محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2018/04/04
الكاتب
ديفيا باندي – ليزا إيمبرسون – صوفي مورتنسن

إن غاز الأوزون معروف ومثير للاهتمام. يُعتقد أنه غاز جيد عندما يكون موجودًا في «الستراتوسفير»، حيث تتشكل طبقة الأوزون التي تستقر بمسافة تتراوح ما بين 15 إلى 30 كيلومترًا فوق الأرض، والتي تحمي الحياة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.

لكن عندما يكون الأوزون موجودًا في أدنى طبقة في الغلاف الجوي «التروبوسفير»، التي تمتد ما بين 8 إلى 14 كيلومترًا فوق سطح الأرض، يصبح الأوزون مبعثًا للقلق على صحة الإنسان والنبات. كما أنه أيضًا ثالث أهم الغازات المسببة للاحتباس الحراري بعد غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان. هناك أدلة قوية على أن الأوزون هو واحد من أكثر ملوثات الهواء السامة للخلايا (السامة للنباتات)، مما يتسبب في تلف كبير للمحاصيل الزراعية في جميع أنحاء العالم.


الأوزون: مزيج من الملوثات

ولأن الأوزون ملوث ثانوي للهواء، فهو لا ينبعث مباشرة، لكنه يتشكل عندما تحدث تفاعلات ضوئية بين ملوثات أساسية، وبشكل رئيسي أكاسيد النيتروجين وأول أوكسيد الكربون والمركبات العضوية المتطايرة، والتي تنبعث بشكل أساسي من احتراق الوقود الحفري في الصناعة والنقل وإنتاج الطاقة، في ظروف مشمسة.

ويتطلب الأمر عدة ساعات حتى تحدث تلك التفاعلات الضوئية، ما يعني أن تركيزات الأوزون غالبًا ما تكون أعلى مع اتجاه هبوب الريح في المراكز الحضرية والصناعية.

وتشهد بعض المناطق الزراعية المهمة الواقعة بالقرب من المراكز الحضرية والصناعية تركيزات مرتفعة من الأوزون، وتشمل هذه المناطق الوسط الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، والكثير من مناطق البر الرئيسي لأوروبا وسهول نهر الجانجوساحل الصين.

في هذه المناطق، غالبًا ما تكون تركيزات الأوزون عالية بما يكفي للتأثير على فسيولوجيا المحاصيل والنمو والناتج. كما يمكن أن ينتقل الأوزون ومركباته الطليعية إلى نصف الكرة الغربي، بحيث تؤثر الانبعاثات في إحدى القارات في تركيزات الغاز بقارة أخرى. على سبيل المثال، يمكن لانبعاثات الغاز بأمريكا الشمالية أن تؤثر على خسائر المحاصيل التي يسببها الأوزون في أوروبا.

يدخل الأوزون لأوراق النباتات من خلال الثغور، المسام التي تسهل عملية تبادل الغازات، حيث يتفاعل مع المكونات الخلوية وينتج سلسلة من التفاعلات الكيميائية تخلق أكسدة قوية. وتتراوح الأضرار من الإصابات المرئية للأوراق مثل شحوب الأوراق والتنخر وحتى التغييرات الفسيولوجية الخفية مثل انخفاض التمثيل الضوئي والشيخوخة المبكرة، وتعمل تلك الآثار في نهاية المطاف على تقليل غلة المحاصيل.


قلق متزايد

تضاعفت مستويات الأوزون منذ ما قبل العصر الصناعي بسبب الانبعاثات بشرية المنشأ. وبسبب الضوابط الصارمة على جودة الهواء، انخفضت المستويات المرتفعة للأوزون خلال العقود القليلة الماضية في أوروبا وأمريكا الشمالية. ومع ذلك، فإن الأوزون الطبيعي قد تزايد خلال السنوات القليلة الماضية على الصعيد العالمي.

أوزون, بيئة, تلوث, زراعة
نبات Milkweed يستخدم لرصد التلوث بالأوزون، حيث أن سطح أوراقه العلوي يتحول للون الأسود

في الدول النامية، ولا سيما في جنوب وشرق آسيا، فإن مستويات الأوزون آخذة في الارتفاع وسيستمر ذلك على الأقل حتى عام 2030 ما لم يتم خفض انبعاثات سلائف الأوزون مثل (أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة) بدرجة كبيرة.

ومن المهم أن نلاحظ أن المناطق التي تعاني من المستويات المرتفعة للأوزون حاليًا ومستقبليًا، تحتفظ أيضًا بمكانة بارزة في مجال الزراعة وإنتاج الغذاء العالمي لكنها في الوقت نفسه عرضة لانعدام الأمن الغذائي.

