لا يتأتى فهم احتفال أو عيد أو يوم عالمي من وجوده المحض فقط، بل لا بد من الإحاطة بأصول الاحتفال والأسباب التي أسهمت في تركيبه وإيصاله إلى صورته الحالية، كما يجب الإحاطة بالأسباب المعاصرة– على اختلافها وتعددها– التي تجعل من وجوده وتحققه أمرًا واقعًا.

إن من القواعد الأساسية التي يجري عليها الكون وما يتعلق به– والإنسان وما يتعلق به أيضًا- في صيرورته ووجوده قانونا السببية والغائية: كل شيء يصدر عن سبب ما، من أجل غاية ما.

قد تخفى الأسباب والغايات على الإنسان، كما قد يعتقد- بسبب نظرة سطحية- أن أي مسألة بلا سبب ولا غاية إلا أن السبب والغاية في حقيقة الأمر ليسا غير موجودين بل كائنين في العمق. وعلى هذا فقد لا يتمكن الإنسان من رؤيتها متبلورة أمامه إلا عبر شكل من أشكال الاستخراج واللملمة والتكثيف الذي يؤدي بشكل أو آخر إلى ظهورها وتجلّيها إمام الناظر بشكل كلي، فيستطيع أن يراها من بدايتها إلى نهايتها في صورتها الكاملة، وعندها يُمكنه أن يفهمها بشكلٍ جيد.

ولا يشذ عن تلك النظرية مفهوم ومسألة الاحتفال نفسها، سواء أكان الاحتفال احتفالاً بالكريسماس أو احتفالاً آخر.

لماذا نحتفل؟

يقوم فِعل الاحتفال على أساسات متعددة تختلف باختلاف الاحتفال نفسه وباختلاف السياق الذي يكون فيه الاحتفال، ولا تختلف المسألة تبعًا لاختلاف البلد أو اختلاف الثقافة أو البيئة فقط، بل تختلف أيضًا من شخص إلى شخص آخر؛ فقد تختلف البواعث على الاحتفال بين الأفراد رغم اتفاقهم في جميع الأشياء السابقة من ثقافة وبلد وبيئة تبعًا لاختلاف ذواتهم.

إن فهم مسألة الاحتفال عامةً والاحتفال برأس السنة أو يوم الميلاد خصوصًا يتطلب منّا شكلًا من أشكال التحليل على مستويين مختلفين، هما مستويا الذاتية والموضوعية. وهو ما يُمكّنا من تحليل المسألة ذاتيًا، إذا كنّا بصدد تحليلها تبعًا لصلتها بشيء جانبي متفرع من المسألة الرئيسية لكن له صلة بالموضوع المطروح نفسه يمكن ربطه به والانطلاق في تحليل الموضوع الرئيسي من منطلقه.

وهذا النوع من التحليل يختلف عن التحليل الموضوعي القائم على فهم المسألة نفسها وطبيعتها وخصائصها من دون الاهتمام بالمسائل الجانبية والاعتبارات الذاتية التي تتعلق بالأفراد والتي تختلف باختلاف المنظور، وهكذا فإن الجوانب الذاتية– في حقيقة الأم – لا تتعلق بالموضوع المطروح بقدر ما تتعلق بالمنظور الذي يُنظر إلى الموضوع من خلاله.

فمثلاً، إن فهم مسألة القوة أو الضعف من منظور الأقوياء أو الضعفاء لن يفيد في فهم مسألة القوة والضعف في ذاتهما بقدر ما سيفيد في فهم الطريقة التي ينظر بها الضعفاء أو الأقوياء إلى المسألة، ولهذا فإن فهم مسألة القوة والضعف بشكل مجرد سيتطلب التركيز على الموضوع نفسه ومحاولة فهمه بشكل موضوعي بالدرجة الأولى.

ولهذا فإن الإجابة على سؤال «لماذا نحتفل»، ستحتاج قبل كل شيء أن نسأل عن الاحتفال ونسائل الاحتفال نفسه لنفهمه على حقيقته.

أصول الكريسماس التاريخية  

تنبثق فكرة واحتفال الكريسماس – رأس السنة، يوم الميلاد – في الأصل من ميلاد السيد المسيح. غير أن هذه المسألة نفسها ليست قطعية، إذ تقوم في أساسها على التقويم الجريجوري الذي عمدت الكنيسة إلى استخدامه بعد عدة قرون من الميلاد واختارت التأريخ بهذا اليوم وتلك السنة ليكونا فاصلين زمنيين يتم على أساسهما التأريخ بما قبل وما بعد ميلاد السيد المسيح.

