محتوى مترجم
المصدر
VOX
التاريخ
2016/05/05
الكاتب
ديفيد روبرتس

يبدو من المؤكد الآن أن الانتخابات الرئاسية سوف تشهد تنافس دونالد ترامب ضد هيلاري كلينتون.

نجد أنفسنا في نهاية فترة قصيرة من الوضوح. على مدى الأشهر القليلة الماضية، اتفق الجميع تقريبًا – عدا الأربعين بالمئة من مصوتي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الذين أوصلوه إلى الفوز – على أن ترامب لا يصلح رئيسًا.

دعاه ماركو روبيو «محتالًا» واعتبره ميت رومني «متصنعًا، زائفًا». دعاه كروز «مريضًا بالكذب وفاقدًا للأخلاق» وقال إنه إذا ما تم انتخابه فإن «هذه البلد سوف تنزلق إلى الهاوية». قال ليندسي جراهام إن ترامب سوف يتسبب في «11 سبتمبر أخرى». ووصفه ديفيد بروكز بأنه «غير مستعد ليصبح رئيسًا على نحوٍ ملحمي». قال جورج ويل إن «المرشح لمنصب نائبه لن يكون مؤهلًا هو الآخر لأي منصبٍ كبير لكونه يعتقد أن ترامب مؤهل لذلك». هاجمه الذراع الإعلامي للمحافظين، مجلة ناشيونال ريفيو، بعباراتٍ منمقة. وتم إنشاء لجنة عمل سياسي «Super PAC» فقط لإيقافه.

لم يصف أحدهم الأمر بشكل أفضل من المحلل السياسي المحافظ «جاي كوست»:

https://storify.com/SeanTrende/jay-cost-goes-nuclear-on-trumpkins

«لا، ما يجعل دونالد ترامب شيئًا جديدًا في الحياة السياسية الأمريكية هو أنه كل ذلك في نفس الوقت: عنصري، ديماجوجي أهلاني لا تربطه الكثير من العلاقات بالحكومة، معدوم الخبرة في العمل العام، لم يخدم في القوات المسلحة، بالإضافة إلى قلة أو عدم معرفة مطلقة بأي شيء يتعلق بالحكم، من السياسات وحتى الأسئلة الأساسية مثل «ما هي المحكمة العليا، وما هو دورها؟» إذا استحضرت كل الجهل والتكبر في الولايات المتحدة وأعطيته هيئةً بشرية، فسوف تحصل على دونالد ترامب؛ مع فارق رذاذ التسمير.»

«وبالنسبة لي فإن موقف رفض ترامب ليس أيديولوجيًا بالأساس. رغم أن هناك عنصرٌ أيديولوجي به، إلا أنه ثانوي.»

«هذا الرجل لا يصلح «بوضوح» رئيسًا للولايات المتحدة. إنه سؤال الحد الأدنى قبل أن نناقش الموقف من القضايا المختلفة.»

كما يؤكد كوست، القضية هنا ليست «فقط» أيديولوجية، لكنها تتعلق بالأهلية والكفاءة الأساسيتين. رجل بطباع وعادات ترامب قد يسبب ضررًا جديًا حقيقيًا ومستمر الأثر كقائدٍ للعالم الحر.

أثبتت هيلاري كلينتون، رغم كل مساوئها، مستوًى أساسيًا من الأهلية. هي تفهم كيف تعمل الحكومة وسياساتها. هي ليست عنصرية على نحوٍ صريح؛ هي لم تشجع عنف الشوارع. ليس هناك خطر في أن تخل بالنظام العالمي أو تتسبب في أزمة اقتصادية بدافع الحقد.

إنه معيارٌ شديد الانخفاض. لكنه المعيار الوحيد الذي عليها تخطيه في ذلك السباق. بغض النظر تقريبًا عما تعتقده بشأن مواقف وسياسات كلينتون، فمن الواضح أنها أكثر استعدادًا لإدارة الحكومة الفيدرالية من دونالد ترامب.

