبيقيًا لما بعد إسلاموية آصف بيات.

إنما سنتبع مسيرة عمرو خالد الدعوية وانتشاره الذي اعتمد على استخدام التقنية بشكل رئيسي بدءًا من أشرطة الكاسيت وعبر البرامج التلفزيونية ثم المواقع الإلكترونية حتى مواقع التواصل الاجتماعي .

سنطرح تساؤلًا مهمًا حول العلاقة الجدلية بين التقنية والمعتقدات الدينية. وهل تؤثر التقنية على نمط الدعوة، أم أن الوسائل التقنية (كالمسجل أو التلفاز أو الحاسوب والهاتف الذكي) ما هي إلا أدوات محايدة أي مجرد وسيلة لنقل الدعوة الدينية؟


«المواطن الرقمي» ونمط تدين جديد

تؤكد عالمة الأعصاب «سوزان غرينفيلد» أن الدماغ البشري سريع التكيف مع البيئة، وأن البيئة حولنا تتغير بشكل غير مسبوق، وبالتالي فالدماغ البشري يتغيربشكل غير مسبوق كذلك. وأنه من المفترض أن نفهم كيفية تفاعل الدماغ مع البيئة الجديدة التي أطلق عليها «حرائق الغابات الرقمية».

فكيف يتكيف دماغنا البشري مع بيئة لا يوجد فيها تسلسل خطي واضح، حيث يمكن الوصول للحقائق بشكل عشوائي وكل شيء قابل للعكس، وحيث تبلغ الفجوة بين المحفز والاستجابة حدها الأدنى، بالإضافة للمشتتات الحسية؟

فقد تصبح أنت نفسك حاسوبًا يمتلك نظامًا يستجيب بكفاءة ويعالج المعلومات بشكل جيد للغاية، ولكنه يخلو من الفكر العميق. وهذا يمكن أن نلمسه في نمط الدعوة الرقمية كالأدعية المصورة المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو قطوف الفتاوى المتناثرة على صفحاتها، أو التطبيقات المختلفة وبرامج الأذكار والأدعية المتبادلة على الواتس آب وغيرها الكثير من أشكال الدعوة الرقمية المستحدثة التي لا تترك أثرا أعمق بالنفس رغم سهولة وسرعة انتشارها.

يرى بعض القساوسة أن تصفح الإنجيل على الشاشة يقلل وقار وتأثير النص المقدس على الأفراد، الذين يتابعونه وكأنه موسوعة ويكيبيديا

لقد أبدى عدد من القساوسة في الغرب تخوفاتهم من التطور في وسائل التواصل والانترنت، فبالرغم من أنها قد أتاحت انتشارًا كبيرًا للأديان يتجاوز الحدود الجغرافية وقيودها، وجمعت العديد من المنتمين إلى ديانة بعينها في روابط وشبكات واحدة، إلا أنها قللت نسبة من يواظبون على الذهاب إلى مدارس الآحاد. وأكدوا أن تصفح الإنجيل على الشاشة يقلل وقار وتأثير النص المقدس على الأفراد، الذين يتابعونه وكأنه موسوعة ويكيبيديا.

وطرح بعض القساوسة تساؤلاً عن كيف يحُصّل البعض خبراته الدينية من خلال «جهاز»؟ ويرون أن الهواتف الذكية أوجدت جيلا من المصلين غير قادرين على الانخراط الكامل مع حالة التسامي والتأمل الهادئ التي تكمن وراء كل من التقاليد الدينية.

كما يُلاحظ أن المصلين الجدد الأصغر سنًا يتوقعون أن يشتمل كل نشاط جماعي على استخدام الهواتف الذكية، لأن هذا النمط من التعامل أصبح السائد في حياتهم اليومية، فتبدو لهم التفاعلات الدينية المتعمدة على النصوص الورقية أكثر غرابة.

ويمكن أن نجد تفسيرًا لهذا الفرق بين المصلين الأصغر سنًا وغيرهم في تزايد اعتمادهم على التقنية الرقمية في المصطلحات التي وضعها الخبير التقني الأمريكي ماركبرينسكي. فقد صاغ برينسكي مصطلح «المواطن الرقمي digital native» لوصف الشخص الذي تتحدد هويته بفعل قدراته وما هو متوقع منه، بناء على البراعة والألفة التلقائية في التعامل مع التقنيات الرقمية.