وتكمن الإشكالية نفسها في هذا الأمر في كون التقويم الجريجوري قام في الأساس على خطأ حسابي فيما يخص السنة التي كان فيها الميلاد من ناحية، كما أن المعلومات المتاحة من الكتاب المقدس لا تساعد في التحديد القطعي لليوم والشهر الذي كان فيهما الميلاد من الناحية الأخرى، بل إن المصادر التي يتم الاعتماد عليها في هذا الصدد هي في الغالب مصادر متأخرة نسبيًّا، بخاصة إذا ما أخذنا في الحسبان الاختلاف القائم بين التاريخ الروماني الذي يقول بأن الميلاد كان في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، والتاريخ الأرمني من ناحية أخرى الذي يقول بأن الميلاد كان في السادس من شهر يناير (كانون الثاني) والصراعات الكنسية المتعلقة بهذا الأمر.

ورغم الأصل المسيحي الديني للاحتفال فإن ظاهرة الاحتفال نفسها ليست راجعة للدين بشكل حصري حتى بين المسيحيين أنفسهم، ومن اللافت للنظر أن بعض الأشياء المتعلقة بالكريسماس مثل شجرة عيد الميلاد على سبيل المثال هي في الأساس ذات أصل وثني، ولكنها رغم ذلك مقبولة ومُتبنّاة على نطاق واسع في العالم المسيحي وغير المسيحي.

أيضًا، ومن اللافت للنظر التشابه بين تقليد شجرة الميلاد وعبادة وتقديس الشجر عن الجرمان وفي الميثولوجيا الجرمانية والنوردية، وقد لاقت تلك الممارسات رفضاً من الكنيسة في البداية ثم تم التصالح معها فيما بعد.

 

يعزو البعض تقليد الشجرة إلى مارتن لوثر– الألماني– حين رأى جمال الأشجار خلال تنزهه فيما يرى آخرون أنها قصة غير صحيحة ومنحولة.

وقد حاول البعض رد المسألة إلى بعض الآيات التي تأتي على ذِكر الأشجار في الكتاب المقدس، ولكن الأناجيل وكذلك الكتابات المسيحية الأولى لا تأتي على ذِكرٍ رابط بين ولادة المسيح والشجر ولم يكن الأمر موجوداً بنفس الشكل المعاصر لا في التقليد الكنسي/الشعبي ولا في حياة المسيحيين الأوائل.

كما لم يكن تقديس الشجر أمر غريبًا عند الوثنيين، بل نجد نفس الأمر عند المصريين القدماء في مرحلة من المراحل، fحسبما ذكر سليم حسن في موسوعته «مصر القديمة».

ومن الجدير بالذكر فيما يخص ارتباط عيد الميلاد بالتقاليد الوثنية، أننا نجد الكنيسة الغربية قد اعتمدت في بدايتها الاحتفال بمولد المسيح في الـ25 من شهر نوفمبر، والذي هو يوم الانقلاب الشتوي وكان عيد الإله ميثراس، وهو ما أثار حنق الكنائس الشرقية في القرن الرابع الميلادي واتهمت إخوتها الغربية بالوثنية وعبادة الشمس، وقررت نقل الاحتفال من الـ25 من نوفمبر إلى الـ25 من ديسمبر.

وحتى مع تسليمنا بأن الأصل الذي انبنت عليه الظاهرة أصل ديني فإن تفسيرها بكونها ظاهرة دينية بحتة لن يساعد في فهمها وتحليلها، خصوصاً عند النظر إلى كون الأغلبية الساحقة التي تقوم بالاحتفال لا تنتمي إلى الديانة المسيحية كما أن الأيديولوجيا المسيطرة على العالم- وفي البلدان المسيحية بشكل خاص – هي أيديولوحية علمانية تقوم على فصل الممارسات الحياتية عن الأصول الدينية، ومع ذلك فإن أبناء هذه الأيديولوجية وسكان تلك المناطق هم من الداعين والداعمين لهذا الاحتفال!

كما أننا نلحظ وجود تناقض واختلاف بين المعايير والأخلاقيات المسيحية والكريسماس، سواء أكانت تلك الأخلاقيات نابعة من الكتاب المقدس أو من التقليد الكنسي كالزهد والتقشف والعطاء.