لكن عدد الأشخاص الذين يدركون هذه الحقيقة الجوهرية بشأن الانتخابات قد وصل بالفعل إلى ذروته وبدأ في الانخفاض. سوف ينخفض من الآن حتى موعد الانتخابات. لحظة الوضوح تنتهي بالفعل.

شعبية دونالد ترامب
«ترامب يزداد قبولا بين الناخبين الجمهوريين»

يحتاج «النظام البيئي السياسي» إلى حزبين متوازنين للبقاء

لماذا ينتهي الوضوح؟ لأنه يبدو أن ترامب سوف يصبح المرشح الجمهوري. إن ذلك يحدث بالفعل. ولا يستطيع النظام البيئي السياسي – الإعلام، المستشارين، أصحاب النفوذ، مراكز الأبحاث، المؤسسات، المسؤولين، الشبكة الكثيفة من المؤسسات والأفراد المنخرطة في السياسات الوطنية بالكامل- التعامل مع انتخاباتٍ رئاسية يكون فيها مرشح واحد خيارٌ أفضل بوضوح وبلا جدال «إن لم يكن الوحيد المقبول». الآلة ببساطة لم تُبنَ كي تتعامل مع سباقٍ ينتهي قبل أن يبدأ.

هناك فئات كاملة من المهنيين ترتكز وظائفهم على نموذج الطرفين المتكافئين تقريبًا اللذين يتصادمان إلى ما لا نهاية. رقصة الحزبين هي مصدر معيشة المستشارين والنشطاء.

«صخب تكتكة الأزرار الهائل هو صوت 10,000 مستشار وناشط جمهوري يقومون بحذف تغريداتهم المناهضة لترامب».

«يخبرني ريك ويلي أن حملة ترامب تتلقى الآن فيضًا من العروض من الخبراء الراغبين في مساعدة الحملة».

وهي أيضًا مصدر معيشة محتالي الحزب والصحفيين المأجورين.

«سوف يكون دونالد ترامب المرشح المفترض للحزب الجمهوري. نحتاج جميعًا إلى الاتحاد والتركيز على هزيمة هيلاري كلينتون #لا_لكلينتون».

«نيوت جنجريتش: قد يتضح أن دونالد ترامب هو الزعيم المعادي لليسار الأكثر فاعلية في حياتنا».

«هناك الكثير مما لا أحبه بشأن ترامب، لكنني تحت أي ظرف سوف أصوت لصالحه في مواجهة هيلاري».

«اليوم لدينا خيارين. إما دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون».

وهي أيضًا مصدر معيشة الإعلام، وهو ما أود مناقشته بالأسفل.

وسط كل هذه الفئات من المهنيين، كل هذه المؤسسات، ذلك البناء العملاق للسياسة الأمريكية المبني حول طرفين متوازنين، سوف يكون هناك موجة مدٍّ لتطبيع هذه الانتخابات، لجعلها «كوكا كولا» مقابل «بيبسي» وليس «كوكا كولا» مقابل «مياه الصرف».

يعرف النظام السياسي الأمريكي كيف يعزف النص الأول؛ لكنه لا يعرف كيف يعزف الأخير. هناك نسيج كامل من الممارسات والعلاقات وتدفقات الأموال التي تطورت حول النسق الأول، لكن الأخير سوف يتطلب إعادة تقييم لـ .. كل شيء. أمرٌ مرعب.

لذا فسوف يكون هناك دفعة لرفع دونالد ترامب إلى الأعلى والحط من هيلاري كلينتون، حتى يصبح هناك خياران متكافئان تقريبًا.