ومصطلح المهاجرين الرقميين الذين تبنوا العديد من جوانب التكنولوجيا ولكنهم مثل هؤلاء الذين يتعلمون لغة أخرى في مرحلة متأخرة من الحياة، يحتفظون بلكنة لأنهم ما زالوا يحتفظون بإحدى قدميهم في الماضي، أي أنهم خبروا حياة غير تقنية في مرحلة من حياتهم قبل الولوج للاحتكاك الكثيف بالتكنولوجيا الرقمية، وهذا يزيد من تسارع وتيرة الفجوة بين الأجيال.

وهذا مايفسر الاهتمام الكبير من قبل الدراسات الغربية بجيل الألفية باعتباره جيلًا غير سعيد. فهذاالجيل أكثر اهتماما بالتعبير عن الذات من التعرف على العالم، لأنه نشأ في عصر صناعة الصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي زادت شعورهم بالإحباط واليأس في الوصول لآمالهم المتوقعة التي تختلف وتعلو عن متطلبات وتوقعات الأجيال السابقة.


العلاقة بين الدين والتقنية في مصر

فيما يتعلق بالسياق المصري؛ فقد اعتمدت المؤسسة الدينية السنية في مصر على الخطاب الشفاهي، فالعقل النقلي والاتصال المباشر بين الشيخ وبين الأتباع، في نقل المعارف والقواعد الإيمانية والتفسيرات الفقهية للنصوص النبوية، والمذاهب الكبرى التي تشكل فقه الجمهور السني.

وعندما دخلت المطبعة وصناعة الكتاب أثير حوله سجالات بين جماعة الفقهاء والوعاظ مثل مدى مشروعية طباعة المصحف الشريف. وحينما دخلت الإذاعة في مصر اعترض بعض رجال الدين على تلاوة القرآن الكريم من خلال الميكرفون إلى أن حسم الشيخ الأزهري الظواهري الأمر بفتواه. ومن الملاحظ أن التقنية خاضت معارك كبيرة مع الفتاوى الدينية المحرمة لها إلى أن أصبحت فيما بعد مصدر انتشار لمن حرموها.

فقد أعادت التقنية إنتاج بنية الثقافة الدينية الأصولية التقليدية، واسُتخدمت كأداة للتعبئة والحشد الديني وأعادت إنتاج الحس والمعايير والرموز الدينية في المجتمع المصري. فعلى سبيل المثال تم توظيف الكاسيت في نشر الخطاب السلفي، الذي أثر بدوره على أنماط تدين شرائح واسعة من المصريين انعكست على زيهم وممارساتهم اليومية.

ثمة ملاحظة تاريخية مهمة تكشفها العلاقة بين التطور التقني والمعتقدات الدينية في مصر، فقد كانت التقنية تأتي من نسق الاعتقاد الديني الإيماني سواء التحنيط أو بناء المعابد والأهرامات أو تطور العلوم لخدمة الوحي، وصناعة أدوات تُوظف لخدمته كأدوات الفلك وغيرها، مما يعكس علاقة حميمية بين الإيمان الديني والتطور التقني.

ونجد أن هذا يناقض منطق التكنولوجية الحداثية التي قامت على القطيعة والفصل ما بين القيم الدينية والإبداع التقني، تنطوي على فلسفة عمادها مركزية الإنسان في الكون، باعتباره الفاعل الرئيسي في حركة التاريخ.[1] ويتنقل منطق التقنية ليشكل لاوعي مستخدميها تدريجيًا.

وهذا الانتقاد النافذ على جوهر التقنية لا ينتبه إليه كثير من التيارات الإسلامية أو الدعاة على مختلف توجهاتهم. وهذا التجاهل أو إعادة النظر في فلسفة التقنية كوسيلة دعوية يمكن أن نلمسه بقوة في مسار عمرو خالد الدعوي الذي نتخذه نموذجًا لكيف يتغير شكل الخطاب وفق الأداة المستخدمة، ليجعلنا نتساءل هل تغير الدعوة الدينية في الأداة المستخدمة أم أن الأداة تغير في نمط الدعوة؟


حيثما حضرت الكاميرا ذهبت القداسة

منطق التكنولوجية الحداثية قام على القطيعة والفصل ما بين القيم الدينية والإبداع التقني، تنطوي على فلسفة عمادها مركزية الإنسان في الكون

حينما دعا عمرو خالد للمتابعين على صفحته أثار حفيظة البعض، بينما دأب عمرو خالد نفسه على الدعاء للمشاهدين في برامجه التلفزيونية، وإلى المستمعين إليه عبر شرائط التسجيلات دون أن ينتقده أحد على ذلك.