فإننا لا نجد على سبيل المثال تجليًا للأمثلة والأوامر الإنجيلية مثل {إن كنت تريد أن تكون كاملًا اذهب وبع كل ما تملك واعط الفقراء. بهذا تملك كنزًا في السماء. ثم تعال واتبعني} (متى:إصحاح 18 فقرة 16-24) أو {بيعوا مقتنياتكم، واعطوا المال للفقراء. اقتنوا محافظ لا تبلى مع الزمن أي كنوزًا لا تفنى في السماء، حتى لا يصل اللصوص إليها، ولا يصيبها العفن} (لوقا: إصحاح 12 فقرة33) بل نجد خلافه تمامًا.

ليس عيد الميلاد سواء في مظاهره أو في طبيعة الممارسات التي تتم فيه بتمظهر للمسيحية أو لميلاد المسيح وتعاليمه المعترف بها إنجيليًّا بحالٍ، ولا يعني الاشتراك في ظاهرة أو الانضواء تحت راية واسم أن كل ما يتفرع عنها متصل بتلك الظاهرة وفرع عنها!

فقد لا يكون الرابط بين الظاهرة والاسم من ناحية والممارسات الفعلية التي تزعم صلتها بتلك الظاهرة من ناحية أخرى سوى مجرد صورة لا تعبّر عن الحقيقة.

الأصول النفسية والاجتماعية والاقتصادية للكريسماس

في كتابهما «فخ العولمة» (The Global Trap) عنون الكاتبان هانس بيترمارتين وهارالد شومان أحد مقاطع الكتاب بـ«والت ديزني فوق الجميع». في هذا المقطع أثار الباحثان– ولو بشكل جزئي– سؤال «الأسباب التي أدت إلى هيمنة صناعة الترفيه والتسلية عالميًا» على كل شيء في حياتنا بما فيها المراسم الدينية.

في سبيل الإجابة عن هذا السؤال، استعان الكاتبان أولاً بتفسير مايك آيزنر أحد رجال صناعة الإعلام الكبار وأحد رؤساء مجلس إدارة والت ديزني، الذي يقول «تتميز وسائل التسلية الأمريكية بالتنوع، وهي بهذا تتلاءم مع الإمكانات والخيارات وطرق التعبير المختلفة. وهذا هو في الواقع ما يرغب به الأفراد في كل مكان…وكنتيجة للحرية الواسعة المتاحة أمام كل من يريد الابتكار، تتصف صناعة التسلية الأمريكية بأصالة لا مثيل لها في العالم أبدًا».

ثم يعقبان هذا القول بما قاله بنجامين ر.باربير مدير مركز والت وايتمان في جامعة روتغيرز، الذي اعتبر تفسير آيزنر كذبًا وتلفيقًا لأنه يتناسى أمرين حاسمين، هما: طريقة الاختيار وحرية الإنسان.
فالإنسان– كما يقول باربير- يستطيع أن يختار بين عشرات الموديلات من السيارات إلا أنه لا يستطيع التنقل بواسطة وسائل النقل الحكومية بنفس الكيفية!

ثم يعلل باربير نجاح استعمار والت ديزني– في تلك الحقبة– بأن الأمر راجع إلى ظاهرة قديمة قدم الحضارة «إنها المنافسة بين الشاق والسهل، بين البطيء والسريع، بين المعقد والبسيط. فكل أولٍ من هذه الأزواج يرتبط بنتاج ثقافي يدعو للإعجاب والإكبار، أما كل ثان من هذه الأزواج فيتلاءم مع لهونا وتعبنا وخمولنا. إن ديزني ومكدونالدز وMTV  تروج لما هو سهل وسريع وبسيط».

تساعدنا مقولة بنجامين باربير الأولى في فهم المسألة بشكل كبير من حيث إلقائها الضوء أولًا على مسألة التأطير و فرض النموذج المعرفي؛ فهيمنة الترفيه كمثال أو بروز مفهوم وممارسة الاحتفال بالكريسماس راجع في أصله إلى أن هناك آلة وكيانًا خارجيين يعملان على فرض تلك الظاهرة بشكل ناعم عبر الضخ الدائم للموارد التي تكفل لتلك الظاهرة أن توجد في بيئات لم يكن لها أن توجد فيها لولا توافر تلك الشروط.

