محتوى مترجم
المصدر
Middle East Eye
التاريخ
2018/02/06
الكاتب
سامي حمدي

يُظهر عجز «المملكة العربية السعودية» على هزيمة «الحوثيين» عسكريًا، وغياب حلفاء حيويين، عدم امتلاكها لخطة مناسبة.لم يكن دعم «الإمارات العربية المتحدة» للمنشقين الجنوبيين في اليمن سرًا. حيث تقرّبت – في مواجهة التقدم الحوثي السريع، الذي تغذيه الكراهية التي لا يمكن كبحها لجماعة «الإخوان المسلمين» المتمثلة في حزب «الإصلاح» اليمني – إلى عدد من الفصائل المختلفة، بمن فيهم الناصريون؛ في سعيها لحليف حيوي.شعرت دولة «الإمارات العربية المتحدة» بخيبة أمل من فرص هذه الأحزاب البديلة ورفضها المخاطرة بإغضاب «واشنطن» بدعم الفصائل «الجهادية»، فزجّت بالقوة المقاتلة الوحيدة القادرة على الوقوف ضد «الحوثيين». لكن المشكلة بالنسبة لدولة «الإمارات العربية المتحدة» هي أن المنشقين الجنوبيين لم يكن لديهم نية لاستعادة صنعاء. ولاغتنام الفرصة التي أتاحتها الاضطرابات السياسية الناجمة عن غزو «الحوثيين». تجمّع المنشقون في كتلة شبه موحدة، واستغلوا الغارات الجوية السعودية، التي أجبرت «الحوثي» على الانسحاب، وتحمّلوا مسؤولية الأمن جنوبي اليمن.


حرق البطاقة الأخيرة للمملكة السعودية

مع رفض «المملكة العربية السعودية» التام لفرصة إعادة حزب «الإصلاح» خلال الأيام الأولى للحرب في عام 2015، وعلى الرغم من استضافة اللواء «علي محسن الأحمر»، -وهو لاعب مؤثر في شبكة الجماعات الإسلامية القبلية والسنية التي يعتبر «الإصلاح» مركز ثقلها – لم يكن أمام المملكة خيار سوى قبول المنشقين كـ«حليف». في وقت لاحق، بدأ السعوديون احتمال التقرّب من حزب «الإصلاح» لكن يبدو أنه تم إثناؤهم من قبل دولة «الإمارات العربية المتحدة».جرى التقليل من أي مخاوف من العواقب الوخيمة التي لا يمكن تفاديها لهذه السياسة مؤقتًا بإصرار «محمد بن زايد» الإماراتي على أن تظل قطر «عدوًا» حقيقيًا مباشرًا. ومع تحول الوضع في اليمن إلى طريق مسدود، بدأ الرأي العام في الانصراف عن انقلاب «الحوثيين»، إلى التركيز بدلًا من ذلك على الأزمة الإنسانية المتفاقمة كنتيجة للضربات الجوية السعودية. بذلت المملكة محاولة يائسة لإقناع الرئيس السابق «علي عبد الله صالح» بخيانة الحوثيين.ومع ذلك، فإن نهج «المملكة العربية السعودية» المتقلب تجاه حلفائها، وتحمّل «الحوثيين» المدهش في مواجهة قصف التحالف المستمر، تسبب في إعادة تقييم القبائل لتحركات السلطة في البلاد. وأُحرقت البطاقة السعودية الأخيرة بموت «صالح».يبدو أن موت «صالح» كان نقطة تحول في العلاقات الإماراتية-السعودية في اليمن. ومع سياسة خارجية توسعية قوية في المناورة تبيّن أن دولة «الإمارات العربية المتحدة» تشارك عسكريًا في ليبيا، وماليًا في مصر، وبالضغط بشدة في واشنطن، وزعم امتلاك الأراضي في عُمان بالاستناد لخرائط مشبوهة، حيث لا تريد أن تكون على الجانب الخاسر.مع أخذ هذا النهج في الاعتبار، وبعد تداعي الجهود الساعية لإعادة الحكومة المعترف بها دوليًا في صنعاء، قررت دولة «الإمارات العربية المتحدة» على ما يبدو أخذ زمام المبادرة من «المملكة العربية السعودية» بشأن السياسة في اليمن.أولًا، لا تشارك «الإمارات العربية المتحدة» «المملكة العربية السعودية» حساسيتها تجاه إيران. في السنوات التي سبقت صفقة إيران، أفيد بأن دبي كانت ميناءً رئيسيًا تمكنت إيران من خلاله من خفض تأثير العقوبات الاقتصادية. وهذا يعني بطبيعة الحال أن دولة «الإمارات العربية المتحدة» لا تعتبر شمال اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون كارثة.