سنجد كذلك أنه حينما شكلت أصوات الدعاة السلفيين وعي البعض وتصوراتهم الدينية، كانت صورة عمرو خالد الشاب حليق اللحية المرتدي للثياب الرياضية سببًا في انجذاب شرائح كثيرة من الشباب إليه، فالثياب جزء من رمزية الصورة في الخطاب المتداول عبر التلفاز، هذا الذي لا يجعلنا نتصور يومًا ما ظهور داعية سلفي بثياب رياضية لغرض دعوي. ثمة شيء يتغير في الحديث حينما تحضر الأداة مما يدفعنا للتأمل والتفكير في العلاقة بين الأداة التقنية والدعوة الدينية.

يمكن أن نخلص بعديد من الأفكار والتساؤلات إذا قمنا بتحليل خطاب عمرو خالد في الفيديوهات التي بثها من مكة في برنامجه «حجة الوداع» على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي وبين تسجيل صوتي له في سلسلة العبادات عن الحج، وفي فيديو مرئي آخر عن الحج أيضًا .

سنلاحظ أنه اعتمد في خطابه في التسجيل الصوتي والمرئي عن الحج على مخاطبة خيال المستمع / المشاهد، قائلًا عليك أن تتخيل مشاعر التذلل والخضوع في الحج، مركزًا على قدرته على الوصف لكل حركات الحج والمشاعر المفترضة أثناء أدائها، محفزًا لمقدرة كل مستمع /مشاهد على التخيل والاستجابة لهذه المشاعر المتخيلة.

بينما في الفيديو الذي ظهر فيه مرتديًا زي الإحرام أمام الكعبة يدعو الله كان عمرو خالد في «الفيديو لايف» أي مُعاش، فتحول «الأداء» أي أداء عمرو خالد للشعائر – بهذه الخاصية التي غابت في التسجيل المسموع والمرئي – إلى المركز بدلًا من «الخيال» أي مخيلة الناس التي تحمل تأويلات مختلفة عما يجب أن يكون عليه معنى الحج من التذلل والخضوع والاستسلام لله.

ربما جاء أداء عمرو خالد ليناقض تصوراتهم عن التذلل والخضوع والاستسلام، لأن الممارسة الحية المصورة للشعيرة من قبل داعية بوصفه رجل دين حجبت براح التصور أو التخيل لمعان إيمانية في الأذهان التي تداولات في دروسه السابقة مسموعة ومرئية.

وربما يتناقض البث الحي للدعاء أمام الكعبة مع ما ذكره عمرو خالد نفسه في تسجيله المرئي عن الحج من ضرورة البعد عن الأضواء، والتركيز مع نفسك فحسب. فتحول رؤية عمرو خالد لدور الداعية من مجرد الوصف للعبادات وحالتها الشعورية إلى تصوير المعايشة للشعائر لم يكن ليحدث دون تطور في إمكانيات الهاتف الذكي.

ندرك من خلال رد عمرو خالد هذه الحملة أنه يرى أن أداءه كداعية للحج يحتم عليه ذلك، فيقول عمرو خالد:

أنا صاحب رسالة والرسالة أمانة في رقبتي، بقالي 20 سنة بقوم بالرسالة دي، الدعوة جزء من عبادتي، رسالتي مش بتشوش على عبادتي، أنا بعبد ربنا بأنني بحج، وبحبب الناس في الحج، ده واجبي وده أمانتي، ولم أجبر أحدا للفرجة عليا، زعلان ليه وأنا بكلم الناس في مكاني، بقدمها هدية للناس على الصفحة

في مشاهدة لبعض فيديوهات «حجة الوداع»، سنجد أن عمرو خالد يعرف نفسه كداعية على السوشيال ميديا، ويوجه خطابه للمتابعين على الصفحة، ويتفاعل معهم بشكل مكثف، يتفق مع ما ذكره في إحدى حلقات برنامجه على أنه سيتابعهم من مكة وسيدعو لهم أمام الكعبة وخاصة لمن يشاركه من متابعي الصفحة ختم القرآن خلال العشر الأوائل من ذي الحجة .

فدعاؤه لهم لا يتناقض مع وصف عمرو خالد لنفسه باعتباره داعية سوشيال ميديا. ولكنه يثير التعجب من موقف هؤلاء الذين سخروا من فيديو الدعاء للمتابعين من مكة، ولم يسخروا من هذا الفيديو الذي بثه من مصر مرتديا ثيابًا عادية رغم أنه يحمل نفس المضمون، وذلك نعزوه إلى أنه لم يرتبط بأداء الشعيرة نفسها.