فظاهرة الكريسماس تبعًا لذلك شكل من أشكال الاستعمار الثقافي والفرض الخارجي للثقافة الرأسمالية الغربية التي تدعو إلى الاستهلاك وتقوم على اقتصاد المتعة والاحتفال.

لو اعتبرنا حقًا أن المسألة راجعة إلى الحرية التي يتمتع بها الإنسان في اختيار الاحتفالات والأعياد والتقاويم، إذن فلماذا لا نجد في بلداننا احتفالًا برأس السنة الصينية كما يحصل الاحتفال برأس السنة الميلادية، رغم أن كلا الأمرين نابع من ثقافة وخلفية تتعارض مع المجتمع الإسلامي العربي بشكلٍ أو بآخر؟!

من الممكن فهم الكريسماس عبر فهم أشياء كالإبستيمية والباراديغم والنموذج المعرفي: وهي مصطلحات دالة على شكل من أشكال الوعي الذي يتكوّن لدى الإنسان بفعل بعض المؤثرات الخارجية تعمل على تكييف منظور ووعي الشخص وتحييزه إلى جانب أو آخر حتى لو لم يفهم الأسباب التي أدت به إلى ذلك التحيز.

في كتابه «العالم من منظور غربي» يسرد عبد الوهاب المسيري قصة طريفة عاشها عند رجوعه من الخارج إلى مصر سنة 1969م حين كان يمرُّ أمام واحدٍ من فروع محلات عمر أفندي، فرأى هناك رجلًا بلباس بابا نويل الأحمر ولحيته البيضاء.

يتابع المسيري قصته بأن هذه الظاهرة مفهومة لدى أطفال العالم الغربي ولكن في مجتمعاتنا «نحن» لا يفهم الأطفال الزي ولا الرمزية ولا الغاية، ولهذا فقد قام بعض الأطفال المشاكسين– من أبناء الطاقة الكادحة– بالالتفاف حول الرجل ومعاكسته بطريقة لا تخلو من العنف، فعمد هو أيضًا بدوره إلى إمساك عصا والدفاع عن نفسه في موقف طريف مضحك أضاع بهجة الاحتفال.

يتبدى لنا من هذه القصة أن انتشار ظاهرة كتلك الوافدة من العالم الغربي إلى مجتمعاتنا راجعة إلى هيمنة النموذج الغربي الذي وصل إلينا من الخارج عبر الأدوات الناعمة التي يتم استعمالها لفرض الهيمنة الثقافية والأيديولوجية.

فنحن لو سلمنا بكون الكريسماس احتفالًا نابعًا من التقاليد الغربية التي درج عليها أبناء تلك المجتمعات وتوارثوها بغض النظر عن أصلها وطبيعتها، فلا يمكن لنا أن نسلم بحتمية تغلغلها في مجتمعات تختلف مع العالم الغربي في كثير من الخطوط، الرئيسية والفرعية، إلا إذا كان هناك من يعمل على بثها وتثبيتها.

كما أن المسألة ليست– في مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية سواءً بسواء– قائمة على الفرض الناعم والضخ والهيمنة فقط بل إن السبب الذي يدعو لبثها ويجعل الناس منكبين عليها هو كونها قائمة على المتعة واللهو، على السهولة والخمول، لا على الإنتاج الحقيقي والفائدة والخيرية.

اختطاف الكريسماس

تتعلق ظاهرة الكريسماس بأشياء ذات طابع نفسي واجتماعي كالمتعة والالتذاذ والانغماس، وهي أشياء تتجذر في عالمنا المعاصر نتيجة خواء الإنسان الذي يعمد تبعًا لذلك إلى محاولة دائمة للانخراط في أفعال وممارسات تكفل له حالة من الفرح اللحظي وتعمل على مسح عقله ووجدانه عبر موضَعَتِه في الحفلات والأعياد والممارسات التي تؤدي به إلى حالة مؤقتة وباهتة من السعادة والفرح وإلى تسكين آلامه الداخلية وجعله ينسى كآبته الدائمة.

إننا نجد بحث ذلك الأمر في الأطروحات المتعلقة بنقد المجتمع والممارسات ما بعد الحداثية، والتي ترمي بدورها إلى محاولة فهم تلك الممارسات والباعث عليها، مثل كتاب عبادة المشاعر لميشيل لكروا أو كتابات زيجمونت باومان.