إنها ليست مؤامرة؛ لن يتم تنسيقها. لا تحتاج إلى أن يتم تنسيقها. إنها فقط عملية مؤسسات ومراكز قوى ونفوذ، تستجيب للهيكل المحفز الذي تطور حولها. يحتاج النظام البيئي السياسي الأمريكي أن تكون هذه الانتخابات متكافئة.

http://gty.im/495210564


الإعلام لا يستطيع تقبل سباقٍ غير متوازن

لا تحتاج أي مؤسسة لانتخاباتٍ تنافسية أكثر من الإعلام، خاصةً ما تبقى من إعلام الحملات «الموضوعي» تصور كتابة هذا العنوان:

«ترامب، مرشح سيء، من المرجح أن يخسر»

الآن تصور كتابته مرة ثانية وثالثة وألف لمدة ستة أشهر – ومشاهدة معدل زيارات موقعك يقل إلى الصفر. أمرٌ محزن!ّ

تحتاج صحافة الحملات، من أجل صحتها وعائد إعلانتها، إلى سباقٍ حقيقي. إنها تحتاج إلى جدالات. ربما تكون إجابة «دونالد ترامب لا يصلح رئيسًا» هي الإجابةالصحيحة لجميع الأسئلة المتعلقة بهذا السباق تقريبًا، لكنها ليست إجابة مثيرة للاهتمام. إنها نهائية للغاية، ثابتة للغاية. لا أحد يرغب في الاطلاع عليها.

علاوة على ذلك فإن صورة الإعلام عن نفسه مبنية على كونهغير منحاز حزبيًا، وهو ما يحول دون فصله في النزاعات السياسية. كيف يمكن أن يعمل هذا من الأساس إذا كان أحد الطرفين يقدم مرشحًا وسطيًا له مساوئ بينما يقدم الآخر مرشحًا ديماجوجيًا بذيئًا معادٍ للأجانب؟

سوف يكون من الغريب تمامًا على شخصية المراسلين أن يقضوا ستة أشهر ما بين الوقت الحالي والانتخابات يكتبون، مرة بعد أخرى، أن مرشح أحد الطرفين كاذب وعنصري ومهووس بشخصيته. سوف يكون ذلك غير مريح، على المستوى الشخصي والمهني.

«ما تعلمناه اليوم عن الحياة حتى نوفمبر هو أنه إذا فاز ترامب: بعض المراسلين لا يستطيعون أن يكونوا حياديين بشأنه والناقدين من اليمين واليسار سوف يبدون متشابهين».

صحيحٌ أن الإعلام كان صريحًا على نحوٍ غير معهود في انتقاده لترامب خلال الانتخابات التمهيدية، بالأساس لأن كل المصادر التي يعتبرها شرعية تقريبًا تكره ترامب، ومن ضمنها مؤسسة الحزب الجمهوري. حتى الآن، كان موقف معاداة ترامب داخل إجماع واشنطن بأمان.

سوف يتغير هذا بمجرد أن تبدأ مؤسسة الحزب الجمهوري حتمًا في التأرجح لتلتف حول ترامب وتبدأ اتهام الصحفيين الذين يكتبون مقالاتٍ نقدية بالانحياز. إذا كان هناك شيء واحد تستطيع مؤسسة الحزب الجمهوري القيام به، فهو ضمان أن هناك دومًا جانب آخر، أن يتم صفع المراسلين كل مرة يتجاوزون فيها تغطية آراء الجانبين.

لقد شهدنا بالفعل مراسلين يقفزون لتلقف خبر «تحول ترامب» عدة مرات، رغم أنه لم يبدُ أن النغمة الرئاسية الجديدة لترامب قادرة على البقاء حتى 24 ساعة كاملة.

لن يستغرق الأمر الكثير من الوقت بالنسبة لأخبار ترامب «الجديد، والناضج» لتترسخ بمجرد أن يصبح مرشحًا. يحتاج الإعلام ومؤسسة الحزب الجمهوري إلى هذه الأخبار، فالإعلام يحتاج “التوازن”، ومؤسسة الحزب الجمهوري تحتاج إلى دفع الرواتب.

على المدى القصير، سوف تصبح عدم أهلية ترامب للمنصب – المعترف بها على نطاقٍ واسعٍ اليوم عبر كلا الحزبين وفي وسائل الإعلام الرئيسية- ملاحظةً حزبية، شيئًا يقوله الديمقراطيون. سوف يجلس المستشارون من كلا الحزبين متقابلين في البرامج الإخبارية ويتشاجرون بشأنها، كما هو طبيعي.