تعتبر الصين والهند مثالين هامين على البلدين اللتين يهدد تلوث الأوزون فيهما بالفعل إنتاج المحاصيل. في الهند، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى نسبتي 14% و6% من خسائر محصولي القمح والأرز على الترتيب، ناجمة عن الأوزون.


الآثار الاجتماعية والاقتصادية بعيدة المدى

وبالتالي، فإن الأوزون يضيف عاملاً آخر إلى العلاقة القائمة بين الفقر وسوء التغذية وتغير المناخ الذي يشكل تهديدًا على الأمن الغذائي في بعض هذه المناطق. ومن المهم أيضًا التفكير في أن عدم استقرار تلك الأنظمة الغذائية سيترتب عليه آثار اقتصادية اجتماعية بعيدة المدى من خلال التغيرات في أسعار الأغذية ودخول المزارع وسلوكيات المستهلك وإمكانية الوصول للغذاء لمختلف فئات المجتمع بما في ذلك النساء.

وجبة من الهند تعتمد على الأرز بشكلٍ أساسي، وهو ما تأثر بالتلوث بالأوزون

وتشير دراسات إلى أن خسائر المحاصيل بسبب العوامل البيئية عادة ما تضر بالمزارعين من خلال زيادة الديون ورفع أعباء العمل، فضلاً عن تغيير العلاقات بين الجنسين. في الوقت نفسه، فإن ملء الثغرات فيما يتعلق بالمحاصيل في المناطق الزراعية حاليًا ومستقبلاً يُعد أمرًا ضروريًا من أجل الأمن الغذائي العالمي.

غالبًا ما يفشل المزارعون وصناع السياسات في تحديد تلوث الهواء كعامل مساهم في انخفاض غلة المحاصيل، وتظل المخاوف المتعلقة بجودة الهواء متركزة في المدن والمناطق الحضرية حيث يؤثر التلوث المرتفع على صحة الإنسان. لذا فمن المهم أن تأخذ وسائل الإعلام والعلماء ونشطاء البيئة، زمام المبادرة من أجل التواصل مع المزارعين والشعب وصناع السياسات وتزويدهم بأدلة عن المخاطر والأضرار والتعاون في فهم الحلول لتخفيف تلوث الأوزون وعواقبه.


دمج المعلومات الخاصة بتلوث الأوزون

غذاء, أوزون, بيئة, طعام, الأرز الهندي
غذاء, أوزون, بيئة, طعام, الأرز الهندي

ومع الاعتراف بتلك التحديات، ينبغي على العلماء دراسة دمج تلوث الأوزون في توقعات المحاصيل الزراعية الموسمية. ويعمل العلماء في معهد ستوكهولم للبيئة على تطوير أدوات لتقييم الأضرار والمخاطر الخاصة بالمحاصيل. ويسلط تقرير صدر مؤخرًا الضوء على أهمية شبكات مراقبة الأوزون في المناطق الريفية من أجل تقييم تركيزات الأوزون الطبيعي ومعدل حدوث فترات ازدياد تركيز الأوزون.

ويعد ذلك مهمًا بشكل خاص لأن مراقبة جودة الهواء تركز بشكل عام على المناطق الحضرية وشبه الحضرية. وقام التقرير المشار إليه بجمع المعلومات من 15 شبكة لمراقبة الأوزون في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك برنامج التقييم والمراقبة الأوروبي، إلى جانب معلومات تم جمعها من قبل باحثين مستقلين أو شبكات محلية وإقليمية أصغر.

وستسمح تلك الشبكات بجمع المعلومات حول تلوث الأوزون مع إمكانية تقديم إنذارات مبكرة عن ازدياد تركيز الأوزون (والذي قد يستمر من أيام لأسابيع) لمساعدة المزارعين في الحد من فقدان المحاصيل من خلال الممارسات الإدارية المناسبة.

ومن شأن إجراء أبحاث لتطوير نظم زراعية مرنة، أن يعمل على دمج التكيف بشكل مثالي لتجنب أسوأ آثار تلوث الأوزون إلى جانب تغير المناخ، وذلك من خلال تحسين تربية المحاصيل والممارسات الزراعية. ومع ذلك، فهناك ضرورة لفهم الروابط والتفاعلات بين نوعية الهواء وتغير المناخ والزراعة والإمدادات الغذائية وما يرتبط بها من آثار اجتماعية واقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لرسم صورة كاملة للمشكلة ومن ثم تقديم حلول فعالة.