 

إن الانتظار والبذخ والهوس والممارسات المتعلقة بالكريسماس لهي تجل لإشكالية الإنسان الحديث الذي يحتاج بشكل دائم إلى أحاسيس ومشاعر ومظاهر احتفالية يحيط نفسه بها بشكل دائم ليدفع عن نفسه قلق الوجود والتفكير في حالته البشرية وما طرأ عليها من انمساخ نابع من روح العصر.

تتأسس الاحتفالات على نوع من المركزية الكامنة في بنيتها وتتنوع الاحتفالات وممارساتها وتختلف تبعًا لتنوع واختلاف المركزية: مركزية إلهية، إنسانوية، أخروية، دنيوية دهرانية، تعددية، توحيدية.

وبالنظر إلى بنية الاحتفال بالكريسماس، فإننا نلاحظ أنها تنبني على تمجيد الدنيا واللذة والحياة بالدرجة الأولى، فالكريسماس بشكله الحالي أقرب لعيد باخوس منه إلى عيد مسيحي. هو احتفال أرضي يلعب على الحواس والدغدغات الجسدية والإسراف.

اعتبر هايدجر أن كينونة الإنسان تقوم على مركزية الموت والفناء، فالكائن بسبب طبيعة وحتمية الموت ينحو إلى خلق أو إيجاد روابط تسهم في ترسيخ حياته وتثبيتها وتنقله من تأمل الوجود الماثل أمامه مغلقًا عَصيًّا إلى وجود طبيعي ينخرط الإنسان فيه.

كما اعتبرت حنة أرندت في كتابها «في العنف»، أن الموت مهم ومركزي بالنسبة للفعل السياسي والاجتماعي فتقول «لقد كان يقين الموت هو ما يدفع الناس للبحث عن خلودهم عبر أفعالهم وكلماتهم، وما يحثهم على توطيد البنيان السياسي الذي كان، هو، أقدر على الخلود».

وعبر إسقاط مسألة الموت على الإنسان الحديث وظاهرة الكريسماس نجد أنها ظاهرة تدور في مدار الموت. هي لا تدور في مداره عبر خلق أفعال وأشياء مهمة والتفكير في وجوده والسؤال عن الأصل والمآل بل عبر كونها وسيلة سهلة ومريحة تهواها النفس تمكن الإنسان من الهرب بشكل مؤقت من مخاوفه ومن موته الحتمي.

فالإنسان الحديث الذي فقد صلته بالله وفقد إيمانه، متروكًا في صقيع الحياة، محرومًا من أي فعل حياتي ذي قيمة يستطيع بالاحتفال أن يهرب إلى فضاء اللذة ويستطيع– ولو مؤقتًا- الابتعاد به عن مشاكله الوجودية.

المراجع
  1. فراس السواح: موسوعة تاريخ الأديان/الكتاب الخامس/ص229-دار التكوين،الطبعة الرابعة2017
  2. pagan Christmas by Christian Rätsch and Claudia Müller-Ebeling, Translated from the German by Katja Lueders and Rafael Lorenzo, Inner Traditions, Rochester, Vermont, page: 53
  3. فراس السواح: موسوعة تاريخ الاديان، الكتاب الثالث، ص306، دار التكوين
  4. Christmas in Germany: a cultural history / Joe Perry, The University of North Carolina Press 2010, page 32
  5. مصر القديمة: سليم حسن، الجزء الأول، صفحة 318، طبعة الهيئة العامة للكتاب
  6. قصة الحضارة: ويل ديورانت، ترجمة محمد بدران، مجلد 11، الجزء الثالث من الكتاب الثالث، طبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم/دار الجيل، صفحة 213
  7. فخ العولمة: هانس بيترمان وهارالد شومان ترجمة عدنان عباس علي، عالم المعرفة شهر اكتوبر سنة 1998 ص45-46
  8. عبدالوهاب المسيري:العالم من منظور غربي صفحة 45 دار الشروق، الطبعة الثالثة2021
  9. على مقهى الوجودية: سارة بكويل، ترجمة حسام نايل، دار التنوير الطبعة الأولى 2019، ص87/88/89
  10. جنون الفلاسفة، نايجل رودجرز-ميل ثومبثون، ترجمة متيم الضايع، الطبعة الأولى 2015، دار الحوار ص216