الحمار (رمز الحزب الديموقراطي) في مواجهة الفيل (رمز الحزب الجمهوري)


بالقدر الذي لن يمكن به رفع ترامب، سيتم الحط من كلينتون

الأحزاب السياسية اولايات المتحدة أمريكا
الأحزاب السياسية اولايات المتحدة أمريكا

تماما مثلما سيحتاج الإعلام إلى رفع ترامب، سوف يحتاج أيضًا إلى الحط من كلينتون. سوف تكون ملاحقة كلينتون هي الإستراتيجية الأساسية للصحفيين لإثبات أنهم ليسوا منحازين. سوف يحتاجون إلى فرصٍ كي يكونوا «قاسين» تجاه كلينتون، أو على الأقل ممارسة نوع من «الخشونة الاستعراضية» التي تقدر قيمتها في صحافة الحملات، لإثبات استقلاليتهم المستمرة.

سوف يعطيهم ترامب فرصًا. لن يكون ذلك عبر انتقاداتٍ للسياسات، وهو المجال الذي تتفوق فيه كلينتون عليه. وإنما سيكون عبر «القذارة الرخيصة والمقززة».

تذكر نوع الهجوم الذي استعمله ترامب للفوز في الانتخابات التمهيدية: والد كروز ساعد في قتل كينيدي؛ لا يحق لكروز أن يصبح رئيسًا، روبيو كاذبٌ عقيم يتعرق بشدة؛ كاسيك آكلٌ مقزز؛ جيب بوش لديه مستوًى منخفض من التستوستيرون؛ لدى فيورينا وجه كريه. كنيته لكلينتون هي بالفعل «هيلاري المحتالة»، وقد اجتر بالفعل علاقات زوجها الغرامية ودورها المزعوم بها.

فكر فيما سيفعله ترامب عندما يكون في المؤخرة، تتقدم عليه امرأة، عرضة لخطر الإهانة على المستوى الوطني، يكافح لتوحيد حزب يرتبط به فقط من خلال الكراهية المشتركة لكلينتون. أمرٌ يشتت العقل.

هل سيلاحق فيلق صحافة واشنطن الهجمات الشخصية ونظريات المؤامرة المتعلقة بهيلاري كلينتون، التي سيهمس بها في آذانهم الصحفيين المأجورين اليمينيين؟

هاها. هل قابلت فيلق صحافة واشنطن؟ إنهم يفعلون ذلك منذ بداية التسعينيات. تعني قواعد كلينتون أن المتهم مدان حتى تثبت براءته، حينذاك والآن. إعلام واشنطن هو آلة تحول الهراء بشأن آل كلينتون إلى عناوين رئيسية، وترامب هو مخزونٌ لا قاع له من الهراء.

بجانب ذلك، ولكون كلينتون من عائلة كلينتون، وعالم كلينتون هو عالم كلينتون، فعلى الأرجح أنه لن يكون هناك نقص في العثرات، وإساءة استعمال الألفاظ، والأخطاء غير الضرورية، ومساعدين تم اختيارهم على نحوٍ سيء لإبقاء الإعلام منشغلًا حتى بدون مساعدة ترامب. دائمًا ما تثير الأخبار التي تزعم القضاء «أخيرًا» على كلينتون أبدًا الفضول. كلينتون هي، بعد كل شيء،أكثر سياسي مكروه في الحياة الأمريكية … باستثناء دونالد ترامب.

في النهاية يصبح لديك: خيارٌ واضح يلتزم عددٌ هائل من المؤسسات والأفراد بجعله صعبًا وبغيضًا وممتدًا بقدر الإمكان. يبشر ذلك بموسم حملات خال من المضمون والسياسات وسعيد بالهراء، منحط حتى بالمقاييس المتدنية للحياة السياسية الأمريكية المعاصرة. أيقظوني عندما ينتهي كل ذلك.