يمكن أن نلمس تفسيرًا لذلك في أعمال «والتر بنامين» عن تأثير الكاميرا على نزع الهالة عن العمل الفني، فامتلاك القدرة على إعادة إنتاج الفن وتكراره واستنساخه ينزع منه فراداته وأصالته التي تميز نسخته الطبيعية، فثمة فرق بين البورتيه الأول والنسخ المصورة المكررة منه، وكذلك التمثيل على خشبة المسرح مقارنة بالسينما على سبيل المثال.

الكاميرا تنزع الهالة عن العمل الفني، فامتلاك القدرة على إعادة إنتاج الفن وتكراره واستنساخه ينزع منه فراداته وأصالته التي تميز نسخته الطبيعية

ونجد أن هذا يتشابه إلى حد كبير مع حضور الكاميرا في الشعائر الدينية، رغم أنه يساعد في انتشار الشعائر إلا أنه يفقدها الهالة القدسية كذلك. لأن حضور الكاميرا كما وصف «جي ديبور» في مجتمع الاستعراض يجعل الفرد يتوقع دائما أن هناك متفرجين، ربما لا ينتظر تصفيقهم ولكنه لا يريد مخالفة توقعاتهم في الوقت نفسه، ويخشى تعليقاتهم السلبية عليه، ويخشى غرابته إذا انفلتت أمامهم، فنصير مع الوقت مجرد تمثيل، لا حقيقة.

من الملاحظ أيضًا أن ثمة شيئا أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي في علاقة الدعاة والمشايخ بالأتباع، فقد تحول المتابعون إلى عدد أو رقم محدد ومعروف، فحينما لم يكن هناك تقدير إحصائي منضبط لعدد المستمعين إلى الأشرطة السمعية، ولا تحديد فعلي لعدد المشاهدين للحلقات التلفزيونية، أتاحت التقنية الرقمية معرفة العدد بدقة شديدة، وهذا ما جعلنا نلاحظ في خطاب عمرو خالد التأكيد على وجود الملايين من المتابعين لصفحته، الذي لا ينبغي تجاهلهم البتة.

يصف عمرو خالد متابعيه على الصفحة بأنهم أسرته لأنه يقضي وقتًا على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر مما يمضيه مع أسرته الصغيرة، ومن حقهم عليه أن يخصهم بدعاء، فما المشكلة في هذا؟ وعلى من يغضبه ذلك يمكنه بسهولة ألا يتابعه. نرى هنا أن ثمة رؤية متناقضة لهؤلاء الأتباع، فوصفهم بأنهم كالأسرة بما توحيه من دلالة تقارب وعلاقة وثيقة يتناقض ووصفهم بأنهم يستطيعون بسهولة الانفكاك من هذه العلاقة من خلال ضغط على رز عدم المتابعة unfollow.

وهذا يشير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أوجدت أنماطًا جديدة من الأتباع أو المريدين الافتراضيين، وأعادت تعريف الملهم وطريقة الإلهام وفضاءه الافتراضي المنقطع السردية، فالملهم لا يعرف المتابعين له على وجه الدقة، ويقدم لهم خطابه على شكل مقولات مقتطعة، أو فيديوهات قصيرة المدة، لتترك تأثيرا يمتد إلى قرارات حياتية للبعض منهم، وترديد أقواله، وبناء تصورات متخيلة عنه.

وهذا يحتاج لكثير من التحليل والدراسة، ولكنها مؤشر على تغير المفاهيم التقليدية للدعاة والأتباع. ويمكن أن نسميها حالة «التبعية السائلة» كمفهوم السيولة لدى «زيجماونت باومن»، تبعية تعتمد على تقنية الصهر والتمييع والإذابة لصلابة العلاقة التقليدية بين الشيخ والمريد.[2] ولا ترقى لتوصيفهم بالعلاقة بالأسرة.

المراجع
  1. نبيل عبدالفتاح، النص والرصاص: الإسلام السياسي والأقباط وأزمات الدولة الحديثة في مصر، (بيروت، دار النهار للنشر، 1997 ) ص 272-274
  2. زيمحمونت باومان، حجاج أبو جبر (مترجم)، تقديم هبة رؤوف عزت، "الحداثة السائلة، (بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2016 ) ص11 – ص 19
  3. سوزان غرينفيلد، تغير العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا، ترجمة إيهاب عبدالرحيم علي، (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، فبراير 2017 ، العدد 445)
  4. Ciano Aydin,Theartifactual mind: overcoming the ‘inside–outside’ dualism in the extended mind thesis and recognizing the technological dimension of cognition, Published online: 30 May 2013 ,Springer media Dordrecht 2013