هل تحرض الإمارات على تقدم المنشقين؟

ثانيًا، لا توجد قوة مقاتلة حقيقية موثوقة يمكن أن تجاري «الحوثيين» بعد موت «صالح»، باستثناء المنشقين الجنوبيين. وبغض النظر عن الحوافز التي تقدمها دولة «الإمارات العربية المتحدة»، فإن المنشقين لن يقتنعوا بالسير شمالًا إلى صنعاء.بالنظر إلى هذه الحقيقة، من المنطقي أن تكون جزءًا من تكوين قوة متساوية في الجنوب لتكون بمثابة ثقل مقابل للحوثيين. وعلاوة على ذلك، تقع معظم الموارد النفطية اليمنية في الجنوب.مع أخذ هذين الواقعين في الاعتبار، يوجد سبب مفهوم لعدم معارضة دولة «الإمارات» للمنشقين الذين يتقدمون إلى عدن. وما زالت مسألة ما إذا كانت الدولة تحرض على هذه الخطوة أو أُنذرت من المنشقين مثيرة للاهتمام. الواقع أن المنشقين سعوا للسيطرة على عدن بغض النظر عن دعم «الإمارات العربية المتحدة». وهذا يشير بقوة إلى أنه بدلًا من قيادة الحركة، يبدو أن دولة «الإمارات العربية المتحدة» هي التي تجتاز الموجة، وتقامر على حكومة «وفيّة» في الجنوب اليمني تتذكر من وقفوا معها في الأوقات العصيبة.لا يعتبر تعامل حكومة «عبد ربه منصور هادي» مع المنشقين الجنوبيين سوى إهانة لدولة فشلت بكل ما لديها من قوة عسكرية في الإطاحة بالميليشيات. والأكثر إدانة لها هو أن القوات نفسها التي أطاحت بحكومة «هادي» في عدن كانت مدعومة بـ«حليف» مفترض.


الإحباط في الرياض

سعت «المملكة العربية السعودية» لبعض الوقت لتحقيق نتيجة حاسمة في اليمن. وكان الإحباط في الرياض واضحًا من الطريقة التي صنعت بها صفقة اللحظة الأخيرة مع «صالح» لحثه على خيانة الحوثيين بعد عداء علني له لعدة أشهر. على الرغم من أنهم سيغضبون من تعامل «هادي»، لا يستطيع أي مسؤول سعودي أن يدّعي أن عبد ربه منصور هادي هو الرجل المناسب وشخصيته الضعيفة وسوء إدارته تأكد أن علي عبدالله صالح عينه لأنه غير قادر وإذا لا يشكل خطرًا عليه.جرت بالفعل محادثات مكثفة بين أبوظبي والرياض. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الخيانة الواضحة، فإن مصالحهم المشتركة -وكذلك العلاقة الشخصية بين «محمد بن زايد» و «محمد بن سلمان»- قوية بما يكفي لتخطي هذه الأحداث. كان «محمد بن زايد» مُهمًا في تصاعد مواقف الولايات المتحدة من احتمال أن يصبح «محمد بن سلمان» ملكًا على حساب منافسه السابق ولي العهد «محمد بن نايف». وعلاوة على ذلك، ولمزيد من الإذلال، فإن «الإمارات العربية المتحدة» ستشدد على أن تبقى دولة قطر العدو المشترك للجميع.يقول «محمد بن زايد» إن أي تداعيات بين الرياض وأبو ظبي تصب مباشرة في مصلحة الدوحة، وأنه بالنظر إلى سيطرة الحوثيين على صنعاء، فمن المنطقي خلق منفذ في الجنوب حتى يتمكنوا من التوصل إلى خطة أفضل. قد لا تصدق السعودية هذه الحجة، لكن عجزها عن هزيمة الحوثيين عسكريًا -إلى جانب غياب حلفاء حيويين والسخط المستمر تجاه «الإصلاح»- يُظهر أن المملكة ليس لديها خطة مناسبة.ولذلك لن يكون مفاجئًا أن تتجرع «المملكة العربية السعودية» الإهانة وتتقدم بعرض لدولة «الإمارات العربية المتحدة» لقبول الوضع الراهن والمتاجرة بالأحداث الأخيرة بما يتماشى مع رغبات السعودية.